التهاب الأذن الداخلية: الأنماط والعلاج

الكاتب - 21 نوفمبر 2022

ما هو التهاب الأذن الداخلية؟

تُقسم التهابات الأذن لثلاثة أنواع بناءً على تشريح الأذن، التهاب الأذن الخارجية والوسطى والتهاب الأذن الداخلية.

وغالباً عندما يذكر الناس التهابات الأذن فإنهم يشيرون إلى التهاب الأذن الوسطى وبشكل أقل الخارجية (تعرف بأذن السبَّاح)، أما التهاب الأذن الداخلية فهو الأكثر ندرة.

يعرف التهاب الأذن الداخلية، على أنه عدوى جرثومية أو فيروسية تطال الأذن الداخلية، وقد ينتج عن النوعين أعراض مختلفة الشدة تتراوح من الإزعاج واضطرابات التوازن إلى فقدان السمع.

تقسم الأذن الداخلية لقسمين مهمين، وهما:

  • القوقعة: ويعد القسم المسؤول عن استقبال التنبيهات الصوتية، وتحويلها لتنبيه عصبي للدماغ لتتم عملية السمع.
  • الدهليز والأقنية نصف الدائرية: تعطي هذه الهياكل تنبيهات مهمة للدماغ عن وضعية الرأس وذلك لتحقيق التوازن.

أنواع التهاب الأذن الداخلية

يوجد نوعين رئيسيين لالتهاب الأذن الداخلية:

  • التهاب التيه: تسكن الأذن الداخلية ضمن بنية غشائية تعرف بالتيه الغشائي، الذي يتواجد ضمن تيه عظمي خارجي، ويمر منها العصب الدهليزي القوقعي المسؤول عن السمع.
    • وفي حالة هذا التهاب يصاب التيه الغشائي بحالة عدوى، تؤثر على مكونات الأذن الداخلية بشكل عام وعلى حاسة السمع بشكل مباشر.
  • التهاب العصب الدهليزي: التهاب القسم الدهليزي من العصب الدهليزي القوقعي (العصب القحفي الثامن).
    • وغالباً ما تكون أعراضه خفيفة ومن الممكن في حالات أندر أن تكون أشد وتؤثر على نوعية حياة المريض.

أعراض التهاب الأذن الداخلية

يتميز التهاب الأذن الداخلية بأعراض عديدةً مشتركة بين نوعيّ الإصابة، كما أنها غالباً ما تظهر بشكل مفاجئ مما يدفع المريض لاستشارة الطبيب فوراً.

وتشمل الأعراض المميزة:

١- الدوار

ويعد من الأعراض الرئيسية في حالتي التهاب العصب الدهليزي والتهاب التيه، ويصفه المريض بالشعور وكأن العالم يدور من حوله.

يحدث الدوار نتيجة تأذي العصب الدهليزي المسؤول عن إرسال إشارات مهمة للدماغ عن وضعية الرأس.

فتكون الإشارات المرسلة خاطئة، والتي يفسرها الدماغ كما وصلته، ومنه يحدث الدوار.

إذا كان سبب الالتهاب فيروسي وهو الأكثر شيوعاً يحدث الدوار بشكل مفاجئ، وينتج عنه صعوبة في التوازن والمشي وحتى الوقوف، ويمكن أن يرافقه غثيان وإقياء.

يزداد الدوار سوءً في أول أيام المرض، ويزيد شدته تحريك الرأس أثناء التنقل، بينما يخف عند الاستلقاء وإغماض العينين.

٢- نقص السمع

يحدث نقص السمع في الأذن المصابة في حالة التهاب التيه وليس في التهاب العصب الدهليزي

٣- الرأرأة

وهي حدوث حركة دورية اهتزازية للعينين، من اليمين إلى اليسار والعكس أو من الأعلى للأسفل والعكس، وتعد علامة يلاحظها الطبيب، ولكن لا يشعر بها المريض.

٤- ألم الأذن

لا تعد من الأعراض الشائعة في التهاب الأذن الداخلية، ولكن قد تدل على وجود عدوى جرثومية في الأذن الوسطى، أو بسبب ألم في مسار العصب في متلازمة رامسي هانت.

٥- أعراض إضافية
  • الطنين بالأذن
  • الشعور بضغط في الأذن
  • تسرب سوائل أو قيح من الأذن
  • ارتفاع درجة الحرارة إلى 38 درجة مئوية أو أكثر
  • أحياناً قد يعاني المريض من الرؤية المزدوجة
  • صداع خفيف

تستمر أعراض التهاب العصب الدهليزي والتهاب التيه من عدة أيام لعدة أسابيع، حيث يمكن أن تستمر الأعراض الشديدة لمدة 2-3 أسابيع ثم تهدأ لعدة أيام.

قد تستمر الأعراض في بعض الحالات النادرة لأشهر أو حتى سنوات ويكون الآثر الفيروسي أو الجرثومي قد تلاشى، ولكن آثار الالتهاب تكون مستمرة.

أسباب التهاب الأذن الداخلية

يتم تقسيم الأسباب بناءً على نوعي التهاب الأذن الداخلية، قد تكون الأسباب فيروسية أو جرثومية، أو نتيجةً لأمراض جهازية. على الشكل التالي:

١- أسباب التهاب التيه

وتشمل الأسباب:

أ- الفيروسات

حيث تعد الأمراض الفيروسية السبب الأكثر شيوعاً لحدوث التهاب التيه، مثل:

  • الإصابة بالحصبة (الحميراء) أو الفيروس المُضخم للخلايا (CMV) وهي من أهم مسببات الصمم الخِلقي.
  • أما بعد الولادة فتؤثر أمراض مثل النكاف والحصبة على السمع ويمكن أن تؤدي إلى فقدانه.
  • كما ربطت بعض الأبحاث أسباب حدوث فقدان السمع بالإصابات بعدوى في المجرى التنفسي العلوي، وتأثره بالبروتينات الالتهابية (1) مثل البروتين الالتهابي للبراعم "MIP"
  • تؤثر متلازمة رامسي هانت على الأذن، حيث يحدث طفح على الأذن والغشاء المخاطي الفموي، كما وتؤثر هذه المتلازمة على العصب الوجهي وتتضرر نتيجة لذلك حركة عضلات الوجه، ويصاب العصب القوقعي الدهليزي (التيه) في 25% من الحالات ويمكن أن يحدث فقدان للسمع في الأذن المتأثرة.
ب- الجراثيم

تحدث الإصابة الجرثومية غالباً نتيجة التهاب سحايا سابق فبحسب التقديرات 20% من الأطفال المصابين بالتهاب السحايا الجرثومي سوف يصابوا بأعراض التهاب التيه لاحقاً.

بالإضافة إلى ذلك فإن التهاب الأذن الوسطى يعتبر مصدر لنقل العدوى الجرثومية، حيث يحدث الالتهاب الجرثومي بشكلين مختلفين:

  • التهاب التيه المصلي: يحدث الالتهاب بشكل ثانوي نتيجةً للمواد السامة المفرزة من الجراثيم أو بسبب الوسائط الالتهابية (الهيستامين- البروستاغلاندين- الكينين)
  • التهاب التيه القيحي: ينجم الالتهاب عن التأثير المباشر للجراثيم
ج- الأسباب المناعية الذاتية

يمكن أن يرافق التهاب التيه بعض الأمراض المناعية الذاتية مثل التهاب الشرايين أو الورم الحبيبي المرافق لالتهاب الأوعية (2)

د- بعض الأمراض

يرافق التهاب التيه بعض حالات متلازمة العوز المناعي المكتسب "AIDs" أو داء الزهري (السفلس). (3)

ولكن لم يحدد بعد سبب هذا الاتهاب إن كان نتيجة العوامل الممرضة نفسها أو كان بسبب الخلل المناعي الحاصل والذي يتيح فرصة للعوامل الممرضة الأخرى بمهاجمة الجسم.

٢- أسباب التهاب العصب الدهليزي

تتمحور الأسباب المؤدية لحدوث التهاب العصب الدهليزي، حول الأسباب الفيروسية، والتي تكون إما عدوى مباشرة للعصب أو بسبب مضاعفات العدوى الجهازية والمتمثلة بالحالات التالية:

  • الحصبة
  • الحصبة الألمانية
  • إبشتاين-بار
  • الإنفلونزا
  • فيروس الهربس البسيط
  • النكاف
  • الحماق أو جدري الماء
  • فيروسات التهاب الكبد

عوامل الخطورة

يوجد عدة عوامل تزيد من احتمالية حدوث التهاب الأذن الداخلية، وهي كالتالي:

  • وجود إصابة حالية بعدوى فيروسية في الجهاز التنفسي العلوي بشكلٍ خاص أو بالجسم عموماً.
  • التدخين: أكدت عدة أبحاث منشورة علاقة التدخين بأمراض الأذن عموما، والتهابات الأذن منها بشكلٍ خاص. (4)
    • كما أكد بحث آخر دور التدخين السلبي كعامل خطورة لالتهابات الأذن عند الأطفال، حيث أن وجود شخص مُدخن بجانب الطفل سيزيد من احتمالية إصابة الأذن بالالتهابات. (5)
  • يعد تعاطي الكحول بشكل مستمرمن عوامل الخطورة للإصابة بالعدوى في الأذن. (6)
  • وجود إصابة تحسسية سابقة
  • الإجهاد
  • رضوض الرأس
  • أمراض الأوعية الدموية
  • الأمراض المناعية الذاتية
  • استخدام بعض الأدوية مثل المضادات الحيوية والأسبرين والكينين

مضاعفات الإصابة

يعتبر حدوث مضاعفات بعد الإصابة بالتهاب الأذن الداخلية أمر قليل الحدوث، نتيجة استشارة أغلب المرضى للطبيب عند بدء الأعراض المرتبطة بالمرض وخاصةً الدوار.

إلا أنه في الحالات الشديدة للالتهاب أو إهمال العلاج فقد تظهر المضاعفات التالية:

  • مشاكل في السمع، نتيجة حدوث تلف دائم في القوقعة
  • إذا طال الضرر في الدهليز والأقنية نصف الدائرية فقد تظهر مشاكل مستمر في التوازن، على شكل داء يعرف بدوار الوضعة الانتيابي (BPPV).

تشخيص التهاب الأذن الداخلية

يتوجه الطبيب نحو تشخيص حالة التهاب الأذن الداخلية، من خلال الفحص السريري والأعراض التي يختبرها المريض.

كما ويمكن أن يلجأ الطبيب لفحوصات إضافية، وذلك لتشابه اضطرابات التوازن والسمع المفاجئة مع الحوادث الوعائية الدماغية، وتشمل الفحوصات:

  • تصوير الرأس عبر التصوير المقطعي المحوسب "CT" أو التصوير بالرنين المغناطيسي "MRI"
  • اجراء تخطيط سمع لمعاينة درجة الأذية الحاصلة

كما وينصح بطلب الاسعاف في حال ظهر على المريض أحد العلامات التالية خوفاً من أذية في الدماغ:

  • ضعف في الحركة
  • ازدواج الرؤية
  • كلام غير واضح
  • الشعور بخدر أو وخز في الأطراف

علاج التهاب الأذن الداخلية

يعتمد علاج التهاب الأذن الداخلية على تحسين الأعراض، وكون الفيروسات هي السبب الأكثر شيوعاً للمرض لذلك لن تؤثر الصادات الحيوية على معدل الشفاء.

وقد يصف الطبيب مجموعة أدوية يمكن أن تساعد في تخفيف شدة الأعراض، ومنها:

  • مضادات الإقياء: حيث تساعد على التخفيف من شدة الغثيان والإقياء مثل: الأوندانسيترون أو البروميثازين
  • مضادات الهيستامين: تساعد في تخفيف شدة الدوار، بالإضافة لدورها المسكن الذي يساعد المريض على النوم، ومن هذه الأدوية: الديفينهيدرامين أو ميكليزين
  • الستيرويدات: لا يزال استخدام السيترويدات للمساعدة على الشفاء غير موثق إلا أنها قد تساعد في التخفيف من شدة الالتهاب الحاصلة. (7)

علاج الأطفال

بالنسبة للأطفال المصابين بالتهاب الأذن الداخلية فغالباً ما تختفي الأعراض من تلقاء نفسها، ومن الممكن أن يتلقى الطفل نفس العلاجات من مضادات الإقياء ومضادات الهيستامين.

ولكن يجب على الطفل المصاب أن يتجنب بعض الحركات الخطيرة أو الرياضات التي تتطلب حركة سريعة مثل:

  • التزلج على اللوح
  • التزلج على الجليد
  • ركوب الدراجة
  • ركوب السكوتر

ينصح الأهل بطلب الاستشارة الطبية فوراً في الحالات التالية:

  • زيادة عدد مرات الدوار أو استمرارها لفترة أطول
  • زيادة شدة الدوار لدرجة قد يصبح فيها الطفل غير قادر على الحركة
  • ظهور أعراض أخرى كالطنين أو الصداع أو فقدان السمع

الوقاية من التهاب الأذن الداخلية

إن العدوى التي تصيب الأذن الداخلية لا يمكن الوقاية منها، ولكن يمكن الوقاية من العدوى التنفسية التي قد تكون سبباً لظهور المرض.

لذلك ينصح بالوقاية عبر اتباع النصائح التالية:

  • الاهتمام بالنظافة الشخصية
  • غسل اليدين بالماء والصابون
  • تجنب مشاركة الطعام والشراب والأدوات الشخصية وخاصة مع الأشخاص المرضى
  • الابتعاد عن التدخين
  • تطعيم الأطفال باللقاح المناسب وبشكل خاص لقاح المكورات الرئوية وإنفلونزا