اضطراب ثنائي القطب: الأنواع والعلاج

الكاتب - أخر تحديث 5 سبتمبر 2023

يمر الإنسان في حياته بالعديد من التقلبات العاطفية والنفسية بتغير الظروف والمواقف، قد تكون هذه التغييرات شديدة لدرجة تؤثر على حياة الشخص وعلاقاته الاجتماعية والعملية. ويعد اضطراب ثنائي القطب واحداً من هذه الحالات، والتي تتسم بتقلبات مزاجية حادة تترافق مع حالات من الاكتئاب والهوس.

التعريف

يعبر اضطراب الثنائي القطب "Bipolar Disorder" عن مجموعة من اضطرابات المزاج التي تتميز بتغيرات دورية في المزاج والأفكار والسلوك.

وتكون هذه الاضطرابات عبارة عن فترات متناوبة من المزاج العالي أو التهيجي، والتي تسمى بنوبات الهوس "Manic Episodes"، بالإضافة أيضا إلى فترات من الشعور بعدم القيمة ونقص التركيز والتعب، والتي تسمى بنوبات الاكتئاب "Depressive Episodes".

الأنواع

أـ اضطراب ثنائي القطب I

يصاب المصابون بالاضطراب ثنائي القطب I بنوبة واحدة على الأقل من الهوس أو نوبات مختلطة والتي تتضمن ظهور أعراض الاكتئاب والهوس خلال نفس الفترة الزمنية.

وفقاً للمعايير الحالية، يجب أن يظهر الشخص المصاب بنوبة هوس بعض الأعراض مثل الابتهاج والنشوة أو التهيج، مع زيادة الطاقة والنشاط، ومشاركته المفرطة في الأنشطة التي قد لا تكون ممتعة بالضرورة.

ب- اضطراب ثنائي القطب II

إن المصابين بهذا النوع يعانون من حالات الهوس الخفيف "Hypomania" ونوبات الاكتئاب الكبرى.

ج- اضطراب دوروية المزاج "Cyclothymia"

يكون لدي الأشخاص المصابين باضطراب دوروية المزاج تقلبات مزمنة بين الهوس الخفيف والاكتئاب الخفيف تحت السريري لمدة عامين على الأقل.

وتوضح أحدث التحديثات المتعلقة بهذا النوع أن أعراض الهوس الخفيف أو الاكتئاب يجب أن تكون موجودة لنصف الوقت على الأقل خلال فترة العامين المطلوبة للتشخيص.

أعراض اضطراب ثنائي القطب

يتعرض مرضى اضطراب ثنائي القطب لتقلبات مزاجية شديدة، تتضمن نوبات الهوس والاكتئاب، وتعد هذه التقلبات من الأعراض المميزة لهذا الاضطراب.

١- أعراض الهوس:

خلال مرحلة الهوس قد تشمل الأعراض ما يلي:

  • الشعور بالنشوة والسعادة الشديدة أو الانفعال
  • تقدير الذات بشكل مبالغ فيه أو التفكير بأفكار تنم عن الهوس بالعظمة
  • زيادة الطاقة والنشاط والإبداع، بالإضافة إلى انخفاض الحاجة للنوم
  • زيادة السلوكيات التي تركز على المهام، كالبقاء مستيقظاً طوال الليل لإنجاز الأمور المطلوبة
  • تسارع تدفق الأفكار والكلام والتنقل من موضوع إلى آخر
  • يتم تشويش المريض بسهولة للغاية بأبسط المنبهات، كالضوضاء أو غيرها
  • ممارسة سلوكيات اندفاعية أو محفوفة بالمخاطر فيما يخص العمل أو الجنس أو إنفاق النقود
  • الخطط أو الأوهام أو الهلوسات غير الواقعية
٢- أعراض الاكتئاب:

بينما خلال مرحلة الاكتئاب قد تشمل الأعراض ما يلي:

  • المزاج السيئ
  • عدم وجود الحافز
  • فقدان الاهتمام بالأنشطة الترفيهية أو الهوايات المعتادة
  • حدوث تغيرات في أنماط النوم
  • صعوبة في التركيز
  • الانسحاب من الاتصال مع الآخرين والأنشطة الاجتماعية
  • الإحساس بمشاعر فقدان القيمة أو الذنب، والتي قد تقود إلى الأفكار الانتحارية

أسباب اضطراب ثنائي القطب

لا يعرف العلماء بعد السبب الدقيق الكامن وراء اضطراب ثنائي القطب، ولكن يعتقد أن للوراثة دور في هذا الاضطراب، فأكثر من ثلثي الأشخاص المصابين باضطراب ثنائي القطب لديهم على الأقل قريب بيولوجي واحد يعاني من هذه الحالة.

بينما تشمل العوامل الأخرى التي يعتقد العلماء أنها تساهم في تطور اضطراب ثنائي القطب ما يلي:

  • التغيرات الحاصلة في الدماغ: حيث تمكن الباحثون من تحديد اختلافات دقيقة في متوسط الحجم أو التنشيط في بعض بنى الدماغ عند الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ثنائي القطب. إلا أنه يجب التنويه أن مسح الدماغ بالاختبارات التصويرية لا يمكنه تشخيص الحالة.
  • العوامل البيئية مثل الصدمة والتوتر: يمكن للأحداث الكبيرة مثل وفاة أحد أفراد الأسرة أو الإصابة بمرض خطير أو الطلاق أو المشاكل المالية أن تحرض نوبة هوس أو اكتئاب، ولذلك قد تساهم الصدمات والتوتر في تطور هذا الاضطراب.

المضاعفات

في حال ترك اضطراب ثنائي القطب دون علاج يمكن أن يؤدي إلى تغيرات مزاجية أطول وأشد.

حيث يمكن أن تستمر نوبات الاكتئاب لمدة تصل إلى 6 أشهر، في حين أن نوبات الهوس قد تدوم لمدة تصل إلى 4 أشهر في حال عدم وجود علاج مستمر.

ومن الجدير بالذكر أن مريض اضطراب ثنائي القطب قد يعاني من مخاطر متزايدة لما يلي:

  • تعاطي المخدرات والكحول
  • اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)
  • اضطرابات القلق "Anxiety Disorder"
  • اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD)
  • مشاكل القلب والأوعية الدموية
  • مرض السكري
  • البدانة
  • الأفكار الانتحارية

وقد تحتاج بعض هذه المشاكل إلى العلاج جنباً إلى جنب مع علاج اضطراب ثنائي القطب في الوقت نفسه، ومن خلال تقديم العلاج والدعم المناسبين يمكن لمعظم المرضى أن يعيشوا حياة منتجةً ومرضِية.

التشخيص

يتم تشخيص اضطراب ثنائي القطب باستخدام معايير DSM-5، حيث يوضح المعهد الوطني للصحة العقلية "NIMH" أنه يجب على الشخص المصاب أن يعاني من أعراض لمدة لا تقل عن 7 أيام، أو لمدة أقل إذا كانت الأعراض شديدة بما يكفي ليحتاج المرء دخول المستشفى. كما يجب أن يكون الشخص قد مر بدورة واحدة على الأقل من الهوس الخفيف والاكتئاب لتشخيص اضطراب ثنائي القطب II.

ويجري الطبيب فحصًا بدنيًا ويطلب بعض الاختبارات كاختبارات الدم والبول للاستبعاد من أسباب أخرى. ومن الصعب تشخيص اضطراب ثنائي القطب في بعض الأحيان، حيث يطلب الناس المساعدة عادةً في المزاج المنخفض أكثر منها في المزاج العالي، ولذلك يجب أن يبحث الطبيب عن علامات الهوس في قصة الشخص لتجنب التشخيص الخاطئ.

ويجب الإشارة إلى أن بعض مضادات الاكتئاب يمكن أن تؤدي إلى حدوث الهوس عند الأشخاص المعرضين لذلك.

علاج اضطراب ثنائي القطب

هناك العديد من الخيارات لعلاج اضطراب ثنائي القطب، والتي يمكن أن تشكل فارقاً في حياة المريض، يهدف العلاج إلى التحكم في آثار النوبة ومساعدة الشخص على العيش بشكل طبيعي قدر الإمكان.

وتتوفر خيارات العلاج التالية:

  • الأدوية التي تمنع نوبات الهوس والاكتئاب، والتي تعرف بمثبتات المزاج "Mood Stabilisers"، ويتم أخذها كل يوم على الأمد الطويل.
  • الأدوية التي تعالج الأعراض الرئيسية للاكتئاب والهوس عند حدوث النوبات.
  • تحديد محرضات وعلامات نوبات الاكتئاب أو الهوس.
  • العلاج النفسي مثل العلاج الكلامي والذي يمكن أن يساعد في التعامل مع الاكتئاب، ويقدم المشورة حول كيفية تحسين العلاقات وغيرها.
  • تعديل نمط الحياة مثل ممارسة التمارين الرياضية والتخطيط للأنشطة التي يستمتع بها المريض والتي تمنحه شعوراً بالإنجاز، بالإضافة إلى المشورة بشأن تحسين النظام الغذائي والحصول على المزيد من النوم.

ويعتقد أن استخدام مجموعة متنوعة من طرق العلاج المختلفة يعتبر الطريقة الأفضل للسيطرة على اضطراب ثنائي القطب.

التأثيرات الجانبية للأدوية

يمكن أن تسبب أدوية اضطراب ثنائي القطب بعض الآثار الجانبية كغيرها من الأدوية، إلا أن هذه التأثيرات قد تختلف اعتماداً على الأدوية التي يأخذها المريض.

ويمكن أن تشمل الآثار الجانبية المحتملة ما يلي:

  • الغثيان
  • الرعاش
  • تساقط الشعر
  • المشاكل الجنسية
  • زيادة الوزن
  • تلف الكبد
  • تلف الكلية
  • الإسهال
  • آلام البطن
  • حساسية الجلد

يمكن أن تؤثر بعض الأدوية على جودة عمل الكبد أو تعداد خلايا الدم البيضاء أو الصفيحات الدموية، وقد يحتاج المريض إلى إجراء اختبارات منتظمة للتأكد من أنه ما يزال بصحة جيدة.

وفي الواقع تختفي العديد من الآثار الجانبية بعد بضعة أسابيع من العلاج؛ وفي حال استمرار الشعور بالسوء بعد ذلك يفضل استشارة الطبيب مرة أخرى فقد يوصي بتغيير الجرعة أو تغيير الدواء للسيطرة على الآثار الجانبية.

التعايش مع المرض

على الرغم من أن اضطراب ثنائي القطب يعتبر حالة طويلة الأمد، إلا أن العلاجات الفعالة جنباً إلى جنب مع تقنيات المساعدة الذاتية يمكن أن تحد من تأثيرها على الحياة اليومية للمريض.

حيث ينصح الأطباء بالإضافة للعلاج الدوائي باتباع النصائح التالية لعادات نمط الحياة الصحية التي تساعد في السيطرة على الأعراض:

  • المحافظة على روتين متسق وذلك بالذهاب إلى النوم والاستيقاظ في أوقات ثابتة كل يوم ويفيد في تحقيق ذلك الحد من شرب الكافيين.
  • تناول الطعام الجيد وممارسة التمارين بانتظام، حيث يمنح النظام الغذائي الصحي الجسم ما يحتاجه من الفيتامينات والمعادن، كما يساعد التمرين على تحسين المزاج.
  • أخذ الدواء دوماً حسب التعليمات وذلك حتى عندما يكون المزاج مستقراً، فمن المهم عدم تجاوز الجرعات.
  • استشارة الطبيب المختص قبل تناول المكملات الغذائية أو أي أدوية يحددها طبيب آخر.
  • تدوين يوميات عن المزاج حيث يمكن بذلك تحديد المحرضات، ومراقبة كيفية عمل العلاج، والتغيرات في أنماط الأكل أو النوم، كما أن كتابة هذه المعلومات تساعد الطبيب أيضاً في متابعة المريض.
  • تجنب تعاطي الكحول والمخدرات.
  • تقليل التوتر قدر الإمكان بممارسة أنشطة كالتأمل أو التاي تشي، وإجراء تغييرات لتبسيط الحياة عندما يكون ذلك ممكناً.
  • الاستعانة بشبكة دعم حيث من المهم التعرف على الأشخاص الذين يمكن أن يساعدوا خلال الأزمات أو الأوقات الصعبة؛ ويساعد أيضاً تثقيف الأصدقاء والأفراد المقربون من المريض حول اضطراب ثنائي القطب حيث يفيد ذلك في تقديم الدعم على أفضل وجه عند الحاجة.