التهاب الجيوب الأنفية

الكاتب - أخر تحديث 23 مايو 2023

من منّا لم يعاني يوماً من أعراض الصداع الشديد والانسداد الأنفي وخاصة في مواسم الخريف والشتاء؟ من منّا لم يسمع ولو لمرة واحدة على الأقل عبارة "أنت مصاب بالتهاب الجيوب الأنفية" عندما عانى من تلك الأعراض؟ فما هو التهاب الجيوب الأنفية؟ وما هي حقيقة المعلومات المنتشرة حوله؟ سنتعرف على ذلك كله في هذا المقال.

لمحة عن الجيوب الأنفية

يمكن أن نشبه الجيوب الأنفية بالأكياس الهوائية، أو بتلك الكهوف الصغيرة التي تتوضع ضمن منطقة جبلية ما، المنطقة الجبلية هنا هي عظام الجمجمة وتقع هذه الكهوف ضمنها. يوجد 4 أنواع من الجيوب الأنفية تسمى حسب مكان توضعها في عظام الجمجمة: 

  • الفكي العلوي Maxillary Sinus
  • الجيب الجبهي Frontal Sinus
  • الجيب الوتدي Sphenoidal
  • الغربالي Ethmoidal Sinus
الجيوب الأنفية
مكان تموضع الجيوب الأنفية (شكل أمامي)

استمدت الجيوب أسماءها من عظام جمجمة الرأس التي تتوضع ضمنها، ويوضح الشكل السابق مواقع أزواج الجيوب الأنفية الأربعة على السطح الخارجي للوجه.

يتوضع الجيبان الجبهيان في أعلى الرأس ضمن عظم يسمى (عظم الجبهة Frontal bone) أما الجيبان الفكيان العلويان فيتوضعان في منتصف الوجه حول الأنف ويملآن كامل جوف عظم الفك العلوي Maxillary bone.

ويعتبر الجيبان الفكيان العلويان هما الأكبر، في حين يتشكل الجيبان الغرباليان من مجموعة من خلايا تؤلف ما يشبه الأكياس الهوائية التي تتوضع ضمن التجويف الأنفي Nasal cavity.

وأخيراً الجيبان الوتديان اللذان يتوضعان على جانبي الوجه ضمن عظام جمجمة الرأس وبالتحديد ضمن عظم يدعى بالعظم الوتدي للجمجمة Spheroid bone أو العظم الجناحي نظراً لشكله الذي يشبه جناحي الطائر.

يستفيد الطبيب الفاحص من معرفته بهذه المواقع أثناء الفحص، كما يلاحظ المريض تركز الأعراض الالتهابية، كالألم، فوق مناطق هذه الجيوب. 

الجيوب الأنفية
مكان تموضع الجيوب الأنفية (شكل جانبي)

وظيفة الجيوب الأنفية وأهميتها

لها وظائف متعددة شمية وصوتية تتمثل في: 

  • ترطيب وتسخين الهواء الداخل.
  • تعديل ورفع النبرة الصوتية.
  • خفة وزن الجمجمة.
  • زيادة المساحة الشمية.
  • بالإضافة لدورها كحاجز يقوم بتصفية ومنع دخول المواد الغريبة للأنسجة الداخلية في الجمجمة.

مرض التهاب الجيوب الأنفية

يحدث التهاب الجيوب الأنفية بسبب أذية أو مرض الخلايا المكونة لأرضية هذه الجيوب، سواء كانت هذه الأذية مسببة بعامل خارجي (جراثيم، فيروسات، فطور، ... إلخ) أو كانت هذه الأذية تالية لمرض آخر أنفي أو خارج أنفي.

يعتبر هذا المرض شائعاً عند الأشخاص الأصحاء عموماً، ونادراً ما يشكل هذا الالتهاب أو يخفي وراءه مرضاً هاماً يجب متابعته، بل على العكس تماماً، يصاب العديد من الأشخاص بهذا الاتهاب ويأخذون العلاج المناسب ويشفون تماماً.

أعراض الإصابة

يتميز شكل الإصابة بكونها حادة (أي حديثة بدأت منذ ساعات أو أيام قليلة)، أو مزمنة (أي قديمة منذ عدة أسابيع)

أحد العادات الشائعة بين عموم السكان بشكل خاطئ هي اعتبار كل صداع مترافق مع الشعور بالانسداد الأنفي شكلاً من التهاب الجيوب الأنفية يستوجب العلاج بالمضادات الحيوية.

ولكن في الحقيقة لا يمكن التفكير بالتهاب الجيوب الأنفية إن لم تستمر الأعراض لمدة أسبوع على الأقل.

تعتبر الإصابة (حادة) إذا كان بدء توقيت الأعراض أكثر من 7 أيام وأقل من شهر، حيث يشفى التهاب الجيوب الحاد خلال شهر كحد أقصى، أما استمرار الأعراض وخاصة لمدة تتجاوز الشهرين فهذا يعني تحول الإصابة إلى شكل التهاب الجيوب المزمن.

الأعراض الواضحة

١- شكل الأعراض الذي يوحي للطبيب بالتهاب الجيوب الأنفية:

لعارضي الصداع والانسداد الأنفي صفات خاصة لتكون من أشكال الأعراض الموحية لالتهاب الجيوب الأنفية للطبيب، حيث يؤخذ ما يلي بعين الاعتبار:

  • الصداع هنا هو ألم وجهي يصفه المريض بحس امتلاء الهواء في رأسه، أو شعور الثقل في رأسه. تعد هذه الصفات هي الأهم في الصداع المرافق لالتهاب الجيوب، ويزداد هذا الألم بالضغط على مناطق الجيوب الأنفية.
  • يضاف إلى هذا الصداع الإحساس الشديد والمزعج بانسداد مجرى الأنف وإعاقة مرور الهواء، الأمر الذي يعيق عملية التنفس الطبيعية.
  • في معظم الحالات يعاني المريض من سيلان أنفي مرافق لمفرزات قيحية أو عديمة اللون. وهي أيضاً من المميزات الهامة لالتهاب الجيوب الأنفية، وهي مختلفة عن المفرزات الأنفية المائية المشاهدة في حالات التهاب الأنف التحسسي والزكام.
  • تبدأ الأعراض عادة بشكل مفاجئ وتستمر لمدة تتجاوز ٧-١٠ أيام، وعادة ما تستمر المفرزات الأنفية لمدة لا تقل عن ٣-٤ أيام.
    وقد تترافق الحالة بارتفاع في درجة الحرارة.
  • بسبب كثافة المفرزات الأنفية تعود هذه المفرزات للخلف متجهة نحو البلعوم مسببة الألم في البلعوم والسعال المزعجين للعديد من المرضى خاصة بعد الاستلقاء.

٢- من المهم جداً تمييز هذه الحالة عن التهاب الأنف التحسسي الذي لا تستمر فيه الأعراض لأكثر من ٧-١٠ أيام، ولا تشاهد فيه المفرزات القيحية أو عديمة اللون الموصوفة أعلاه، ولا يتطلب علاجاً إلا تناول مضادات التحسس والابتعاد عن العوامل التحسسية.

أسباب الالتهاب

قد يحدث التهاب الجيوب الأنفية بعد الالتهابات الأنفية والتهابات الطرق التنفسية العلوية عموماً (أي التهابات البلعوم والحنجرة).

كذلك يحدث مرافقاً لحالات التحسس الأنفي، ويمكن القول أن حوالي ٥% من التهابات الأنف والطرق التنفسية العلوية يحدث معها التهاباً في الجيوب الأنفية.

حيث تشكل حالات الالتهاب وحالات فرط الحساسية زيادة في كمية المفرزات الأنفية تشكل عائقاً أمام تصريف الجيوب الأنفية مما يؤدي لحدوث الالتهاب فيها.

يوجد العديد من المشاكل الأنفية الشكلية التي قد تسبب الالتهاب المتكرر، ومنها:

  • انحراف الوترة (الحاجز الأنفي).
  • ضخامة القرينات الأنفية.
  • وجود جسم أجنبي في الأنف (خاصة عند الأطفال الذين قد تعلق في أنفهم قطع الألعاب الصغيرة).
  • البوليبات الأنفية (وهي تشكلات نسيجية تنمو في الأنف زائدة على النسيج الأنفي الطبيعي).
  • تشوهات خلقية مثل تشوه الشفة المشقوقة.

إن المفرزات الموجودة ضمن الجيوب مائية لزجة وقد تحتوي العديد من المواد المحتجزة ضمنها (جراثيم، فيروسات، خلايا ميتة، ... إلخ) لمنع وصولها للأنسجة الوجهية، لذلك يؤدي تراكمها وعدم تصريفها إلى أذية الخلايا وإصابتها بالالتهاب.

إضافة لما سبق يوجد أمراض خارج أنفية قد تسبب الالتهاب مثل الالتهابات السنية (عن طريق أسنان الفك العلوي) والرضوض الوجهية المفتوحة.

وتجدر الإشارة إلى أن أشيع أسباب التهاب هي الأسباب الفيروسية وهي سليمة عادة.

تشخيص الإصابة

عادة يكتفي الطبيب بالأعراض السريرية والفحص السريري، وقد يحتاج لإجراء التصوير الشعاعي أو لتنظير الأنف في حالات الالتهاب المتكرر بحثاً عن تشوه في الأنف كانحراف الوترة، أو تشكل نسيجي إضافي، أو كتلة ضمن التجويف الأنفي أو الجيوب.

العلاجات المتبعة

يعتمد العلاج على شدة الحالة، حيث لا تتطلب الحالات الخفيفة وحتى المتوسطة أكثر من الراحة مع العلاجات العرضية:

  • مسكنات الصداع مثل مستحضرات الباراسيتامول.
  • مضادات الاحتقان الجهازية أو الموضعية في الأنف: وتوجد بشكل حبوب جهازية، أو قطرات أنفية، أو بخاخات.
    ويجب الإشارة إلى ضرورة عدم استعمال القطرات أو البخاخات الأنفية لمدة تتجاوز ٥ أيام، مع الالتزام بتعليمات الطبيب.
  • لا حاجة لاستعمال المضادات الحيوية هنا خاصة إذا كان السبب الذي يعتقده الطبيب هو الالتهاب الفيروسي (الأشيع كما أشرنا سابقاً).
  • يمكن البدء باستخدام المضادات الحيوية في الحالات الشديدة التي تستمر الأعراض فيها لأكثر من ٣ أيام، والمترافقة مع التهابات تنفسية أخرى.
  • استعمال الأدوية الحاوية على الكورتيزون قد يكون هاماً في بعض حالات التهاب الجيوب الأنفية الشديدة.
    ولا مبرر لخوف المريض من استعمال هذه الأدوية ضمن إرشادات الطبيب، خاصة أن المدة الزمنية للعلاج في هذه الحالات قصير نسبياً وبجرعات قليلة.
  • قد يلجأ الطبيب لبعض المداخلات الجراحية لنزع بوليب أنفي، أو استئصال كتلة أنفية أو ضمن الجيوب، أو لتصحيح الوترة الأنفية، وذلك في حالات التهاب الجيوب المزمن أو المتكرر.

مضاعفات الالتهاب

رغم أنها نادرة، إلا أنها موجودة خاصة في حالات الإزمان وعدم التزام المريض بالعلاج الموصف له من الطبيب، وتشمل هذه الاختلاطات:

  • حدوث الأذيات في الأنسجة المجاورة في منطقة الأنف والعين والوجنة وحتى الأعصاب الدماغية الموجودة في هذه المناطق.
  • حدوث الخراجات في منطقة الوجه.
  • إمكانية حدوث التهاب سحايا في بعض الحالات.

لا يعتبر التهاب الجيوب الأنفية بحد ذاته من الأمراض الخطيرة رغم شدة أعراضه والإزعاج الذي تسببه في معظم الحالات للمريض.رغم ذلك يجب دوماً أخذ المشورة الطبية لتأكيد التشخيص والحصول على العلاج المناسب. وبالتأكيد لا تفيد المشورات الاجتماعية العامة فما يعتبر خياراً جيداً لمريض ما قد لا يناسب مريضاً آخراً.