الالتهاب الرئوي: الأعراض والعلاج

الكاتب - أخر تحديث 23 مايو 2023

ما هو التهاب الرئة؟

إن الالتهاب الرئوي "Pneumonia" هو عبارة عن التهاب يصيب أحد الرئتين أو كلاهما، ويكون ناتجاً عن سبب جرثومي أو فيروسي أو فطري.

يشكل الالتهاب الرئوي ما يقارب نسبة 14% من وفيات الأطفال تحت عمر 5 سنوات، ووفقاً لتقرير منظمة الصحة العالمية WHO لعام 2019، فقد تسبب الالتهاب الرئوي بوفاة حوالي 740180 طفل.

تعتبر عدوى الالتهاب الرئوي من الأمراض التنفسية الحادة التي تصيب الرئة، وتسبب امتلاء الأكياس الهوائية الصغيرة فيها بالسوائل والمواد القيحية، وينتج عن ذلك صعوبة في التنفس وقلة القدرة على تبادل الأوكسجين عبر الرئة.

أعراض الالتهاب الرئوي

قد تبدأ أعراض الإصابة بشكل مفاجئ خلال 24 الى 48 ساعة من العدوى، أو قد تظهر بشكل أبطأ على مدى عدة أيام (1).

الأعراض الشائعة
  • السعال: قد يكون من النمط الجاف الذي لا يرافقه خروج بلغم (المخاط)، أو يكون من النمط الرطب (المُنتِج للبلغم). حيث يصاحبه خروج البلغم أصفر أو أخضر أو بني اللون، كما قد يرافقه خروج خيوط من الدم.
  • صعوبات التنفس: يكون تنفس المريض سريعاً وقليل العمق حتى خلال الراحة
  • تسارع ضربات القلب
  • الحمى وارتفاع درجة حرارة جسم المريض
  • الإحساس بالتعب العام
  • التعرق والارتعاش
  • نقص الشهية للطعام
  • ألم في الصدر، والذي يزداد سوءاً أثناء التنفس والسعال
الأعراض الأقل شيوعاً
  • السعال الدموي (السعال المصحوب بخروج الدم)
  • الصداع
  • الإعياء والإحساس بالمرض
  • سماع صوت يدعى "الأزيز" أثناء الفحص، وهو صوت صدري أشبه بالصفير
  • الألم العضلي والمفصلي
  • التشوش الذهني ويشاهد ذلك بشكل خاص لدى الكبار في السن (Delirium)

أسباب الالتهاب الرئوي

هنالك العديد من الأسباب الكامنة وراء الالتهاب (2)ويمكن تصنيف الإصابة وفقاً للعامل المسبب كما يلي:

١- الالتهاب الرئوي البكتيري

ينتج هذا النمط عن العديد من الجراثيم. تعد جراثيم "االمكوّرات الرئوية" "Pneumococci" أهمها وأكثرها شيوعاً.

تظهر هذه الإصابة عادةً عندما يكون الشخص مريضاً لسبب آخر مثل نقص التغذية الصحية، التقدم في العمر، وفي حالات ضعف الجهاز المناعي. وقد تحصل العدوى في الأصحاء دون وجود تاريخ مرضي يذكر.

قد يظهر هذا النمط في أي عمر، إلا أن الأشخاص الأكثر عرضةً للإصابة هم:

  • مدمني الكحول
  • مدخني السجائر
  • تعرض المريض لعملية جراحية حديثة
  • وجود مرض تنفسي سابق أو إصابات فيروسية
  • الأمراض المسببة لضعف المناعة
٢- الالتهاب الرئوي الفيروسي

يحدث هذا النمط بسبب العديد من الأنواع الفيروسية مثل فيروس الانفلونزا والفيروس الغدي وحديثا الفيروسات التاجية مثل الفيروس المسبب لوباء كورونا المستجد (3).

ويعتبر المريض المصاب بالالتهاب الرئوي الفيروسي أكثر عرضةً للإصابة بعدوى بكتيرية أيضاً.

٣- الالتهاب الرئوي بالفطريات

تسبب الفطريات أعراض مختلفة قليلاً عن تلك التي تحدثها باقي الجراثيم.

مضاعفات الإصابة بالتهاب الرئة

في حال عدم تلقي المريض للعلاج الكامل والمناسب فقد يتعرض للعديد المضاعفات. (4).

وقد تكون تلك المضاعفات شديدة الخطورة في بعض الأحيان، خصوصاً لدى المرضى الذين يعانون أمراض مزمنة.

فمثلاً، قد تؤدي إصابة مرضى الداء الرئوي الانسدادي المزمن "COPD" بالالتهاب الرئوي إلى حالة من نقص أكسجة الجسم، وحتى الفشل التنفسي، بسبب الضيق الشديد الحاصل في القصبات التنفسية.

كما أن مرضى القصور القلبي أو الذين لديهم حالات قلبية وعائية مزمنة لديهم قابليةً أعلى للإصابة بالنوبة القلبية، أو ازدياد القصور القلبي سوءاً.

ومن المضاعفات الأخرى المتعلقة بالالتهاب الرئوي:

  • تجرثم وإنتان الدم "Septicemia": تعتبر من الحالات الخطيرة، حيث تصل فيها الجراثيم إلى الدم لتنتشر عبره إلى أعضاء عديدة. يؤدي ذلك إلى ما يعرف بـ قصور الأعضاء المتعدد "Multi organ failure".
  • الخرّاجات الرئوية "Lung abscess": وهي عبارة عن تجمع للقيح (الناتج على تحطم الخلايا الرئوية) ضمن الرئة.
    • قد تحتاج هذه الحالة إجراء بزل لهذه للسوائل القيحية باستخدام الإبرة، بالإضافة لمعالجة المريض بالمضادات الحيوية القوية والمتعددة.
  • عدوى الغشاء البلوري: وهو عبارة عن تجمع للسوائل ضمن الفراغ المحيط بالرئة والذي يعرف بالغشاء البلَورى بسبب انتقال جراثيم الرئة اليه.
  • القصور الكلوي
  • القصور التنفسي

عوامل الخطورة والأشخاص الأكثر عرضةً للإصابة

تتعدد عوامل الخطر التي تزيد من احتمال تعرض الشخص للإصابة بالالتهاب الرئوي ومضاعفاته (5). ومن هذه العوامل:

١- العمر

على الرغم من أن جميع الفئات العمرية قد تتعرض للإصابة، إلا أن هنالك مجموعتين عمريتين هم الأكثر عرضةً للإصابة والمضاعفات:

  • الأطفال والأولاد بعمر سنتين أو أقل: يعود السبب في ذلك إلى عدم تطور جهازهم المناعي بالقدر الكافي بعد لمواجهة العوامل الممرضة، كما نجد ذلك أيضاً لدى حديثي الولادة غير مكتملي النمو (الأطفال الخدج او preterm).
  • الكبار في السن الذين تزيد أعمارهم عن 65 سنة: مع التقدم في السن يضعف الجهاز المناعي للفرد، ويصبح أقل قدرةً على محاربة العوامل المسببة للمرض.
    • بالإضافة إلى ما سبق فإن نسبة كبيرة من المتقدمين في السن يعانون من مرض مزمن واحد مما يزيد من مضاعفات الالتهاب الرئوي.

٢- العوامل البيئية والمهنية

  • إن قضاء وقت طويل في البيئات المكتظة وأماكن الازدحام، يجعل من احتمال تعرض الفرد للعدوى أكبر، مثل ثكنات الجيش والسجون، ومآوي المشردين ودور الرعاية.
  • قد تنتج بعض حالات الالتهاب الرئوي عن جراثيم تصيب الطيور أو الحيوانات الأليفة، لذلك فإن العاملين في تربية الحيوانات والطيور قد يحملون احتمالاً أعلى للإصابة.

٣- العادات اليومية والحياتية

  • تدخين السجائر: يقلل التدخين من قدرة الرئة على التخلص من المواد المخاطية التي تنتجها الرئة.
  • تعاطي الكحول والمخدرات: تضعف هذه المواد قدرة الجهاز المناعي، وتقلل من قوته.

٤- بعض الحالات الطبية الأخرى

  • الاضطرابات الدماغية: تعرض الفرد للسكتة الدماغية أو للخرف أو الباركنسون.
    • تقلل الأمراض السابقة من قدرة المريض على السعال والبلع، ما يزيد من احتمال دخول المواد المبتلعة إلى القصبات الهوائي والرئتين والذي ينتج عنه الالتهاب الرئوي.
  • الحالات التي تضعف الجهاز المناعي: كالحمل والإيدز وزرع الأعضاء والعلاج الكيميائي للسرطان، والأدوية الستيروئيدية "Corticosteroids".
  • الأمراض الخطيرة والحرجة: التي تتطلب دخول المريض إلى المستشفى ترفع قابلية تعرض المريض لعدوى بعوامل قادمة من المستشفى وهنا تكون الحالة غالباً خطيرةً وصعبة العلاج.
  • الأمراض المزمنة: كالربو والتوسع القصبي، والتليف الكيسي، والداء الرئوي الانسدادي المزمن "COPD".
  • بعض الحالات الطبية الأخرى: كالسكري وسوء التغذية وفقر الدم المنجلي، وأمراض الكبد والكليتين.

تشخيص الإصابة

قد يكون تشخيص الالتهاب الرئوي صعباً في بعض الأحيان نظراً لتنوع الأعراض التي تظهر على المرضى ولكن على الطبيب القيام بالخطوات التالية للوصول إلى التشخيص الأكيد للإصابة (6):

١- تسجيل التاريخ المرضي

يطرح الطبيب مجموعة من الأسئلة المتعلقة بالأعراض والعلامات التي تبدو على المريض، ومنذ متى بدأت.

كما قد يسأل الطبيب عن إمكانية تعرض المريض لما يلي:

  • سفر المريض منذ فترة قريبة إلى إحدى المناطق الموبوءة
  • الأعمال المهنية التي قد تعرض المريض للعدوى
  • التعامل مع الحيوانات
  • اقتراب الشخص من مريض آخر في البيت أو المدرسة أو مكان العمل
٢- الفحص السريري للمريض

الاستماع للأصوات التنفسية باستخدام السماعة الطبية.

٣- الفحوصات التشخيصية الإضافية
  • صورة الصدر البسيطة "X-Ray"
  • تعداد الخلايا الدموية "CBC"
  • قياس نسبة الأوكسجين في دم المريض، والذي يشير إلى مستوى عمل الرئتين.
  • فحص البلغم (المخاط): يتم أخذ عينة من المواد المخاطية التي قد تخرج أثناء السعال ليتم فحصها، ومعرفة العامل الجرثومي المسبب.
  • في حالة المرضى المصابين بأمراض خطيرة، قد يتم إجراء ما يلي:
    • الأشعة المقطعية للصدر "CT scan" وبخاصة في حال التعرض لمضاعفات الالتهاب الرئوي
    • قياس غازات الدم الشريانية، كالأوكسجين وثنائي أوكسيد الكربون في الدم
    • منظار القصبات الهوائية

علاج الالتهاب الرئوي

يجب على المريض تلقي العلاج الفوري بعد تأكيد التشخيص للوقاية من المضاعفات، وتعد كل من المضادات الحيوية وشرب كميات كافية من السوائل لتعويض نقص السوائل الحاصل هما من أساسيات العلاج (7).

كما يمكن استعمال المسكنات كالباراسيتامول "Paracetamol" لتخفيف ألم الصدر والحمى.

١- الإصابات الخفيفة

يمكن للمريض في هذه الحالة تلقي العلاج في المنزل، ولكن وفقاً لتعليمات الطبيب المختص.

يمتد العلاج الذي يصفه الطبيب لفترة خمسة أيام عادةً، لكنها قابلة للزيادة في حال عدم حصول استجابة بعد ثلاثة أيام من بدء العلاج.

٢-الإصابات الأكثر شدةً

قد يحتاج بعض المرضى لتلقي العلاج في المستشفى، خصوصاً في الحالات الشديدة، والتي لا يستطيع المريض تناول أدويته عندها بالشكل المناسب.

كما تتوفر في المستشفى أجهزة الإنعاش وأجهزة التنفس الاصطناعي، وذلك من أجل علاج ودعم الحالات المتقدمة. كما أنه في الحالات الشديدة يتم إعطاء المريض صنفين من المضادات الحيوية في نفس الوقت.

ويستمر إعطاء المريض المضادات الحيوية لمدة تتراوح بين 5 وحتى 7 أيام، وقد تصل الى 10 أيام في بعض الحالات.

الوقاية من الالتهاب الرئوي

يمكن للشخص الوقاية من الإصابة بالالتهاب الرئوي باتباع ما يلي (8):

  • غسل اليدين بانتظام
  • تنظيف وتعقيم الأسطح المعرضة للّمس من قبل الآخرين بكثرة
  • استخدام المناديل الورقية أثناء السعال أو العطاس
  • الإقلاع عن التدخين
  • الاهتمام بالحالات المرضية والطبية المزمنة، كالسكري والربو، وأمراض القلب
  • أخذ اللقاحات المضادة للأنفلونزا والمكورات الرئوية خاصة المجموعات عالية الخطورة (كبار السن ومرضى الجهاز التنفسي).