الزهايمر: الأعراض وطرق الوقاية

الكاتب - أخر تحديث 20 يوليو 2022

وصف طبيب ألماني يدعى ألويس عام ١٩٠٦م أن هنالك مرض غريب يؤثِّر على الذاكرة ويبدي تغيرات مجهرية في خلايا الدماغ، وهو ما بات يعرف الآن بمرض الزهايمر.

يعاني الكثير من الأشخاص حول العالم من هذا المرض، لكن الكثير من الناس لا يعرفون تماماً ما هو، كما لا يعلمون طرق الكشف المبكر عنه.

تعريف مرض الزهايمر

الزهايمر، هو مرض عصبي تنكسي يصيب خلايا الدماغ، يؤدي إلى مشاكل في الذاكرة وتراجع القدرة المعرفية للمريض،

كما يعتبر أكثر سبب شائع للخرف عند كبار السن، حيث يعد التقدم بالسن أكبر عامل خطورة لظهوره، ومن النادر أن يصيب من هم تحت عمر ٦٥.

ويكون تقدم حالة مريض الزهايمر بشكلٍ تدريجي، حيث تزداد شدة الأعراض عبر السنين من مشاكل خفيفة في الذاكرة القصيرة وصولاً لمشاكل في التحدُث والتعامل مع المُحيط.

ويقدر المتوسط العمري الذي يعيشه المرضى عقب ظهور الأعراض من ٤ إلى ٨ سنوات، وقد يصل في حالات نادرة إلى ٢٠ سنة.

ولا يوجد علاج لمرض الزهايمر حتى الآن، ولكن هناك عدة أدوية تؤخر وتخفف من الأعراض.

أسباب مرض الزهايمر

لا تزال صورة مرض الزهايمر غير واضحة تماماً رغم مئات الأبحاث والدراسات التي أجريت على هذا المرض.

وقد توصل العلماء إلى أن هذا الداء ينتج غالباً عن ترسب مواد بروتينية في الدماغ بشكلٍ تدريجي حول الخلايا وداخلها بالإضافة إلى المشابك العصبية.

وأحد هذه البروتينات هو "النشواني" الذي يتجمع على شكل لويحات حول خلايا الدماغ، والبروتين الآخر هو "تاو" الذي يترسب داخل خلايا الدماغ.

كما لوحظ أن كمية النواقل العصبية وهي عبارة عن مواد كيميائية مسؤولة عن النقل العصبي لدى مرضى الزهايمر منخفضة أيضاً.

وكونه ليس هناك سبب محدد يفعِّل الآلية المرضية السابقة، لكن هناك مجموعة من عوامل الخطورة التي قد تزيد احتمالية إصابة الشخص بالزهايمر هي:

  • العمر: ويعد العمر أهم عوامل الخطورة، حيث تتضاعف احتمالية الإصابة كل ٥ سنوات عقب بلوغ الشخص ٦٥ من العمر.
  • القصة العائلية: وتزداد احتمالية الإصابة في حال كان هناك أحد أفراد العائلة مصاب بالزهايمر بسبب دور الوراثة في هذا المرض.
  • متلازمة داون: قد يكون مرضى متلازمة داون أكثر قابلية لترسُّب البروتينات في أدمغتهم عن غيرهم.
  • إصابات الرأس: تعد إصابات الرأس الخطيرة عاملاً مهماً آخراً للإصابة بالزهايمر
  • أمراض القلب والأوعية الدموية: أفادت عدة أبحاث أن عوامل الخطورة المرتبطة بأمراض القلب تزيد من خطورة الزهايمر كالتدخين والسمنة.
  • عوامل خطورة أخرى تضم: فقدان السمع، الاكتئاب غير المُعالج، العزلة الاجتماعية والوحدة، نمط الحياة الروتيني.

أعراض الزهايمر

تتدرج أعراض الزهايمر بشدتها عبر الزمن وذلك حسب شدة التنكس الحاصل، لذلك تقسّم الأعراض تِبعاً لشدتها إلى ثلاث مجموعات هي:

١- المرحلة الخفيفة

يكون المريض بصحة جيدة، ولكن تظهر لديه مشاكل سوء التفاهم مع محيطه، وتضم الأعراض:

  • مشاكل خفيفة في الذاكرة
  • سوء المحاكمة العقليّة وتبدل الشخصيّة
  • فقدان المبادرة واتخاذ القرارات
  • القلق
  • مشاكل حسابية، كالمعاملات المالية ودفع الفواتير
  • فقدان الأشياء ووضعها بأماكن غريبة
  • تأخذ بعض المهام وقتاً أكثر من اللازم

٢- المرحلة المتوسطة

يحتاج المريض في هذه المرحلة لعناية خاصة نتيجة زيادة الأعراض عدداً وشدة وتضم:

  • مشاكل أكبر في الذاكرة
  • صعوبة في تعلّم أي شيء جديد
  • مشاكل في اللغة (قراءة وكتابة) بالإضافة لمشاكل حسابية
  • تنظيم الأفكار والتخطيط أكثر صعوبة
  • تصبح المهام متعددة الخطوات أكثر صعوبة على سبيل المثال تحضير وجبة طعام
  • نوبات غضب وقلق وتصرفات غير لائقة مثل: نزع الملابس في أماكن عامة

٣- المرحلة الشديدة

يصبح المريض في هذه المرحلة معتمد بشكلٍ كامل على الآخرين، وتضم الأعراض:

  • فقدان أي قدرة على التواصل مع الآخرين
  • نقص وزن
  • أكزيما (التهاب جلد)
  • صعوبة بلع
  • نوبات صرع
  • زيادة عدد ساعات النوم
  • سلس بولي برازي
  • قد يصاب المرضى في هذه المرحلة بذات رئة استنشاقية، وتعد سبباً مهماً لوفاة المريض

الكشف المبكر عن الزهايمر

شهد التقدم العلمي حول الزهايمر تطوراً كبيراً غير مسبوق، فقد استطاعت وضع عدة سمات مميزة وموثوقة لمرض الزهايمر، ففي دراسة نُشرت عام ٢٠٠٩ تم شرح إمكانية الكشف المبكر عن الزهايمر وبدقة من خلال:

  • التصوير الهيكلي للدماغ بالرنين المغناطيسي (MRI)
  • التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET)
  • تحليل السائل الدماغي الشوكي (CSF)

وبناءً على هذا وُضِعت مجموعة من المعايير التشخيصية على الشكل الآتي:

المعيار الأساسي:

لا تطبق إجراءات التشخيص على كل الأشخاص، وإنما يجب أن يكون هناك مشاكل في الذاكرة مثبتة وتحقق ما يلي:

  • نقص في الذاكرة يزداد بشكل تدريجي، ويلاحظ من قِبل المريض أو أحد الأشخاص القريبين منه خلال ٦ أشهر الماضية.
  • اختبارات يطلبها الطبيب لكشف مشاكل الذاكرة بشكل موضوعي، وتعد طريقة فعّالة في التشخيص المبكر.
  • وجود مشاكل في القدرات المعرفية الأخرى للمريض التي قد ترافق الزهايمر منذ البداية أو قد تأتي لاحقاً، ومن الممكن أن يأتي نقص الذاكرة بشكل معزول عن باقي الأعراض.

المعايير الثانوية:

١- كشف ضمور في الفص الصدغي الأنسي، وذلك عبر التصوير بالرنين المغناطيسي الذي يثبت وجود فقدان في الحجم في كل من الحصين والقشرة الدماغية واللوزة.

٢- قيّم الواسمات الموجِّهة في السائل الدماغي الشوكي (CSF)، ومنها:

  • انخفاض تركيز النشواني β 1-42
  • زيادة في البروتين تاو
  • زيادة في تركيز الفوسفو-تاو

٣- التصوير العصبي الوظيفي عبر التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET): الذي يظهر انخفاضاً في استقلاب الجلوكوز في الفص الجداري الصدغي الأنسي.

أساليب لتأخير الأعراض

إن الهدف من الكشف المبكر عن الزهايمر هو محاولة تأخير ظهور الأعراض قدر الإمكان، وقد وجد العلماء عدة أساليب قد يكون لها تأثير في تأخير الأعراض، وتتضمن:

١- الأدوية

قامت شركة بيوجن آيدك (Biogen) للتقانة الحيوية بطرح دواء جديد وهو أدكانيماب (aducanumab)، والذي وافقت عليه إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA).

يعمل هذا الدواء على تأخير الأعراض وتخفيف شدتها وتحسين القدرة المعرفية للمريض، وذلك بتقليل تراكم البروتين النشواني في الدماغ.

٢- الحمية

إن التقليل من الطعام الدسم والمليء بالسكريات، وزيادة الخضروات والفواكه بالإضافة للأسماك، تعد الحمية الموصى بها لمرضى الزهايمر المكتشف باكراً.

٣- التواصل الاجتماعي

هنالك علاقة طردية بين الوحدة وتزايد الأعراض، حيث إن المرضى الذين يتواصلون اجتماعياً مع الآخرين بشكلٍ أكبر يظهرون قدرات معرفية أكبر من نظرائهم.

٤- تمرين العقل

إن القيام بحل الألغاز والحسابات الذهنية وتعلّم مهارة جديدة أو العزف على آلة موسيقية لها دور في إبطاء سير الأعراض.

وهناك دراسة أجريت للمقارنة بين المصابين الذين يتكلمون لغتين ومن يتكلم لغة واحدة، وأكدت تأخر ظهور الأعراض لدى المرضى متحدثي اللغتين، وفسّرت ذلك أن هؤلاء المرضى يملكون احتياطي معرفي أكبر.

٥- تمرين الجسد

التمارين الرياضية لها دور مهم أيضاً في هذا السياق إلا أن الموضوع يحتاج المزيد من الدراسات.

علاج مرض الزهايمر

لا يوجد علاج لمرض الزهايمر، ويهدف العلاج الذي يصفه الطبيب لإبطاء تدهور قدرات المريض الذهنية والتخفيف من شدتها، وتتضمن خطط العلاج:

  • وصف مجموعة أدوية لتخفيف الأعراض وتحسين حياة المريض وتواصله، ولكن ليست لكل المرضى نفس الاستجابة، فمن الممكن أن يستجيب مريض دون الآخر.
  • زيارة دورية للطبيب لمعرفة مدى استجابة الأعراض للدواء ومدى تطور الأعراض وأيضاً تثقيف مرافقي المريض لكيفية التعامل مع تطور الحالة المرضية.

الملخص

إن دعم مرضى الزهايمر نفسياً أمر مهم للغاية، وكذلك الأمر بالنسبة لتشجيعهم على القيام بتمارين ذهنية وجسدية ولو كانت بسيطة، فهذه هي الأمور التي تساهم بتأخير تدهور الحالة المرضية.

لذلك أحياناً يكون شرح طرق العناية بالمريض للمرافقين أهم من العلاج نفسه، لذلك علينا الإصغاء جيّداً للطبيب.

لذلك النصيحة الأهم هي عدم إهمال مواعيد الطبيب وإجراء الفحوص الدورية للمسنين، فهذا يساهم بالكشف المبكر عن المرض.