الميلانوما: الأعراض والعلاج

المراجعة الطبية - M.D
الكاتب - أخر تحديث 20 سبتمبر 2023

قد يتعرض الإنسان خلال حياته للإصابة بالسرطان، والذي يعد أحد أخطر الأمراض التي من الممكن أن تصيب البشر، ومن بينها "الميلانوما" أو "سرطان الخلايا الميلانينية".

يعتبر سرطان الخلاية الميلانينية "Melanoma" من أندر أنماط السرطانات الجلدية، لكنه الأعنف والأخطر على الحياة، فما هي أسباب الإصابة به؟ وما الأعراض المرافقة لهذه الحالة؟

ما هي الخلايا الميلانينية والميلانوما؟

يحتوي الجلد في طبقته العلوية، والتي تدعى البشرة، على الخلايا الميلانينية، حيث تنتج هذه الخلايا مادة صباغية تدعى صباغ الميلانين.

لكن يوجد نوعين رئيسيين من صباغي الميلانين، ويأخذ الجلد لونه اعتماداً على نسبة كلّ منهما إلى الآخر. (1)

وهذين النوعين هما:

١- صباغ "Eumelanin"

نجد هذا الصباغ بنسبة أكبر بكثير لدى الأشخاص ذوي البشرة الداكنة أو السوداء، حيث يعد المسؤول الرئيسي عن إعطاء لون الجلد لديهم.

إضافةً لما ذكر، فهذا الصباغ له دور في حماية الجسم من الأشعة فوق البنفسجية الآتية من الشمس ويخفف من ضررها على الجلد ويتم ذلك نتيجة تحفيز الأشعة فوق البنفسجية للخلايا الميلانينية على إنتاج هذا النمط من الصباغ.

ومن هنا يأتي السبب الكامن وراء كون الأشخاص ذوي البشرة الداكنة أقل تعرضاً للسرطانات الجلدية بكثير من ذوي البشرة الفاتحة.

٢- صباغ "Pheomelanin"

يعد النمط الثاني من صباغ الميلانين البشري، ويوجد لدى الأفراد من ذوي البشرة الشقراء الفاتحة، لكنه لا يمتلك الخصائص الموجودة لدى النوع السابق من الأصبغة.

وليس له أي دور واق من الأشعة فوق البنفسجية الآتية من الشمس أو حتى أثناء جلسات "التسمير". وبهذا يمكن تفسير إمكانية إصابة الأشخاص ذوي البشرة الفاتحة بالسرطانات الجلدية بنسبة أكبر.

وبالتالي فعندما تسقط أشعة الشمس أو حتى خلال جلسات "التسمير" بالأمواج فوق البنفسجية على الجلد فإنها تحفز الخلايا الميلانينية على الانقسام والتكاثر لإنتاج الصباغ الميلانيني الواقي للجلد "Eumelanin".

وأثناء ذلك قد يحدث انقسام عشوائي لهذه الخلايا نتيجة تخرب حمضها النووي وعندها يظهر السرطان.

الأعراض

أولى العلامات المهمة للميلانوما، هو ظهور تغيرات على وحمة قديمة موجودة سابقاً، أو حتى ظهور وحمة جديدة لم تكن موجودةً في السابق.

تكون الوحمات الطبيعية السليمة في العموم دائريةً أو بيضوية الشكل وذات حواف رقيقة في الغالب، مع قطر لا يزيد عن 6 ملم.

إلا أن ذلك لا يفرض بالضرورة ظهور السرطان من وحمات تتجاوز ذلك القطر أو من قطر أقل.

التغيرات المهمة على الوحمات والتي تثير الريبة تجاهها:

  • الزيادة الحديثة في حجمها
  • التغير في اللون
  • التغير في الشكل عن المعتاد
  • حدوث نزف من الوحمة أو تقشرها
  • التهاب الوحمة أو أن تسبب الحكة

مقاييس الصفات الشكلية للميلانوما

مقياس "ABCDE"

يوجد مقياس يعتبر شديد الأهمية لدى أطباء الجلدية لتقييم هذه السرطانات، ويدعى "ABCDE" حيث يشير كل حرف من هذه الحروف المرتبة أبجدياً إلى جانب مهم في تقييم السرطانات:

  • عدم تناسب قياسات الآفة "A"
  • حواف الآفة "B"
  • لون الآفة "C"
  • قطر الآفة "D"
  • التغير في الحجم "E"

مقياس "Breslow"

كما هنالك مقياس لتحديد عمق الآفة، وبالتالي لتفريق "الميلانوما" السطحية عن تلك العميقة، ويدعى هذا المقياس "Breslow".

أما الأنماط الشكلية السريرية للميلانوما، فهي:

  • الميلانوما السطحية: تعتبر النمط الشكلي الأكثر انتشاراً لهذا السرطان، حيث تظهر غالباً على الساق أو الذراع أو الظهر أو الصدر.
  • النمط العقيدي: يظهر هذا النمط غالباً على الرأس أو العنق أو الصدر أو الظهر.
  • الميلانوما الخبيثة النمشية: وتظهر غالباً على الرأس أو العنق.
  • الورم الميلانيني اللاصق: يعد هذا النمط أكثرَ شيوعاً لدى أصحاب البشرة الداكنة، حيث يظهر على راحة اليدين أو أسفل القدمين أو حتى على الأظافر، ويكون عنيفاً جداً.

عوامل الخطورة للإصابة بالميلانوما

هنالك مجموعة من العوامل التي تزيد من احتمالية إصابة الشخص بالميلانوما، لكن في نفس الوقت فإن وجود أحدها أو بعضها لدى شخص ما لا يعني بالضرورة إصابته بهذا السرطان، إلا أن معرفتها تعد مهمةً في التقصي عن السرطان وتحديد المجموعات العالية الخطورة للإصابة به، وبالتالي إمكانية كشفه بشكل باكر.

وأهم هذه العوامل:

١- التعرض للأشعة فوق البنفسجية

يزيد التعرض للأشعة فوق البنفسجية بمختلف مصادرها، إن كان من أشعة الشمس أو من جلسات "التسمير" من احتمال الإصابة بسرطان الخلايا الميلانينية.

وهنالك ارتباط بعض الشيء بين مكان ظهور سرطان الخلايا الميلانينية على الجسم والعمر وقت ظهورها والتعرض للأشعة فوق البنفسجية.

وترتبط الأورام التي تظهر على الجذع والساقين بشكل كبير بحروق الشمس المتكررة، والتي غالباً ما تحدث لدى الأطفال، في حين تظهر الأورام على الوجه والرقبة والساعدين مع التقدم بالعمر باعتبارها أكثر عرضةً للأشعة فوق البنفسجية من سابقتها.

٢- الوحمة

تعتبر الوحمة من الأورام المصبغة غير السرطانية، وتتواجد لدى نسبة كبيرة من الناس، ولكن هنالك نماذج من الوحمات التي قد تثير الريبة في بعض الأحيان.

ومنها:

  • وجود عدد كبير من الوحمات لدى الشخص نفسه: لا تسبب الوحمات أية مشاكل عادةً، إلا أن وجود عدد كبير منها قد يحمل خطورةً أكبر على الشخص للإصابة بالميلانوما.
  • الوحمات غير النموذجية: يشبه هذا النمط من الوحمات الوحمة الطبيعية، لكنه يمتلك خصائص من سرطان الميلانوما أيضاً، وينتشر هذا النمط من الوحمات ضمن عائلات معينة، ورغم أن نسبة قليلةً فقط من الأشخاص الذين يمتلكون هذا النمط من الوحمات قد يتطور لسرطان الخلايا الميلانينية لديهم.
  • متلازمة الوحمات غير النموذجية: تعتبر هذه الحالة من الأمراض الوراثية، حيث تتميز بوجود أعداد كبيرة من الوحمات اللانموذجية، ويحمل أصحاب هذه المتلازمة خطراً عالياً جداً لتطوير الميلانوما في مرحلة ما خلال حياتهم.
  • الوحمات الخلقية: وهي الوحمات التي تظهر على الطفل منذ ولادته، وينصح بإزالته في حال كان ذلك بالإمكان.

عوامل أخرى

  • أصحاب البشرة الفاتحة والشعر الأشقر: وذلك لقلة نسبة الميلانين الواقي من الأشعة فوق البنفسجية لديهم.
  • وجود حالات عائلية سابقة للإصابة: وتزداد أهمية هذا العامل في حال وجود أقارب من الدرجة الأولى مصابين بسرطان الخلايا الميلانينية.
  • إصابة الشخص السابقة بالميلانوما أو أي سرطان آخر.
  • ضعف الجهاز المناعي: على اعتباره خط الدفاع الأهم ضد أي تغير غير طبيعي في الجسم.
  • التقدم في العمر: يزيد احتمال الإصابة مع التقدم في العمر بنسبة أكبر من الأعمار الصغيرة.
  • الجنس المذكر: يزيد احتمال الإصابة بالميلانوما لدى الذكور.
  • جفاف الجلد المصطبغ: يعتبر هذا المرض من الأمراض الوراثية الجلدية النادرة، والتي ترفع من احتمال الإصابة بجميع السرطانات الجلدية بالمجمل بشكل كبير، وفي عمر مبكر نسبياً. (2)

العلاج

يعتمد علاج سرطان الخلايا الميلانينية على المرحلة السريرية لهذا السرطان عند الوصول لتشخيصه والذي يتم عن طريق إجراء دراسة كاملة لكل الجسم لنفي أو تأكيد وجود نقائل ورمية، ولتحديد امتداد السرطان موضعياً، وقابليته للعلاج.

ومن ثم يضع الطبيب الخطة العلاجية الأفضل لمحاولة التخلص من هذا السرطان مع الانتباه لكون هذا السرطان عنيفاً وسريع الانتقال عن طريق الدم.

وهنالك خمسة خيارات علاجية هي:

  • الجراحة: تعتبر الخط العلاجي الأول لأي مرحلة من الورم في حال إمكانية القيام به.
    وخلالها يتم استئصال الورم مع أجزاء من الجلد المحيط به لمنع حدوث نكس لاحق للورم قدر الإمكان.
  • العلاج الكيميائي: قد يجرى بشكل سابق للجراحة بهدف تصغير حجم الورم أو بشكل لاحق للقضاء عل أي انتقالات وبقايا ورمية، كما يمكن أن يتم اجراء العلاج بمفرده في حال عدم إمكانية إجراء الجراحة الشافية للورم.
  • العلاج الشعاعي: يشابه العلاج الكيميائي، فقد يجرى قبل أو بعد الجراحة.
  • العلاج المناعي: يقوم هذا العلاج على تحفيز الجهاز المناعي للشخص نفسه على مجابهة السرطان.
  • العلاج الهدفي: يعتبر هذا النمط من العلاج أحد الخيارات العلاجية الحديثة والواعدة. يعتمد على إعطاء أدوية شديدة التوجيه إلى مكونات معينة داخل الخلايا قد يكون بإمكانها أن تعطل هذا الانقسام والنمو العشوائي لخلايا السرطان. ونتيجة تخصصها ومحدودية أهدافها، فهي أقل ضرراً على باقي الخلايا السليمة من العلاج الكيميائي الذي قد يؤثر على خلايا الجسم السليمة والخبيثة.(3)

يمكن أن يتم دمج واستخدام أكثر من نمط علاجي واحد بشكل متلاحق أو بالتوازي، وذلك من أجل تحقيق أفضل نتيجة، بالإضافة إلى أن العلم والأبحاث تتطور بسرعة وتشكل الشعلة الواعدة للوصول لعلاجات متطورة، ولربما قد يصل الحال إلى التخلص من هذا السرطان يوماً ما بشكل يضمن حياة الأفراد.

أما السلاح الأهم لعلاج أي سرطان هو الكشف المبكر عن المرض، واستشارة الطبيب في حال الشك بأي تغير مهم على آفة سابقة.