المطثيات الحاطمة: ما هي وكيف تسبب التسمم الغذائي؟

الكاتب - 18 سبتمبر 2023

المطثيات الحاطمة "Clostridium perfringens" هي عبارة عن جراثيم عصوية لاهوائية (أي يمكن أن تتكاثر في بيئة دون هواء أو أوكيسيجين) وإيجابية الغرام (أي تتفاعل كيميائياً عند تلوين الغرام لتحديد نوع البكتيريا ونوع المضادات الحيوية التي يمكن استخدامها في علاجها).

وتوجد هذه الجراثيم في الجهاز الهضمي للإنسان بشكل طبيعي، وتعيش مع الجراثيم الأخرى بانسجام في الأمعاء وتساعد على الهضم، ولا تسبب ضرراً في الحالة الطبيعية. ولكن عندما تزداد أعدادها يمكن أن تسبب عدوى حادة في الجهاز الهضمي، والتي تتراوح شدتها من الإسهال إلى التهاب الأمعاء والقولون النخري؛ حيث أنها تفرز العديد من السموم التي تعد مسؤولة عن التسبب في حدوث المرض.

يمكن لهذه الجراثيم أن تشكل أبواغاً "spores"، وهي بنى صغيرة تستطيع مقاومة الظروف الصعبة كدرجات الحرارة العالية والإشعاع والعوامل الكيميائية. بالتالي يمكن لهذه الجراثيم أن تتحمل درجات حرارة الطهي كما يمكن أن تتكاثر في الأغذية المخزنة بشكل غير صحيح.

ترتبط حالات المرض الشائعة الناتجة عن المطثيات الحاطمة بعملية التسخين أو إعادة التسخين غير الجيد لمرق اللحم أو الدواجن أو اللحوم. حيث تحدث أغلب حالات التسمم الغذائي في الأماكن التي يتم فيها تقديم الطعام لمجموعات كبيرة من الأشخاص ويكون من الصعب فيها الاحتفاظ بالطعام في درجات حرارة مناسبة، بما في ذلك المستشفيات ومقاصف المدارس والسجون ودور رعاية المسنين.

كما أن هذه الجراثيم تسبب أمراضاً أخرى، مثل عدوى الجلد والأنسجة العميقة، ويُعرف ذلك باسم النخر العضلي المطثوي "Clostridial Myonecrosis" أو الغرغرينا الغازية "Gas Gangrene"، ويمكن أن تحدث عندما تتلوث الجروح العميقة بأجسام غريبة تحتوي على الجراثيم المسببة.

طرق انتقال المطثيات الحاطمة

تنتقل المطثيات الحاطمة إلى الإنسان من خلال تناول الطعام الملوث بها، فهذه العدوى لا تنتقل من إنسان إلى آخر. ومن أنواع الأطعمة التي يمكن إيجاد هذه الجراثيم فيها نذكر:

  • المطبوخة ببطء
  • التي تم تبريدها ببطء شديد
  • التي تبقى دافئة جداً أثناء التخزين
  • التي أعيد تسخينها إلى درجة حرارة منخفضة للغاية

تنمو هذه الجراثيم عندما تصبح على تماس مع الطعام في درجات حرارة من 12 إلى 60 درجة مئوية. فعندما يُترك الطعام في درجات الحرارة هذه (حرارة الغرفة أو في حرارة خارجية) يمكن أن ينمو عدد كبير من الجراثيم، والتي قد تسبب المرض عند تناولها.

وكما ذكرنا سابقاً فإن المطثيات الحاطمة موجودة في الجهاز الهضمي بشكل طبيعي ولكن عند أخذ المضادات الحيوية لأي سبب كان تموت بعض أنواع الجراثيم الموجودة طبيعياً في الجسم مما يسبب اختلال في توازن البكتيريا وبدء ظهور أعراض معدية معوية بسبب فرط نمو المطثيات الحاطمة.

بالإضافة إلى ذلك فإن هذه الجراثيم تتواجد في البيئة بشكل عام أي في التراب والغبار وغيرها، فيمكن أن تحدث العدوى عند تعرض شخص مصاب بجرح أو إصابة أو جراحة مؤخراً لهذه العوامل الملوثة، حيث تدخل البكتيريا عبر الجروح المفتوحة. إلا أنها لا تنمو ما لم تكن البيئة المحيطة بالجرح مناسبة لذلك.

كما أنها لا تحتاج إلى الأوكسجين للبقاء على قيد الحياة، وإذا أعاقت الإصابة وصول الدم إلى المنطقة المصابة فقد يخلق ذلك بيئة تعزز نمو الجراثيم وانتشارها.

أعراض الإصابة بالمطثيات الحاطمة

تختلف أعراض الإصابة بالمطثيات الحاطمة بحسب طريقة وصول الجرثومة إلى الجسم، وتكون على الشكل التالي:

١- عدوى عبر الغذاء

عند دخول المطثيات الحاطمة إلى الجسم من خلال تناول الطعام الملوث فإن الأعراض تستغرق غالباً 8 إلى 12 ساعة وفي بعض الأحيان تبدأ بالظهور بعد 24 ساعة، وتشمل الأعراض ما يلي:

  • إسهال مائي وهو العارض الأول والأكثر شيوعاً
  • آلام البطن
  • وغالباً لا يحدث إقياء أو حمى

٢- عدوى هضمية غير غذائية

تحدث عدوى الجهاز الهضمي غير الغذائية عادةً عند الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن عن 60 عاماً والذين تناولوا مؤخراً المضادات الحيوية، مما قد يؤدي إلى اختلال توازن الكائنات الدقيقة في الأمعاء. وتسبب هذه العدوى بالمطثيات الحاطمة إلى ظهور الأعراض التالية:

  • الإسهال طويل الأمد
  • الإسهال الدموي
  • التشنجات البطنية
  • الغازات والانتفاخ

وتستمر هذه الأعراض من ثلاثة أيام إلى عدة أسابيع، كما يمكن أن تؤدي هذه الحالة إلى التجفاف الشديد.

٣- عدوى الجلد والأنسجة

تؤدي عدوى المطثيات الحاطمة في الجلد أو الأنسجة العميقة (الغرغرينا الغازية) إلى: 

  • ألم شديد في موضع الإصابة
  • تغير لون الجلد فوق المنطقة المصابة، من اللون الأبيض إلى البرونزي مثلاً ثم إلى الأرجواني أو الأحمر.
  • الشعور بوجود الغاز تحت الجلد
  • الحمى
  • التعب
  • فقاعات ونفاطات على الجلد
  • إفرازات كريهة الرائحة

المضاعفات

هنالك مجموعة من المضاعفات التي مكن أن يسببها التعرض للمطثيات الحاطمة وهي تشمل:

  • يحدث غالباً تسمم غذائي مرتبط بالمطثيات الحاطمة وقد يسبب التهاب الأمعاء النخري في حالات قليلة، لكن نادراً ما يسبب الوفاة.
  • يحدث التهاب الأمعاء النخري عادةً في البلدان ذات الموارد المحدودة بعد استهلاك لحم الخنزير، كما أن تناول البطاطا الحلوة معها قد يحفز حدوث هذه الأذية في كثير من الأحيان، حيث أنها تحتوي على مثبطات التربسين والتي تمنع تفكيك الذيفان في الأمعاء.
  • العدوى الناتجة عن إصابة الجلد والأنسجة قد تتعرض للإصابة بالغرغرينا الغازية حالة تهدد الحياة وتتطلب عناية طبية فورية. كما تشمل المضاعفات الأخرى للعدوى الناجمة عن تلوث الجرح الصدمة وفشل الأعضاء المتعدد.

الوسائل التشخيصية

عندما يشك الطبيب بوجود إصابة بجراثيم المطثيات الحاطمة ينصح بإجراء اختبار زرع للبراز وذلك للكشف عن وجود الجراثيم في البراز، بالإضافة إلى ذلك يطلب إجراء اختبار مقايسة الممتز المناعي المرتبط بالانزيم ELISA لذيفان الجرثومة.

أما في حالة النخر العضلي المطثوي يجب إجراء اختبارات تصويرية مثل الأشعة السينية "x-ray" أو التصوير الطبقي المحوسب "CT scan" للمنطقة المصابة، بالإضافة إلى اختبارات الدم، والتي تشمل ما يلي:

علاج المطثيات الحاطمة

في حال عدوى الجهاز الهضمي بالمطثيات الحاطمة يجب أن يحافظ المريض على رطوبة الجسم بشرب الكثير من السوائل عند حدوث الإسهال، وبشكل عام فإنه يتعافى دون تلقي العلاج.

أما بالنسبة للنخر العضلي المطثوي فهي تعتبر حالة طبية طارئة، ويحتاج عندها المريض إلى مضادات حيوية عن طريق الوريد، حيث يعتبر البنسلين بالإضافة إلى الكليندامايسين الخط الأول في العلاج. يحتاج هؤلاء الأشخاص أيضا إلى جراحة لإزالة الأنسجة المصابة والميتة من المنطقة المصابة. وفي بعض الأحيان عندما تنتشر العدوى في عمق العضلات قد يتطلب الأمر إجراء بتر للعضو أو القسم المصاب.

الوقاية

لتجنب الإصابة بالمطثيات الحاطمة والمنقولة عن طريق الغذاء من الضروري اتباع النصائح التالية:

  • طهي الطعام جيداً لدرجة حرارة آمنة.
  • المحافظة على دفء الطعام عند 60 درجة مئوية أو أعلى بعد طهيه، أو تبريده بعد ذلك بوقت قصير وذلك في غضون ساعتين أو في غضون ساعة واحدة إذا كانت درجة الحرارة الخارجية أعلى من 32 درجة مئوية.
  • وضع الطعام الباقي في الثلاجة في درجة حرارة أقل من 4 درجات مئوية.
  • إعادة تسخين الطعام بشكل صحيح إلى 74 درجة مئوية على الأقل قبل تناوله.

أما فيما يخص العدوى الهضمية غير المنقولة بالغذاء فيجب الحد من استخدام المضادات الحيوية والالتزام بتعليمات الطبيب.

وأخيراً بالنسبة إلى عدوى الجلد فيجب تقييم جميع الإصابات الرضية الكبرى من قبل الطبيب وتنظيفها جيداً؛ ويعد ذلك مهماً بشكل خاص للأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة أو المصابين بمرض السكري.