الفتق الحجابي: الأعراض والعلاج

الكاتب - 31 مارس 2023

الفتق الحجابي هو حالة شائعة تحدث عندما يتمدد جزء من الأمعاء أو الدهون من خلال فتحة في العضلات الصغيرة في الحجاب الحاجز، مما يتسبب في ظهور بروز في المنطقة البطنية أو الفخذية. وعلى الرغم من أن الفتق الحجابي يمكن أن يحدث في أي عمر، إلا أنه أكثر شيوعاً عند كبار السن.

في هذا المقال، سنلقي نظرة عامة على الفتق الحجابي، بما في ذلك الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج.

ما هو الفتق الحجابي؟

يعرّف الفتق بشكل عام بأنه خروج أحد أعضاء الجسم خارج الحيز الذي يشغله، وذلك من خلال تجاوز الجدار المحيط به، عبر نقطة ضعف موجودة.

أما الفتق الحجابي "Hiatal hernia" فهو فتق يطال عضلة الحجاب الحاجز المسؤولة عن التنفس، ففيه يصل جزء من المعدة (في بعض الحالات أعضاء بطنية أخرى) إلى الصدر من خلال فتحة موجودة بشكلٍ طبيعي في عضلة الحجاب الحاجز.

يعد من الاضطرابات الشائعة، حيث يُقدر أن يصيب حوالي 15% إلى 20% من الأشخاص حول العالم، كما أن هنالك مجموعة من الخصائص الاحصائية التي تضم: (1)

  • يزداد احتمال حدوث الفتق الحجابي، مع التقدم بالعمر، حيث يصيب:
    •  4% في العقد السادس من العمر
    • 7.0% و 14.0% و 16.6% في العقود السابع والثامن والتاسع على الترتيب
  • يصيب النساء أكثر من الذكور، بنسبة تصل 12.7% مقارنة بـ 7.0%
  • كما أظهرت الأرقام تفضيلاً حسب العرق، على الشكل التالي:
    • انتشارًا أعلى في البيض غير اللاتينيين 12.1%
    • الأمريكيين من أصل أفريقي 9.4%
    • الأسبان / اللاتينيين 11.0%
    • انتشار أقل في الأمريكيين من أصل آسيوي 2.9%

الأنماط

تفصل عضلة الحجاب الحاجز بين الأعضاء البطنية والصدرية، بالإضافة إلفى دورها في التنفس.

يمر من خلال هذه العضلة عدة أوعية دموية بالإضافة إلى المريء، والذي يمتلك فوهة خاصة به، ويتشكل في هذه الفوهة صمام يمنع ارتداد الطعام من المعدة، وهو ما يعرف بمعصرة المري السفلية.

في حالة الفتق الحجابي، تصبح هذه الفوهة غير قادرة على الاحتفاظ بشكلها الطبيعي، مما يؤدي إلى دخول جزء من المري أو المعدة أو أعضاء بطنية إضافية عبرها. وبناءً عليه يمكن أن تصنَّف إلى:

  • النمط الأول: يُعرف أيضاً بالنمط الانزلاقي "Sliding Hernia" ، وفيه يتزلق الوصل المعدي المريئي للأعلى قليلاً، وهو النمط الأكثر شيوعاً ويشكل معظم الحالات بنسبة قد تصل ل95%.
  • النمط الثاني: يُسمى الفتق جانب المريء "Paraesophageal Hiatal Hernia" وفيه يبقى الوصل المعدي المريئي ضمن البطن، ولكن يصعد قاع المعدة، نتيجة توسع الفتحة الحجابية.
  • النمط الثالث: هو النمط الذي يجمع الشكلين السابقين ويسمى المختلط.
  • النمط الرابع: وهو نمط متقدم من المختلط، تهاجر فيه المعدة مع عضو إضافي مثل القولون أو الأمعاء الدقيقة أو الطحال إلى الصدر.
مقطع يوضح أجزاء المريء وحالة الفتق الحجابي
مقطع يوضح أجزاء المريء وحالة الفتق الحجابي

أعراض الفتق الحجابي

تختلف الأعراض المشاهدة حسب النمط الحاصل لحالة الفتق الحجابي إلا أن أغلب الحالات المرتبطة بالنمط الأول تكون غير عرضية، وفي بعض الأحيان يمكن أن تترافق مع:

  • احساس بالحرقة في الصدر
  • ارتداد الطعام للفم (قلس المحتويات الطعامية)
  • الغثيان والإقياء
  • التجشؤ

أما في الأنماط الأخرى (الثانية والثالثة والرابعة)، تكون الأعراض أكثر حدة، وتضم:

  • ألم صدري أو بطني
  • إقياء دموي أحمر أو زفتي اللون
  • براز مدمى
  • تغيُّر في نبرة الصوت
  • الشبع المبكر
  • صعوبة في البلع
  • ضيق في التنفس أو صعوبة في التنفس عقب تناول الطعام

أسباب الفتق الحجابي

إن السبب الرئيسي لحدوث الفتق هو ضعف عضلة الحجاب الحاجز وفقدان مرونتها، وهذا الأمر قد يكون خلقي أي يولد مع المريض، أو مكتسب ويظهر خلال حياة المريض لأسباب متنوعة ومختلفة، أبرزها التقدم بالعمر بالإضافة مع وجود عوامل خطورة تزيد من خطر حصول هذه الحالة، وهي:

المضاعفات

نادراً ما يترافق الفتق الحجابي بحدوث مضاعفات، إلا أنه من الممكن على المدى الطويل أن يتضرر المري بسبب المواد القادمة من المعدة.

هذا الضرر سيؤدي لحدوث قرحات في المريء، وهذه القرحات قد تتندب وهذا يرفع من احتمالية حدوث سرطان المريء

العلاقة بين الارتجاع المعدي المريئي والفتق الحجابي

المريء هو الأنبوب الهضمي الواصل ما بين الفم والمعدة، ويكون عبارة عن بنية عضلية تتميز بمحطتين مهمتين وهما المصرتين العلوية والسفلية.

تعرف المصرة على أنها حلقة عضلية، تغلق وتفتح السبيل أمام اللقمة الطعامية. على الشكل التالي:

  • المصرة المريئية العلوية (Upper esophageal sphincter): تقع ما بين المريء والبلعوم، وتمنع ارتداد الطعام للشعب الهوائية.
  • المصرة المريئية السفلية (Lower esophageal sphincter): تمنع ارتداد / ارتجاع محتويات المعدة للمريء.

يضعف في الارتجاع المعدي المريئي (GERD) عمل المصرة المريئية السفلية لسبب ما، ومنه تعود محتويات المعدة للمريء، ولا تكون بنية المري مستعدة لهذه المواد الحامضية، مما يؤدي لتأذي المري وظهور الأعراض المرافقة لحالة الارتجاع الحمضي.

يتشابه كل من الفتق الحجابي والارتجاع المعدي المريئي بكل شيء تقريباً، ولكن تختلف آلية الإصابة في كلِ منهما. 

حيث في الفتق الحجابي، يصعد الوصل المعدي المريئي للداخل الصدر، مما يؤدي في النهاية لحدوث قصور في عمل المصرة، ومنه تحدث أعراض الارتجاع المعدي المريئي.

كما وقد أثبتت إحدى الدراسات أن حوالي 50% إلى 90% من المرضى المصابين بمرض الارتجاع المعدي المريئي (GERD) يعانون من فتق الحجاب الحاجز. (2)

التشخيص

يأتي مريض الفتق الحجابي بمجموعة من الأعراض الموجِّهة للارتجاع المعدي المريئي (GERD)، لذا تكمن مهمة الطبيب بكشف أي أعراض أو علامات أخرى تفرِّق الفتق الحجابي عن غيره.

لذا قد يلجأ لمجموعة من الفحوص، التي قد تساعد في تشخيص الحالة. وهي كالتالي:

  • صورة أو الصدر البطن البسيطة (C/A-XR): قد تساعد في كشف بعض أنواع الفتوق الحجابية، مثل النمط الثاني.
  • صورة المعدة والمريء الظليلة (Barium X-ray): هي عبارة عن صورة بسيطة للبطن، إلا أن المريض يقوم بأخذ مادة ظليلة، تقوم برسم معالم المريء والمعدة والجزء العلوي من الأمعاء الدقيقة.
  • التنظير الهضمي العلوي (Upper endoscopy): يتم تخدير المريض، من ثم إدخال أنبوب مرن مزوَّد بإضاءة وكاميرا، وذلك لمشاهدة المريء من الداخل.

علاج الفتق الحجابي

يعتمد علاج الفتق الحجابي على الأعراض الموجودة، حيث إنه لا داعي لأي إجراء علاجي في حال كان المريض لا يعاني من أيّة أعراض.

أما الحالات الأخرى فتعالج على الشكل التالي:

١- تعديلات على نمط الحياة

هناك العديد من التوصيات التي تُساعد على ضبط الأعراض، وهي تعتبر الخطوة الأولى في العلاج، على الشكل التالي:

  • تقسيم الطعام إلى مجموعة من الوجبات الصغيرة، بدلاً من وجبتين أو ثلاثة رئيسيات
  • الانتظار لمدة 2-3 ساعات بعد الطعام قبل النوم أو الاستلقاء
  • تجنب الأكل في ساعات الليل المتأخرة
  • الابتعاد عن بعض الأطعمة والمشروبات، مثل:
    • الشوكولاتة
    • النعناع
    • الكحول
    • الأطعمة الغنية بالتوابل
    • الفواكه الحمضية
    • القهوة
  • تجنب أو إيقاف التدخين
  • ممارسة الرياضة بشكل منتظم
  • تخفيف الوزن
  • رفع الوسادة قليلاً عند الاستلقاء

٢- الأدوية

هناك مجموعة من الأدوية القادرة على تخفيف الأعراض، مثل:

  • مضادات الحموضة مثل المالوكس (Maalox)
  • ألجينات مثل ألجينات الصوديوم
  • مضادات مستقبلات H2 على سبيل المثال السيميتيدين (Cimetidine)
  • مثبطات مضخة البروتون (PPIs) كالأوميبرازول (Omeprazole)

٣- الجراحة

تبقى الخيار الأخير أمام المريض، وتجرى عادةً عبر الجراحة التنظيرية، حيث يجري الطبيب مجموعة من الشقوق الصغيرة في البطن، ومن خلالها يدخل الأدوات الجراحية المطلوبة.

تتم العملية من خلال إعادة المعدة والوصل المعدي المريئي لموقعهم، مع تضييق الفوهة المريئية في عضلة الحجاب الحاجز.

الوقاية من الفتق الحجابي

تفيد بعض الخطوات في تقليل من خطورة حدوث فتق حجابي، ولكن قد تظهر بعض الحالات رغم هذه الإجراءات. وهي تشمل:

  • علاج حالات الإسهال أو السعال المزمن
  • تدبير الداء الرئوي الانسدادي المزمن
  • تخفيف الوزن
  • تجنب ارتداء البناطيل ذات الخصر الضيق
  • الابتعاد عن التدخين والكحول