استرواح الصدر: الأعراض والعلاج

الكاتب - أخر تحديث 5 سبتمبر 2023

استرواح الصدر "Pneumothorax" هو من الحالات الشائعة التي يتعرض لها الأشخاص لأسباب مختلفة وتعتبر من الحالات الاسعافية التي تحتاج لعناية فورية.

تتمثل هذه الحالة في شعور بعدم الارتياح أو الضيق في منطقة الصدر وصعوبة في التنفس، ورغم أن الأسباب المؤدية لحدوث هذه الحالة متنوعة، إلا أن تأثيرها على الحياة اليومية قد يكون مؤثراً بشكل كبير.

وسنتناول في هذا المقال بعض الجوانب المهمة لهذه الحالة وطرق التعامل معها.

تعريف استرواح الصدر

تسكن الرئتين ضمن تجويف القفص الصدري، ويغطيها طبقة رقيقة تعرف بغشاء الجنب، والذي يقسم إلى طبقتين:

  • طبقة جدارية تُبطن جدار الصدر
  • وأخرى حشوية تغطي الرئتين

يوجد مسافة بين الطبقتين المذكورتين، تعرف بالمسافة الجنبية، وأي تجمع لسوائل أو هواء في هذه المسافة سيتسبب بمشاكل في تمدد الرئة بالتالي سيحدث اضطرابات تنفسية.

إن حالة استرواح الصدروالمعروفة أيضاً بالرئة المحبوسة "Collapsed lung" تعرّف على أنها وجود كمية من الهواء في المسافة الجنبية، وتختلف شدتها حسب كمية الهواء الموجودة ولكن سواء كانت حالة خفيفة أو خطيرة يجب أن يتم التعامل معها على أنها حالة اسعافية، تجنباً لتطور مضاعفات خطيرة.

أعراض استرواح الصدر

يعاني مريض استرواح الصدر من أعراض عديدة وتكون موجهة للحالة المرضية، وتضم:

  • ألم صدري مفاجئ وشديد في الصدر، ومن الممكن أن يكون حول الكتف
  • زيادة الألم عند الشهيق
  • ضيق في التنفس
  • سعال جاف
  • تعب عام
  • ازرقاق الجلد والشفاه نتيجة نقص الأكسجة
  • زيادة في عدد وسرعة دقات القلب
  • التعرق

أسباب استرواح الصدر

هنالك عدة أنواع لحالة استرواح الصدر، وتختلف الأسباب بحسب النوع، وهي:

١- استرواح الصدر العفوي البدئي (Primary spontaneous pneumothorax)

وتعد الأشهر من أشكال استرواح الصدر بشكل عام، كما أن هذه الحالة شائعة بين الذكور حيث يقدر أنه هناك 7 حالات من الذكور و وحالة واحدة من الإناث لكل 100.000 شخص في السنة. (1)

تسمى الإصابة عفوية وبدئية في حال لم يكن هناك سبب رئوي واضح لحدوث لاسترواح الصدر، حيث يعتقد أن سبب الحالة هو انفتاح فقاعات هوائية متواجدة على السطح الرئوي (Blebs) أو داخل نسيج الرئة (Bullae).

يصيب عادةً الفئة العمرية التي تتراوح بين 20-30 سنة، ويزيد من احتمالية الإصابة:

  • طول القامة
  • النحول
  • متلازمة مارفان
  • وجود إصابة سابقة باسترواح الصدر لدى الأهل
  • التدخين

٢- استرواح الصدر العفوي الثانوي (Secondary spontaneous pneumothorax)

يظهر هذا النمط من الإصابة لدى حوالي 6.3 من الذكور و2 من الإناث لكل 100000 شخص، وبالتالي فإن إصابة الذكور تكون أكثر شيوعاً بشكل واضح. (2)

يحدث الشكل العفوي الثانوي في حال كان هناك مرض حالي في الرئة، مما قد يؤدي لاحتمالية تمزُّق النسيج الرئوي ووصول الهواء للمسافة الجنبية.

نذكر من قائمة الأمراض التي قد تسبب حالة استرواح الصدر:

  • داء الانسداد الرئوي المزمن (COPD) وهو السبب الأكثر شيوعاً، حيث يقدر أن هناك 26 مصاب باسترواح الصدر لكل 100000 مريض بداء الانسداد الرئوي المزمن.
  • السل
  • الساركوئيد
  • التليُّف الكيسي
  • سرطان الرئة
  • التليف الرئوي مجهول السبب (IPF)
  • حدوث التهاب رئوي بالمكورات الرئوية، لدى مريض مُصاب بفيروس نقص المناعة المكتسب

٣- استرواح الصدر رضي المنشأ (Traumatic pneumothorax)

يحدث نتيجةً لأحد الأسباب التالية:

  • جرح طاعن في الصدر
  • رض مباشر على الصدر
  • كسر الأضلاع
  • بعد ممارسة الغوص أو الطيران

٤- استرواح الصدر علاجي المنشأ (Iatrogenic pneumothorax)

إن حدوث استرواح الصدر بعد التدخلات العلاجية أو التشخيصية أمر وارد، وهي تضم:

  • خزعة من الجنب
  • خزعة الرئة عبر القصبات أو الصدر
  • تركيب القسطرة الوريدية المركزية (CVA) هو عبارة عن إدخال أنبوب في وريد كبير في قمة الصدر.
  • فغر الرغامى وهو إجراء يُتبع عبر شق الوجه الأمامي للحنجرة، وذلك من أجل إدخال أنبوب عبر الرغامى إلى القصبات، في الحالات الحرجة.
  • تهوية بالضغط الإيجابي (CPAP)

٥- استرواح الصدر الموتّر (Tension pneumothorax)

يحدث استرواح الصدر الموتِّر نتيجة تجمع الهواء المستمر بسبب وجود صمام أحادي الجانب يسمع للهواء بالدخول خلال الشهيق، دون خروجه عبر الزفير.

ويعد استرواح الصدر الموتّر من الحالات الطارئة التي تتطلب تدخلاً فورياً، وقد تنتج عن:

  • رض أو جرح مباشر في الصدر
  • تهوية بالضغط الإيجابي (CPAP)
  • قد ينتج عن تحوّل أي نوع من الأنواع السابق ذكرها لاسترواح الصدر.

مضاعفات

إن التأخر في تشخيص وعلاج استرواح الصدر لدى المصاب، يمكن أن يزيد من نسبة حدوث مضاعفات والتي تكون خطرة ومهددة لحياة المريض وتشمل:

  • القصور التنفسي: يحدث نتيجة انخفاض تركيز الأكسجين في الدم لمستويات متدنية، ويتظاهر بالتالي:
    • اضطرابات تطال الوعي العام، كأن يحدث تخليط ونُعاس
    • قد يدخل مريض بغيبوبة
    • في النهاية قد تصل للوفاة
  • الصدمة: تحدث الصدمة نتيجة انخفاض ضغط الدم، وبالتالي حرمان الأعضاء المهمة من الدم.
  • الانتكاس: قد يحدث انتكاس وتعود حالة استرواح الصدر لبعض المرضى، سواء بعد شهور أو سنوات من الشفاء.
  • تجمّع الهواء المستمر: قد يستمر تسريب الهواء رغم العلاج.
  • الاندحاس (الدُكاك) القلبي: هي حالة طبية طارئة، يحدث فيها ضعف إلى درجة التوقف لعضلة القلب.
    • تنتج عن وجود ريح صدرية موتّرة، التي تؤدي إلى انزياح أعضاء الصدر والضغط المباشر على القلب.

التشخيص

تكون الحالة العامة لمريض استرواح الصدر مميزة مما يسهل التشخيص أمام الطبيب، الذي يأخذ القصة السريرية للمريض وبعدها يبدأ بالفحص السريري المتمثل بالاصغاء للصدر وصوت التنفس عبر السمّاعة الطبية.

بالإضافة إلى ذلك هنالك بعض الفحوص الإضافية التي ينصح بها الطبيب لتأكيد التشخيص وتحديد السبب الرئيسي للحالة، وتتضمن:

  • صورة الصدر البسيطة (CXR): يكون هناك بعض العلامات المميزة بصور الصدر عبر الأشعة السينية.
  • تحليل غازات الدم الشريانية (ABG): تؤخذ عينة دم شريانية، من أجل تقدير مستويات الأكسجين وثاني أكسيد الكربون.
  • تصوير الصدر الطبقي المحوسب (CT): يجرى في الحالات غير الواضحة أو عند الاشتباه ببعض الأمراض الرئوية.
  • تخطيط القلب الكهربائي (ECG): الهدف من التخطيط هو نفي وجود احتشاء قلبي، نتيجة تشابه الأعراض.

علاج استرواح الصدر

إن الهدف الأساسي لعلاج استرواح الصدر، هو التخلص من الهواء المتجمع في المسافة الجنبية، مما يُتيح للرئة أن تتمدد وتعود لحجمها الطبيعي.

يعتمد الخيار العلاجي المتََبع على عدة معطيات تضم:

  • الحالة العامة للمريض
  • حجم الهواء الموجود
  • السبب المؤدي للإصابة
  • إذا كان حجم الهواء آخذ في الازدياد أم لا

حيث إن بعض حالات تجمع الهواء البسيطة وخاصة التي تكون استرواح الصدر لسبب عفوي بدئي، يمكن أن تبقى دون علاج، بسبب وجود احتمالية جيدة لتحسنها بشكل عفوي خلال فترة أسبوعين.

حيث يعالج المريض بالمسكنات البسيطة، مع إعادة صورة الصدر بعد أسبوع من حدوث استرواح الصدر.

أما الحالات الأشد، تتطلب إزالة للهواء المتواجد في المسافة الجنبية، وذلك عبر:

  • رشف الهواء عبر الإبرة: يتم إدخال حقنة مع قسطرة في المسافة بين الأضلاع، وذلك لسحب الهواء وإخراجه، ويكون مفيد بشكل خاص للحالات المتوسطة.
  • إدخال الأنبوب الصدري: يعد خيار جيد للحالات الأشد، ويتم إدخال أنبوب مرن في المسافة الجنبية، مع وجود صمام أحادي جانب يسمح للهواء بالخروج دون الدخول.
    • يتطلب هذا الإجراء البقاء في المشفى لمدة لا تقل عن يومين، وذلك اعتماداً على تحسن حالة المريض.

إن استمرار حدوث الاسترواح الصدري رغم الاجراءات العلاجية أو حدوث نكس مستمر للحالة، سيدفع الطبيب للجوء لأحد الخيارات التالية:

  • الالتصاق الجنبي (pleurodesis): إن الهدف من هذا الإجراء هو جعل الطبقتين الجدارية والحشوية لغشاء الجنب ملتصقتين، وذلك عبر عدة وسائل سواءً أكانت كيميائية أو غيرها.
  • جراحة المنظار الصدري بمساعدة الفيديو (VATS): يقوم الجرَّاح بإدخال كاميرا صغيرة للمسافة الجنبية، مع الأدوات الجراحية المناسبة.
  • بعدها يختار الطبيب العلاج المناسب حسب الحالة. على سبيل المثال، إغلاق الفقاعات الهوائية أو استئصال الفص الرئوية المصاب.
  • بضع (شق) الصدر (Thoracotomy): هو إجراء جراحي يتم عبر القيام بشق في التجويف الجنبي، وعلاج العامل المسبب.

الوقاية

قد تساعد بعض النصائح في تقليل خطر حدوث استرواح الصدر ولكن لا يمكن أن تمنع حدوثه بشكلٍ مؤكَّد، وهي تضم:

  • الإقلاع عن التدخين
  • مراقبة الأمراض التي تطال الرئة، وذلك عبر الالتزام بالأدوية الموصوفة وزيارة الطبيب الدورية.
  • ممارسة الرياضة بشكل منتظم
  • تجنّب الغوص أو الطيران في حال كان هناك إصابة سابقة بالاسترواح الصدري.
  • اتِّباع جدول اللقاحات الوطني