التهاب الأقنية الصفراوية المصلب الأولي: الأسباب والأعراض

الكاتب - أخر تحديث 28 أغسطس 2023

التهاب الأقنية الصفراوية المصلب الأولي هو مرض مزمن يصيب الطرق الصفراوية، والتي تحمل مادة الصفراء من الكبد والمرارة إلى بداية الأمعاء الدقيقة.

يتم إنتاج المادة الصفراء من الكبد والذي يعد من أهم أعضاء الجسم، وهي عبارة عن سائل أخضر-بني اللون ويعتبر مهمم لعملية الهضم.

تفرز خلايا الكبد الصفراء ضمن أنابيب صغيرة داخل الكبد تسمى القنوات الصفراوية، والتي تنقل بدورها الصفراء إلى قناة مشتركة تؤدي إلى الأمعاء، وهناك تساعد الصفراء في الهضم وتمنح البراز لونه البني. ولكن عند الإصابة بالتهاب الأقنية الصفراوية المصلب الأولي"Primary Sclerosing Cholangitis" تحدث التهابات وتندبات تسبب في انسداد هذه الأقنية.

ونتيجةً لذلك تتجمع الصفراء في الكبد، وبمرور الوقت تسبب تلفاً في خلايا الكبد وفي حدوث تليف "Fibrosis" أو تشمع الكبد "Cirrhosis".

ويعتبر التهاب الأقنية الصفراوية المصلب الأولي مرضاً نادراً ومن غير الممكن التنبؤ به أو الوقاية منه، كما أنه يحدث غالباً عند الذكور، حيث أنهم يشكلون 70% من المرضى.

أعراض التهاب الأقنية الصفراوية المصلب الأولي

قد لا يكون لدى مريض التهاب الأقنية الصفراوية المصلب الأولي أية أعراض، وقد يتم تشخيص المريض عندما يجري الشخص اختبار دم روتيني ومن ثم تُظهر النتائج أن وظيفة الكبد غير طبيعية. ومن الجدير بالذكر أن الأعراض تظهر وسطياً في سن 40 عند الذكور و45 عند الإناث

كما أنه عندما يتوقف تدفق الصفراء تتطور الأعراض التي يمكن أن تشمل ما يلي:

  • اليرقان، وهو اصفرار في الجلد والعينين
  • الحكة الجلدية
  • ألم في الجزء العلوي الأيمن من البطن
  • الإعياء
  • تورم البطن
  • تضخم الكبد
  • تضخم الطحال
  • الحمى والقشعريرة
  • فقدان الوزن غير المفسر

الأسباب

ما يزال السبب الدقيق لالتهاب الأقنية الصفراوية المصلب الأولي غير معروف، ولكن يبدو أنه يتضمن مجموعة من العوامل، بما في ذلك:

  • الوراثة، حيث في حال وجود شخص مصاب بالتهاب الأقنية الصفراوية المصلب الأولي يكون لدى أفراد الأسرة المباشرين خطر زائد للإصابة بالمرض.
  • البيئة
  • الخلايا المناعية، حيث يعتقد الأطباء أن التهاب الطرق الصفراوية المصلب البدئي قد يكون مرضاً مناعياً ذاتياً. مما يعني أن الجهاز المناعي يهاجم خلايا الجسم السليمة عن طريق الخطأ.
  • وفي كثير من الحالات يترافق التهاب الأقنية الصفراوية المصلب الأولي مع الداء المعوي الالتهابي. مما يشير إلى وجود سبب مشترك لكلا المرضين.
  • قد يترافق المرض أيضا مع التهاب الكبد المناعي الذاتي والذي يحدث عند الأطفال والشباب في أغلب الأحيان.

مضاعفات التهاب الأقنية الصفراوية المصلب الأولي

يمكن أن يؤدي التهاب الأقنية الصفراوية المصلب الأولي إلى حدوث مضاعفات مختلفة في الكبد على سبيل المثال تشمع الكبد والسرطانات وعدوى الأقنية الصفراوية.

١- تشمع الكبد

وفيه تحل الأنسجة الندبية محل أنسجة الكبد السليمة وتمنع الكبد من العمل بشكل طبيعي. ومع تطور التشمع يبدأ الكبد في الفشل.

٢- ارتفاع ضغط وريد الباب

يحدث ذلك غالباً عندما تبطئ الأنسجة الندبية في الكبد التدفق الطبيعي للدم. مما يتسبب في ارتفاع ضغط الدم في وريد الباب، وهو الوريد الذي يحمل الدم من المعدة والأمعاء والطحال والمرارة والبنكرياس إلى الكبد.

وعندما يصل ارتفاع ضغط وريد الباب إلى مستوى معين يمكن أن تحدث مضاعفات إضافية، مثل:

  • تورم في الساقين أو الكاحلين أو القدمين.
  • تراكم السوائل في البطن.
  • الدوالي (توسع الأوردة) في المريء أو المعدة أو الأمعاء، والتي يمكن أن تؤدي إلى نزيف معوي.
  • الاعتلال الدماغي الكبدي "Hepatic Encephalopathy"، والذي يؤدي إلى التخليط الذهني أو الصعوبة في التفكير بسبب تراكم السموم في الدماغ.
٣- قصور الكبد

قد يؤدي تشمع الكبد في النهاية إلى قصور الكبد (فشل الكبد)، وعندها يكون الكبد تالفاً بشدة ويتوقف عن العمل، مما قد يتطلب إجراء عملية زرع الكبد.

٤- السرطان

قد يزيد التهاب الأقنية الصفراوية المصلب الأولي من فرصة الإصابة ببعض أنواع السرطان، بما في ذلك:

  • سرطان الأقنية الصفراوية، وهو النوع الأكثر شيوعاً في هذه الحالة.
  • سرطان المرارة.
  • سرطان الكبد.
  • سرطان القولون والمستقيم.
٥- عدوى الأقنية الصفراوية

قد يصاب مرضى التهاب الأقنية الصفراوية المصلب الأولي بالعدوى الجرثومية في الأقنية الصفراوية المتضيقة أو المسدودة.

وتزيد الإجراءات الطبية المجراة على الأقنية الصفراوية من فرصة حدوث عدوى الأقنية الصفراوية، بما في ذلك تصوير البنكرياس والأقنية الصفراوية بالتنظير الباطني بالطريق الراجع "ERCP".

٦- المضاعفات الأخرى
  • انخفاض مستويات الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون A وD وE وK
  • هشاشة العظام أو فقدان الكالسيوم من العظام

التشخيص

إذا كان المريض مصاباً بالداء المعوي الالتهابي أو أظهرت اختبارات الدم نتائج غير عادية فقد يشك الطبيب في حدوث التهاب الطرق الصفراوية المصلب الأولي.

١- تصوير البنكرياس والأقنية الصفراوية بالتنظير الباطني بالطريق الراجع (ERCP)

وهو إجراء يستخدمه الأطباء لتشخيص وعلاج مشاكل الأقنية الصفراوية والبنكرياس، وهو ينطوي على استخدام مزيج من التنظير الهضمي العلوي والأشعة السينية.

وعند مريض التهاب الطرق الصفراوية المصلب البدئي تبدو الأقنية الصفراوية أضيق من المعتاد، وتظهر بشكل المسبحة، حيث تحوي قطعاً ضيقة وأخرى واسعة.

٢- خزعة الكبد

قد يتم اللجوء إلى خزعة الكبد عند تقدم المرض. وهو يتم بتطبيق تخدير موضعي وإدخال إبرة رفيعة لاستخراج قطعة صغيرة من الكبد، ومن ثم إرسالها إلى المختبر للتحليل المجهري.

٣- تنظير القولون

يتمتع الأشخاص الذين يعانون من التهاب الأقنية الصفراوية المصلب الأولي بفرصة عالية لتطوير التهاب القولون التقرحي وسرطان القولون.

ولذلك من المهم إجراء تنظير القولون، والذي يمكن أن يساعد على تشخيص التهاب القولون التقرحي والكشف عن السرطانات أو الحالات ما قبل السرطانية في وقت مبكر.

العلاج

١- العلاج الدوائي

يشمل العلاج حمض أورسوديوكسيكوليك "Ursodeoxycholic Acid"، والذي يمكن أن يقلل من مستويات إنزيمات الكبد المرتفعة، إلا أنه لا يحسن حالة الكبد أو نسبة البقاء على قيد الحياة عموماً.

وتشير إحدى الدراسات إلى أنه ما تزال هناك حاجة إلى المزيد من الأدلة حول فوائد وأضرار هذا الدواء. كما قد يصف الطبيب أيضا ما يلي:

  • أدوية لتخفيف الحكة
  • منحيات حامض الصفراء "Bile acid sequestrants"، مثل كوليسترامين "Cholestyramine".
  • المضادات الحيوية لعلاج العدوى
  • المكملات الحاوية على الفيتامينات

وإذا كان تراكم السوائل الناجم عن تشمع الكبد يؤدي إلى تورم في البطن والقدمين فقد يساعد اتباع نظام غذائي منخفض الملح وأخذ مدرات البول في تحسين الوضع. ومن الجدير بالذكر أن الباحثين قد حاولوا استخدام مثبطات المناعة والمضادات الحيوية، ولكن لم يكن لها أي تأثير على معدلات الوفيات.

٢- تخفيف الانسداد

في بعض الحالات قد يجري الجراح عملية لفتح الانسداد الكبير في الأقنية الصفراوية. كما يمكن أن يساعد وضع دعامات بلاستيكية في الأقنية المتضيقة لإبقائها مفتوحة.

٣- زرع الكبد

يحتاج العديد من المرضى في نهاية المطاف إلى عمليات زرع الكبد، وعادةً ما يكون ذلك بعد حوالي 10 سنوات من تشخيص المرض. وقد أدى التقدم في التقنيات الجراحية واستخدام الأدوية الجديدة لقمع رفض الكبد الجديد إلى تحسين معدل نجاح عملية الزرع.

وفي الواقع فإن نتائج زرع الكبد عند مرضى التهاب الأقنية الصفراوية المصلب الأولي ممتازة، كما أن معدلات البقاء على قيد الحياة في مراكز الزرع مرتفعة، ويعيش المريض نوعية حياة جيدة بعد التعافي.