الانزلاق الغضروفي: الأسباب والعلاج

الكاتب - أخر تحديث 23 أغسطس 2022

يمثل ألم الظهر حالة شائعة في الوسط الطبي يشكو منها الكثير من المرضى، ويعد الانزلاق الغضروفي (ديسك الظهر) من أحد الأسباب الكثيرة وراء هذه الشكوى.

فما هي أسباب هذه الحالة؟ وما هي سبل العلاج؟

ما هو الانزلاق الغضروفي؟

يعمل العمود الفقري مثل جهاز داعم لهيكل أجسامنا عند الجلوس والوقوف والانحناء، وذلك عبر ربطه بين عضلات وعظام الجسم، بالإضافة لموقعه وبنيته التي تسمح بذلك.

يتألف هذا العمود من مجموعة فقرات مُكدَّسة فوق بعضها البعض، والتي يسكن ضمنها النخاع الشوكي وتحديداً في القناة الشوكية.

ويفصل بين هذه الفقرات الأجسام بين الفقرات الديسكات (Discs)، وتتكون هذه الأجسام من حلقة ليفية تُحيط بنواة لبية، وتعمل بشكل اعتيادي على امتصاص الصدمات والضغط الذي يتلقاه العمود الفقري.

الانزلاق الغضروفي "Spinal Disc Herniation" أو كما يطلق عليه "ديسك الظهر" أو "فتق النواة اللبية"، هو حدوث تمزق للحلقة الليفية آنفة الذكر وخروج النواة اللبية التي تضغط على الأعصاب الخارجة من النخاع الشوكي، الأمر الذي يترتب عليه مجموعة من الأعراض العصبية.

يمكن أن يحدث هذا الانزلاق بأي قسم من أقسام العمود الفقري ولكن الأكثر شيوعاً هو القسم في أسفل الظهر "العمود الفقري القطني".

وتعد من الحالات الشائعة عموماً، حيث يصاب سنوياً من 5 إلى 20 حالة من كل ألف شخص، ويكون شائعاً أيضاً عند الأشخاص في العقد الثالث إلى الخامس من العمر، مع ميل لإصابة الذكور أكثر من الإناث 1/2.(1)

أعراض الانزلاق الغضروفي

يختلف مكان الألم باختلاف مكان الفتق الحاصل وأي من الجذور العصبية متأثر بالفتق, فمن الممكن أن يحدث فتق للنواة اللبية دون أن يؤثر على جذر عصبي أو عصب محدد وبالتالي لن تظهر أيّة أعراض.

وأشهر الأعراض هي:

  • ألم أسفل الظهر: يعد من أكثر الأعراض شيوعاً، وقد يأتي بشكل متقطع أو مستمر، ويزداد أو يتحرَّض الألم بالانحناء أو العطاس أو السعال أو الوقوف لمدة طويلة ويخف بالاستلقاء.
  • يحدث ألم منتشر يبدأ في منطقة أسفل الظهر أو الأرداف وينتقل بشكل نازل باتجاه ربلة الساق أو القدم يعرف باسم "عرق النسا".
  • يحدث تشوش في الإحساس أو الشعور بالخدر في أسفل الساق أو القدم.
  • قد يحدث ضعف في عضلات الساق أو حتى ضمور ولكن في الحالات المتقدمة.
  • تشنّج في عضلات الظهر
  • تخف المنعكسات التي يتحراها الطبيب أو تغيب مثل المنعكس الداغصي "الركبة".
  • قد تظهر أعراض بولية أو هضمية ولكنها نادرة وفي حالات متقدمة.

أسباب الانزلاق الغضروفي

إن السبب الأساسي لظهور الانزلاق هو فتق الحلقة الليفية التي تحيط بالنواة اللبية، وترتبط الأسباب بزيادة الضغط على القرص المعني أو بسبب ضعف الحلقة الليفية.

ومن أهم أسباب حدوث الإصابة:

  • الأعمال التي تتطلب حمل أوزان ثقيلة بشكل مستمر.
  • الوظائف التي تتطلب الجلوس لفترات طويلة مثل سائقي الشاحنات.
  • التدخين: فقد أثبتت علاقة النيكوتين بالتركيب الحيوي "غليكوز أمينوغليكان GAG" لخلايا القرص بين الفقرات، بالإضافة لتأثيرات أخرى مؤهلة لحالة الفتق. (2)
  • البدانة: حيث إن الوزن الزائد سيترتب عليه ضغط زائد على الأقراص بين الفقرات.
  • العمر: مع تقدم العمر تزداد احتمالية ضعف الحلقة الليفية.

ورغم هذه العوامل المذكورة لا يصاب الجميع بنفس النسب حتى إذا كانوا يمارسون نفس الأعمال الوظيفية مما يقترح وجود عوامل أخرى، فقد اقترح بعض الباحثون وجود دور للوراثة في جعل بنية القرص أضعف من المطلوب مما يجعله أكثر تأثراً بالعوامل المسببة. (3)

فتق النواة اللبية
فتق النواة اللبية

مضاعفات الانزلاق الغضروفي

إن ظهور المضاعفات لدى مرضى الانزلاق الغضروفي أمر نادر، وتشاهد في الحالات المهملة غير المعالجة، وتضم:

  • متلازمة ذيل الفرس: وتعد حالة إسعافية تتطلب تدخلاً فورياً، وفيها يعاني المريض مما يلي:
    • اضطرابات في المصرّات: قد يحدث احتباس للبول في المثانة أو يحدث سلس بولي ومن الممكن أيضاً سلس برازي.
    • حدوث "الخدر الشرجي"، وهو خدر حول الشرج والمنطقة التناسلية والوجه الخلفي العلوي للفخذين.
    • عجز جنسي
  • ضعف عضلي في الطرفين السفليين قد يتطور لشلل
  • ألم مزمن
  • إصابة دائمة في العصب

تشخيص الانزلاق الغضروفي

يمكن للطبيب أن يصل للتشخيص من خلال سماع تفاصيل الشكاية من المريض، بالإضافة للفحص السريري الذي يعد موجَّه بشدة، ويتضمن:

  • فحص المنعكسات مثل "المنعكس الداغصي" أو "الركبة"
  • تحري المناطق المؤلمة من الظهر
  • كشف درجة القوة العضلية للطرف السفلي
  • مدى الحركة الذي يستطيع تنفيذها المريض دون ألم كأن يكون مستلقٍ ويرفع الطبيب ساقه للأعلى دون عطف الركبة إلى أن يتألم.
  • فحص القدرة على المشي: حيث يطلب الطبيب من المريض أن يمشي عدة خطوات
  • فحص حساسية اللمس في الساق والقدم
الفحوص التصويرية

من الممكن أن يلجأ الطبيب للتصوير الشعاعي وغير الشعاعي من أجل تأكيد وجود الانزلاق الغضروفي، ونفي حالات أخرى مشابهة، وتتضمن هذه الفحوص:

  • الصورة الشعاعية البسيطة: الأمامية الخلفية أو الجانبية
  • التصوير بالطبقي المحوري المحوسب "CT"
  • التصوير بالرنين المغناطيسي "MRI"
  • تصوير النخاع الظليل "myelogram"

العلاج

يعتمد الطبيب في اختياره نوع العلاج على حالة المريض الصحية ودرجة تقدم الانزلاق ومدى تأثير الأعراض على الحياة اليومية، وتضم الخيارات العلاجية ما يلي:

١- العلاج المنزلي

يبدأ الطبيب غالباً بالعلاج المحافظ والذي ينص على مجموعة من التوصيات تتعلق بوضعية الجسم التي من شأنها أن تخفف شدة الانزلاق الغضروفي، وتضم هذه التوصيات:

  • المحافظة على الظهر بشكل مستقيم عند الوقوف أو الجلوس.
  • يفضل عند حمل شيء ثقيل ثني الورك والركبة والمحافظة على استقامة الظهر وجعل الشيء المحمول قريب من الجسم.
  • عند الوقوف لفترات طويلة يفضل وضع القدم على شيء مرتفع قليلاً لفترات قصيرة من الوقت.
  • عند الجلوس لفترات طويلة يفضل وضع القدمين على شيء مرتفع بحيث يكون مستوى الركبتين أعلى من مستوى الوركين.
  • تجنّب ارتداء أحذية الكعب العالي
  • تجنّب النوم على البطن

وقد يوصي الطبيب أيضاً بمجموعة من التمارين، من أجل تقوية عضلات الظهر والتي يمكن أن تساعد أيضاً على تخفيف الأعراض.

٢- العلاج الدوائي

قد يصف الطبيب دواء مسكن للآلام مثل "أسيتامينوفين" أو "إيبوبروفين"، أو أنواع أخرى لدرجات أعلى من الألم، ومن الممكن أن يصف مُرخياً عضلياً لتخفيف التشنج في عضلات الظهر.

٣- العلاج بالحقن

إذا لم تنفع الخيارات السابقة يكون خيار حقن "ستيرويد" وارداً، ويكون الحقن في العمود الفقري مكان الانزلاق.

ويعمل "ستيرويد" على تخفيف الالتهاب الحاصل وتقليل درجة الألم، ويختلف عدد الحقن حسب استجابة المريض، وقد تكون لمرة واحدة ومن الممكن أن تؤخذ على مدار أسابيع.

٤- العلاج الجراحي

يكون خياراً أخيراً أمام مريض الانزلاق الغضروفي، ويسأتصل الجرّاح الجزء البارز من النواة اللبية أو كامل النواة، وبالتالي سيختفي الضغط الحاصل على الأعصاب وتختفي معها الأعراض.

الوقاية

يوجد عدة توصيات ونصائح قد تساعد في تقليل فرص حدوث الانزلاق الغضروفي أو على الأقل تخفيف شدته في حال حدوثه.

وتضم هذه التوصيات:

  • محاولة البقاء بوضعية سليمة للجسم
  • ممارسة التمارين الرياضية بشكل منتظم
  • المحافظة على وزن صحي
  • الابتعاد عن التدخين

كما أن أن الخيار الجراحي ليس دائماً الحل لمشاكل الجسم، فمن الممكن حلّها بعدّة خطوات بسيطة.