التهاب القرنية: الأسباب والعلاج

الكاتب - أخر تحديث 20 مارس 2024

القرنية، هي الجزء الشفاف من مقدمة العين،و خط الدفاع الأول ضد العدوى والإصابات. لذلك يعد التهاب القرنية من الحالات الشائعة، ويسبب العديد من الأعراض المزعجة، مثل الألم الشديد واحمرار العين وغيرها. كما يمكن أن يؤدي التهاب القرنية إلى مضاعفات خطيرة، مثل تندب القرنية وفقدان البصر.

في هذا المقال، سنناقش التهاب القرنية بشكل مُفصّل، بما في ذلك مسبباته وأعراضه وطرق علاجه

ما هي القرنية؟

كما ذكرنا سابقاً تتألف كرة العين من ثلاث طبقات، خارجية ووسطى وداخلية، وتبدأ هذه الطبقات بالقرنية وتنتهي بالشبكية.

  • الطبقة الخارجية: تعرف باسم الصلبة وتتكون من نسيج ضامٍ أبيض كثيف يُعطي للعين شكلها ويحميها من الضرر.
  • الطبقة الوسطى: تُعرف باسم الطبقة المشيمية وتتكون من الأوعية الدموية والأنسجة الضامة. تغذي هذه الطبقة الشبكية بالأكسجين والعناصر الغذائية.
  • الطبقة الداخلية: تُعرف باسم الشبكية وهي المسؤولة عن تحويل الضوء إلى إشارات كهربائية ترسل إلى الدماغ.

القرنية هي الطبقة الأولى التي تتعرض لكل العوامل الخارجية من الصلبة، وهي عبارة عن طبقة شفافة تغطي كرة العين من الأمام وتحميها من العوامل الممرضة والغريبة عن الجسم، لذلك تكون عرضة للإصابة بالالتهاب بشكل شائع.

يمكن أن تتعرض القرنية للعديد من العوامل الممرضة، مثل:

  • البكتيريا
  • الفيروسات
  • الفطريات
  • الطفيليات
  • الحساسية
تشريح العين وطبقاتها
تشريح العين وطبقاتها

أسباب التهاب القرنية

التهاب القرنية "Keratitis" له العديد من الأسباب المحتملة فقد يحدث نتيجة عامل جرثومي أو فيروسي، وقد يحدث بسبب متلازمة جفاف العين. كما أن اهمال الحالة والعلاج يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطرة قد تصل إلى فقدان البصر.

وتعد هذه الحالة أكثر شيوعاً عند من يرتدون العدسات اللاصقة وذلك بالمقارنة مع غيرهم، ويمكن تقسيم الأسباب إلى:

١- الأسباب الإنتانية

تعد الأسباب الإنتانية هي الأكثر شيوعاً بالتسبب بحالة التهاب القرنية. ويمكن أن تحدث بعد حدوث رضوض بالقرنية أو في حال وجود مشاكل مناعية أو أمراض مزمنة لدى المريض. كما قد يكون الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية ومضادات الفطور عاملاً آخر.

وتضم الأسباب الإنتانية المتعلقة بالتهاب القرنية ما يلي:

  • الجرثومية: تترافق العوامل الجرثومية مع استخدام العدسات اللاصقة غير المناسب. ومن الجراثيم الأكثر تسبباً بحالة التهاب القرنية نذكر:
    • الزوائف الزنجارية "Pseudomonas aeruginosa"
    • المكورات العنقودية المُذهبة "Staphylococcus aureus"
    • كما تسبب اللولبية الشاحبة المسؤولة عن مرض الزهري، ما يسمى بالتهاب القرنية الخلالي.
  • الفيروسية: يكون الالتهاب غالباً بسبب فيروس الهربس البسيط، ويصيب عادةً عين واحدة ويتكرر بكثرة.
  • الفطرية: تعد الفطور سبباً نادراً لالتهاب القرنية، وغالباً ما تكون مرتبطة بالاستخدام غير المناسب للعدسات اللاصقة.
  • الطفيلية: يسبب أحد الطفيليات ويدعى الشَّوكميبَة "Acanthamoeba". وهو التهاب خطير على العين ويهدد الرؤية، فيصيب القرنية بعد السباحة بمياه ملوثة.

٢- الأسباب غير الإنتانية

تضم الأسباب غير الإنتانية مجموعة من العوامل التي قد تشترك مع سابقتها أو قد تسبب لوحدها الالتهاب والذي يكون التهاباً غير إنتاني وهي:

  • إذا وضع المريض عدسات لاصقة لأول مرة أو تم استخدامها بطريقة غير صحيحة، مثل حفظ العدسات في أماكن غير نظيفة أو ارتدائها لأوقات طويلة أو خلال السباحة. فهنالك العديد من المخاطر لاستعمال العدسات اللاصقة بطرق غير صحيحة.
  • التعرُّض بشكل مستمر لأشعة الشمس الشديدة
  • ضعف مناعة المريض
  • متلازمة جفاف العين

أعراض التهاب القرنية

يمكن أن يسبب التهاب القرنية العديد من الأعراض المتنوعة، ومن المهم مراجعة الطبيب إذا كان هناك أي اشتباه بالتهاب القرنية، حيث أن العلاج المبكر يمكن أن يقلل من المضاعفات ويساعد في الشفاء بشكل أفضل دون التأثير السلبي على الرؤية.

ومن الأعراض نذكر:

  • ألم في العين: قد يشعر الشخص بألم شديد في العين المصابة بالتهاب القرنية، وهذا الألم يمكن أن يكون مستمراً أو يزداد عند تحريك العين.
  • احمرار وتورم: قد يظهر احمرار شديد في العين المصابة، مع وجود تورم خفيف أو معتدل في الجفن. وقد يترافق مع تشنج في الجفن وصعوبة في فتح العينين.
  • حساسية للضوء (الضوء الزائد): يمكن أن يتسبب التهاب القرنية في حساسية زائدة للضوء، حيث يصبح الضوء الساطع مؤلماً للعين المصابة.
  • افرازات: قد يشعر الشخص بإفرازات زائدة من العين المصابة، وقد تكون هذه الإفرازات مائية أو صديدية. ومن الممكن أن يشعر المريض بوجود جسم غريب تحت الجفن نتيجة هذه الإفرازات.
  • ضبابية أو شحوب في الرؤية: يمكن أن يحدث التهاب القرنية تغيرات في الرؤية، مثل الضبابية أو الشحوب، مما يؤثر على وضوح الرؤية ويؤدي لتشوشها.
  • تقليل حدة البصر: في الحالات الشديدة، قد يؤدي التهاب القرنية إلى تقليل حاد في حدة البصر، وحتى إلى فقدان الرؤية إذا لم يتم علاجه بشكل صحيح.

مضاعفات الالتهاب

إذا كان الالتهاب القرنية في الطبقات السطحية للقرنية، فإن حدوث مضاعفات يعتبر نادر الحدوث. ولكن إذا كان الالتهاب أعمق فإن احتمال حدوث مخاطر أمر وارد وخاصة في حال عدم العلاج أو تأخره.

وتضم المضاعفات ما يلي:

  • تلف القرنية: التهاب القرنية غير المعالج يمكن أن يؤدي إلى تلف القرنية، مما يؤثر على وضوح الرؤية ويسبب مشاكل مزمنة في العين.
  • تشكل الندبات: الالتهاب الشديد والمزمن يمكن أن يؤدي إلى تشكل الندبات في القرنية، وهذا قد يؤثر بشكل كبير على رؤية الشخص.
  • زيادة الحساسية للعدوى: التهاب القرنية يجعل العين أكثر عرضة للعدوى الثانوية فيحدث مثلاً التهاب قرنية فيروسي متكرر، مما يزيد من خطر تطور مشاكل أخرى في العين.
  • الإصابة بالعمى: في حالات الالتهاب الشديد والمتقدم، قد يؤدي التأخر في العلاج إلى فقدان الرؤية أو العمى الكامل في العين المصابة.
  • اختراق القرنية: قد تحدث مشاكل في القرنية تؤدي إلى اختراقها، مما يزيد من خطورة التعرض لعدوى وتأثيرات سلبية أخرى.
  • تأثيرات على الرؤية: في بعض الحالات الخطيرة، قد يؤدي التهاب القرنية إلى تأثيرات كبيرة على الرؤية. بالتالي يؤدي لانخفاض القدرة البصرية المؤقت أو الدائم وعدم تمييز الأشياء.

التشخيص

تشخيص التهاب القرنية يتطلب تقييماً شاملاً من قبل الطبيب المختص في العيون. وهناك عدة طرق للتشخيص تشمل:

  • الفحص البصري: يقوم الطبيب بفحص العين بشكل مباشر باستخدام أدوات مخصصة للكشف عن أي تغيرات في القرنية، مثل الاحمرار أو الانتفاخ.
  • فحص التصوير الشمسي للعين "Slit-lamp examination": يستخدم الطبيب جهاز الـ "Slit-lamp" لفحص العين بشكل مفصل. مما يتيح رؤية القرنية والأنسجة الداخلية لتقييم حجم الالتهاب والتغيرات الهيكلية.
  • أخذ عينة من الدموع أو الإفرازات: قد يُجرى اختبار لعينة من الدموع أو الإفرازات العينية لتحديد السبب المحتمل للالتهاب. سواء كان السبب جرثومي أو فيروسي أو تحسسي.
  • فحص العين بالتلوين: يمكن أحياناً استخدام الأصباغ لتحديد الجزيئات البكتيرية أو الفطرية المحتملة التي قد تكون السبب وراء التهاب القرنية.
  • فحص العين بالتصوير التشوهي: قد يشمل هذا الفحص استخدام التصوير التشوهي للعين، مثل الأشعة السينية أو الرنين المغناطيسي. وذلك لتحديد تغيرات هيكلية داخل العين.
جهاز Slit-lamp لفحص العين وتحديد أي مشاكل فيها
جهاز Slit-lamp لفحص العين وتحديد أي مشاكل فيها

الوسائل العلاجية

تشخيص التهاب القرنية يتطلب تحليلاً دقيقاً للأعراض والعلامات الظاهرة، مع مراعاة التاريخ الطبي للشخص المصاب. ويعتمد العلاج على سبب التهاب القرنية، سواء كان فيروسياً أو بكتيرياً أو ناتجًا عن إصابة أو عامل تحسسي.

وتتضمن الوسائل العلاجية ما يلي:

١- العلاج الدوائي

يتم الاستعانة بمجموعة من الأدوية أو القطرات العينية لعلاج الحالات التالية:

  • الالتهاب الإنتاني الجرثومي: تُعالج الحالات الخفيفة بالصادات الحيوية الموضعية (قطرات عينية).
    • أمّا إذا استمرت الحالة وزادت شدتها قد يلجأ الطبيب للصادات الفموية مع ستيرويد موضعي (قطرات عينية) لتخفيف شدة الالتهاب وأذيته.
    • ويتم اختيار النوع الدوائي بعد تحديد البكتيريا المتسببة بالالتهاب.
    • يمكن أن تختلف مدة الشفاء حسب شدة الإصابة والعلاج المتبع، وعادة ما يستغرق الشفاء بعض الأيام إلى بضعة أسابيع.
  • الالتهاب الإنتاني الفيروسي: يُعالج عادة بمضادات فيروسية بحسب نوع الفيروس عن طريق الفم أو القطرات العينية التي تقلل من تكرار النوبات.
    • تتراوح مدة الشفاء عادة من أسبوعين إلى أربعة أسابيع مع العلاج الدوائي المناسب.
  • الإلتهاب الإنتاني الفطري: يُعالج التهاب القرنية الفطري عادةً بمضادات فطرية موضعية على شكل قطرات العين أو كريمات تطبيقية، وفي الحالات الشديدة قد يتم استخدام مضادات فطرية عن طريق الفم.
    • يختلف وقت الشفاء حسب شدة الإصابة ونوع المضادات الفطرية المستخدمة، ويمكن أن يستمر العلاج لعدة أسابيع أو شهور.
  • الالتهاب الإنتاني الطفيلي: يُعد أصعب الأنواع من ناحية العلاج، وغالباً يحتاج لتدخل جراحي.
  • التهاب القرنية غير الإنتاني: وهنا تختفي حالات الالتهاب لوحدها دون أي تدخل علاجي. ولكن سيصف الطبيب غالباً قطرات تحوي دموعاً اصطناعيةً، بالإضافة لقطرات الصادات الحيوية للوقاية من حدوث التهاب إنتاني ثانوي.
    • كما ينصح بإزالة العدسات اللاصقة وعدم استخدامها إلى حين تحسُّن العين.

٢- العلاج الجراحي

العمليات الجراحية لعلاج التهاب القرنية تتفاوت وفقًا لشدة الحالة والسبب الأساسي وتأثيراته على القرنية. إليك نظرة عامة ونصائح قبل الجراحة وما يمكن توقعه من مدة الشفاء:

أ- عملية زراعة القرنية "Keratoplasty"

يتم اللجوء لعملية زراعة القرنية عندما يكون التلف في الناتج عن التهاب القرنية شديداً وتأثيراته مستمرة بالرغم من العلاج الدوائي. وفيه يتم استبدال جزء أو كامل القرنية المصابة بقرنية من متبرع سليم.

يختلف وقت الشفاء باختلاف نوع الجراحة وحالة المريض، ولكن عادة ما يحتاج المريض لفترة طويلة للتعافي وقد تصل لبضعة أشهر.

ب- جراحة الترقيع "Corneal Patching"

تستخدم جراحة الترقيع في بعض حالات التهاب القرنية البسيطة حيث يكون التآكل في القرنية بسيط. وخلال العملية يتم وضع ترقيع على العين لحماية القرنية والسماح لها بالشفاء.

عادةً ما تكون فترة الشفاء أقصر من العمليات الجراحية الكبرى الأخرى، وتعتمد على حالة المريض وشدة الإصابة وقد تحتاج العين لبضع أشهر لتشفى بشكل كامل.

ج- جراحة العين الجزئية أو العمليات الأخرى الدقيقة

جراحة العين الجزئية أو العمليات الأخرى الدقيقة والتي تضم عمليات تصحيح النظر والليزك وغيرها. ويتم اللجوء لهذه الاجراءات في حالات التهاب القرنية من الخفيفة للمتوسطة في حال عدم استجابتها للعلاج الدوائي.

الوقاية من الالتهاب

هنالك العديد من النصائح الوقائية التي يمكن اتباعها لحماية العين من التهاب القرنية، وهي تشمل:

  • تجنب لمس العين باليدين غير النظيفتين.
  • تجنب العوامل المهيجة وحماية العين من الغبار والدخان والمواد الكيميائية باستخدام نظارات واقية.
  • العناية بالعين أثناء السباحة من خلال استخدام نظارات سباحة للحماية من المياه الملوثة والأوساخ في المسابح.
  • الفحص الدوري للعين وزيارة طبيب العيون بانتظام لفحص عيني شامل والكشف المبكر عن أي مشكلات.
  • استخدام العدسات اللاصقة بشكل صحيح فهي من المسببات الأكثر شيوعاً لحالة التهاب القرنية.

نصائح استخدام العدسات اللاصقة

عند استخدام العدسات اللاصقة ينصح باتباع ملاحظات طبيب العيون والتي تشمل:

  • إزالة العدسات قبل النوم
  • الانتباه لغسل وتنظيف وتنشيف اليدين جيداً قبل لمس العدسات
  • اختيار نوع المعقم المناسب لنوع العدسات اللاصقة
  • تبديل سائل التعقيم مع كل مرة تعقيم
  • تنظيف العدسات بشكل جيد مع تجنب الفرك الشديد
  • استبدال العدسات بالوقت الذي يختاره الطبيب مع تبديل علب العدسات كل ثلاثة أشهر
  • تجنُّب ارتداء العدسات عند السباحة
  • عدم استخدام عدسات غير مناسبة للعين أو عدسات شخص آخر.