السعال الديكي: الأعراض والعلاج

الكاتب - 6 مارس 2023

ينجم مرض السعال الديكي عن عدوى تصيب الجهاز التنفسي، ويصيب بشكل أساسي الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 6 أشهر، وينتقل بسهولةٍ من شخص إلى آخر.

فما هي أعراض هذا المرض؟ وكيف يتم علاجه؟

تعريف مرض السعال الديكي

يعبر السعال الديكي أو الشاهوق "Pertussis" عن عدوى تنفسية شديدة العدوى تسببها بكتيريا البورديتيلا الشاهوقية "Bordetella pertussis".

عادةً ما يسبب المرض نوبات طويلة ومتكررة من السعال، ويمكن أن تستمر هذه النوبات لأسابيع أو حتى أشهر بعد ظهور المرض، ويؤدي السعال المطول إلى طرد الهواء من الرئتين، وعندما يلهث المصاب بعد السعال ليستنشق الهواء يصدر صوتاً يشبه صياح الديك، ولذلك سُمِّي هذا المرض بالسعال الديكي.

يصيب السعال الديكي ما يقارب 48.5 مليون شخصاً كل عام، ويموت منهم 295000 تقريباً؛ ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية فإن السعال الديكي هو أحد الأسباب الرئيسية للوفيات والتي يمكن الوقاية منها عن طريق اللقاحات. (1) (2)

يمكن أن يصاب الأشخاص من جميع الأعمار بالسعال الديكي، ولكنه يحدث في أغلب الأحيان عند الأطفال والمراهقين.

وحتى البالغين والأطفال الذين تم تلقيحهم ضد المرض يمكن أن يصابوا كذلك، إلا أن أعراضهم عادةً ما تكون أخف.

ويعتبر الرضع معرضين للإصابة بشكل خاص، وذلك لأنه لا يمكن تلقيحهم ضد السعال الديكي حتى يبلغ عمرهم شهرين على الأقل.

أعراض السعال الديكي

تظهر أعراض السعال الديكي بشكل عام بعد 7 إلى 10 أيام من الإصابة، وتشبه الأعراض الأولى للسعال الديكي أعراض نزلة البرد، وتشمل:

  • سيلان الأنف
  • العطاس
  • السعال الخفيف
  • الحمى الخفيفة

وبعد حوالي أسبوع إلى أسبوعين، يتطور السعال الجاف المزعج إلى نوبات من السعال.

يمكن أن تستمر نوبة السعال لأكثر من دقيقة، وقد يتحول الطفل فيها إلى اللون الأحمر أو الأرجواني وفي نهايتها يصدر الطفل صوتاً يشبه صياح الديك عند التنفس أو قد يتقيأ. أما بين النوبات فيشعر المريض عادةً بأنه على ما يرام.

قد يواجه الطفل المصاب صعوبات في التنفس بدلاً من السعال والصياح وقد يبدو الرضيع كما لو أنه يلهث طلباً للهواء مع احمرار في الوجه، وفي النوبات الشديدة من الممكن أن يتوقف عن التنفس لبضع ثوان.

قد تظهر على البالغين والمراهقين أعراض أخف أو مختلفة نوعاً ما، مثل السعال المطول (بدلاً من نوبات السعال) أو السعال دون الصياح.

أسباب السعال الديكي

ليش لهذا المرض أي علاقة بالطيور أو الحيوانات ويتواجد فقط عند البشر، ولكن سميّ بالسعال الديكي نتيجة صوت الصياح الذي من الممكن أن يصدر في نوبة السعال.

ويعتبر السبب الرئيسي لهذا المرض هو تعلق بكتيريا البورديتيلا الشاهوقية "Bordetella pertussis" على الأهداب التي تبطن جزءاً من الجهاز التنفسي العلوي، وتطلق بعدها هذه البكتيريا سمومها التي تضر بالأهداب وتتسبب تورم القصبات الهوائية.

العدوى

تنتشر العدوى من خلال

  • أثناء العطاس أو السعال يطلق المصاب جزيئات صغيرة تحوي على البكتيريا وعندما يتنفسها شخص آخر يلتقط العدوى منه.
  • عندما يقضي الناس الكثير من الوقت معاً أو يتشاركون في منطقة التنفس ذاتها مثل عندما يحمل أحدهم الرضيع على صدره.
  • يمكن أن يبقى المصاب مُعدياً وينشر البكتيريا منذ بداية الأعراض الأولى ولمدة أسبوعين على الأقل بعد بدء السعال.
  • يمكن للمصاب نشر المرض حتى لو بدى سليماً، حيث يعاني البعض من أعراض خفيفة ولا يعرفون أنهم مصابون بالسعال الديكي ولكن مع ذلك يمكنهم نشر البكتيريا للآخرين.
    • ويعتبر هذا هو السبب الشائع لإصابة الأطفال الذين يلتقطون العدوى من الأشقاء الأكبر سناً أو الآباء الذين لا يدركون أنهم مصابون.

المضاعفات

ترتفع نسبة حدوث مضاعفات السعال الديكي عند الأمهات الحوامل، والأشخاص الذين يعانون من نقص في المناعة، والأشخاص المصابين بمرض السكري.

أما المضاعفات في باقي الفئات فهي:

١- الأطفال الكبار والبالغين

يتعافى الأطفال والبالغين من المرض دون حدوث أية مضاعفات أو مشاكل؛ وتكون معظم المضاعفات الحاصلة ناجمةً عن السعال الكثير والشديد، وقد تشمل ما يلي:

  • انتفاخ الوجه
  • فتق في البطن
  • تكسر الأوعية الدموية في الصلبة (المنطقة البيضاء في العين)
  • تشقق أو تكدم الأضلاع
  • قرحة في الفم واللسان
  • نزيف الأنف
  • التهاب الأذن الوسطى "Otitis media"

٢- الرضع والأطفال الصغار

تعتبر هذه الفئة أكثر عرضةً للمضاعفات الخطيرة للسعال الديكي، بما في ذلك:

  • ذات الرئة أو التهاب الرئة "Pneumonia"
  • التجفاف الشديد
  • اختلاجات "Seizures"
  • انخفاض ضغط الدم
  • القصور (الفشل) الكلوي
  • فقدان الوزن نتيجة التقيؤ المفرط
  • توقف مؤقت في التنفس، وفي حال كانت الصعوبات التنفسية شديدة قد يكون هناك خطر حدوث تلف في الدماغ بسبب الحرمان من الأكسجين، وهو اختلاط نادر للغاية.
  • يمكن أن تحدث الوفاة في حالات نادرة وشديدة جداً

التشخيص

قد يخطئ الطبيب في تشخيص مرض السعال الديكي في مراحله الباكرة، وقد يرى أن الأعراض تدل على أمراض تنفسية أخرى مثل التهاب القصبات ونزلة البرد.

حيث يمكن تشخيص الإصابة بالسعال الديكي عادةً عن طريق سؤال المريض أو الأهل عن الأعراض، والاستماع إلى صوت السعال المميز للمرض خلال الفحص السريري.

كما قد يطلب الطبيب إجراء الاختبارات التشخيصية التالية:

  • زرع عينات من الحلق أو الأنف "Throat or nose culture test": يأخذ الطبيب عينة من المنطقة ويرسلها إلى المختبر للتحقق من وجود البكتيريا المسببة.
  • اختبارات الدم "Blood tests": قد يشير ارتفاع عدد خلايا الدم البيضاء إلى احتمالية الإصابة بالعدوى.
  • تصوير الصدر بالأشعة السينية "Chest X-ray": والتي تظهر وجود التهاب أو سائل في الرئتين.

وبمجرد الاشتباه بإصابة الرضيع بالسعال الديكي قد يتطلب الأمر إدخاله المستشفى والعلاج مع إبقائه تحت المراقبة.

علاج السعال الديكي

يتم وضع الرضع المصابين بالسعال الديكي في جناح معزول في المستشفى حتى لا ينتشر المرض، وقد تكون هناك حاجة إلى تسريب السوائل وريدياً أحياناً.

بينما يمكن عادةً معالجة الأطفال الأكبر سناً والمراهقين والبالغين في المنزل وذلك من خلال العلاج الدوائي وبعض النصائح التي تشمل:

١- العلاج الدوائي

  • تعطى المضادات الحيوية "Antibiotics"  مثل: الإريثرومايسين "erythromycin" والكلاريثرومايسين "clarithromycin" لقتل البكتيريا ولمساعدة المريض على التعافي بشكل أسرع،.
    • كما قد يتم وصفها لأفراد الأسرة أيضاً، وهي توقف نقل المريض للعدوى في غضون 5 أيام من أخذها.
    • أما إذا لم يتم تشخيص السعال الديكي حتى مراحل متأخرة فلا يتم إعطاء المضادات الحيوية، لأنه بحلول ذلك الوقت يكون الجسم خالياً من البكتيريا.
  • الستيروئيدات القشرية "Corticosteroids": وتوصف إذا كان الطفل يعاني من أعراض شديدة مع المضادات الحيوية؛ وهي فعالة للغاية في الحد من الالتهاب في القصبات الهوائية مما يسهل عملية التنفس.
  • الأوكسجين "Oxygen": يمكنه إعطاء من خلال قناع خاص إذا دعت الحاجة.

يجب التنويه أيضاِ أن أدوية السعال غير فعالة في تخفيف أعراض السعال الديكي وينصح الأطباء بتجنب استخدامها؛ حيث أن السعال يساعد في إخراج البلغم المتراكم في القصبات الهوائية.

٢- التدابير التي يمكن اتخاذها في المنزل

بما أن أعراض السعال الديكي تكون أقل شدة عند الأطفال الأكبر سناً والبالغين، فقد ينصحهم الطبيب بما يلي:

  • الحصول على الكثير من الراحة
  • شرب الكثير من السوائل لمنع حدوث التجفاف
  • محاولة تنظيف المخاط الزائد والقيء من القصبات الهوائية وظهر الحلق لتجنب حدوث الاختناق
  • تناول الباراسيتامول "Paracetamol" أو الإيبوبروفين "Ibuprofen" لتخفيف التهاب الحلق وتقليل الحمى، مع الانتباه إلى تجنب إعطاء الأسبرين "Aspirin" للأطفال دون سن 16 عاماً بسبب خطورته.

الوقاية

١- اللقاح

إذا أصيب أحد أفراد الأسرة فقد يوصى بإعطاء الأفراد الآخرين المضادات الحيوية بشكل وقائي، ولكن أفضل طريقة للوقاية من السعال الديكي في المقام الأول هي اللقاح.

ويتوفر لقاح السعال الديكي "Pertussis" مع لقاح الدفتيريا "Diphtheria" والكزاز "Tetanus"، بما يسمى لقاح "DTP" والذي يعطى عند الأطفال عدة مرات.

من المهم أيضاً أن يتم تلقيح الأمهات الحوامل، وكذلك أولئك الذين هم على تماس مع الرضع.

عادةً ما يوفر اللقاح حماية جيدة خلال العامين الأولين بعد التلقيح، ولكن تنخفض هذه الحماية بمرور الوقت بعد ذلك.

ومن المهم التنويه إلى أن إهمال أو رفض إعطاء اللقاح للأطفال يمكن أن يرفع نسب الإصابة بالبكتيريا المسببة للسعال الديكي بين الصغار والكبار على حدٍ سواء.

٢- النظافة الجيدة

من المهم الحفاظ على النظافة لمنع انتشار البكتيريا المسببة لمرض السعال الديكي، ويمكن أن يتم ذلك عن طريق:

  • تغطية الفم والأنف بمنديل عند السعال أو العطاس
  • رمي المناديل المستخدمة فوراً في سلة المهملات
  • السعال أو العطاس على الأكمام أو المرفق في حال عدم توفر منديل، وتجنب السعال في اليدين لأن ذلك يمكن أن ينشر البكتيريا.
  • غسل اليدين بالصابون والماء لمدة 20 ثانية على الأقل
  • استخدام معقم اليدين الحاوي على الكحول في حال عدم توفر الصابون والماء

٣- المناعة المؤقتة بعد المرض

يتمتع الأشخاص الذين أصيبوا بالسعال الديكي ببعض المناعة للعدوى التي يمكن أن تنتقل إليهم من جديد في المستقبل القريب.

إلا أنَّ الإصابة لا تقدم حمايةً دائمةً مدى الحياة، ولذلك يعتبر أخذ اللقاح مهم للغاية لأنه يضمن الوقاية طويلة الأمد.