الأكل الانتقائي عند الأطفال: كيف أساعد طفلي للتغلب على هذه المشكلة؟

الكاتب - 15 نوفمبر 2023

أخذت مشكلة الأكل الانتقائي عند الأطفال في الانتشار بشكلٍ متزايد أكثر فأكثر. ومن المهم أن يكون الوالدين بدراية بهذه الحالة لمعرفة كيفية التعامل معها والحد من تأثيراتها على صحة ونمو طفلهم. حيث من المهم الإشارة إلى أن التغلب على مشكلة انتقائية الطعام عند الأطفال غالباً ما تتطلب جهداً وصبراً واصراراً، وفي بعض الحالات قد تتطلب متابعة عن طبيب التغذية المختص.

في هذه المقالة سنتحدث عن حالة الأكل الانتقائي عند الأطفال وكيفية التعامل معها وتشجيع الطفل على تجربة أصناف جديدة.

الأكل الانتقائي عند الأطفال

الأكل الانتقائي عند الأطفال والمعروف أيضا باسم اضطراب الانتقائية الغذائية "Food selectivity disorder". هو نوع من اضطرابات الأكل يتميز بتقييد شديد في نوعية الطعام المتناولة. يمكن أن يكون هذا الاضطراب مصحوباً بتفضيلات غذائية محددة أو رفض لتناول فئات معينة من الطعام.

يمكن لهذا النوع من الانتقائية في تناول الطعام أن يؤدي لتأثيرات سلبية على صحة الطفل. حيث يمكن أن يؤدي إلى نقص التغذية ونقص الفيتامينات والمعادن الضرورية لنموهم الصحيح.

الأعراض

حالة الأكل الانتقائي عند الأطفال قد تظهر بعدة أعراض. كما أنه من الضروري التمييز بين الطفل الذي يفضل أنواعاً معينة من الطعام وبين الطفل الذي يعاني من اضطراب في الأكل. ومن بعض العلامات التي قد تشير إلى وجود اضطراب الانتقائية الغذائية عند الطفل تشمل:

  • التفضيلات الغذائية الشديدة: حيث تكون الاختيارات الغذائية محدودة جداً، بالإضافة إلى رفض تجربة أو تناول أصناف غذائية جديدة، مما يقلل من تنوع النظام الغذائي.
  • القلق أو الرفض من تجربة الطعام الجديد: فقد يظهر الطفل قلقاً أو يرفض تجربة الطعامات الجديدة بشكل مستمر.
  • القلق أو الضغط عند تقديم الطعام: يمكن أن يبدي الطفل مقاومة شديدة أو قلقاً واضحاً عند تقديم أو تحضير أصناف الطعام الجديدة.
  • نقص التغذية: يمكن أن يتسبب اضطراب الانتقائية الغذائية في نقص التغذية وفقدان الوزن أو تأثير سلبي على نمو الطفل.

ومن المهم أن يكون الرد على اختيارات الطعام عند الأطفال متزناً ولا يتضمن إجبار الطفل على تناول الأطعمة التي يرفضها. بل ينصح بتقديم الطعام بشكل إيجابي ودعم الطفل لتجربة أصناف جديدة بشكل تدريجي وبدون ضغط.

الأسباب

أسباب الأكل الانتقائي عند الأطفال متعددة ومتنوعة، ويمكن أن تختلف من طفل لآخر، ومن الأسباب المحتملة ما يلي:

  • العوامل الوراثية: قد يكون هناك استعداد وراثي للأكل الانتقائي، حيث تشير بعض الدراسات إلى أن الأطفال الذين لديهم أفراد من العائلة يعانون من الأكل الانتقائي هم أكثر عرضة للإصابة بهذا الاضطراب.
  • العوامل الحسية: قد يكون الأطفال الذين يعانون من فرط الحساسية أو صعوبات في معالجة المعلومات الحسية أكثر عرضة للأكل الانتقائي. على سبيل المثال، قد يرفض الطفل تناول الطعام الذي له ملمس أو مذاق أو رائحة معينة.
  • العوامل السلوكية: قد يتعلم الأطفال الأكل الانتقائي من الآباء أو مقدمي الرعاية الآخرين. على سبيل المثال، قد يمنح الآباء الأطفال الأطعمة المفضلة لديهم كمكافأة، أو قد يضغطون على الأطفال لتناول الأطعمة التي لا يحبونها.
  • العوامل النفسية: قد يرتبط الأكل الانتقائي بمشاكل نفسية أخرى، مثل القلق أو الاكتئاب.
  • العوامل الطبية: قد يكون الأكل الانتقائي علامة على حالة طبية أساسية، مثل اضطراب طيف التوحد أو متلازمة داون أو وجود اضطرابات في الجهاز الهضمي.

المضاعفات

حالة الأكل الانتقائي عند الأطفال قد تؤدي إلى مجموعة متنوعة من المضاعفات الصحية التي تشمل:

  • نقص التغذية: يمكن أن يحدث الأكل الانتقائي نقصاً في العناصر الغذائية الأساسية التي يحتاجها الجسم للنمو والتطور السليم. فعندما يكون نطاق الأطعمة المستهلكة محدوداً، يمكن أن يحدث نقص في الفيتامينات والمعادن. مما يؤدي لزيادة خطر ظهور مشاكل صحية خطيرة على سبيل المثال فقر الدم.
  • تأثيرات على النمو والتطور: يمكن أن يؤدي الأكل الانتقائي إلى تأثيرات سلبية على النمو والتطور البدني والعقلي للطفل.
    • يمكن أن يتسبب ذلك في بطء النمو أو فقدان الوزن غير الطبيعي. مما يمكن أن يؤثر على صحتهم في المستقبل ويزيد من مخاطر الإصابة بأمراض مثل السكري وأمراض القلب.
  • التأثيرات السلوكية: يمكن أن يتسبب الأكل الانتقائي في ظهور مشاكل سلوكية لدى الأطفال. مثل التهيج أو التقلبات المزاجية أو صعوبة التفاعل مع الآخرين. تلك المشاكل يمكن أن تؤثر على أدائهم في المدرسة أو الحضانة وتعرقل تطورهم الاجتماعي.
  • التأثيرات النفسية: قد يسبب الأكل الانتقائي ضغوطات نفسية على الطفل، مثل القلق أو الاكتئاب. مما يمكن أن يؤثر على صحتهم النفسية والعاطفية بشكل عام ويؤثر على علاقاتهم الشخصية والاجتماعية.

تشخيص حالة الأكل الانتقائي عند الأطفال

تشخيص حالة الأكل الانتقائي عند الأطفال يشمل مراجعة عدة عوامل من قبل الأطباء واختصاصيي التغذية للتحقق من وجود الاضطراب وتقييم الوضع الغذائي للطفل. إليك خطوات يمكن أن تتضمنها عملية التشخيص:

  • التقييم الطبي: يبدأ التشخيص بمراجعة تاريخ الصحة العامة والتغذية للطفل. يتطلب ذلك مناقشة عادات الأكل الحالية والتفضيلات الغذائية والأعراض الملحوظة.
  • تقييم التغذية: يتضمن تحديد ما إذا كان هناك نقص في العناصر الغذائية الأساسية أو فقدان الوزن أو تأثيرات أخرى على النمو والتطور.
  • مسح النمط الغذائي: يمكن أن يُطلب من الوالدين أو الرعاة توثيق أنماط الأكل للطفل. بما في ذلك الأطعمة التي يرفضها والتفضيلات الغذائية.
  • استبعاد الحالات الطبية الأخرى: قد يكون من الضروري استبعاد وجود أية حالات طبية أخرى تؤثر على الأكل. مثل مشاكل في الجهاز الهضمي أو الحساسية الغذائية.
  • التقييم النفسي: في بعض الحالات، قد يتم تقييم الجوانب النفسية المتعلقة بالأكل والمشاعر المرتبطة بالطعام لفهم العوامل النفسية المحتملة وتأثيرها على عادات الأكل.
  • العوامل الطبية: قد يكون الأكل الانتقائي علامة على حالة طبية أساسية، مثل اضطراب طيف التوحد أو متلازمة داون. أو لوجود مشاكل هضمية أو اضطراب النمو العصبي.

الأساليب العلاجية

تعتمد العلاجات لحالة الأكل الانتقائي عند الأطفال على تقييم شامل للطفل وأسباب وجود الاضطراب الغذائي. وهي بشكل عام قد تتطلب وقتاً وجهداً مستمراً لتحقيق النتائج المرجوة. وذلك لتحسين علاقة الطفل بالطعام وتوسيع تشكيلة الأطعمة التي يقبل تناولها.

قد تتضمن الأساليب العلاجية ما يلي:

  • التغذية التكاملية: يمكن أن يكون استخدام مكملات غذائية أو فيتامينات مفيدًا في حال كان هناك نقص في العناصر الغذائية الأساسية.
  • العلاج السلوكي: يتضمن هذا النوع من العلاج محاولة تغيير السلوكيات المتعلقة بالأكل والتدريب على تناول أطعمة جديدة وتقديم الطعام بطرق تشجيعية وإيجابية.
  • التدخل التغذوي: يشمل ذلك التعامل مع تفضيلات الطعام وزيادة تنوع الأطعمة المقبولة. وقد يتضمن تقديم الطعام بطرق مبتكرة وممتعة لجذب اهتمام الطفل.
  • الدعم النفسي: قد يكون من المفيد توفير الدعم النفسي للطفل من قبل أخصائيين نفسيين أو مستشارين لمساعدته في تقبل تجارب الأطعمة الجديدة وتحسين علاقته مع الطعام.
  • التدريب الأسري: يشمل ذلك توفير المشورة والدعم لأولياء الأمور لتحسين بيئة الطعام في المنزل وتقديم الدعم والتشجيع للأطفال في التعامل مع تفضيلات الطعام.
  • العلاج الجماعي: قد يكون للعلاج الجماعي دور في تقديم الدعم والمشورة والتشجيع من خلال الاجتماع مع مجموعات أطفال آخرين يعانون من نفس المشكلة.
يمكن لتقديم الطعام بشكل جذاب أن يشجع الطفل على تناوله
يمكن لتقديم الطعام بشكل جذاب أن يشجع الطفل على تناوله

النصائح والوقاية

من الطبيعي أن يكون الطفل انتقائياً فيما يخص اختياراته الغذائية خلال الطفولة لتأكيد استقلاليته. إلا أن بعض الأطفال يمكن أن يكونوا انتقائيين بشكلٍ شديد ويرفضون تناول كل شيءٍ تقريباً باستثناء بعض الأطعمة.

وقد ذكرت بعض النصائح في مجلة طب الأطفال " Journal Pediatrics" والتي تساعد في الوقاية من حدوث مشكلة الأكل الانتقائي عند الأطفال، وهي تشمل:

  • ابدأ مبكراً: يجب أن يبدأ الآباء في تقديم مجموعةٍ متنوعةٍ من الأطعمة لأطفالهم قبل أن يبلغوا العامين من العمر، بما في ذلك الفواكه والخضروات. من المهم أيضا تجنب إعداد وجباتٍ منفصلةٍ للأطفال، بل يجب تقديم الوجبات الغذائية ذاتها التي تُقدم للبالغين.
  • المشاكل المزاجية: وجدت الدراسة أن الأطفال الذين يواجهون صعوبةً في السيطرة على عواطفهم يكونون أكثر عرضةً لمشكلة الأكل الانتقائي. ولذلك من المهم أن يعمل الآباء على حل المشاكل السلوكية عند أطفالهم في أقرب وقت ممكن من خلال طلب المساعدة من المتخصصين.
  • لا يعاني الأطفال الانتقائيون عادةً من نقص الوزن: على الرغم من أن الأطفال الانتقائيين قد يكونون أنحف من الأطفال الآخرين إلا أن صحتهم تكون على ما يرام عموماً.
  • دور تربية الأهل: عندما يكون الوالدان صارمين أو متطلبين مع الطفل بشأن عادات الأكل فمن المرجح أن يصبح الطفل انتقائياً في أكله. حيث أن السماح للأطفال بتحديد مقدار ما يريدون تناوله أو ما إذا كانوا يريدون الأكل ومنحهم الخيار سيساعدهم على تفضيل عددٍ أكبر من الأطعمة مع مرور الوقت.
    • يجب على الآباء تجنب إجبار أطفالهم على تناول أو إنهاء كل الطعام الموجود في طبقهم.
  • الإيجابية تصنع الفرق: يمكن إحداث فرقٍ كبيرٍ ببعض السلوكيات، مثل:
    • جمع الأطفال على تجربة الأطعمة الجديدة دون اللجوء إلى الشجار
    • وتناول الوجبات العائلية معاً، والاستمتاع بصحبة بعضهم البعض.
    • من الضروري أيضا تقديم الأطعمة أو المشروبات بين الوجبات.
    • إشراك الأطفال في التخطيط للوجبات وإعدادها، واصطحابهم للتسوق في المتجر.
    • الأهم من ذلك أن يكون الوالدين نموذجاً إيجابياً لأطفالهم من خلال تناول مجموعةٍ متنوعةٍ من الأطعمة أمامهم.