التهاب الحلق: الأسباب والعلاج

المراجعة الطبية - M.D
الكاتب - أخر تحديث 30 سبتمبر 2022

تعتبر حالة التهاب الحلق أو البلعوم حالة مرضية شائعة تصيب الأشخاص بكافة الأعمار.

وهذه الحالة قد تحدث بشكل مرض معزول أو تكون عبارة عن عرض مرافق أو ناجم عن مرض وحالة صحية أخرى في غالب الحالات.

فما هي أسباب حالة التهاب الحلق وكيف يمكن علاجها؟

ماهي حالة التهاب الحلق؟

تعرّف حالة التهاب الحلق "Sore throat" أو التهاب البلعوم "Pharyngitis" أنها شعور بالألم أو التخريش أو عدم الارتياح أو التورم في منطقة الحلق والبلعوم وهي المنطقة والطريق الممتد بين الفم والأنف إلى المري والرغامى.

ويشكل الحلق ممر وطريق يربط بين الوسط الخارجي والطريق التنفسي والهضمي، حيث يمر عبره الهواء من الأنف باتجاه الحنجرة والرئتين ويمر عبره الطعام من الفم باتجاه المري والجهاز الهضمي.

وإضافة لذلك فهو يحوي عدة أعضاء ومكونات تشريحية هامة كاللوزتين "Tonsils" اللتان هما عبارة عن عقدتين لمفيتين مهمتهما الدفاع عن الجسم ضد العوامل الممرضة كالجراثيم والفيروسات، وتتوضعان في الحلق على جانبي قاعدة اللسان واحدة في كل جهة.

وبالتالي يشكل موقع ووظيفة الحلق واحتكاكه الدائم مع الوسط الخارجي إضافةً للعناصر والأعضاء القريبة منه عوامل تجعله عرضةً للإصابة بالالتهاب المتكرر والعدوى أكثر من غيره.

أعراض الإصابة

هناك عدد كبير من الأعراض التي يمكن أن ترافق الإصابة، وتختلف من مريض لأخر وذلك بحسب العامل المسبب للالتهاب.

وتشمل أشهر الأعراض ما يلي:

  • الشعور بوجود وذمة وتورم ضمن الحلق
  • ألم عند البلع وتناول الطعام
  • حمى وارتفاع درجة الحرارة
  • تورم اللوزتين وتحول لونهما للأحمر
  • ظهور بقع بيضاء على نسيج اللوزتين والحلق
  • ظهور بقع حمراء في سقف الفم والحلق
  • حدوث تورم وتضخم في العقد اللمفية في منطقة العنق

أسباب حدوث التهاب الحلق

تحدث الإصابة لأسباب عديدة ومتنوعة بعضها ناجم عن حدوث عدوى مباشرة في الحلق كالإصابة ببعض أنواع الجراثيم والفيروسات.

والبعض الأخر يكون ناجم عن إصابة أو اضطراب لأحد المكونات المجاورة للحلق والتي تسبب حدوث التهاب فيه كنوع من رد الفعل والارتكاس لهذه الإصابة أو المرض.

وتشمل أشهر الأسباب التي تؤدي لالتهاب الحلق ما يلي:

١- الفيروسات والعدوى الفيروسية

تعد الفيروسات المسبب الرئيسي لحالات التهاب الحلق، حيث تدخل العديد من الفيروسات عن طريق الفم أو الأنف وتصيب أنسجة وخلايا الحلق والبلعوم وتتكاثر ضمنها، وبالتالي تسبب حدوث الألم والالتهاب والوذمة في الحلق إضافة للأعراض الأخرى المرافقة كالصداع واحتقان الأنف والسعال وغيرها.

وأكثر الفيروسات المسببة لالتهاب الحلق شيوعاً هي الفيروسات المسببة للزكام الشائع "Common colds" فيروس "انفلونزا"، وحالياً أصبح الفيروس التاجي المسبب لـ "Covid-19" من العوامل المسببة للإصابة بالتهاب الحلق.

٢- العدوى الجرثومية

تسبب الجراثيم في حال وصولها للحلق وتوفر العوامل المؤهبة لنموها وتكاثرها حدوث التهاب الحلق الجرثومي، وتصيب الجراثيم خلايا ونسيج الحلق أو أحد مكوناته وتتكاثر فيها وتسبب الأعراض المرافقة لالتهاب الحلق الجرثومي.

وتعد الجراثيم المكورة العقدية "Streptococcus" أكثر أنواع الجراثيم المسببة والمتهمة بإحداث التهاب الحلق الجرثومي شيوعاً وتسبب أعراض تشمل بشكل عام:

  • التهاب في الحلق يتطور فجأةً
  • ألم عند البلع
  • بقع بيضاء على اللوزتين ونسيح البلعوم
  • حرارة

٣- الحساسية "Allergies"

يعاني بعض الأشخاص من الحساسية تجاه بعض المواد والروائح الطبيعية الموجودة في البيئة المحيطة مثل غبار الطلع الناجم عن تفتح الأزهار في فصل الربيع أو بعض أنواع الفواكه وغيرها، ويؤدي تعرضهم لهذه المواد إلى حصول رد فعل تحسسي من الجسم تجاه هذه المواد.

ويأخذ التحسس ورد الفعل التحسسي عدة أشكال ودرجات، وأحد هذه الأشكال هي:

  • حدوث التهاب حلق
  • وذمة في البلعوم
  • إضافة للعطاس واحتقان الأنف كرد فعل على التعرض لهذه العوامل المحسسة

ولذلك تعتبر الحساسية عامل مسبب لاتهاب الحلق.

٤- التعرض للمواد المهيجة والمخرشة للحلق

يسبب الاستنشاق المتكرر للمواد الكيميائية والتي تملك رائحة واخزة وقوية حدوث تهيج وتخرش في الحلق والبلعوم، وهذا الأمر يسبب حدوث التهاب الحلق وحدوث الوذمة في النسيج ضمن البلعوم.

ولهذا نجد حالات متكررة ومزمنة عند الأشخاص الذين يكونون على تعرض دائم للمواد الكيمائية كالمنظفات، ورائحة الطلاء وغيرها.

٥- القلس المعدي المريئي "GERD"

حالة "القلس المعدي المريئي" أو "الارتجاع الحمضي المعدي المرئي" هي حالة مرضية شائعة يحدث فيها ارتداد وصعود لمفرزات المعدة وهرموناتها الحامضية باتجاه المري والحلق.

ونتيجة لذلك تسبب شعور بالحرقة والألم في منطقة رأس المعدة والمري إضافة لطعم حامض وسيئ في الفم.

بالتالي يسبب التعرض المتكرر للحلق لمفرزات المعدة وعدم علاج حالة "الارتجاع"، حدوث تخرش وتهيج على نسيج وخلايا الحلق، وتكون النتيجة حدوث التهاب الحلق كرد فعل على هذا التخريش من مفرزات المعدة الحامضية.

تحوي هذه المفرزات على إنزيمات هضمية لهضم الطعام والتي تؤذي النسيج في الحلق عند التماس معه.

٦- التهاب الحنجرة "Laryngitis"

يحدث التهاب الحنجرة لأسباب عديدة فيروسية أو جرثومية وحتى رضية، وعند حدوث الالتهاب في الحنجرة قد يمتد ليشمل الحلق أو يحدث وذمة والتهاب في الحلق كرد فعل على الالتهاب الحاصل في الحنجرة.

٧- التهاب اللوزتين (Tonsillitis)

تصاب اللوزتين بالالتهاب أو العدوى بشكل متكرر نظراً لموقعهما ولأنهما يشكلان الخط الأول للدفاع عن الجسم ضد العوامل الممرضة التي تأتي عن طريق الفم والأنف.

بالتالي تكون اللوزتان أول من يستقبل الجراثيم والفيروسات ويتعامل معها، وهذا يجعلهما تصابان بالالتهاب المتكرر.

ويترافق حدوث التهاب اللوزتين في عدة حالات مع حدوث التهاب ضمن الحلق نظراً للتجاور والتلاصق بينهما فتنتشر العدوى للحلق.

ووفقاً لإحصائية عن مسببات حدوث الإصابة في الولايات المتحدة كانت الفيروسات هي المسبب الأول لحدوث التهاب الحلق عند البالغين والأطفال تحت 5 سنوات بنسبة وصلت 85 - 95%.

أما بالنسبة للأطفال بين عمر 5 - 15 سنة كانت الفيروسات المسبب الأكثر شيوعاً بحوالي 70% ومن ثم أتت العدوى الجرثومية 30% من أسباب حدوث الإصابة.

طرق تشخيص الإصابة

يعتبر تشخيص الإصابة أمراً سهلاً نسبياً وغير معقّد من خلال فقط بعض الإجراءات التي تشمل ما يلي:

١- أخذ القصة المرضية

تشمل الاستفسار أو السؤال عن طبيعة الأعراض ومتى بدأت وشدتها ومرافقات الحالة ووجود أمراض سابقة.

وغالباً ما توجه القصة المرضية لوجود التهاب في الحلق نظراً لأن الأعراض شائعة ومشتركة خاصةً في حالات العدوى الفيروسية.

٢- إجراء فحص سريري للحلق والبلعوم

يفحص الطبيب العنق من الخارج للبحث عن تورم في العقد اللمفية، ثم يفحص الفم وداخل الحلق من خلال فتح الفم واستعمال مصباح مخصص.

حيث يستطيع مشاهدة الحلق واللوزتين ويلاحظ وجود التورم والاحمرار، أو وجود البقع البيضاء التي تتماشى مع حالات التهاب الحلق.

٣- إجراء زرع لمسحة من نسيج الحلق

تجرى هذه العملية في حالة الشك بوجود التهاب حلق جرثومي، حيث يتم فتح الفم وإدخال أداة معقّمة ومخصّصة لداخل الحلق، وأخذ مسحة أو عينة نسيجية صغيرة من خلايا الحلق، وبعدها يتم وضعها في وسط مخصّص لنمو الجراثيم وتتم مراقبتها 24 - 48 ساعة.

وبعد المراقبة وفحص الخلايا والعينة النسيجية يتبين وجود نمو جرثومي أو عدم وجود هذا النمو وهكذا يمكن تحديد سبب التهاب الحلق ونوع الجرثومة المسببة لوضع العلاج بالصاد الحيوي المناسب.

٤- إجراء بعض الفحوص الدموية

يتم إجراء بعض التحاليل الدموية العامة للجسم في بعض حالات التهاب الحلق نظراً لأن هذه التحاليل توجه فيما إذا كان سبب الالتهاب فيروسي أو جرثومي من خلال فحص تعداد الكريات البيض ونسبها.

إضافةً للتأكد من سلامة وظائف بقية الأعضاء كالكبد والكليتين.

خيارات العلاج لحالات التهاب الحلق

الغالبية العظمى من حالات الإصابة تكون ناجمة عن عدوى فيروسية أو جرثومية وغالباً ما تشفى وتتراجع بعد 5 إلى 7 أيام وسطياً حتى بدون أدوية.

هذا الأمر يجعل العلاج متركزاً بشكل رئيسي على مجموعة من التوصيات والتعليمات المنزلية لإراحة الحلق، إضافةً لبعض الأدوية لتخفيف الأعراض.

وتشمل طرق العلاج ما يلي:

١- تعليمات وإجراءات عناية منزلية

تفيد العديد من النصائح والإجراءات المنزلية في التخفيف من حدة وأعراض الإصابة، وتساهم في تحسن الوذمة في الحلق وتسريع عملية الشفاء، وتضم هذه النصائح والإجراءات ما يلي:

  • تناول السوائل الفاترة لأنها تخفف من الألم
  • يمكن أن يفيد تناول بعض أنواع السكاكر لأنها ترطب الحلق
  • يفيد الثلج في التخفيف من الاحتقان
  • تجنب التعرض للدخان أو الروائح المخرشة كالمنظفات
  • الابتعاد عن التدخين وتناول الكحول
  • تفيد المضمضة المتكررة بالغسولات الفموية أو المحلول الملحي في التخفيف من حدة الالتهاب

٢- الأدوية المسكنة والمضادة للاحتقان

يعتبر استعمال المسكنات ومضادات الاحتقان التي تكون متوفرة في الصيدليات ولا تحتاج لوصفة طبية أمراً شائعاً ومنتشراً في حالات الإصابة عموماً.

وتساعد هذه الأدوية على تخفيف الألم الناجم عن التهاب الحلق وتخفيف حدة الأعراض وأيضاً تخفيض درجة الحرارة والحمى الناجمة عن الالتهاب.

إضافةً لذلك تساعد بتخفيف الوذمة والتورم المرافق للإصابة، وأكثر هذه الأدوية شيوعاً هو دواء باراسيتامول "Paracetamol" وإيبوبروفين "Ibuprofen".

٣- المضادات الحيوية

يتم استخدام المضادات الحيوية في حالات التهابات الحلق الجرثومية والتي لا تتحسن أعراضها بعد عدة أيام وتسبب أعراضاً شديدةً، إضافةً لحمى وارتفاع درجة حرارة متكرر.

وهنا يتم اللجوء لوصف الأدوية التي تحوي الصادات الحيوية المناسبة بعد التأكد من الالتهاب الجرثومي من خلال فحص الطبيب واجراء مسحة من الحلق.

إن الإصابة بالتهاب الحلق هي حالة غير خطيرة ولا تسبب القلق ويمكن السيطرة عليها وعلاجها من خلال اتباع مجموعة من النصائح والأدوية المتوفرة بسهولة.

لكن يجب عدم إهمال الحالة في حال استمرت لفترات طويلة وكانت ناجمةً عن سبب جرثومي، لأنه قد يسبب بعض المضاعفات الخطيرة كزيادة خطر الإصابة بالتهاب المفاصل الرثياني.