التهاب العنبية: الأعراض والعلاج

المراجعة الطبية - M.D
الكاتب - أخر تحديث 11 أكتوبر 2023

لطالما كانت المشكلات التي تصيب العين مهما كان نوعها مصدر قلق عند المصابين وذلك نظراً لتأثر عضو ووظيفة هامة جداً وهي الرؤية، والتهاب العنبية أحد هذه الأمراض التي تصيب العين وتؤثر على وظيفتها.

فما هي حالة التهاب العنبية كيف تحدث وما أعراض الإصابة بها؟

ما هي العنبية؟

العنبية (Uvea) هي واحدة من ثلاث طبقات مشكلة للعين، حيث تشكل العنبية الطبقة المتوسطة من العين وتقع بين الطبقة الخارجية المسماة بالصلبة (Sclera) والطبقة الداخلية التي هي الشبكية (Retina).

تتوضع العنبية على امتداد العين من الأمام إلى الخلف وتشكل في كل قسم من الأقسام أحد أجزاء ومكونات العين، وتشمل المكونات التي تشكلها العنبية من الأمام إلى الخلف ما يلي:

١- القزحية "Iris"

تشكل القزحية الجزء الملون من العين التي يعطي لون العيون، وهي المكون الأول لطبقة العنبية، حيث تعد القزحية مسؤولة عن التحكم بكمية الضوء الداخل إلى العين.

ويتم ذلك من خلال تقلص العضلات المرتبطة بالقزحية واسترخاءها بالتالي التحكم بحجم فتحة العين (البؤبؤ).

٢- الجسم الهدبي "Ciliary body"

يقع خلف القزحية وهو الجزء الثاني الذي ينشأ من طبقة العنبية، وهو عبارة عن مجموعة من العضلات والأوعية الدموية التي تكون مهمتها التحكم وتغيير شكل عدسة العين. بالتالي تصحيح النظر والمساعدة على رؤية أوضح.

ينتج أيضاً هذا الجسم الهدبي سائل رائق مائي القوائم يعرف باسم الخلط المائي "Aqueous humor" ومهمته هي الدوران في القسم الأمامي للعين وتأمن التغذية للمكونات في هذا القسم.

٣- المشيمية "Choroid"

وهي المكون الخلفي للعنبية والتي تمتد في القسم الخلفي للعين بين طبقتي الصلبة والشبكية، وتحوي المشيمية على الأوعية الدموية بشكل أساسي والتي تكون مهمتها تأمين التروية لطبقات العين وخاصة الشبكية.

ما هي حالة التهاب العنبية؟

التهاب العنبية (Uveitis) هي حالة تصاب فيها خلايا طبقة العنبية ضمن العين أو واحد أو أكثر من الأجزاء التي تشكلها هذه الطبقة، بالتهيج والالتهاب بسبب تعرضها لاضطراب صحي أو مرض معين.

يؤدي هذا الالتهاب لتأثر المنطقة المصابة وتأثر العين ككل وذلك لأن طبقة العنبية هي طبقة مغذية للعين بشكل عام بكل اجزائها. ولهذا تصاب بالاحمرار والألم ويتأثر النظر أحياناً عند حدوث الالتهاب فيها.

ويمكن لالتهاب العنبية أن يحدث في عين واحدة أو في الاثنتين معاً.

وتقسم حالات التهاب العنبية إلى عدة أنواع وذلك طبقاً للموقع من العنبية والجزء المصاب بالالتهاب، وهي:

  • التهاب العنبية الأمامي "anterior uveitis": يحدث الالتهاب ويصيب الجزء الأمامي من العنبية وهي القزحية، أي يوافق التهاب العنبية الأمامية التهاب قزحية العين.
  • التهاب العنبية المتوسط "intermediate uveitis": يحدث الالتهاب هنا في الجسم الهدبي (Cyclitis) وهو الجزء المتوسط للعنبية.
  • التهاب العنبية الخلفي "posterior uveitis": يصيب الالتهاب هنا الجزء الخلفي من العنبية وهي مشيمية العين، ويحدث التهاب مشيمية العين والتهاب شبكية بشكل مترافق أحياناً.
  • التهاب العنبية المنتشر "Diffuse uveitis": هنا يكون الالتهاب شامل وممتد لكل أجزاء ومكونات العنبية معاً القزحية، والجسم الهدبي، والمشيمية.

الأعراض المرافقة لالتهاب العنبية

تتطور أعراض التهاب العنبية بشكل مفاجئ في أغلب الحالات ولكن يمكن أن تحدث بشكل تدرجي، وتشمل أبرز الأعراض ما يلي:

  • حدوث احمرار في العين
  • ألم في العين
  • الحساسية للضوء العالي حيث تسبب الإضاءة المرتفعة بانزعاج وصعوبة في الرؤية عند المريض
  • تشوش النظر حيث تكون الرؤية غير واضحة للأشياء
  • ظهور لبقع طافية أو ما يشبه الغيوم في مجال رؤية المريض بشكل مفاجئ

أسباب الإصابة بالتهاب العنبية

يحدث التهاب العنبية لأسباب مختلفة مباشرة وغير مباشرة. وإضافة إلى ذلك فهناك عدد لا بأس به من الحالات يكون مجهول السبب.

الأسباب المباشرة تكون ناجمة عن تعرض أحد الأجزاء في طبقة العنبية للعامل الممرض والاضطراب بشكل مباشر. مما يؤدي لحدوث رد فعل والتهاب فيها كالتعرض للإنتان الفيروسي أو الجرثومي.

أما الأسباب غير المباشرة فيكون التهاب العنبية عبارة عن عرض مرافق أو رد فعل ناجم عن وجود مرض أخر في الجسم تسبب التهاب معمم ورد فعل التهابي يشمل العنبية.

ويمكن تلخيص العوامل المسببة لحدوث الإصابة بما يلي:

١- اضطرابات الجهاز المناعي

لوحظ ارتباط لحدوث التهاب العنبية عند الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات وأمراض مناعية أو ما يعرف بأمراض المناعة الذاتية (Auto immune Disorders).

وتعرف أمراض المناعة الذاتية بأنها حالة من الاضطراب والتبدل التي تصيب جهاز المناعة الخاص بالجسم وتؤدي لحدوث خلل في عمله.

حيث يقوم جهاز المناعة والخلايا المسؤولة عن الدفاع عن الجسم ضد العوامل الممرضة بمهاجمة خلايا وأنسجة الجسم الطبيعية واحداث التهاب وضرر فيها.

بالتالي تحدث الإصابة عند الأشخاص المصابين بأمراض مناعية ذاتية كنوع من الأعراض أو المضاعفات لهذا المرض المناعي.

حيث من الممكن للخلايا المناعية أن تقوم بمهاجمة أحد مكونات طبقة العنبية وتحدث التهاب فيها.

ومن الحالات والأمراض المناعية الشائعة التي قد تترافق بحدوث الإصابة هي:

٢- العدوى

يحدث التهاب العنبية أو أحد اجزائها بسبب الإصابة بعدوى فيروسية غالباً أو جرثومية أو طفيلية في بعض الأحيان، حيث يصيب العامل الممرض الخلايا في المنطقة ويتكاثر ضمنها ويسبب التهابها.

ومن الفيروسات المسببة للإصابة هو فيروس الهربس أو الحلأ البسيط (Herpes Simplex Virus).

أما بالنسبة للجراثيم فقد تنجم الحالة عن الإصابة بالسل (Tuberculosis) أو السفلس (Syphilis).

٣- الرض

تحدث الإصابة في بعض الحالات كرد فعل بعد تعرض العين لرض قوي أو متكرر، كما هو الحال في بعض الرياضات العنيفة أو حتى بعد الرض الناجم عن اجراء عمل جراحي على العين.

ووفقاً لدراسة تم اجراؤها في فيينا شملت 2619 مريضاً مصاب فقد كانت نسبة المصابين بالنوع الأمامي 59.9%، والتهاب العنبية المتوسط 14.8%، والتهاب العنبية الخلفي 18.3%. (vnhs])

وقد وجد أن 37.2% من حالات الإصابة كانت مرتبطة بوجود مرض واضطراب مرافق في الجسم خارج العين كحالات التهاب المفاصل والتصلب المتعدد وغيرها.

تشخيص الإصابة

يتم تشخيص التهاب العنبية من خلال مجموعة من الإجراءات التي تحدد وجود الالتهاب في العنبية أو أحد اجزائها.

وتحدد السبب الكامن وراء حدوث هذا الالتهاب، وتشمل إجراءات التشخيص الخطوات التالية:

١- أخذ القصة المرضية

يتم استجواب المريض من قبل الطبيب وسؤاله عن الأعراض وطبيعتها، متى بدأت الأعراض، شدتها، وجود أمراض وحالات صحية مرافقة، وغيرها من الأسئلة الموجهة لحالة الإصابة.

٢- اجراء فحص سريري

يجري الطبيب فحص مباشر للعين من خلال أجهزة خاصة، وغالباً ما يشمل الفحص فحص العين من الخارج ومن ثم تسليط ضوء بشكل مباشر على العين.

ثم ينظر الطبيب إلى مكونات العين واجزائها عبر عدسات مكبرة، ليتأكد من وجود الالتهاب والتورم والتبدلات في العين.

٣- فحوص مخبرية

يتم اجراء مجموعة من تحاليل الدم التي يكون الهدف منها البحث عن السبب المؤدي لحدوث الإصابة.

حيث تعطي هذه التحاليل دليل على وجود مسبب للالتهاب.

وأيضاً توجه لوجود أمراض واضطرابات أخرى على مستوى الجسم كوجود لأمراض واضطرابات مناعية غير مكتشفة عند المصاب.

٤- بعض الإجراءات الشعاعية

يمكن في بعض الحالات اللجوء لبعض إجراءات التصوير الشعاعي وذلك بحثاً عن اضطراب أو خلل في الجسم قد يكون هو المسبب للحالة.

كمرض التصلب المتعدد الذي هو مرض عصبي يصيب الدماغ، ويجب اجراء تصوير طبقي محوري ورنين مغناطيسي لتأكيد وجود هذا المرض.

المضاعفات المرافقة للإصابة

يؤدي اهمال التهاب العنبية وعدم اتخاذ قرار العلاج المناسب إلى حدوث مضاعفات قد تصل لمرحلة خطرة تهدد بفقد البصر.

وذلك لأن المهام التي تؤديها طبقة العنبية والأجزاء التي تنشأ منها تلعب دوراً مهماً في عملية الرؤية. إضافة لدورها في تامين التغذية لبقية أجزاء العين.

وتشمل المضاعفات ما يلي:

  • الزُرق (Glaucoma): مجموعة من الاضطرابات التي تصيب العصب البصري في العين وتؤدي لفقدان القدرة على الرؤية.
  • الساد (Cataracts): عبارة عن تصبغات تحدث في عدسة العين وتسبب انخفاض في القدرة البصرية.
  • انفصال الشبكية (Retinal Detachment): حالة تنفصل فيها طبقة الشبكية عن طبقة العنبية (المشيمية) في القسم الخلفي من العين بسبب الرض أو الالتهاب وتسبب فقد للبصر إذا لكم تعالج.
  • فقدان البصر

علاج حالة التهاب العنبية

يعتبر العلاج الدوائي هو العلاج الأول لحالات التهاب العنبية، حيث يكون الهدف من إعطاء الأدوية هو تخفيف أعراض الإصابة وعلاج العامل المسبب في الدرجة الثانية والسيطرة عليه.

وتشمل الأدوية التي يمكن أن تعطى ما يلي:

١- الستيروئيدات القشرية (Corticosteroid)

هي عبارة عن أدوية مشابهة لهرمونات ينتجها الجسم بشكل طبيعي من غدة الكظر. وتشكل الدواء الأساسي في علاج الإصابة.

تملك هذه المواد الدوائية تأثير مضاد للالتهاب ومخفف له، حيث تقلل الستيروئيدات من تأثير المواد الكيميائية التي يفرزها جهاز المناعة والخلايا المناعية في المنطقة المصابة. والتي تؤدي لزيادة الالتهاب وتهيج الخلايا واصابة النسيج بالوذمة.

فتكون النتيجة عند استخدامها التخفيف من حدة الالتهاب في المنطقة المصابة وتقليل شدة الأعراض ومساعدة الخلايا على الشفاء والعودة للوظيفة الطبيعية.

تأتي هذه الستيروئيدات بأشكال دوائية مختلفة فتكون على شكل قطرات، حبوب، أو حتى حقن ويترك للطبب تقرير الشكل المثل حسب كل حالة التهاب على حدة.

٢- الأدوية الكابحة للمناعة (Immunosuppressant)

يتم استخدام هذه الأنواع من الأدوية في حالات الإصابة المرافقة عن الإصابة بأمراض واضطرابات المناعة الذاتية.

حيث تعمل هذه الأدوية على كبح الجهاز المناعي المصاب بالخلل وتعمل على تخفيف شدة ارتكاسه وعمله الخاطئ بمهاجمة أنسجة وخلايا الجسم.

ويؤدي هذا الضبط إلى التخفيف من حدة أعراض الإصابة والسيطرة عليه.

٣- الصادات الحيوية

تفيد الصادات الحيوية في علاج الحالات الناجمة عن العدوى الجرثومية، حيث تساعد الصادات جهاز لمناعة بالقضاء على الجراثيم المسببة والتخلص منها.

في الختام يجب التأكيد من عدم اهمال الأعراض والحالات العينية بشكل عام وحالات التهاب العنبية بشكل خاص.

كما يجب مراجعة الطبيب بشكل دوري، وعدم اهمال الاستشارة بحال وجود أي أعراض لتشخيص الحالة باكراً وتقرير العلاج المناسب قبل الوصول لمرحلة الاختلاطات.