التهاب الحبال الصوتية: الأسباب والعلاج

الكاتب - أخر تحديث 30 سبتمبر 2022

التهاب الحبال الصوتية حالة مرضية معروفة ونسمع عنها بكثرة في أوساط معينة مثلاً بين الفنانين، فما هي الأسباب التي تؤدي لإصابة الحبال الصوتية بالالتهاب، وكيف يتم علاجها؟

ما هي حالة التهاب الحبال الصوتية؟

في البداية يجب فهم آلية عمل جهاز الصوت لدى الإنسان، حيث يتوضع الحبلان الصوتيان ضمن الحنجرة في العنق ويشكلان مع غضاريف الحنجرة جهاز التصويت أو صندوق الصوت عند الانسان، حيث يتم اصدار الأصوات من خلال اهتزاز الحبال الصوتية وتفاعلها مع الهواء الداخل والخارج عبر الحنجرة.

تعرف حالة التهاب الحبال الصوتية "Chorditis" بأنها حالة يصاب فيها الحبلان الصوتيان بالتهيج والتورم ويتعرضان خلالها لتغيرات في الشكل بسبب تعرضها لاضطراب معين أو عامل ممرض.

وهذا التغير والتبدل الذي يصيب الحبال الصوتية والناجم عن الالتهاب يؤدي لخلل في وظيفة وعمل هذه الحبال.

يعمل الحبلان الصوتيان اللذان هما عبارة عن بروزين أو طيتين عضليتين ضمن الحنجرة على اصدار الأصوات من خلال اهتزازهما بتواتر وايقاع معين وتفاعلهما مع الهواء المار عبر الحنجرة والطريق الهوائي.

وتختلف الحبال الصوتية من شخص لآخر من حيث البنية، الطول، السماكة، ومعدل الاهتزاز وهذا يعطي لكل شخص صوته المميز في الحالة الطبيعية.

ولكن عند حدوث تبدل طارئ ومفاجئ على بنية وشكل أحد الحبلين الصوتيين أو كلاهما عند شخص ما، سيسبب هذا الأمر اضطراب وتغير في العمل والتواتر الطبيعي للحبل الصوتي عند هذا الشخص.

وسيظهر تبدل في نبرة صوت الشخص تتدرج من تغير طفيف إلى بحة صوت خفيفة حتى تصل لاختفاء الصوت تماماً في بعض الحالات.

التهاب الحبال الصوتية
مقطع يوضح شكل الحبال الصوتية الطبيعية وفي حالة الالتهاب

أعراض التهاب الحبال الصوتية

يسبب التهاب الحبال الصوتية طيف واسع من الأعراض التي تختلف شدتها من شخص لآخر، وتتضمن ما يلي:

  • بحة الصوت: وهو العارض الأكثر حدوثاً، حيث يطرأ تغير على الصوت الطبيعي للشخص المصاب وذلك بسبب الالتهاب والوذمة الحاصلة. كما يؤثر الالتهاب على حركة الحبل الصوتي الطبيعية واهتزازه وبالتالي يحدث تغير في شدة ونبرة وحدة الصوت.
  • صعوبة التكلم والتحدث بسبب الالتهاب الشديد
  • ألم في الحنجرة
  • الإحساس بجسم غريب في الحنجرة والبلعوم
  • السعال المتكرر
  • الحمى وارتفاع درجة حرارة الجسم بشكل خفيف

تبدأ عادة هذه الأعراض بشكل مفاجئ ويمكن أن تشتد ليومين أو ثلاثة قبل أن تبدأ بالتراجع وتشفى عادة خلال أسبوع.

لكن في بعض الحالات التي تستمر فيها الأعراض لأكثر من ثلاثة أسابيع فيعتبر أن الالتهاب قد دخل المرحلة المزمنة أو أن الحالة بحاجة لاختبارات أكثر لكشف العوامل المسببة لهذه التغيرات.

أسباب الإصابة بالتهاب الحبال الصوتية

تصاب الحبال الصوتية بنمطين من الالتهاب هما الالتهاب الحاد (Acute) والالتهاب المزمن (Chronic).

١- الالتهاب الحاد

ينجم الالتهاب الحاد عن تعرض الحبال الصوتية لاضطراب مفاجئ ولفترة قصيرة من الزمن مثل الرض على الحبال الصوتية أو التعرض لعامل ممرض.

كما تشمل أبرز الأسباب لإصابة بالنمط الحاد ما يلي:

  • الإصابة بعدوى فيروسية
  • الإصابة بعدوى جرثومية
  • الاجهاد الصوتي العنيف والمفاجئ كالصراخ الشديد والتحدث بصوت عال
  • الرض المباشر على الحبال الصوتية بسبب عملية التنبيب (Intubation)

٢- الالتهاب المزمن

أما الالتهاب المزمن فينجم عن تعرض الحبال الصوتية للاضطراب والتخريش على المدى الطويل كالتعرض للمواد الكيميائية أو الرض المستمر على الحبال الصوتية.

كما أن أشهر العوامل التي تترافق بحصول التهاب مزمن ما يلي:

  • التعرض المستمر للمواد المخرشة والمسببة للحساسية كالمنظفات ذات الرائحة الواخزة والقوية.
  • الارتجاع الحمضي المعدي المريئي (GERD) غير المعالج، حيث تصعد عصارة المعدة الحامضية عبر المري وتصل للحنجرة وتخرش الحبال الصوتية وتصيبها بالالتهاب مع التعرض المستمر.
  • التدخين الشديد والمستمر لأن دخان التبغ يعتبر من العوامل المهيجة للحبال الصوتية والتي تؤهب اصابتها بالالتهاب.
  • الاستعمال المتكرر والمفرط للصوت على المدى الطويل كما هو الحال في بعض المهن كالفنانين والأساتذة.
  • أحياناً قد تكون الإصابة هي عارض لسرطان الحنجرة والحبال الصوتية.

ووفقاً لدراسة عن مدى انتشار التهاب الحبال الصوتية في المملكة المتحدة، فوجد أن معدل الإصابة النمط الحاد بلغ 6 حالات في كل مئة ألف نسمة، وأن الأطفال والنساء هم الأكثر عرضة للإصابة. (1)

طرق تشخيص الإصابة

يحتاج تشخيص الحالة إلى مجموعة من الإجراءات التي تتضمن:

  • أخذ القصة المرضية: يقوم الطبيب بالسؤال عن الحالة ومتى بدأت، وما هي الاعراض المرافقة كوجود التهاب بلعوم مثلاً وغيرها من الأسئلة التي تساعد بالتشخيص.
  • اجراء فحص سريري: يتضمن الفحص السريري فحص لمنطقة الفم والأنف والبلعوم، وذلك بحثاً عن علامات تورم أو احمرار أو غيرها من العلامات التي تشير لوجود التهاب في الحبال الصوتية. كما ويحاول الطبيب رؤية الحنجرة والحبال الصوتية إن أمكن.
  • اجراء تنظير للحنجرة: من خلال ادخال منظار مزود بكاميرا قطره صغير عبر الفم أو الأنف. والهدف منه رؤية الحبال الصوتية ليتم معاينة شكلها ولونها والتأكد من وجود التهاب.

العلاج

هنالك عدة خيارات لعلاج التهاب الحبال الصوتية والتي يكون الهدف منها علاج الالتهاب وتخفيف تورم الحبال الصوتية وتحسين الأعراض المرافقة.

كما وتختلف طرق العلاج بناءً على الحالة وشدتها، وتتضمن:

١- توصيات وتعليمات لإراحة الصوت

يمكن اتباع مجموعة من التعليمات في المنزل لإراحة الحبال الصوتية والحنجرة والتي قد تفيد في تخفيف الأعراض، خاصةً في الحالات الخفيفة من الالتهاب.

وتتضمن أبرز النصائح ما يلي:

  • الامتناع عن التحدث لفترات طويلة وعدم الصراخ والتكلم بصوت مرتفع
  • شرب السوائل بكثرة وخصوصاً الدافئة منها
  • الابتعاد عن المواد المهيجة والمخرشة كالتدخين وشرب الكحول والمشروبات الباردة
  • استعمال المسكنات البسيطة التي لا تحتاج لوصفة طبية مثل الباراسيتامول "Paracetamol".

٢- الأدوية

يصف الطبيب بعض الأدوية في الحالات الأشد من التهاب الحبال الصوتية وخصوصاً تلك التي تكون ناجمة عن وجود انتان جرثومي في المنطقة أو التي تترافق مع وجود تورم أو وذمة في الحبال الصوتية. ومن الأدوية التي ينصح بها:

  • الصادات الحيوية لعلاج الانتان الجرثومي
  • الأدوية الحاوية على الستيروئيدات القشرية "Corticosteroid" لتخفيف الوذمة في الحبلين الصوتيين

٣- الجراحة

يمكن اللجوء للجراحة في الحالات الشديدة والمزمنة والتي تؤدي إلى ضرر دائم على مستوى الحبال الصوتية وتسبب إعاقة دائمة في عملها وفي القدرة على اصدار الأصوات.

حيث يمكن على سبيل المثال في الحالات التي يصبح فيها الحبل الصوتي متسمك بشدة ومتندب بسبب الالتهاب المزمن اجراء تقشير جراحي للحبل الصوتي للتخفيف من السماكة واستعادة الصوت نسبياً، وغيرها من الخيارات الجراحية التي تقرر من قبل الطبيب حسب كل حالة.

على الرغم أن الغالبية العظمى من حالات الإصابة تشفى وتتراجع بشكل شبه كامل من خلال اتباع توصيات الراحة وبعض الأدوية المسكنة.