الحصبة الألمانية: الأسباب والعلاج

الكاتب - 4 مايو 2023

الحصبة الألمانية "Rubella" هي مرض فيروسي معدي يسببه فيروس الحصبة الألمانية "Rubella Virus"، ويتسبب في ظهور طفح جلدي يبدأ عادةً على الوجه، ومن ثم ينتقل إلى أسفل الجسم. ويتحسن المريض عادةً في غضون عدة أسابيع تقريباً، إلا أن الحالة يمكن أن تكون خطيرة في بعض الأحيان.

حيث يمكن أن يسبب هذا الفيروس مرضاً خطيراً عند حديثي الولادة عندما تصاب الأم بالعدوى خلال المراحل المبكرة من الحمل، وتسمى الحالة بمتلازمة الحصبة الألمانية الخلقية "Congenital Rubella Syndrome" وهي حالة يمكن أن يكون لها تأثير طويل الأمد على الجنين.

وعلى الرغم من أن هذا المرض يسبب طفحاً جلدياً مثل ما يحدث في الحصبة، إلا أن الحالتين تحدثان بسبب فيروسين مختلفين عن بعضهما.

لحسن الحظ يمكن الوقاية من هذا المرض فمنذ عام 1969 ساهمت برامج التلقيح في تخفيض عدد الحالات بشكل كبير. (1)

ومن الجدير بالذكر أن ما بين 25 و50% من مرضى الحصبة الألمانية لا يدركون أنهم مصابون بها، مما يعني أن الشخص يمكن أن يصاب بالعدوى دون أن يدرك ذلك.

أعراض الحصبة الألمانية

تكون حوالي نصف حالات الحصبة الألمانية خفيفة جداً ودون أعراض؛ ولكن في حال حدوث الأعراض فإنها تظهر عادةً بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع بعد الإصابة.

وقد تتضمن بعض العلامات والأعراض ما يلي:

  • الحمى الخفيفة
  • سيلان الأنف
  • التهاب الملتحمة الخفيف، وهي الغشاء المبطن لجفن العين من الداخل
  • الطفح الجلدي، والذي يظهر على شكل بقع وردية أو حمراء فاتحة، والتي قد تندمج معاً
  • يمكن للطفح الجلدي أن يسبب الحكة ويستمر حتى 3 أيام؛ ومع زوال الطفح قد يتساقط الجلد المصاب على شكل قشور رقيقة
  • تورم العقد اللمفاوية
  • الصداع
  • فقدان الشهية

ويتعافى الأطفال المصابون بالحصبة الألمانية عادةً في غضون أسبوع واحد، أما البالغون فقد يستغرقون وقتاً أطول.

الأسباب وطرق العدوى

تحدث الحصبة الألمانية نتيجة الإصابة بفيروس الحصبة الألمانية، والذي ينتقل من خلال السعال أو العطاس. حيث ينتشر الفيروس في جميع أنحاء الجسم في الدم بعد حوالي 5 إلى 7 أيام من التعرض للفيروس كما ويبدأ ظهور الأعراض بعد حوالي 2 إلى 3 أسابيع.

يمكن أيضا أن ينتقل الفيروس من الأم الحامل إلى الجنين في طور النمو. مما يتيح للأطفال الذين يصابون بالعدوى خلال الحمل نشر الحصبة الألمانية بعد ولادتهم، وذلك من خلال السوائل التنفسية والبول، وقد يستمر هذا لأشهر أو ربما أكثر من عام.

ينبغي للأشخاص الذين يعانون من الحصبة الألمانية البقاء في المنزل والابتعاد عن دور الرعاية الصحية والمدارس وأماكن العمل لمنع انتشار العدوى للآخرين. حيث يمكن أن يكون الشخص المصاب ناقلاً للعدوى لمدة تصل إلى 7 أيام قبل ظهور الطفح الجلدي ولمدة تصل إلى أسبوع بعد ذلك.

الحصبة الألمانية الخلقية

عندما تُصاب الأم الحامل بفيروس الحصبة الألمانية، فإن ذلك يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بمتلازمة الحصبة الألمانية الخلقية لدى الجنين النامي. ويُقدر حدوث 100000 حالة من متلازمة الحصبة الألمانية الخلقية كل عام في أنحاء العالم. (2)

ينتقل الفيروس عبر المشيمة إلى الجنين ويمكنه تدمير الخلايا أو يمنعها من الانقسام، وهذا يؤدي في بعض الأحيان إلى:

  • الإجهاض أو ولادة جنين ميت
  • ولادة مبكرة
  • ولادة جنين ضعيف

وفي حال نجاة الرضيع من الولادة فيمكن أن تتضمن المشاكل عنده بعد الولادة ما يلي:

  • ضعف أو فقدان السمع
  • الساد وهو عتامة تصيب عدسة العين
  • أمراض القلب الخلقية وخاصةً تضيق الشريان الرئوي والقناة الشريانية السالكة
  • تأخر في النمو
  • تلف الشبكية
  • صغر الرأس أو الفك السفلي أو العينين

كما وجدت الدراسات أن هنالك خطر ظهور حالات أخرى مع نمو الطفل وتشمل:

  • التوحد (4)
  • الفصام -الشيزوفرينيا- (5)
  • مرض السكري من النمط الأول (6)

مضاعفات الحصبة الألمانية

مع أن الحصبة الألمانية تعد مرضاً خفيفاً إلا أن هناك بعض المضاعفات التي يمكن أن تحدث، بما في ذلك:

  • ألم المفاصل، حيث قد تحدث آلام مزمنة في المفاصل قد تستغرق شهراً أو أكثر حتى تتحسن
  • التهاب الأذن الوسطى
  • التهاب الرئة
  • إقياء وإسهال شديد يمكن أن يسبب التجفاف
  • التهاب الدماغ ويمكن أن يكون قاتلاً في بعض الحالات

التشخيص

عند الشك بوجود عدوى بفيروس الحصبة الألمانية، يجب استشارة الطبيب بسرعة وخاصة إذا كانت أنثى حامل. حيث يقوم الطبيب بإجراء اختبار الحصبة الألمانية وذلك بأخذ عينة دم والبحث عن الأجسام المضادة للفيروس.

  • في حال وجود الأجسام المضادة من النوع IgM فهذا يعني عدوى جديدة بالحصبة الألمانية
  • أما عند العثور على الأجسام المضادة من النوع IgG فهذا يشير إلى أن الشخص قد يكون مصاباً بالحصبة الألمانية في الوقت الحاضر أو كان مصاباً بها في الماضي، أو قد تم تلقيحه.

وبناءً على ذلك فإن الفرد الذي لا يحمل الفيروس ولم يتلقَّ لقاحاً سابقاً لا توجد لديه أية أجسام مضادة للفيروس.

بالإضافة إلى اختبار البحث عن الأجسام المضادة يمكن إجراء اختبار تضخيم المادة النووية "NAAT" ويبحث هذا الاختبار عن المادة الوراثية "RNA" في مسحة الأنف أو الحلق أو عينة البول. ولكنه يعد أقل شيوعاً من الاختبار السابق.

العلاج

لا يوجد أدوية لعلاج الحصبة الألمانية أو تسريع عملية الشفاء، ولكن عادةً ما تستخدم الأدوية لتخفيف الأعراض الشديدة مثل دواء أسيتامينوفين "باراسيتامول" كمسكن للألم. كما ينصح بالراحة وعدم بذل مجهود خلال فترة الإصابة.

بالإضافة إلى ذلك ينبغي تجنب الاتصال مع الأشخاص الآخرين لتقليل فرص نقل العدوى وخاصة في حال وجود أنثى حامل أو شخص يعاني من ضعف المناعة وذلك حتى بعد أسبوع على الأقل من ظهور الطفح الجلدي.

يجب على الطبيب الذي يشخص الحصبة الألمانية أن يبلغ السلطات الصحية المحلية عن الأمر، وذلك حتى تتمكن من اتخاذ الخطوات المناسبة للسيطرة على تفشي المرض وحماية الأشخاص المعرضين للخطر.

الوقاية

تكمن الطريقة الوحيدة للوقاية من الحصبة الألمانية في تلقي لقاح "MMR"، والذي يحمي من الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية.

يكون اللقاح على شكل فيروس حي مضعف، ويتم إعطاؤه في الطفولة ضمن برنامج التلقيح الوطني غالباً، وتختلف أزمنة إعطائه من بلد إلى آخر. ويجب على أي شخص بالغ الحصول عليه أيضاً في حال لم يأخذه بعد.

ولكن هناك فئات من الأشخاص الذين لا ينبغي أن يتلقوا لقاح "MMR" أو يجب عليهم الانتظار لفترة قبل لتلقيه، وهؤلاء الأشخاص هم:

  • ظهور رد فعل تحسسي شديد بعد تلقي جرعة من لقاح "MMR" أو في حال وجود حساسية من أحد مكونات اللقاح
  • المرأة الحامل أو التي ترغب في الحمل خلال 4 أسابيع من تلقي اللقاح
  • من يعاني من ضعف في جهاز المناعة بسبب علاج السرطان أو فيروس نقص المناعة البشرية أو أخذ الأدوية المثبطة للمناعة
  • أي شخص يعاني أحد أفراد أسرته المقربين (الوالد أو الشقيق أو الابن) من مشاكل في الجهاز المناعي
  • من يعاني من حالة تسبب النزيف أو ظهور الكدمات بسهولة
  • من خضع مؤخراً لنقل الدم أو غيره من مشتقات الدم
  • الشخص المصاب بالسل حالياً
  • من تلقى أي لقاحات أخرى في الأسابيع الأربعة الماضية
  • كما أن الشخص المصاب بالمرض يجب أن ينتظر حتى يتعافى قبل أخذ اللقاح

الآثار الجانبية للقاح

لا تحدث الكثير من الآثار الجانبية ويعتبر رد الفعل الشديد غير شائع. وبطبيعة الحال فإن مخاطر عدم أخذ لقاح الحصبة الألمانية أكبر من أي خطر يمكن أن تسببه آثاره الضارة.

ومن الآثار التي يمكن أن تحدث:

  • حمى خفيفة
  • طفح جلدي طفيف
  • قد يعاني بعض المراهقين أو البالغين من آلام المفاصل

ومن الجدير بالذكر أنه لا يوجد رابط بين لقاح "MMR" والتوحد. ولذلك يجب على الأهل أن يحرصوا على تلقي الأطفال للقاح في الوقت المناسب وفقاً للبرنامج الوطني للتلقيح.