الشقيقة البطنية: الأسباب والعلاج

الكاتب - أخر تحديث 21 ديسمبر 2022

تُعرف الشقيقة بأنها صداع نصفي يصيب الرأس، ولكن حالة الشقيقة البطنية بعيدة عن ذلك، فما العلاقة بينهما؟، وما هي أسباب الشقيقة البطنية وطرق علاجها والوقاية منها؟

ما هي الشقيقة البطنية؟

تُسبب الشقيقة البطنية (Abdominal migraine) آلاماً بأماكن محددة في البطن، تصاحبها بعض الأعراض الهضمية الأخرى التي تظهر على شكل نوبات متفرقة.

وتنتشر هذه الحالة بكثرة بين الأطفال، مقارنة مع الفئات العمرية الأخرى، بنسبة تتراوح من 0.2% إلى 4.1%.

العلاقة بين الصداع النصفي والشقيقة البطنية

خلافًا للشقيقة البطنية، يعد الصداع النصفي مرضًا عصبيًا يسبب آلامًا تصيب منتصف الرأس وتُحدث فيه خفقان، بالإضافة إلى أعراض أخرى مثل الغثيان والقيء والانزعاج من الضوء الساطع والصوت العالي.

وبيَّنت دراسة أجريت على مجموعة من الأطفال لبحث العلاقة بين الشقيقة والشقيقة البطنية، وجود نسبة من المرضى الذي يعانون الصداع النصفي مصابون بالشقيقة البطنية.

وأظهرت دراسة أخرى، إصابة 1.7% ممن يعانون الصداع النصفي بالشقيقة البطنية، بينما أصيب 0.7% بها دون وجود أعراض للصداع.

وكشفت الدراسة أيضاً إصابة الإناث اللاتي تتراوح أعمارهن ما بين السابعة إلى التاسعة، بينما تنتشر لدى الذكور الذين تتراوح أعمارهم ما بين الخامسة والسابعة.

أعراض الشقيقة البطنية

ويتمثل العرض الرئيسي للشقيقة البطنية في حدوث نوبات متكررة من ألم بطني متوسط إلى شديد، وتدوم هذه النوبة ما بين ساعة إلى 72 ساعة، بالإضافة إلى وجود أعراض أخرى تشمل ما يلي:

  • الغثيان حيث يكون عادة شديدًا
  • القيء
  • فقدان الشهية
  • شحوب جلد المريض
  • التعب العام
  • الصداع
  • الانزعاج من الضوء الساطع والأصوات المزعجة

أسباب الشقيقة البطنية

رغم عدم معرفة أسباب الإصابة بالشقيقة البطنية، في ظل صدور مئات الأبحاث حولها، إلا أن دراسة طبية أشارت إلى بعض العوامل التي تسهم في كيفية حدوثها، منها يلي:

١- فرط الحساسية المعوية

حيث تحدث حساسية في النهايات العصبية المعوية نتيجة التواء الأمعاء وانحنائها خلال عملية نقل الفضلات إلى خارج الجسم، ينتج عنها زيادة في إفراز هرمون السيروتونين الذي يسبب زيادة في الإحساس بالألم، بالإضافة إلى أعراض هضمية أخرى مسؤول عنها هذا الهرمون.

وقد يكون للعامل الوراثي دورًا في حدوث فرط الحساسية المعوية، إذ كشفت دراسة في عام 2017 أن بعض الجينات تؤثر في حدوث هذه الحالة، بالإضافة إلى عوامل بيئية ونفسية واجتماعية.

٢- تغيّرات في الجهاز العصبي المعوي (ENS)

ويمكننا تشبيه الجهاز العصبي المعوي بدماغ الجهاز الهضمي الذي يكون مسؤولاً عن حركة الإفراز والتغذية الدموية في الأنبوب الهضمي.

ولاحظت دراسة أجريت على مجموعة من الأطفال المصابين بالشقيقة البطينة، وجود تغيّرات في معدل إفراغ المعدة، وتشوهات في حركة الأمعاء تتمثل في بطء في نقل الفضلات، بما يعكس وجود تأثيرات في التحكم العصبي المعوي. (1)

وخلال محاولة دراسات أخرى معرفة سبب حدوث هذه التغيّرات، وجدت علاقة بين المراكز العاطفية الدماغية والتحركات المعوية بالإضافة إلى دور الغدد الصماء، ونوع وعدد الجراثيم الموجودة بالأمعاء (الفلورا). (2)

٣- الحساسية تجاه بعض الأطعمة

إذ أظهرت دراسات طبية أن بعض الأطعمة تزيد من فرص الإصابة بالشقيقة البطنية، ونوبات الألم، نتيجة رد فعل تحسسي في الأمعاء أدى إلى إلى حدوث المرض.

وتبيّن أن 93% من الأطفال الذين خضعوا للدراسة، تعافوا من آلام البطن بعد استبعاد أطعمة معينة، بالإضافة أيضًا إلى تحسّن حالات مرافقة مرتبطة بالتحسس مثل الربو والإكزيما.

وربطت دراسة أخرى بين حالات التهاب الجيوب الأنفية التحسسي والشقيقة البطنية، مما يجعل السبب التحسسي احتمالاً وراداً. (3)

٤- العوامل النفسية

ويلعب الجانب النفسي دوراً مهمّاً في الإصابة بالشقيقة البطنية، حيث تزداد فرص الإصابة بها لدى الأطفال المعرضين للأذى الجسدي أو الجنسي أو النفسي، بالمقارنة بالذين لم يتعرضوا لذلك، كما تزيد خطورة الإصابة لدى الأطفال الذين يعانون القلق أو الاكتئاب. (4)

وتبين أن حالة الإجهاد نتيجة التوتر تؤدي إلى تنبيه الجهاز العصبي المركزي الذي يطلق بعض الهرمونات العصبية تسبب خللاً في التنظيم العصبي للأمعاء. (5)

مثيرات نوبة الشقيقة البطنية

يتشارك كلاً من الشقيقة والشقيقة البطينة في عوامل عدة تثير نوبات الألم، تتضمن ما يلي:

  • الشدة والتوتر
  • الجوع (تفويت وجبات الطعام)
  • الأضواء الساطعة
  • السفر
  • الحركة
  • بعض الأطعمة

تشخيص الشقيقة البطنية

يصعُب أحياناً تشخيص الشقيقة البطنية أمام الطبيب، لمشاركتها عددًا من الأعراض المماثلة للأمراض الهضمية الأخرى، فضلاً عن أن أغلب المرضى من الأطفال بما يصعِّب من الفحص السريري.

وينبغي استبعاد الإصابات الأكثر خطورة، ثم التوجه نحو تشخيص المريض بالشقيقة البطنية عبر الاستجواب الموجه والفحص.

وتوجد أعراض عدة تُنذِر بالإصابة بالشقيقة البطنية، تتضمن ما يلي:

  • فقدان الوزن غير المُفسّر
  • اضطرابات في النمو
  • الحمى
  • آلام الحفرة الحرقفية اليمنى
  • التقيؤ الدموي أو الصفراوي (خروج العصارة الصفراوية)
  • الإسهال المزمن
  • وجود دم في البراز
  • صعوبة البلع

ويلجأ الطبيب أحياناً إلى إجراء بعض التحاليل الدموية أو الفحوص التصويرية، أو التنظير الهضمي العلوي أو السفلي.

معايير التشخيص

توجد معايير معتمدة لتشخيص الشقيقة البطنية، تشمل ما يلي:

١- معايير روما الرابعة

إذ ينبغي حدوث نوبتين أو أكثر من الشقيقة البطنية على مدى ستة أشهر أو أكثر، يعاني المريض فيها ما يلي:

  • نوبة من آلام البطن (متوسطة إلى شديدة):
    • تنتشر حول السرة أو على الخط البطني المتوسط أو في أنحاء الجسم
    • تستمر النوبة من ساعة إلى 72 ساعة
  • ألم شديد يجعل المريض غير قادر على أداء أي نشاط
  • فترات من النوم بين نوبات الألم، يكون فيها المريض سليمًا، وتستمر هذه الفترات من أسابيع إلى شهور
  • اثنان أو أكثر من الأعراض المصاحبة، التي تتضمن:
    • فقدان الشهية
    • الغثيان
    • القيء
    • الصداع
    • الانزعاج من الضوء الساطع
    • شحوب جلد المريض
  • لا يمكن أن يُعزى الألم إلى سببٍ آخر

٢- معايير ICHD الثالثة

  • نوبة من ألم البطن (متوسط إلى شديد)، يتحقق فيها اثنان على الأقل مما يلي:
    • ألم معتدل إلى شديد
    • يكون على خط المنتصف للبطن أو السرة
    • مزمن وغير واضح التشخيص
  • اثنان أو أكثر من الأعراض المصاحبة، تتضمن:
    • فقدان الشهية
    • الغثيان
    • القيء
    • شحوب جلد المريض
  • تستمر النوبات من ساعتين إلى 72 ساعة - في حالة عدم علاجها- مع عدم وجود أعراض بينهم.
  • لا يمكن أن يُعزى الألم إلى سببٍ آخر.

خمس نوبات أو أكثر من حدوث آلام في البطن، يتحقق فيها ما يلي:

نقاط الاختلاف

  • تؤكِّد معايير روما الرابعة على أن يكون نمط الألم مُعطِّل للحياة اليومية، بالإضافة إلى استمرار مدة النوبات مدة ألا تقل عن 6 أشهر
  • تعتمد معايير ICHD الثالثة حدوث 5 نوبات دون تحديد الفترة الزمنية التي يجب أن تحدث خلالها
  • مدة النوبة يجب أن تستمر لساعة واحدة كحد أدنى طبقًا لمعايير روما الرابعة
  • ويكون الحد الأدنى في معايير ICHD الثالثة ساعتين على الأقل

وبالتالي؛ تعد معايير Rome الرابعة أو ICHD الثالثة، مع عدم وجود أيّة أعراض، سببًا كافيًا لتشخيص مرض الشقيقة البطنية دون اللجوء إلى اختبارات أو فحوصات.

علاج الشقيقة البطنية

يعتمد علاج الشقيقة البطنية على تخفيف آلامها والتقليل من عدد نوباتها، إذ إن الأبحاث التي درست الخيارات العلاجية لم تصل إلى الآن إلى دواء أو إجراء معين يُعالج هذه الحالة نهائيًا.

وتتشابه خيارات العلاج الدوائي، مع المستخدم في مرض الشقيقة، ويتضمن ما يلي:

١- علاج نوبات الشقيقة البطنية

  • المسكنات: مثل مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية (NSAIDs) والأسيتامينوفين
  • التريبتانات: مثل السوماتريبتان وتُستخدم عادًة عند البالغين وبعض الأطفال الأكبر سنًا، وتعمل على منع ارتباط السيروتونين بمستقبلاته
  • الإرغوتامين: لا يُستخدم كثيرًا بسبب تأثيراته الجانبية
  • مضادات القيء: مثل الميتوكلوبراميد والدومبيريدون ويُستخدمان عند وجود غثيان وقيء مصاحب له

٢- العلاج الوقائي للنوبات

  • حاصرات بيتا: مثل البرونالول إذ يعد خيارًا جيّدًا للوقاية من النوبات
  • مضادات الصرع: مثل فالبروات الصوديوم
  • مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة: مثل الأميتريبتيلين
  • مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية: مثل السيتالوبرام

وينبغي أخذ رأي الطبيب قبل البدء في تناول أي دواء مذكور، إذ قد تكون بعض الأدوية غير مناسبة لبعض الفئات العمرية عند الأطفال.

ويجمع الطبيب عادة بين النمط العلاجي الوقائي لتحقيق أكبر فائدة ممكنة للمريض.

الوقاية

وتعد الوقاية خياراً فاعلاً في تجنُّب حدوث نوبات الشقيقة البطنية بالإضافة إلى العلاج الدوائي، كما توجد إرشادات لتحسين نمط الحياة، ومنع حدوث النوبات، مثل:

  • الحرص على حصول المريض على قسطٍ كافٍ من النوم.
  • تجنُّب الإرهاق والدراسة لساعات طويلة.
  • العناية بطعام المريض.
  • تناول الأغذية التي تحتوي على البروبيوتيك (بكتريا نافعة بالجسم)؛ إذ يكون لها دور في تخفيف الألم وتقليل النوبات (6)
  • وأوصت دراسات أخرى بتناول الألياف أو الأغذية الغنية بها، إلا أن النتائج لم تكن مرضية. (7)
  • الابتعاد عن الأطعمة المثيرة للنوبات
  • عدم تعرض المريض للإجهاد والتوتر
  • الابتعاد عن الأصوات المزعجة والأضواء الساطعة

في الختام ينبغي تأكيد أهمية زيادة الوعي حول الشقيقة البطنية، من أجل التشخيص والعلاج المبكر؛ للتخفيف من معاناة المريض.