القرحة الإثني عشرية: الأعراض والعلاج

الكاتب - 24 يناير 2023

تعريف القرحة الإثني عشرية

كثيراً ما نسمع مصطلح القرحة الإثني عشرية أو العفجية وهي عبارةٌ عن أذية أو جرح في جدار الإثني عشر، أي في المنطقة الموجودة في بداية الأمعاء الدقيقة، وتكون ناتجة عن اضطرابات معينة في جهاز الهضم أو بسبب إصابات جرثومية أو غيرها.

وتبلغ نسبة المصابين بها بحسب آخر دراسة في عام 2022 ما يقارب 5-15% من سكان المجتمع الغربي، وهي نسبة كبيرة جداً، وتدل على الصعوبات الطبية في التعامل معها والوقاية منها.

أعراض القرحة الإثني عشرية

تكون معظم إصابات القرحة الإثني عشرية غير عرضية، أي لا يصاحبها أي أعراض وقد لا يعلم المريض بوجودها أصلاً، كما يحدث في القرحات صغيرة الحجم، والتي لا تُكتشف إلا عند حدوث مضاعفات خطيرة.

كما أن العارض الأكثر شيوعاً في حال ظهور أعراض هو الألم البطني، والذي يتميز بأنه:

  • ألم يشبه الحرقة
  • يوجد في القسم العلوي من البطن
  • يزداد ليلاً، وقد يوقظ الشخص من النوم بسبب شدته
  • يزداد عندما تكون المعدة فارغة أي بعد حوالي 1-3 ساعات من تناول الطعام
  • قد يدوم من عدة دقائق إلى عدة ساعات

يشعر الشخص بالراحة المؤقتة عند تناول الأدوية المضادة للحموضة، لكن يعود الألم إلى الظهور بعد فترة إذا لم تعالج القرحة.

بالإضافة إلى ما سبق، قد تظهر في بعض الحالات أعراض أخرى مرافقة للقرحة الإثني عشرية، ومنها:

  • نقص الشهية أو الشعور الدائم بامتلاء المعدة
  • عدم القدرة على شرب الكميات المعتادة من السوائل
  • الغثيان والإقياء
  • براز مدمى (أحمر) أو أسود اللون
  • ألم صدري
  • ألم من ناحية الظهر
  • تعب عام
  • خروج دم مع الإقياء
  • فقدان سريع للوزن
  • علاوةً على ذلك، يعاني بعض المرضى من الشعور بانتفاخ في البطن، والتجشؤ المتكرر، وخاصةً عند تناول الأطعمة الدسمة والغنية بالدهون

أسباب الإصابة

في السابق، كان الاعتقاد السائد أن الضغط النفسي بالإضافة إلى نمط التغذية هما المسؤولان عن حدوث القرحة ومع الوقت اتضح أن حموضة ومفرزات المعدة هي التي تساهم في الإصابة فقط.

أما في وقتنا الراهن ومع الأبحاث الحديثة فقد وجد أن السبب الأول وراء أغلب إصابات القرحة الإثني عشرية هو العدوى بجرثومة الملوية البوابية "H.pylori"، إذ تفرز هذه الجرثومة مواداً خاصةً تضعِف الجدار الداخلي للأمعاء، وتجعل منه أكثر تأثراً بالمواد الحامضية للمعدة. (1)

كما أن هنالك سبب ثانٍ وجد أن له دور في الإصابة بالقرحة الإثني عشرية وهو استخدام الأدوية من نمط مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية "NSAIDs" وهي في معظمهما مسكنات للألم، وخافضات للحرارة، مثل الأسبرين "Aspirin" والإيبوبروفين "Ibuprofen" وغيرها. (2)

حيث تسبب هذه الأدوية بعض الاضطرابات على مستوى المعدة والإثني عشر، مثل:

  • التهابات في السبيل الهضمي
  • نقص في تدفق الدم باتجاه الخلايا
  • نقص في إفراز المواد المخاطية التي تحمي جهاز الهضم
  • ضعف في عملية تجديد وإصلاح الخلايا والأنسجة المتضرّرة

بالتالي تؤدي جميع الأمور السابقة إلى زيادة احتمالية حدوث أذية وقرحة في المعدة أو الإثنى عشر.

عوامل الخطر

وبالإضافة إلى مسببات الإصابة بقرحة الإثني عشر، فهنالك عوامل مساعدة تزيد من خطر الإصابة، ونذكر منها ما يلي:

  • التدخين: حيث يبطِئ عمليّة الشفاء بالنسبة للقرحة الموجودة مسبقاً، وله دور في عودة ظهورها مرة أخرى بعد العلاج
  • مادة "الكافيين (Caffeine)": وهي مادة موجودة في القهوة والشاي وغيرها من المشروبات، وتزيد من إفراز الحموضة المعدية، بالتالي تتسبب بزيادة الشعور بالألم عند المريض ولكن لا تصنف في حد ذاتها كسبب في حدوث القرحة.
  • الإجهاد (ٍStress): لا دور للشدة النفسية في تشكل القرحة، ولكن يشتكي معظم المصابين من تفاقم الألم عند التوتر
  • كما غالباً ما تترافق بعض الشدات الجسدية كالإصابة بالحروق أو إجراء عمليات كبرى مع حدوث تقرحات في السبيل الهضمي
  • ويمكن أن نضيف إلى ما سبق بعض الأسباب الأخرى كسرطان المعدة، وسرطان الرئة، وتناول بعض الأدوية الستيروئيدية (Steroids)، ولكنها أقل شيوعاً.

المضاعفات

تكون معظم حالات القرحة الإثني عشرية بسيطة، ولا تترافق مع مضاعفات خطيرة، إلا أنه قد تتطور لدى المريض بعض المضاعفات الخطرة في حال عدم الالتزام بالعلاج، ومن ضمنها:

١- النزيف الداخلي

يعتبر النزيف الداخلي من الاضطرابات والمضاعفات الأكثر شيوعاً لحالة القرحة الإثني عشرية، ويحدث عندما تصل الأذيّة إلى جدران الأوعية الدمويّة، فنكون أمام حالتين:

  • النزف البطيء، ويتسبب مع مرور الوقت إلى الإصابة بفقر الدم، حيث يظهر على المريض الشحوب والتعب، وضيق التنفس وغيرها من الأعراض
  • النزف السريع، حيث يخرج الدم فيه مع القيء أو مع البراز، فيظهر على المريض أعراض تشمل التعرق الزائد والتعب وفقدان الوعي
٢- انثقاب القرحة

يعني ذلك حدوث ثقب في الجدار الأمامي للإثني عشر، مما يتيح الفرصة للجراثيم الموجودة بشكلٍ طبيعي في الأمعاء للخروج إلى تجويف البطن، بالتالي حدوث التهابات فيه.

كما يمكن أن تصل العدوى إلى مجرى الدم وتكون حالة أكثر خطورة حيث قد تصل إلى الأعضاء الداخلية المختلفة مؤدية إلى فشلها.

وتظهر هذه الحالة على المريض بشكل ألم مفاجئ وشديد جداً في الربع السفلي الأيمن من البطن، وقد ينتشر الألم كذلك إلى أحد الكتفين أو كليهما، ما يستدعي إجراء عمل جراحي بأسرع وقت ممكن.

٣- انسداد مخرج المعدة

يمكن أن تعيق القرحة خروج الطعام من المعدة إلى الأمعاء، بسبب الوذمة، والالتهاب الحاصل في مكانها.

الأمر الذي يؤدي إلى حدوث إقياء متكرر، وبشكل خاصّ في الليل، وما يتبعه من نقصانٍ في الوزن والشهية بالتالي التعرض لخطر حدوث التجفاف.

التشخيص

يبدأ تشخيص القرحة الإثني عشرية بسؤال المريض عن الحالة وتحديد الأعراض التي يعاني منها.

ثم يتم التأكد من التشخيص من خلال إجراء فحوص إضافية مثل التنظير الهضمي "Endoscopy" والذي يتم بإدخال منظار عبر السبيل الهضمي، وذلك لرؤية القرحة بشكلٍ مباشرٍ وتحديد حجمها وموقعها كما يمكن أخذ عينة منها لفحصها في المختبر.

كما يمكن أن يطلب الطبيب إجراء اختبارات إضافيّة تشمل:

  • زرع العينات ودراستها: يساعد ذلك في الكشف عن وجود جرثومة الملوية البوابية "H.pylri" ضمن القرحة أو حتى في الكشف عن وجود السرطان، إلا أن فحوص الزرع قليلة الاستخدام نظراً لطول الوقت اللازم للحصول على النتائج.
  • فحص عينات البراز: يعد من الاختبارات الدقيقة، ويفيد في تحري وجود جرثومة الملوية البوابية "H.pylri".
  • اختبارات دم عامة: مثل إجراء تعداد كامل للدم "CBC" للتأكد من عدم وجود فقر في الدم.

علاج القرحة الاثني عشرية

يلجأ الأطباء عادةً إلى علاج القرحة الإثني عشرية من خلال عدة محاور، وهي:

١- نمط الحياة

إن تغيير نمط الحياة يعتبر جزء من السبيل العلاجي ولكنه ليس العلاج بحد ذاته، حيث لا يوجد حمية محددة قد تساعد في علاج القرحة أو الوقاية من حدوثها.

فمن الأمور الشائعة بين الناس في حال وجود قرحة هو ضرورة تجنب الأطعمة الحارة أو الدهنية وغيرها، ولكنها معلومات ما تزال قيد الدراسة فهي ليس دقيقة تماماً.

في المقابل ينصح الأطباء مريض القرحة بتجنب الأطعمة التي تزيد من أعراضه وتشعره بالتخمة والانزعاج بعد تناولها، وهي مجموعة أغذية مختلفة بحسب كل مريض.

بالإضافة إلى ذلك ينصح كل المرضى عادةً بعدم تناول الوجبات في وقت متأخر من الليل.

٢- الإقلاع عن التدخين

ينصح الأطباء دوماً مرضى القرحة بالتوقف عن التدخين، فالتدخين يطيل من المدة اللازمة للشفاء من القرحة الموجودة، كما أنه يزيد من احتمالية عودة الإصابة بعد الشفاء.

٣- الأدوية

هنالك مجموعة مختلفة من الأدوية المستعملة في حالة قرحة الإثني عشر، سواء كان للمساعدة على الشفاء أو لتخفيف الأعراض وهي تشمل:

  • حاصرات الهيستامين "H2" ومنها الرانيتيدين "Ranitidine" حيث تقلل هذه المواد من الإفرازات الحامضية للمعدة. (3)
  • مثبطات مضخة البروتون "PPI" ومن أمثلتها الأوميبرازول "Omeprazole" والإيزوميبرازول "Esomeprazole" وهي من الأدوية الأفضل للحد من إفرازات الحموضة المعدية. (4)
  • أدوية خاصة لحماية مخاطية المعدة والإثنى عشر حيث تعزز هذه الأدوية قدرة الجدران الداخلية على مقاومة الحموض المفرزة من قبل المعدة.
  • المضادات الحيوية "Antibiotics" وتستخدم في حالة تأكيد الإصابة بجرثومة الملوية البوابية "H.pylori" وغالباً ما يتم اللجوء لنوعين مختلفين من المضادات الحيوية معاً ولمدة تتراوح بين أسبوع إلى أسبوعين للتخلص من الجرثومة بشكل كامل.

كما ويجدر بالذكر أنلا يستخدم المريض الأدوية المضادة للالتهاب غير الستيروئيدية "NSAIDs" والتي تعطى بشكل فموي وذلك لتأثيرها السلبي على حالة القرحة.

٤- العمل الجراحي

وهو الحل الأخير الذي قد يلجأ له الأطباد، حيث أن أغلب الحالات تتحسن ويمكن أن تشفى أيضاً بفضل الأدوية والحمية. (5)

ولكن وفي حال ظهور مضاعفات خطرة يمكن أن تهدد حياة المريض، فيتوجه الأطباء للحل الجراحي كاستئصال جزء من المعدة أو الإثنى عشر أو حتى استخدام الجراحة للوصول إلى أعصاب معينة.