التليف الكيسي: الأعراض والعلاج

الكاتب - 7 أبريل 2023

ما هو التليف الكيسي؟

يُعد مرض التليف الكيسي "Cystic fibrosis" مرضاً وراثياً يؤثر على عدة أجهزة في الجسم، حيث يتسبب في تشكل معيب لأحد بروتينات الجسم مما يؤثر على الغدد التي تنتج المخاط والعرق. وتعد تركيبة المخاط مهمة لوظائف الجهاز الهضمي والتنفسي، إذ تساعد في حماية الأجهزة من الفضلات والعوامل الممرضة.

في الحالة الطبيعية يبطن المخاط أعضاء وتجاويف الجسم كالرئتين والأنف، ويكون زلقاً ومائياً؛ أما في حالة التليف الكيسي فتحدث طفرة وراثية تؤثر على بروتين معين، مما يؤدي إلى تشكل المخاط بشكل أكثر لزوجة وسماكة، بالتالي يعيق عمله المفيد في الجهاز التنفسي.

كما أنه يسد الأقنية في البنكرياس، مما يسبب مشاكل في عملية الهضم، وقد لا يتمكن الأطفال المصابون بهذه الحالة من امتصاص ما يكفي من العناصر الغذائية من الطعام. بالإضافة إلى ذلك، يؤثر التليف الكيسي على الكبد والجيوب الأنفية والأمعاء والأعضاء الجنسية.

كما يوجد شكل من المرض يسمى التليف الكيسي اللانموذجي، وهو يؤثر فقط على عضو واحد، ويصيب الشخص عادةً في وقت لاحق في الحياة، بينما يظهر التليف الكيسي النموذجي بشكل عام في السنوات الأولى من حياة الطفل وىوثر على أكثر من عضو في الجسم.

يعد التليف الكيسي من الأمراض ذات الانتشار الشائع، ويقدر وجود 70000 شخص في جميع أنحاء العالم يتعايشون مع هذه الحالة، إلا أن معدل وقوع الإصابات يختلف من منطقة لأخرى حول العالم. كما أنه من الجدير بالذكر أن هذه الحالة دائمة، وعلى مريض التليف الكيسي التعايش معها مدى الحياة والالتزام بالنصائح الطبية والارشادات لتفادي المضاعفات. (1)

أعراض التليف الكيسي

يعاني مرضى التليف الكيسي من مجموعة من الأعراض التي تؤثر على عدة أعضاء في الجسم.

١- الأعراض التنفسية

يصيب التليف الكيسي الرئتين بشكل أساسي، وتكون الأعراض التنفسية المشاهدة كالتالي:

  • الأزيز، حيث يسمع صوت مشابه للصفير عند التنفس
  • ضيق في التنفس
  • السعال المستمر، والذي قد يخرج معه دم أو مخاط (قشع)
  • صعوبات التنفس الأخرى

كما أن المخاط الذي يعيق وظائف الرئة يخلق ظروفاً مثالية للكائنات الممرضة، ولذلك يزداد خطر إصابة الشخص المريض بالعدوى في الرئتين، مثل التهاب القصبات الهوائية وذات الرئة.

٢- الأعراض الإضافية

تختلف أعراض التليف الكيسي من شخص لآخر، وذلك اعتماداً على الأعضاء المصابة، وبالإضافة إلى ما سبق يمكن أن تتضمن بعض الأعراض الأخرى ما يلي:

  • العدوى المتكررة  في الجيوب الأنفية
  • مشاكل الجهاز الهضمي، مثل:
    • ألم البطن
    • الإمساك
    • الإسهال
    • خروج براز دهني كريه الرائحة
  • البوليبات (السلائل) الأنفية، وهي عبارة عن زوائد لحمية صغيرة داخل الأنف
  • العرق المالح
  • التعرق ليلي
  • الحمى
  • اليرقان، وهو تلون الجلد والعينين باللون الأصفر
  • آلام المفاصل والعضلات
  • انخفاض وزن الجسم
  • محدودية النمو أو صعوبة كسب الوزن عند الأطفال
  • تأخر البلوغ
  • العقم عند الذكور
  • تبقرط (تعجر) أصابع اليدين والقدمين، وهو شكل دائري غير طبيعي لسرير الظفر وينتج عن نقص الأوكسجين في الأطراف

أسباب التليف الكيسي

التليف الكيسي هو مرض وراثي، يتم نقله من الوالدين إلى الأبناء عن طريق طفرة في إحدى الجينات المسؤولة عن البروتين المنظم لتوصيل غشاء البروتين (CFTR)، والذي يتواجد على الصبغي السابع.

تسبب طفرات مورثة CFTR إلى حدوث تغيرات في نظام نقل الكهارل في خلايا الجسم، وهي مواد توجد في الدم وتعد ضرورية لوظيفة الخلايا، وإن نتيجة هذه التغيرات تُلاحظ بشكل أساسي في إفرازات الجسم، مثل المخاط والعرق.

ويحدث التليف الكيسي عندما يرث المريض طفرة في هذا الجين من الأبوين، وهذا ما يعرف بالوراثة المتنحية. وفي حالة وجود أحد الأبوين مصاباً بالمرض والآخر سليم، فإن الاحتمالية تكون كبيرة لتوريث المرض للطفل.

المضاعفات

تعد حالة التليف الكيسي مرضاً وراثياً يؤثر على جهاز الجهاز التنفسي والجهاز الهضمي، ويزداد تأثيره عادة خلال سن البلوغ، حيث يمكن أن تظهر العديد من المضاعفات المرتبطة بهذه الحالة والتي تشمل:

  • المشاكل التنفسية والهضمية والتناسلية عند البالغين من المرضى، والتي تشمل:
    • التهاب البنكرياس
    • قصور البنكرياس
    • سوء التغذية
    • تدلي المستقيم
    • التهاب الجيوب الأنفية المزمن
    • البوليبات الأنفية
    • حصوات المرارة والكلى
    • انسداد الأمعاء
    • أمراض الكبد
    • توسع القصبات
  • الإصابة بالعدوى بشكل متزايد، نظراً لأن المخاط السميك يحمل الجراثيم بشكل أكبر.
  • زيادة خطر الإصابة بمرض السكري وهشاشة العظام وقلة العظام.
  • لا يستطيع الذكور المصابين بالتليف الكيسي إنجاب الأطفال دون اللجوء إلى تقنية الإنجاب البديل.
  • يمكن أن تعاني النساء المصابات بالتليف الكيسي من انخفاض في الخصوبة ومضاعفات أثناء الحمل.
  • مشاكل في الجهاز البولي التناسلي للإناث، يشمل:
    • قرحات تناسلية
    • سلس بولي
    • اضطراب في الدورة الجنسية

التشخيص

قد تظهر بعض أعراض التليف الكيسي بعد الولادة بقليل، ويتم التشخيص غالباً عند الولادة، وذلك عبر مجموعة من الفحوص الخاصة بالمرض، مثل:

  • اختبار العرق، الذي يقيس كمية كلوريد الصوديوم (الملح) الموجود في العرق، وتشير الكميات الأعلى من المعتاد من الصوديوم والكلوريد إلى التليف الكيسي.
  • وخز الكعب الوليدي (Neonatal heel prick): تؤخذ عينة دم من كعب الطفل، من أجل التحري عن مجموعة من الأمراض منها التليف الكيسي. (2)

وفي بعض الحالات الخفيفة تتأخر الأعراض أو لا تظهر حتى سن البلوغ، وتساعد القصة السريرية التي يأتي بها المريض بالإضافة للفحص البدني بتشخيص الحالة بالإضافة إلى مجموعة الفحوص التي تضم:

  • الفحوص التصويرية: مثل تصوير الصدر عبر الأشعة السينية (CXR)، والطبقي المحوري المحوسب (CT) والرنين المغناطيسي (MRI).
  • تحاليل الدم
  • اختبارات وظائف الرئة، التي تقيم الوظيفة التنفسية بشكل دقيق
  • زرع القشع للبحث عن وجود عدوى
  • تحليل البراز

كما يمكن أن يتم اجراء فحوص تشخيصية لاكتشاف الحالة بوقت مبكر من خلال الاختبار المورثي القياسي للتليف الكيسي الذي يفحص أكثر 23 طفرة مورثية شائعة، علماً أن هناك أكثر من 1700 طفرة يمكن أن تحدث في مورثة "CFTR".

  • يمكن لأي شخص الخضوع لاختبار الحمض النووي للتحقق مما إذا كان يحمل طفرة مورثية للتليف الكيسي، حيث يأخذ الطبيب عينة من الدم أو اللعاب لاجراء الاختبار.
  • ويمكن إجراء فحص عند الحامل قبل الولادة كذلك، وهو يتضمن أخذ عينة من السائل الأمنيوسي (السائل المحيط بالجنين) للتحقق من وجود طفرة مورثية عند الجنين.

علاج التليف الكيسي

لا يوجد دواء أو إجراء علاجي قادر على علاج التليف الكيسي، و يستعيض عن ذلك بمجموعة من الأدوية والإجراءات التي تخفف من شدة الحالة والأعراض المرافقة.

يمكن المساعدة في الحفاظ على مجرى الهواء نظيفاً عند الإصابة بالتليف الكيسي عن طريق ما يلي:

  • تعلم طرق خاصة للسعال والتنفس.
  • استخدام سترة الصدر التي تعطي اهتزازات عالية التواتر لتفكيك المخاط.
  • العلاج الفيزيائي للصدر، ويتم بالانتقال إلى وضعيات معينة بحيث تتمكن الرئتان من تصريف المخاط؛ ويربت شخص آخر بيده على صدر المريض و / أو ظهره للمساعدة في تخفيف المخاط.
١- العلاج الدوائي:

قد يصف الطبيب بعض الأدوية التي يمكن أن تساعد في حالات معينة، مثل:

  • لمضادات الحيوية لعلاج عدوى الرئة أو الوقاية منها.
  • موسعات القصبات الهوائية الإنشاقية، والتي تسهل التنفس عن طريق فتح الممرات الهوائية وإرخائها.
  • الأدوية الإنشاقية التي تجعل المخاط أرق وتسهل التخلص منه.
  • الأدوية المضادة للالتهاب، بما في ذلك الستروئيدات ومضادات الالتهاب غير الستيروئيدية.
  • معدلات "CFTR" وهي تستهدف عيوباً معينة في بروتين "CFTR" بحيث يمكن للبروتين أن يعمل بشكل صحيح، وهي لا تعالج المرض ولكن يمكن أن تخفف الأعراض.
  • الأدوية التي تعالج سبب التليف الكيسي عند الأشخاص الذين لديهم متغيرات مورثية معينة.
  • إنزيمات البنكرياس للمساعدة في عملية الهضم
  • ملينات البراز عند حدوث الإمساك.
٢- العلاج الجراحي:

قد يحتاج مريض التليف الكيسي إلى الخضوع إلى جراحة في مرحلةٍ ما، بما في ذلك: 

  • جراحة الأنف أو الجيوب الأنفية.
  • جراحة الأمعاء لإزالة الانسداد.
  • زرع الأعضاء، بما في ذلك زرع الرئة المزدوجة أو زرع الكبد.

التعايش مع التليف الكيسي

يوجد مجموعة من الخطوات الواجب اتِّباعها من قبل مريض التليف الكيسي للتعايش مع المرض، وينبغي الالتزام بها كما الاجراءات العلاجية.

  • زيارة الطبيب بشكل دوري، وذلك للكشف عن أي تطورات أو مضاعفات جديدة.
  • الاعتناء بالنظافة الشخصية وذلك لتقليل خطر الإصابة بالعدوى.
  • التوقف عن التدخين سواءً أكان إيجابي أو سلبي.
  • شرب كميات كافية من السوائل.
  • ممارسة الرياضة بشكل منتظم، رغم صعوبة هذه الخطوة بالنسبة لبعض المرضى، إلا أن لها فوائد عديدة للجسم بشكل عام، وللجهاز التنفسي بشكل خاص.
  • تناول الطعام بانتظام، والاعتماد على الوجبات الغنية بالسعرات الحرارية والبروتينات.
  • اتباع الإرشادات التي يقدمها اختصاصي التغذية المعتمد.