التهاب السحايا: الأعراض والعلاج

الكاتب - 18 يناير 2023

التهاب السحايا "Meningitis" هو التهاب طبقات الأنسجة التي تحيط بالدماغ والنخاع الشوكي ويترافق مع زيادة في عدد خلايا السائل الدماغي الشوكي، ويمكن أن يكون سبب الالتهاب عدوى جرثومية أو فيروسية أو فطرية.

كما يمكن في بعض الحالات التي يتم إهمالها أو التأخر في علاجها أن تتحول لحالات اسعافية ومهددة للحياة.

فما هي أنواع هذا الالتهاب؟ وكيف يمكن علاجه؟

تعريف السحايا

السحايا هي عبارة عن غشاء مؤلّف من ثلاث طبقات تحيط بالجهاز العصبي (الدماغ والنخاع الشوكي).

وتتمثّل الوظيفة الأساسيّة له بعزل هذه المنطقة من الجسم عن الوسط الخارجي، وتأمين الحماية لهذه الأعضاء، كالحماية الميكانيكية من الصدمات وذلك بواسطة السائل الموجود بين تلك الطبقات والّذي يطلق عليه "السائل الدماغي الشوكي".

أنواع التهاب السحايا

هنالك عدة أنوع لالتهاب السحايا تبعاً لسبب حدوثه، وتشترك كل الأنواع بأعراض متشابهة، وتشمل الأنواع:

١- التهاب السحايا الجرثومي

يعتبر أحد أخطر الإصابات التي قد يعاني منها الإنسان، حيث يتطور بسرعة، ويتحول إلى حالة إسعافية خلال ساعات معدودة.

بالإضافة إلى ذلك فإن معدل النجاة لهذا النوع يتفاوت بين 10-15% اعتماداً على سرعة التشخيص والبدء بالعلاج الفوري.

فالتأخر في العلاج يمكن أن يزيد من حالة الضغط داخل الجمجمة وتفاقم الأعراض إلى خطر فقدان الوعي والوفاة. (1)

ومن أشهر الجراثيم المسؤولة عن حدوث التهاب السحايا الجرثومي(2):

أمّا أهمّ الجراثيم الّتي المسؤولة عن حدوثه فهي:

  • المكورات الرئوية"Pneumococcal"
  • المكورات السحائية "Meningococcal" - الأنماط A-B-C-W-Y
  • النايسيريا السحائية "Neisseria meningitides"
  • النمط B من المستدمية النزلية "Haemophilus Influenzae Type B"
  • النمط A من المكورات العِقدية "streptococcus Type A"
  • النمط B من المكورات العِقدية "streptococcus Type B"
  • الإشريكية القولونية "E.coli"
  • الليستيريا المستوحدة "Listeria monocytogenes"
  • وبعض الحالات النادرة لمرض السل "Tuberculosis"

٢- التهاب السحايا الفيروسي

أو كما يطلق عليه "التهاب السحايا العقيم"، وهو أكثر شيوعاً من النمط السابق، إلا أنه أقل خطراً وتهديداً للحياة، فغالباً ما تكون أعراضه خفيفة، وينتهي بالشفاء التام. (3)

ومن الفيروسات المسببة لالتهاب السحايا الفيروسي:

٣- التهاب السحايا الفطري

يعتبر هذا النوع من الالتهابات من الحالات النادرة، وهو أكثر شيوعاً عند الأشخاص الذين يعانون من ضعف في الجهاز المناعي، ولهذا السبب يكون التهاب السحايا الفطري شديداً وخطيراً لديهم.

أما أنواع الفطور المسؤولة عن هذا الالتهاب فهي قليلة، نذكر منها:

  • المُستخفيات المحدثة "Cryptococcus neoformans"
  • المبيضات البيض "candida albicans"
  • النوسجات المُغمدة "Histoplasma"

هنالك أيضاً أشكال أقل شيوعاً، كالتهاب السحايا الطفيلي، والتهاب السحايا غير العدوائي، لكنها حالات نادرة جداً بالمقارنة مع الأنواع المذكورة.

أعراض التهاب السحايا

هنالك الكثير من العلامات والأعراض التي قد يبديها المُصاب بالتهاب السحايا، ولكن يمكن أن تتنوع حسب العمر.

آ- الأعراض عند البالغين

يظهر على البالغين المصابين بالتهاب السحايا مجموعة متنوعة من الأعراض تشمل بشكل عام ما يلي:

  • ألم في الرأس
  • حرارة مع شعور بالبرودة في اليدين والقدمين
  • الغثيان والإقياء
  • تشنج في العنق، وألم في المفاصل
  • الشعور بالتعب والنعاس الدائم
  • الحساسية من الضوء -عدم تحمل الضوء وعدم القدرة على النظر إليه- (4)
  • طفح جلدي في بعض الأحيان.
  • اختلاجات.

ب- الأعراض عند الأطفال والرضع

لا تشهر نفس الأعراض العامة عند الأطفال والرضع المصابين بالتهاب السحايا، كما يكون من الصعب ملاحظتها، ويمكن أن يلاحظ بعض الأعراض التالية:

  • قلة النشاط والخمول
  • النوم لساعات طويلة مع صعوبة في إيقاظ الطفل
  • رفض تناول الطعام
  • بكاء شديد وانفعال دائم
  • وجود بقع حمراء على الجلد
  • ارتفاع في درجة الحرارة

أسباب حدوث التهاب السحايا

إنّ معظم إصابات التهاب السحايا تكون بسبب وصول الجراثيم أو الفيروسات أو غيرها إلى السائل المحيط بالجهاز العصبي (السائل الدماغي الشوكي).

إذ غالباً ما تصل هذه العوامل الممرضة من الشخص الحامل لها (لكنه غير مصاب) إلى الشخص الآخر بالتماس المباشر معه، مثلاً عن طريق السعال أو العطاس أو تبادل القبل.

وفي هذه الحالة تتراوح فترة الحضانة للعامل المسبب قبل ظهور المرض بين 2-10 أيام، وهي الفترة ما بين التقاط العدوى إلى بدء ظهور الأعراض.

ومن الجدير بالذكر، أن أكثر الأسباب شيوعاً هي العوامل الفيروسية، حيث تشفى معظم الحالات بشكل طبيعي دون الحاجة لعلاج دوائي أو غيره.

إلا أن هنالك أسباباً أخرى أيضاً يجب أن نأخذها بعين الاعتبار، كبعض الاضطرابات المرضية مثل(5):

  • مرض الساركوئيد "Sarcoidosis"
  • سرطان الدماغ
  • بعض أنواع السرطانات في حال انتشارها إلى الدماغ مثل اللوكيميا "Leukemia" واللمفوما "Lymphoma"
  • بالإضافة إلى بعض أنواع الأدوية التي يمكن أن تضعف الجهاز المناعي مثل مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية "NSAIDs"

الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة

إن كل شخص معرض للإصابة بالمرض، والتهاب السحايا لا يستثنى من هذه الأمراض، ولكن هنالك بعض الفئات التي يكون احتمال إصابتها أعلى من غيرها، وهي تشمل:

  • البالغين الشباب (16-21 سنة)
  • الأطفال أقل من سنة
  • الذين يعيشون في بيئة مكتظة مثلاً غرف أو بيوت مليئة بالأشخاص
  • المسافرين إلى مناطق موبوءة بالعوامل الممرضة التي قد تُسبب التهاب السحايا
  • الأفراد المصابين بأمراض تضعف الجهاز المناعي
  • بعض الاضطرابات الخلقية والتشريحية، مثل غياب الطحال

المضاعفات

إنّ معظم المضاعفات الخاصة بحالة التهاب السحايا تحدث في حالة العدوى الجرثومية نظراً لخطورتها، حيث تؤثر على الكثير من أجهزة الجسم، ومن هذه الآثار نذكر:

  • انخفاض في ضغط الدم
  • صعوبة في التنفّس
  • صمم تام أو جزئي (6)
  • عمى تام أو جزئي (7)
  • نوبات الاختلاج
  • اضطرابات عصبية تطال وظيفة التعلم والذاكرة والتركيز
  • اضطرابات حركية قد تصل للشلل
  • التهابات على مستوى العظام والمفاصل
  • مشاكل كلوية وقلبية

بالإضافة إلى ما سبق، قد يضطر الأطباء في الحالات الشديدة إلى إزالة الأنسجة المتأذية أو بتر أحد أطراف المريض لإيقاف انتقال المرض إلى أنسجة وأعضاء أخرى.

التشخيص

إن الخطوة الأولى في مرحلة تشخيص التهاب السحايا هي سؤال الطبيب عن ظهور المرض، ومعرفة أعراض المريض وبدء ظهورها، وملاحظة العلامات الحيوية الإضافية التي تظهر عليه.

أما الخطوة الثانية فهي الاختبارات الطبية، وهي الأهم لتأكيد التشخيص، حيث يمكن إجراء ما يلي (8):

  • البزل القطني "Lumbar Punture": وهو إجراء يتم فيه إدخال إبرة رفيعة أسفل الظهر إلى أن تصل إلى الفراغ المحيط بالنخاع الشوكي للمريض، وهي منطقة تحوي على "السائل الدماغيّ الشوكي CSF".
    • بعدها يتم جمع كمية قليلة من هذا السائل وإرساله إلى المختبر لدراسته وفحصه.
  • الاختبارات المخبرية للدم: يتم أخذ عينات من الدم ومن ثم فحص خصائصه، مثل تعداد الدم الكامل "CBC"، الذي يظهر فيه نسبة كل نوع من الخلايا الموجودة في الدم.
  • زرع العينات: وهو اختبار لما تم جمعه من عينات من السائل الدماغي الشوكي وأيضاً الدم، وذلك باستخدام ملونات خاصة تكشف العامل الممرض ونوعه، وذلك في حال وجوده بالطبع.
  • التصوير بجهاز "الطبقي المحوري المحوسب CT scan": وهو جهاز يعتمد على الأشعة السينيّة "X-rays"، إذ يقوم بأخذ صور لكل جزء من الجسم على شكل مقاطع رقيقة، ويقوم بعدها الحاسوب بمعالجتها، وعرضها على الشاشة، ليتبين للطبيب المسؤول عن الفحص مكان ونوع الأذى الحاصل في الجسم على مستوى الأعضاء الداخلية.

علاج التهاب السحايا

يعتمد اختيار العلاج المناسب لحالة التهاب السحايا على نوعه، حيث يفضل أن يتم العلاج في المستشفى في حال كانت الإصابة جرثومية نظراً لخطورتها، بينما يمكن تدبير معظم الحالات الفيروسية من المنزل.

وتشمل الخيارات العلاجية حسب نوع الإصابة ما يلي:

  • الإصابات الفيروسية: يكون العلاج في هذه الحالة بالراحة في المنزل، بالإضافة لبعض الأدوية التي تساعد بالتخفيف من شدة الأعراض، مثل الباراسيتامول "Paracetamol" كمسكن للألم وخافض للحرارة.
    • ومن الضروري التأكيد للمرضى أن الفيروسات لا يتم معالجتها باستخدام المضادات الحيوية مطلقاً فهي لا تؤثر فيها.
  • الإصابات الجرثومية: يعتمد العلاج في هذه الحالة بالدرجة الأولى على إعطاء المضادات الحيوية "Antibiotics" عن طريق حقنها عبر الوريد.
    • بالإضافة إلى ذلك يتم استخدام الأدوية الستيروئيدية "Corticosteroids"، والتي تحمي من حدوث إصابات الدماغ وكذلك من حدوث الاختلاجات.
  • الإصابات الفطرية: يتم العلاج لوصف المضادات الفطرية للمريض عبر الوريد وذلك بعد تحديد نوع الفطر المسبب للالتهاب.

الوقاية

أهم ما يمكن فعله لتجنب التقاط عدوى التهاب السحايا أو حتى نقلها للغير هو الالتزام بالقواعد الصحية مثل:

  • الغسل الجيد لليدين باستخدام الماء والصابون، أو في حال عدم توافرهما استخدام المواد الكحولية
  • تغطية الفم والأنف خلال السعال والعطاس
  • الابتعاد عن التدخين
  • الابتعاد عن الزحام أو الغرف المكتظة

يجب التنويه أيضاً إلى أن هنالك لقاحات تقي من الإصابة بكل نوع من الأنواع حسب العوامل الممرضة، ولكن في هذه الحالة يحتاج الشخص إلى أخذ كل اللقاحات وهو أمر غير عملي ومكلف.

ولذلك يتم تحديد الأنواع المنتشرة حسب المنطقة المتواجد فيها الشخص أو المنطقة التي سيسافر إليها بالتالي أخذ اللقاح الخاص بها فقط.

ومن المهمّ أيضاً، التنويه إلى إمكانيّة إعطاء لقاحات تقي من الإصابة، حيث هنالك لقاح خاص لكلّ نوع من العوامل الممرضة، وبالتالي سنحتاج لإعطاء المريض جميع هذه الأنواع.

الخلاصة

في الختام، إن التهاب السحايا يعد من الأمراض الخطيرة والتي قد تترك آثاراً سلبية على المريض وفي حال إهمال العلاج تؤدي إلى مضاعفات خطرة قد تودي بحياة المريض.

لذلك على المصاب ومرافقيه أن يلتزموا بنصائح الطبيب وأسلوب العلاج وذلك لضمان الشفاء ومنع انتقال العدوى إلى الآخرين.