الساركوما العظمية: الأعراض والعلاج

الكاتب - أخر تحديث 5 سبتمبر 2023

ما هي الساركوما العظمية؟

تعتبر الساركوما العظمية نوعاً نادراً من السرطانات التي تصيب الخلايا العظمية، حيث تنشاً من الخلايا المكونة للعظم التي تدعى "Osteoblast" ويمثل حوالي 1% من جميع أنواع السرطان. وتتشكل في العظام الكبيرة في الجسم مثل الفخذ والساق والعمود الفقري والكتف. كما قد يتسبب هذا السرطان في تدمير العظام والأنسجة المجاورة وانتشار الخلايا السرطانية إلى أجزاء أخرى من الجسم.

وتصيب هذه الحالة في الغالب الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و30 عاماً، إلا أن هنالك ذروة عمرية أخرى للإصابة لدى الكبار في السن أكثر من 65 سنة.

وتشير بعض الأبحاث إلى أن هذا السرطان يشكل 2.4% من مجمل حالات السرطان التي تصيب الأطفال، محتلاً المرتبة الثامنة بينها.

كما أن هذا السرطان أكثر شيوعاً لدى الذكور، حيث تبلغ نسبة الإصابات الجديدة السنوية لدى الذكور حوالي 5.4 إصابة سنوياً لكل مليون نسمة من الذكور، في حين نجدها حوالي 4 حالات جديدة سنوياً لكل مليون نسمة بين النساء.

على الرغم من أن الساركوما العظمية نادرة، إلا أنها تعتبر حالة خطيرة تحتاج إلى تشخيص وعلاج سريع وفعال لزيادة فرص النجاح في العلاج والشفاء.

أعراض الساركوما العظمية

قد تصيب الساركوما العظمية أي من عظام الجسم، إلا أنها غالباً ما تبدأ في العظام الطويلة كالساقين والساعدين. وتتضمن الأعراض الرئيسية لها:

  • الألم العظمي الثابت والمستمر، والذي يزداد سوءاً مع تقدم المرض، ليصبح مستمراً حتى خلال الليل.
  • الانتفاخ والتورّم فوق أحد العظام، مما يجعل من حركة العظام المصابة صعبةً وبشكل خاص عندما تكون الإصابة قريبة من أحد المفاصل.
  • مشاهدة كتلة واضحة على أحد العظام.
  • صعوبة تحريك الطرف نتيجة تأثير الكتلة الكبيرة على أحد العظام.
  • حدوث الكسور العفوية في العظام المصابة، أي بدون سبب رضيّ واضح، وتكون ناتجةً عن التكون غير الطبيعي للمادة العظمية.
  • هنالك بعض الأعراض الأقل احتمالاً، مثل:
    • ارتفاع درجة الحرارة
    • خسارة الوزن غير المفسرة خلال مدة قصيرة من الزمن
    • التعرق الزائد وبشكل خاص أثناء الليل

أسباب الإصابة وعوامل الخطورة

يمكن وصف عوامل الخطورة بأنها الحالات التي تزيد من احتمال الإصابة لدى الفرد، مع العلم أن وجودها لدى شخص ما لا يعني بالضرورة إصابته، وتتضمن هذه العوامل:

  • شبة النمو لدى الشُبّان، وهي ناتجة عن نمو العظام خلال مرحلة البلوغ عند الذكور
  • كون الطفل أطول من أقرانه في نفس الفئة العمرية
  • التعرض السابق للعلاج الشعاعي أثناء معالجة سرطان آخر ونجد ذلك بشكل خاص في معالجة الصغار في العمر أو في حال استخدام جرعات عالية الطاقة من الإشعاع.
  • الإصابة السابقة ببعض أمراض العظام السليمة غير السرطانية.
  • وجود حالات سابقة نادرة من الاضطرابات الوراثية، وتتضمن:
    • متلازمة Li-Fraumeni: تعتبر من الحالات العائلية الوراثية النادرة والمؤهبة للإصابة بالعديد من السرطانات مثل ساركوما النسج الرخوة، وسرطان الثدي، وسرطان الدماغ، والساركوما العظمية، وغيرها.
      • مع العلم أن السبب وراء ذلك هو حدوث طفرة وتعطل في الجين "Gene P53"، الذي يعمل في الحالة الطبيعية على إيقاف تطور الأورام .
    • متلازمة Rothmund-Thompson: من المتلازمات الوراثية النادرة أيضاً، والتي تنتج عن اضطراب الجين "REQL4 Gene". وتتضمن:
      • مشاكل في الجهاز العضلي الهيكلي
      • قصر في النمو
      • زيادة خطر الإصابة بالساركوما العظمية
    • الورم الأرومي الشبكي الوراثي "Hereditary Retinoblastoma": وهو عبارة عن ورم يصيب منطقة الشبكية من العين، وقد يكون ذا أصل وراثي ويبدأ لدى الطفل في عمر أقل من 4 سنوات.

المضاعفات

هنالك مجموعة من المضاعفات والاختلاطات المتعلقة بالإصابة بالساركوما العظمية أو بوسائل العلاج، وتتضمن:

  • الإنتان أو النزيف التالي للعمل الجراحي.
  • عدم ملائمة "الطعوم الجلدية" المستخدمة في ترميم مكان العمل الجراحي بعد استئصال الورم،أو انكسار الأسياخ المستخدمة لتثبيت الطرف أثناء محاولة إنقاذه.
  • كما أن هنالك مجموعة من الآثار الجانبية المتعلقة بالعلاج الكيميائي المطبق، والتي تتضمن:
    • خسارة الشعر
    • القُلاعات الفموية
    • الغثيان والإقياء
    • زيادة احتمال التعرض للإنتانات
    • سهولة التعرض للكدمات والنزوف
    • التعب العام
  • بالإضافة إلى الآثار الجانبية المتعلقة بالعلاج الشعاعي أيضا والمشابهة بالعلاج الكيميائي، ويضاف لها تهيج الجلد وزيادة احتمال الإصابة بسرطانات جديدة أخرى نتيجة التعرض للإشعاع.
  • التحديات النفسية والعاطفية الناتجة عن الورم أو العمل الجراحي أو العلاج.
  • المشاكل القلبية والرئوية المُحدثة نتيجة العلاج الكيميائي أو الهدفي.
  • اضطرابات النمو
  • قد تحدث بعض المشاكل المتعلقة بالإنجاب لدى المريض في المستقبل.
  • نَكْس وعودة السرطان وزيادة احتمال الإصابة بسرطانات أخرى في المستقبل نتيجة انتقال النقائل.
  • احتمال استئصال الطرف المصاب.

التشخيص

يتميز التشخيص الصحيح والباكر لأي نوع من أنواع السرطان بأهميته الكبيرة في تحديد المعالجة الصحيحة والفعالة للمرض، حيث أن تأخر ذلك يمكن أن يؤدي إلى وصول المرض إلى مراحل متقدمة غير قابلة للعلاج.

يبدأ الطبيب بالفحص السريري الشامل للمريض ويولي اهتماماً خاصاً لموقع الشكوى الأساسية، وبعد ذلك يتم أخذ القصة الطبية والسوابق المرضية والعائلية للمريض.

وبعد ذلك، يجري الطبيب مجموعة من الفحوصات الإضافية التي تهدف إلى تأكيد أو نفي الاحتمالات التشخيصية والكشف عن احتمالية حدوث الانتقالات إلى الأعضاء الأخرى.

وتشمل الفحوصات والاختبارات ما يلي:

  • اختبارات الدم: مثل تعداد الدم الكامل "CBC"، وتقييم الشوارد الموجودة في الدم.
  • الفحوصات التصويرية، والتي تتضمن:
    • التصوير الطبقي المُحوْسَب الماسح للجسم "CT Scan"
    • التصوير بالرنين المغناطيسي "MRI Scan"
    • الصورة الشعاعية البسيطة "X-Ray"
    • التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني "PET Scan"
    • المسح العظمي "Bone Scan"
  • الخزعة وتعتبر الفحص الأهم عند الشك بأية حالة سرطان، حيث تفيد في تأكيد الإصابة، ولها نمطين:
    • الخزعة المخروطية "Cone biopsy" تتم عن طريق استعمال إبرة، تقوم باقتطاع جزء مخروطي من الكتلة المشتبهة.
    • الخزعة الجراحية المفتوحة "Surgical biopsy" حيث يقوم الطبيب بإجراء شق جراحي في الجلد، واستئصال جزء من الورم، لتتم دراسته باستعمال المجهر الضوئي. وفي حال كانت النتيجة مؤكدة للإصابة بالساركوما العظمية، يقوم الجراح عندها بمتابعة استئصال كامل الكتلة الورمية.

علاج الساركوما العظمية

بعد الوصول للتشخيص الأكيد وتحديد درجة تطور الورم، تأتي الآن مرحلة العلاج. هنالك العديد من الخيارات العلاجية، ويتم اختيار الأفضل بناءً على كل حالة على حدى من قبل الطبيب، وتتضمن:

١- العلاج الجراحي

تشكل إزالة السرطان جزءاً مهماً في علاج الساركوما العظمي،. وقد تكون من أحد النمطين:

أ- الجراحة المحافظة على الطرف

الهدف منها هو المحافظة على العضو الحاوي على الورم قدر الإمكان، ويمكن تطبيقها عندما يكون السرطان ما زال ضمن العظم، ولم ينتشر خارجه بعد، وعندها يمكن إعادة تشكيل العظم.

وخلال الجراحة يستأصل الطبيب الورم مع جزء من النسيج السليم المحيط به، تجنباً لحدوث النكس وعودة الورم، وفي حال كان الورم قريباً من أحد المفاصل، عندها من الممكن إزالة المفصل ووضع مفصل اصطناعي مكانه.

ب- بَتر الطرف

يتم اللجوء لبتر الطرف في حال عدم إمكانية إجراء الجراحة المحافظة على الطرف أو في حال فشل تلك الجراحة. ومن الحالات التي تفرض على الجراح تطبيق البتر:

  • انتشار الورم عبر الأوعية الدموية خارج العظم.
  • حدوث إنتان بعد الجراحة المحافظة، وعندها لا بد من إزالة الطعوم العظمية والبدائل الاصطناعية.
  • بدء الورم في منطقة من الجسم لا يمكن تطبيق المعالجة المحافظة فيها، كما في منطقة الكاحل.

قد يحتاج المريض بعد العلاج الجراحي إلى القيام بجلسات العلاج الفيزيائي لتحسين حركة الأطراف، مما يساعد المريض في العودة إلى الحياة العملية.

٢- العلاج الكيميائي

يستخدم العلاج الكيميائي بأحد أربع أشكال لعلاج الساركوما العظمية، وهي:

  • قبل الجراحة لتقليل حجم الورم وتسهيل عملية استئصاله.
  • بالمشاركة مع العلاج الشعاعي.
  • بعد الجراحة لتجنب حالات عودة الساركوما.
  • كعلاج تلطيفي فقط ونجد ذلك في الحالات المتقدمة غير القابلة للعلاج، حيث يستخدم لتخفيف الأعراض.

٣- العلاج الشعاعي

يمكن تطبيق العلاج الشعاعي من خارج الجسم باستخدام أشعة عالية الطاقة يمكنها قتل الخلايا السرطانية أو تطبيقها من داخل الجسم عن طريق زرع مواد مشِعَّة ضمن السرطان مباشرةً.

وبشكل مشابه للعلاج الكيميائي فيمكن أن يتم تطبيقه قبل أو بعد الجراحة أو جنباً إلى جنب مع العلاج الكيميائي.

٤- العلاج الهَدفي

نجد أحد الأمثلة على ذلك وهو دواء الـ "Mifamurtide" فهو يعتبر العلاج الهدفي الأكثر شهرةً في علاج الساركوما العظمية، ويعمل على تحفيز الخلايا المناعية على مهاجمة خلايا السرطان وقتلها. ويتم إعطاء هذا الدواء بعد العمل الجراحي بالتزامن مع العلاج الكيميائي.

التعايش ونمط الحياة

تعد أحد أهم التحديات التي تواجه أي مريض مصاب بالسرطان حيث قد يصاب المريض بالقلق والخوف بدايةً عند تشخيص إصابته، إلا أنه مع الوقت يبدأ بالتأقلم وإيجاد آليات التكيف.

ومن النصائح التي من الممكن أن تساعد في ذلك:

  • طلب جميع المعلومات والاستفسارات التي تخطر في بال المريض حول المرض والخيارات العلاجية، وذلك لجعل المريض مشاركاً في القرار بالتالي يصبح أكثر ثقة.
  • التواصل الاجتماعي الدائم والمحافظة عل العلاقات الأسرية أيضاً، لما لذلك من دور في مساعدة المريض وتشجيعه على تجاوز الحالات العاطفية والنفسية التي قد يمر بها.
  • قد يحتاج المريض إلى استشارة من الطبيب أو المعالج النفسي، اللذين قد يساعدا المريض على تجاوز الاضطرابات النفسية التي قد تواجهه والمرتبطة بإصابته.
  • تتطلب الحالات السرطانية الرعاية والتشجيع الدائم، نظراً للخوف الناتج عن ربط أية حالة سرطان بالموت في معظم الأحيان.