اضطراب الأكل القهري: الأعراض والعلاج

الكاتب - 20 فبراير 2023

اضطراب الأكل القهري "Binge Eating Disorder" أو اضطراب الأكل بنهم أو الشراهة عند تناول الطعام، كلها أسماء متعددة لاضطراب واحد يقوم على مبدأ الاستهلاك المتكرر لكمية كبيرة من الطعام في فترة زمنية قصيرة.

تعريف اضطراب الأكل القهري

اضطراب الأكل القهري "Binge Eating Disorder" هو مرض عقلي نفسي قد يكون خطيراً أحياناً، يتميز بنوبات متكررة من الشراهة عند الأكل، تتضمن تناول كمية كبيرة من الطعام في فترة زمنية قصيرة، وأثناء نوبة الشراهة يشعر الشخص بأنه غير قادر على التوقف عن تناول الطعام، رغم عدم إحساسه بالجوع.

وغالباً ما ترتبط حالة الاضطراب هذه بمستويات عالية من الشدة النفسية حيث يشعر المصاب بعد انتهاء الطعام بالاشمئزاز من نفسه أو الاكتئاب.

إن اضطراب الأكل القهري هو أحد أحدث اضطرابات الأكل نفسية المنشأ المعترف بها رسمياً في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5)، وهو أكثرها شيوعاً في السنوات الأخيرة. (1)

كما أنه ينتشر بين النساء أكثر من الرجال، ويمكن أن تحدث الإصابة به في أي عمر، ولكنه يبدأ عادةً ما يبدأ في أواخر سن المراهقة أو أوائل العشرينات. (2)

الإفراط في تناول الطعام واضطراب الأكل القهري

الإفراط في تناول الطعام هو عندما يأكل شخص ما بعد نقطة الشبع بشكل مريح، قد نأكل أكثر بسبب وجود الطعام اللذيذ أو عندما نشعر بالملل أو لأن الطعام قد يهدئنا في بعض الحالات النفسية مثل عند الشعور بالحزن أو الإرهاق أو بعد يوم صعب.

أما الشراهة المرضية فتختلف عن الإفراط في تناول الطعام، حيث إنها دافع للإفراط في تناول الطعام مصحوباً بمشاعر الخزي والذنب والشعور بالخروج عن السيطرة.

الأكل بنهم مزعج للغاية ويمكن أن يؤثر على قدرة الشخص على الانخراط بشكل كامل في مختلف جوانب الحياة.

الفرق بين اضطراب الأكل القهري والشره المرضي العصبي

يشبه اضطراب الأكل القهري اضطراب الشره المرضي العصبي ولكنهما ليسا اضطراباً واحدا، بل يختلفان عن بعضهما اختلافاً هاماً جداً وهو ممارسات التطهير أو اللجوء إلى القيء القسري أو استعمال الملينات والمسهلات بعد تناول الطعام.

لن يستخدم المصابون باضطراب الأكل القهري سلوكيات التطهير التعويضية، بينما يقوم المصابون باضطراب الشره المرضي العصبي بذلك.

ونتيجة لذلك يميل الأشخاص المصابون باضطراب الأكل القهري إلى زيادة الوزن وقد يعانون من زيادة الوزن المفرط أو السمنة المرضية.

أعراض اضطراب الأكل القهري

يتمثل العرض الرئيسي لاضطراب الأكل القهري في تناول الكثير من الطعام في وقت قصير وعدم القدرة على التوقف عند الشبع.

ووفقاً للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية، يجب أن تتميز هذه الحالة بالشعور بأن المرء يفتقر إلى السيطرة على سلوكه الغذائي.

بالإضافة إلى ذلك، يجب وجود 3 أو أكثر مما يلي حتى يمكن القول أن الشخص مصاب باضطراب الأكل القهري:

  • الأكل بسرعة أكبر من المعتاد
  • الأكل حتى درجة الامتلاء المزعج
  • الأكل عندما لا يكون المصاب جائعاً
  • الأكل بمفرده بسبب الإحراج من كمية الطعام التي يأكلها
  • الشعور بالذنب أو الاكتئاب أو الإحراج أو الاشمئزاز من نفسه

يجب أن تحدث نوبات الأكل بنهم مرة واحدة على الأقل في الأسبوع لمدة ثلاثة أشهر، وبناءً على ذلك يمكن تصنيف اضطراب الأكل القهري على أنه خفيف أو معتدل أو شديد أو شديد جداً بناءً على عدد نوبات الأكل بنهم في الأسبوع:

  • معتدل: من 1-3 نوبات أسبوعياً
  • متوسط: من 4 إلى 7 نوبات أسبوعياً
  • شديد: 8-13 نوبات أسبوعياً
  • شديد جداً: 14 نوبة أو أكثر أسبوعياً

مجموعات الأعراض

يمكن جمع أعراض اضطراب الأكل القهري في ثلاث مجموعات:

١- أعراض جسدية أو عضوية:
  • التغيرات في الوزن
  • الشعور بالتعب وعدم النوم بشكل جيد
  • الشعور بالانتفاخ أو الإمساك أو تطور عدم تحمل الطعام
٢- أعراض نفسية:
  • الانشغال بالطعام وشكل الجسم والوزن
  • الاكتئاب أو القلق وصولاً إلى إيذاء النفس أو الانتحار
  • تدني احترام الذات والاستياء من شكل الجسم والخجل من مظهره
  • الشعور بالضيق الشديد والحزن والقلق والشعور بالذنب أثناء وبعد نوبة الأكل بنهم
  • زيادة الحساسية للتعليقات المتعلقة بالطعام والوزن وشكل الجسم والتمارين الرياضية
٣- أعراض سلوكية:
  • التهرب من الأسئلة حول الأكل والوزن
  • وجود دليل على الإفراط في الأكل مثل إخفاء الطعام أو تخزينه
  • السلوك السري حول الطعام مثل عدم الرغبة في تناول الطعام حول الآخرين
  • زيادة العزلة والانسحاب من الأنشطة العادية التي كان يمارسها المصاب سابقاً
  • تناول كميات طبيعية في الأوساط الاجتماعية والشراهة عندما يكون المصاب بمفرده
  • السلوك غير المنتظم مثل سرقة الطعام من المتاجر أو إنفاق مبالغ كبيرة من المال على الطعام

أسباب اضطراب الأكل القهري

تختلف أسباب اضطراب الأكل القهري من شخص لآخر، وهي غير معروفة إلى حد كبير حتى الآن.

حيث يمكن أن يحدث اضطراب الأكل القهري لدى الأشخاص من جميع الأعمار والأجناس، وعبر جميع الفئات الاجتماعية والاقتصادية، ومن أي خلفية ثقافية، ولكن لاحظ الخبراء مجموعة هامة من العوامل التي قد تلعب دوراً هاماً في إحداث هذا الاضطراب:

  • عوامل عائلية وراثية: بسبب مشاهدة اضطراب الأكل القهري في عدة أفراد ضمن العائلة نفسها فإن ذلك قد يعكس استعداداً وراثياً لحدوثه أو لربما بسبب الانشغال العائلي بالطعام أو الوزن. (3)
  • عوامل نفسية شخصية: المشاعر السلبية هي المتهم الأول، بما في ذلك
    • الضغوطات الشخصية
    • الشعور بالجوع أو التقيد باتباع نظام غذائي صارم للغاية
    • المشاعر السلبية المتعلقة بصورة الجسم
    • الملل
    • الضغوطات الاجتماعية والعائلية
  • عوامل عصبية كيميائية: هنالك دور للناقل العصبي الدوبامين، حيث وجدت دراسة أن الأشخاص الذين ينخرطون في سلوكيات الأكل بنهم قد يكون لديهم مستويات غير طبيعية من الدوبامين في الدماغ، وما يزال هناك حاجة إلى مزيد من البحث في هذه النقطة. (4)
  • كثيراً ما يتزامن حدوث اضطراب الأكل القهري والاكتئاب ومن الممكن أيضاً أن يسبق أحد الاضطرابات الآخر كما يحدث عندما تكون الشراهة محاولة لتخدير المشاعر المؤلمة للاكتئاب. (5)
    • وبنفس الوقت فقد يكون الإفراط في تناول الطعام في حد ذاته سبباً في تفاقم احترام الذات ويؤدي إلى مزاج اكتئابي.

يمكن القول أن احتمال إصابة الشخص باضطراب الأكل القهري تكون مرتفعة في حالات:

  • وجود قلق أو تدني احترام الذات
  • وجود أحد أفراد العائلة يعاني من اضطراب أكل أو اكتئاب
  • التعرض لانتقادات بسبب العادات الغذائية أو شكل الجسم أو الوزن
  • القلق بخصوص النحافة، خاصة بوجود ضغوطات من المجتمع أو العائلة

المضاعفات

لفهم اضطرابات الأكل نفسية المنشأ بشكل عام واضطراب الأكل القهري بشكل خاص، درس الباحثون الجهاز العصبي المركزي والجهاز الهرموني، كما وجدوا أن العديد من الوظائف قد تكون إلى حد ما مضطربة عند الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الأكل القهري.

ويشمل ذلك كلاً من الوظائف النفسية والجسدية، حيث يؤثر اضطراب الأكل بنهم على العقل والجسم بطرق عديدة:

  • يؤثر سلباً على صحة الدماغ بسبب الانشغال بالطعام والوزن، تدني احترام الذات، والقلق والاكتئاب وما يرافقهما من النوم المتقطع.
  • يؤثر سلباً على صحة الفم والأسنان من تآكل مينا الأسنان، ورائحة الفم الكريهة وصولاً إلى أمراض اللثة وتسوس الأسنان.
  • يؤثر سلباً على الجهاز الهضمي بدءاً من التهاب الحلق والمري، وصولاً إلى عسر الهضم والقرحة المعوية، بالإضافة إلى ذلك مشاكل الأمعاء والمتمثلة بالمعاناة من:
    • الإمساك أو الإسهال
    • التشنجات
    • الانتفاخ
  • يؤدي إلى حدوث أو تفاقم حالات طبية خطيرة مثل مرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، وارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم، وكلها بدورها تؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالسكتة القلبية والدماغية.
  • هشاشة العظام وفشل الكليتين بسبب عدم تنظيم الطعام، بالإضافة إلى مشاكل في الوظيفة الجنسية ومشاكل في عمليات التفكير والذاكرة.
  • زيادة خطر الإصابة بالاكتئاب بسبب العزلة عن التجمعات العامة نتيجة الاحراج الذي يحدث للمصابين من الاضطراب، وقد يتغيبون عن العمل أو المدرسة، وصولاً إلى إيذاء النفس أو الانتحار.

الخيارات العلاجية

يتعافى معظم الأشخاص من اضطراب الأكل بنهم بالدعم والعلاج المناسبين، ولكن قد يستغرق الأمر وقتاً.

وهناك العديد من الخيارات العلاجية للأشخاص الذين يريدون المساعدة، وتضم العلاج النفسي السلوكي، والعلاج النفسي بين الأفراد، بالإضافة إلى العلاج الدوائي، ونموذج آخر من العلاج يدعى العلاج السلوكي الديالكتيكي.

ونذكر من الخيارات العلاجية المتاحة ما يلي:

  • يعلم العلاج السلوكي المعرفي (CBT) المصابين كيفية تتبع استهلاكهم الغذائي وتغيير عادات الأكل غير الصحية، وتخطيط للوجبات التي يجب أن يتناولوها خلال اليوم، وتبني عادات الأكل المنتظمة، بالإضافة إلى تغيير وإدارة المشاعر السلبية عن شكل الجسم.
  • يساعد العلاج النفسي بين الأفراد (IPT) المصابين على النظر إلى علاقاتهم مع الأصدقاء والعائلة وإجراء تغييرات في مجالات الحياة التي يمكن أن تؤدي إلى السلوك النهم.
  • أما العلاج الدوائي، مثل الأدوية المنشطة أو مضادات الاكتئاب، فقد يكون مفيداً لبعض الأشخاص. وبالطبع لا ينبغي تقديم مضادات الاكتئاب كعلاج وحيد لاضطراب الأكل القهري ولكنها مفيدة في علاج الحالات الأخرى المرافقة لاضطراب الأكل القهري، مثل:
    • القلق أو الاكتئاب
    • الرهاب الاجتماعي
    • اضطراب الوسواس القهري وغيرها
  • العلاج السلوكي الديالكتيكي (DBT): نمط مختلف من العلاج يعمل الباحثون على تطويره، وهدفه مساعدة الناس على تنظيم عواطفهم الداخلية. (6)
  • يمكن استخدام جراحات إنقاص الوزن لمساعدة الشخص على التحكم في وزنه.
    • ومع ذلك، إذا لم تتم معالجة المشكلة النفسية الأساسية أو مراقبتها بشكل صحيح فقد تكون هذه الإجراءات خطيرة بالنسبة لأولئك الذين يأكلون بنهم، خاصة أن تحديات ضبط الشراهة ما بعد الجراحة قد تفشل مما يؤدي إلى انتكاس سلوكيات الأكل بنهم.
  • قد تكون مراكز الاستشفاء الطبية ضرورية أحياناً عندما يؤدي اضطراب الأكل القهري إلى مشاكل جسدية قد تهدد الحياة أو عندما ترتبط الحالة بمشاكل نفسية أو سلوكية شديدة، مثل الانتحار.

الملخص

في الختام إن فهم حقيقة أننا بشر مختلفون في تصرفاتنا وأشكالنا أمر مهم لحياة متوازنة، من الطبيعي أن يمر كل منا بظروف حياتية تجعله يفرط في تناول الطعام لفترة.

ويعد الانتباه لسلوكياتنا اليومية وتصرفاتنا العامة شيء أساسي لتفادي تفاقم أي حالة غير صحية، ولا يجب أن يتردد أحد منا بطلب المساعدة عندما يشعر أن الأمور ليست على ما يرام، فكل شيء يمكن إصلاحه خاصة إذا ما كان ذلك باكراً.