العقم عند النساء: الأسباب وطرق التشخيص

المراجعة الطبية - OB/GYN
الكاتب - أخر تحديث 23 أغسطس 2022

العقم هو مرض يؤثر على الجهاز التناسلي، وفي حالة العقم عند النساء يكون الجهاز التناسلي يعاني من خلل ما لا يسمح بتحقيق الحمل.

فما هي أعراض العقم عند النساء؟ وكيف يتم تشخيص الحالة؟ وهل هي قابلة للعلاج؟

تعريف العقم عند النساء

العقم بشكل عام يعني انعدام القدرة الإنجابية، وعدم حصول الحمل، بعد مرور سنة كاملة على ممارسة الجماع بشكل منتظم بين الزوجين، مع عدم استعمال وسائل منع الحمل باختلاف أنواعها، وذلك بالنسبة للنساء التي تقل أعمارهم عن 35 سنة.

أو عدم حصول حمل خلال ستة أشهر من ممارسة العلاقة الجنسية، مع عدم استعمال وسائل منع الحمل، لدى النساء التي تزيد أعمارهم عن 35 سنة.

مراحل عملية الإلقاح الطبيعية

تمر عملية الإلقاح الطبيعية حتى حصول الحمل بالمراحل التالية:

  • تطور بويضة أنثوية في مبيض الأنثى الذي يعد أحد أجزاء الجهاز التناسلي.
  • حصول الإباضة، والتي تصف إطلاق البويضة إلى البوق الأنثوي، أحد أجزاء الجهاز التناسلي الأنثوي.
  • حصول الإلقاح، بدخول النطفة إلى البويضة، ويحدث ذلك ضمن البوق.
  • انتقال البويضة الملقحة إلى داخل الرحم لتحصل عملية التعشيش، أي تعشيش واندماج البويضة الملقحة ضمن نسيج الرحم. ومن هنا يبدأ الحمل.

إنّ أي خلل في العملية السابقة لسبب من الأسباب قد يؤدي للعقم، فبحسب التقديرات يعاني حوالي 15% من الأزواج من العقم حول العالم، كما يبلغ عدد الأزواج الذين يعانون من العقم حوالي 48.5 مليون زوج عالمياً.

أعراض العقم عند النساء

قد لا تبدي المرأة المصابة بالعقم أية أعراض سوى حالة عدم الإنجاب، رغم المحاولات المستمرة. إلا أنه وفي بعض الحالات قد تعاني من بعض الأعراض الناتجة عن سبب العقم، ومنها:

  • الألم خلال ممارسة الجِماع بين الزوجين: يطلق على هذا العرض أيضاً اسم "عِسر الجماع"و قد يشير ما سبق أحياناً لوجود حالات إنتانية أو أورام ليفية رحمية.
  • طمث مؤلم وطويل مع خسارة دم كبيرة: قد يكون هذا العرض أحد علامات داء "الإندومتريوز" والذي يعد سبباً من أسباب العقم.
  • خروج دم الطمث" أو الدورة الشهرية" بلون شاحب أو غامق: حيث من المفترض أن يكون الدم الخارج أحمر فاتح اللون في البداية ليصبح أغمق شيئاً فشيئاً حتى نهاية الطمث.
  • اضطراب نَظْمُ الدورة الشهرية: تختلف المدة بين بداية كل طمث وآخر من أنثى لأخرى، إلا أنه غالباً ما تكون هذه الفترة ثابتة لدى الأنثى نفسها، وأي اضطراب في هذا النظم الثابت عادةً قد يشير إلى مشكلة في إنتاج الويضات الأنثوية وتطورها.
  • الاضطرابات الهرمونية: لا تعتبر التغيرات في إفراز الهرمونات من العلامات المميزة للعقم، إلا أنها قد ترتبط بالعقم في بعض الأحيان.
    ومن العلامات والأعراض التي قد تشير لوجود اضطراب في إفراز الهرمونات:
    • زيادة الوزن غير المفسرة
    • ظهور حالة شديدة من حب الشباب
    • برودة نهايات الأطراف، أي اليدين والقدمين
    • خروج مفرزات من حلمة الثدي
    • ضعف الرغبة المعتادة بممارسة الجماع
    • ظهور أشعار كثيفة في مناطق غير معتادة على جسم الأنثى
    • حدوث صلع وخسارة في شعر الرأس يشبه النموذج الذي يحصل لدى الرجال
  • السمنة: تعتبر السمنة أحد أعراض العقم، وقد تكون أحد عوامل الخطورة لحصول العقم في نفس الوقت، وذلك وفقاً لدراسة منشورة عام 2018.

أسباب العقم عند النساء

تتعلق أغلب الأسباب المؤدية للعقم باضطراب في عملية الإباضة الشهرية؛ حيث تحدث الإباضة في الحالة النموذجية مرةً كل شهر.

وفي حال حدوث اضطراب في الآلية السابقة فقد تتوقف عملية الإباضة بالكامل، أو أنها تغيب في أكثر من دورة شهرية متتالية.

ومن الأمراض التي قد تسبب اضطراب في الإباضة:

  • المبيض متعدد الكيسات PCOS
  • اضطرابات الغدة الدرقية: إن كان فرط نشاط أو قصور في عمل الغدة
  • القصور المبيضي البدئي: تطلق هذه الحالة على دخول المرأة بشكل مبكر في سن الإياس، مع خسارة كامل إنتاج البويضات من المبيض، حيث يكون عمر المريضة أقل من 40 سنة.

أسباب أخرى للعقم

١- الندب الجراحية التالية لإجراء جراحي

قد يسبب إجراء عمل جراحي على منطقة الحوض والجزء السفلي من البطن، حدوث ضرر وتندب في البوقين اللذين يصلان المبيضين بالرحم، كما قد يحدث ضرر في عنق الرحم.

٢- اضطرابات السائل المخاطي اللزج الذي يسد فتحة عنق الرحم

يتوضع عنق الرحم أسفل الرحم، في المنطقة الفاصلة بين الرحم والمهبل، ويتشكل ضمنه في الحالة الطبيعية سائل مخاطي لزج يشكل حاجزاً في وجه الجراثيم التي قد تتدخل إلى الرحم.

إن أي اضطراب فيما سبق قد يجعل من وصول النطاف بشكل طبيعي إلى مكان وجود البويضة الأنثوية أمرا صعباً، وبالتالي عدم حدوث عملية الإلقاح.

٣- الداء الليفي

لا يعتبر الداء الليفي من الأمراض السرطانية، إلا أنه تكاثر حميد لنوع معين من الخلايا الطبيعية الصفات.

قد يمنع الداء الليفي البويضة الملقحة من التعشيش والنمو ضمن الرحم، وبالتالي يؤدي في بعض الأحيان إلى العقم.

٤- الإندومتريوز (الانتباذ البطني الرحمي)

يمكن وصف هذه الحالة بنمو جزء من خلايا الرحم خارج الرحم، حيث قد تتوضع على المبيض وتسبب تخرّبه وتخرّب البوقين.

٥- الداء الحوضي الالتهابي

يطلق هذا المرض على الالتهاب الذي يحصل في الجزء العلوي من الجهاز التناسلي الأنثوي، أي الرحم والبوقين والمبيضين.

ينتج هذا الالتهاب غالباً عن "الأمراض المنتقلة بالجنس STDs". حيث قد تسبب هذه العوامل الممرضة التهاباً مزمناً في البوقين والمبيضين وتندباً وتخرباً فيها.

٦- "التعقيم" الذاتي للأعضاء التناسلية الأنثوية

قد ترغب الأنثى بتطبيق وسيلة منع حمل موثوقة، فتقوم باستئصال المبيضين أو تقوم بربط البوقين.

وتكون إمكانية الحمل بعد ذلك ضئيلةً جداً؛ حيث لا يمكن الرجعة فيها غالباً إلا بحالات نادرة.

٧- الأدوية

قد يتضمن التأثير الجانبي لبعض الأدوية حدوث العقم لدى الأنثى، ومن هذه الأدوية:

  • الاستخدام الطويل الأمد وغير المضبوط لمضادات الالتهاب اللاستيروئيدية NSAIDS، مثل الإسبرين وإيبوبروفين.
  • أدوية العلاج الكيميائي كتلك المستخدمة في علاج السرطانات والالتهابات الشديدة، حيث قد يؤدي بعضها لضرر كبير في المبيضين.
  • بعض الأدوية المستخدمة في علاج الصدفية، حيث قد تسبب حدوث غياب في الدورة الطمثية الشهرية واضطراب فيها.
  • المدِرُّ البولي "السبيرنولاكتون": قد يؤدي هذا الدواء إلى حدوث اضطراب في تراكيز بعض الهرمونات الأخرى. لكن القدرة الإنجابية للأنثى تعود إلى سابق عهدها بعد شهرين من إيقاف الدواء غالباً.
  • بعض المواد الكيميائية المحظورة مثل "الكوكائين" و"الماريجوانا".

عوامل الخطورة للإصابة بالعقم عند النساء

قد تؤثر بعض العوامل على إمكانية حدوث الحمل أو استمراره، وبالتالي فتعد أحد عوامل الخطورة للإصابة بالعقم، ومنها:

  • تمتلك النساء في عمر الثلاثينات وأكثر، قدرةً إنجابيةً أقل من اللاتي بعمر أقل من ذلك.
  • الإصابة بالأمراض المزمنة، مثل السكري والذئبة والتهاب المفاصل وارتفاع الضغط الشرياني والربو.
  • قلة النسيج الشحمي في الجسم بشكل كبير أو زيادتها بكثرة.
  • عدم الاستقرار الهرموني.
  • العوامل البيئية والممارسات الضارة، كالتدخين وتعاطي المخدرات أو العمل ضمن ظروف عمل سيئة والتعرض للسموم.
  • تناول الأمهات الحوامل لدواء DES أثناء الحمل، مما يزيد من خطر إصابة الجنين في حال كان فتاة لاحقاً بالعقم.
  • وجود تشوهات خلقية في بنية الرحم.

تشخيص العقم عند النساء

يبدأ فحص الطبيب دوماً بالفحص السريري، ويكون هذا الفحص بوجود الزوجين لمحاولة الوصول للتشخيص، عن طريق أخذ القصة منهما والسؤال عن السوابق المرضية والصحية، بالإضافة للحياة الجنسية الزوجية بينهما.

ثم يطلب الطبيب عمل فحوصات إضافية والتي تبدأ غالباً بتحليل السائل المنوي للذكر، لكشف أي اضطرابات في عدد النطاف وشكلها وحركتها، أي لنفي أي اضطراب طبي متعلق بالذكر.

ومن ثم يمكن البدء بإجراء الفحوصات المتعلقة بالأنثى، التي تتضمن التأكد بدايةً من حدوث دورة شهرية منتظمة تتضمن حصول حادثة الإباضة، ومن الوسائل الممكنة لذلك:

  • مراقبة درجة حرارة الجسم اليومية، حيث ترتفع درجة حرارة جسم المرأة عن درجة الحرارة الطبيعية بشكل طفيف يوم الإباضة.
  • مراقبة التغيرات التي تتطرأ على السائل المخاطي لعنق الرحم، والذي يصبح أقل لزوجةً خلال فترة الإباضة.
  • استخدام الوسائل الصنعية لاختبار حدوث الإباضة.
  • تعتبر المراقبة بالتصوير بالأمواج فوق الصوتية للمبيض، دليلاً مؤكداً لنفي أو تأكيد حدوث الإباضة.
  • بعض الفحوصات الدموية مع ملاحظة حدوث ارتفاع في بعض الهرمونات أثناء الإباضة من عدمها.

فحوصات أخرى

كما يمكن في بعض الحالات إجراء المزيد من الفحوصات لنفي وجود أي اضطراب في بنية ومكونات الجهاز التناسلي الأنثوي. ويتضمن ذلك:

  • تصوير الرحم باستخدام المادة الظليلة: حيث أن عبور المادة الظليلة عبر المهبل إلى الرحم ثم البوقين لتخرج إلى جوف البطن. يدل على سلامة ونفوذية الجهاز التناسلي من أي آفات سادة.
  • تنظير الرحم: يتم فيه إدخال جهاز تصوير صغير، لتأمين رؤية مباشرة لجوف الرحم وباقي الطريق التناسلي، ليسمح للطبيب من تحري الجهاز التناسلي.

علاج العقم لدى النساء

يعتمد علاج العقم على المسبب وعلاجه، ففي حال كان السبب وجود اضطراب في الغدة الدرقية وراء حالة العقم على سبيل المثال، فإن علاج هذا الاضطراب قد يؤدي إلى عودة الخصوبة إلى حالتها الطبيعية.

كما أنه في حالات العقم الناتج عن ربط البوقين أو انسدادهما، يمكن حدوث الحمل باستخدام تقنية الإخصاب المساعد خارج الرحم، حيث يتم تحريض الإباضة باستخدام أدوية خاصة. ومن ثم يتم سحب البويضات من المبيض ليتم تلقيحها بنطاف الزوج ضمن المختبر ومن ثم إعادتها إلى رحم الأم، وهنا قد يحدث الحمل.

أما العلاجات الدوائية فتكون الفائدة العظمى منها في حالات العقم الناتج عن عدم حدوث الإباضة.

الأدوية المستخدمة

  • دواء "الكلوميفين": يعمل هذا الدواء على تحريض نمو البويضات ضمن المبيض لتصل لمرحلة النضج. ويتميز بفعالية عالية في إحداث الإباضة. وفي هذه الحالة يمكن أن يحدث حمل توأمي. أما في حال مرور ستة دورات شهرية على استخدامه من دون حدوث الحمل، فيصف الطبيب دواءً آخراً بديلاً عنه.
  • دواء "الليتروزول": يفضل هذا الدواء عادة على دواء الكلوميفين في علاج العقم الناتج عن حالة المبيض متعدد الكيسات.
  • حقن هرمون hCG: يستخدم هذا الدواء لتحريض إطلاق البويضات من المبيض، وخاصةً في الحالات التي لا تستجيب للأدوية السابقة.
  • "البروموكربتين": يستخدم هذا الدواء لعلاج الحالات الناتجة عن العقم الناتج عن اضطراب إفراز هرمون "البرولاكتين".

يمكن اللجوء للعلاج الجراحي في بعض حالات العقم الناتجة عن انسداد البوقين أو الناتجة عن داء "الإندومتريوز"، إلا أن نسب النجاح ما زالت منخفضةً إلى حد ما.

ما تزال العلاجات الطبية والجراحية لحالة العقم في تطور مستمر، حيث يعد العقم أحد المشاكل الطبية شديدة الأهمية، لما لها من أثر جسدي ونفسي على الزوجين.