التهاب البنكرياس: الأسباب وطرق العلاج

المراجعة الطبية - M.D, FACG
الكاتب - أخر تحديث 25 يوليو 2022

التهاب البنكرياس من الأمراض ذات الشكل الحاد، وهي تعد من الحالات الإسعافية التي تدفع المريض للذهاب إلى المشفى.

فما هي أسباب هذه الحالة؟ وما هي الأعراض المرافقة للالتهاب؟

تعريف التهاب البنكرياس

البنكرياس هو عبارة عن غدّة تسكن خلف المعدة تفرز عصارات هاضمة (أنزيمات) للأمعاء من أجل إتمام عملية الهضم.

كما أن دوره الأهم يكمن بإفراز مجموعة من الهرمونات لمجرى الدم والتي تعد المسؤولة عن ضبط السكر ومنها الأنسولين.

أما التهاب البنكرياس فهو حالة التهابية يصاب بها، ولا يحدث بنفس آلية بقية الالتهابات (فمن النادر أن يكون بسبب جراثيم أو فيروسات)، وبالتالي فالآلية هنا كيميائية.

هذه الآلية هي ما يؤدي لهضم البنكرياس لنفسه، وذلك بسبب تفعيل العصارات الهضمية ضمنه، والتي تفكك وتهضم البنكرياس والنسج المحيطة به.

أنواع الالتهاب

يقسم التهاب البنكرياس تِبعاً لمدة الأعراض والعلامات إلى:

١- التهاب بنكرياس حاد

هو مرض بطني مؤلم حاد يبدأ بشكل مفاجئ (يبدأ وينتهي خلال فترة قصيرة)، ويتراوح سيره من خفيف ومحدد لذاته إلى شديد.

ولكن في غضون ذلك قد يحدث تطور سريع لتصبح حالة خطيرة ومهددة للحياة.

٢- التهاب البنكرياس المزمن

وهو امتداد لالتهاب البنكرياس الحاد، ويحدث فيه تخرب بالنسيج البنكرياسي، ونتيجة لذلك يحدث قصور في الإفراز الخارجي والداخلي للبنكرياس.

بالإضافة إلى ذلك قد يكون شاملاً لكامل العضو أو متوضعاً في منطقة معينة منه.

أعراض التهاب البنكرياس

يشترك شكلا الالتهاب الحاد والمزمن بألم البطن وبشكل انتشاره، كما إن لكلٍ منهما أعراض معينة، وهي كالتالي:

أولاً: التهابْ البنكرياس الحاد

١- الألم البطني: ويشكل العارض الرئيسي للالتهاب، ويكون بالشكل التالي:

  • غالباً ما يكون مفاجئاً، كما أنه من الممكن أن يكون تدريجياً
  • يبدأ عادةً من أعلى البطن وينتشر بشكل محيطي (زناري) نحو الظهر
  • يكون حارق
  • يبدأ بعد وجبة دسمة أو بعد شرب الكحول

٢- غثيان وإقياء

٣- حمى (ارتفاع درجة حرارة الجسم)

٤- تسارع دقات القلب نتيجة الحمى أو الجفاف نتيجة الإقياء

٥- أعراض إضافية:

في الحالات المتقدمة من الالتهاب قد تظهر أعراض وعلامات إضافية، وتشمل:

١- الصدمة: من الممكن أن يصل المريض لحالة الصدمة، والتي تظهر أعراضها بالشكل التالي:

  • تسارع دقات القلب
  • انخفاض ضغط الدم
  • الشحوب
  • هياج (استثارية)
  • تعرُّق

٢- علامة غري تورنر (Grey Turner): وهي عبارة عن ازرقاق في الخاصرتين

٣- علامة كولين (cullen): وهي عبارة عن كدمة (ازرقاق) بالجلد حول السرة.

 ثانياً: التهابْ البنكرياس المزمن

١- الألم البطني: ويكون الألم بنفس الأسلوب الذي يظهر بالالتهاب الحاد، وغالباً ما يكون بعد وجبات الطعام.

٢- أعراض السكري: نتيجة لنقص إفراز الأنسولين.

٣- الإسهال وسوء التغذية: نتيجة لنقص العصارات الهاضمة.

٤- اليرقان: قد يحدث نتيجة تليف القسم الأخير من القماة الصفراوية الجامعة.

٥- نقص الوزن والشهية

أسباب التهاب البنكرياس

للحالة الالتهابية للبنكرياس أسباب متعددة، ومنها:

١- حصوات المرارة (التهاب البنكرياس الصفراوي)

يعد هذا السبب الأكثر شيوعاً لحالة التهاب البنكرياس، حيث قد تنتقل الحصوات من المرارة لتسد القناة المشتركة بين البنكرياس والمرارة، وبالتالي تبقى مفرزات البنكرياس ضمنه مما يؤدي إلى تفعيل الالتهاب.

٢- الكحول

إن الكحول لا يخرِّب الخلايا البنكرياسية بنفسه، وإنما يجعلها أكثر حساسية للعوامل المسببة لذلك، مثل: الشحوم وغيرها.

٣- الرضوض

في حالات نادرة قد يؤدي الرض على البطن لتفعيل التهاب البنكرياس.

ومن الممكن أيضاً بعد فحص التصوير الراجع للطرق الصفراوية (ERCP) أن يحدث الالتهاب، وخلال التصوير يُدخل الطبيب أنبوب رفيع لداخل تلك الطرق، وهذا قد يؤدي لرض البنكرياسْ من الداخل.

٤- أسباب استقلابية

مثل فرط كلس الدم نتيجةً لفرط نشاط جارات الدرق مثلاً، أو ارتفاع الشحوم الثلاثية في الدم.

٥- أسباب أخرى

  • خلقية: كأن يخلق البنكرياس مشوّهاً تشريحياً
  • التليُّف الكيسي
  • بعض الأدوية
  • بعض الأخماج (الجرثومية والفيروسية والطفيلية)
  • مناعية ذاتية: قد يكون مرافق لأمراض مناعية أخرى
  • وراثية
  • في حالات نادرة قد يكون الالتهاب مجهول السبب

التشخيص

كون العارض الأساسي يتمثل بمشاكل وآلام في منطقة البطن، وهو عارض يترافق مع العديد من الأمراض ولذلك وبعبارة أخرى فهو غير محدد أو موجه لحالة الاتهاب في البنكرياس.

لذلك يحتاج الطبيب لمجموعة من الإجراءات للوصول إلى التشخيص المناسب، ويكون ذلك بالشكل التالي:

١- القصة السريرية: يبحث الطبيب من خلال القصة التي يرويها المريض عن وجود ما قد يسبب التهاب البنكرياس كشرب الكحول أو وجود مشاكل في المرارة.

٢- الفحص السريري: يفحص الطبيب الجسم عموماً والبطن خصوصاً لنفي الأمراض المُشتبهة الأخرى، مثل التهاب الزائدة الدودية.

٣- التحاليل المخبرية: وهي مهمة جداً، لتشخيص الالتهاب، وتشمل:

  • أنزيمات البنكرياس: الأميلاز والليبارز، وهما فحصان مهمان جداً لكشف الالتهاب
  • تعداد دم كامل (CBC): لكشف الحدثية الالتهابية في الجسم في حال وجودها
  • تحليل سكر الدم والدهون الثلاثية
  • تحليل وظائف الكبد
  • فحص البراز: لكشف الإسهال الدهني

٤- الفحوص الشعاعية: وتضم سلسلة من الفحوص وهي:

  • الأمواج فوق الصوتية (الإيكو) وهي مفيدة جداً، كما أنها سهلة الإجراء، لذلك يمكن من خلالها كشف وجود الحصوات والمرارة
  • الطبقي المحوري (CT) ويعد الفحص الأفضل
  • صورة البطن البسيطة وذلك للبحث عن علامات التهاب البنكرياس الحاد، وبالتالي نفي الأمراض الأخرى في البطن
  • الأمواج فوق الصوتية التنظيرية (EUS) حيث يصور البنكرياس من خلال إدخال أنبوب عبر المري
  • تصوير البنكرياس والأقنية الصفراوية بالرنين المغناطيسي (MRCP) وتكون مفيدة بشكل أكثر بالشكل المزمن

علاج التهاب البنكرياس

يعتمد العلاج على شدة الحالة، حيث أن علاج الالتهاب الحاد ليس كالمزمن.

حالة التهاب البنكرياس الحاد

يأتي المريض كحالة إسعافية تتطلب تدبير الحالة العامة بشكل أولي، وبعد ذلك يتم معالجة التهاب البنكرياس بشكل خاص.

أولاً: الحالة العامة
  • الإماهة: تعويض السوائل بالوريد
  • تسكين الألم: عبر المسكنات الوريدية
  • إجراء حمية مطلقة
ثانياً: علاج الالتهاب

من الممكن لحالات الالتهاب الخفيفة أن تُشفى بتدبير الحالة العامة للمريض، أمّا الحالات الأشد فقد تستلزم:

  • تصوير الطرق الصفراوية والبنكرياسية الراجع التنظيري (ERCP): يتم استخدام المعالجة التنظيريّة عند وجود حصيات القناة الجامعة، حيث يستخرج الطبيب الحصوة المُسببة بالتنظير.
  • الجراحة: في حال فشل الخيار السابق من الممكن أن يلجأ الطبيب للجراحة من أجل استئصال المرارة وحصواتها والتعامل مع أي اختلاط حاصل.

حالة التهاب البنكرياس المزمن

في هذه الحالة يكون العلاج على مرحلتين.

أولاً: العلاج العرضي
  • أنسولين: لعلاج السكري
  • أنزيمات هاضمة: لتخفيف الاسهال و تحسين التغذية
  • تخفيف استهلاك الكحول والتدخين
  • محاولة تقسيم الوجبات
  • تخفيف كميات الدسم في الطعام
ثانياً: العلاج الجراحي

يتضمن ازالة القسم التالف من البنكرياس، بالإضافة لعملية خاصة من الممكن عبرها زرع جزر خلايا لانغرهانس.