تأخر البلوغ عند الذكور: الأسباب المختلفة والعلاج

المراجعة الطبية - OB/GYN
الكاتب - أخر تحديث 21 أغسطس 2023

تعتبر مرحلة البلوغ هي فترة حرجة في حياة الإنسان فهي تمثل انتقالًا من المراهقة إلى البلوغ والنضج الجسدي والعقلي. وعلى الرغم من أن البلوغ يحدث في الغالب في سن محددة، إلا أن هناك بعض الحالات التي يتأخر فيها البلوغ عند الذكور، والتي قد تؤدي إلى مشاكل نفسية واجتماعية.

في هذه المقالة، سنتحدث عن أسباب تأخر البلوغ عند الذكور "Delayed Puberty" والأعراض المصاحبة والخيارات العلاجية المتاحة.

ما هو البلوغ؟

نعرِّف البلوغ من منظور فيزيولوجي على أنه المرحلة التي يصبح فيها الذكر أو الأنثى قادرين على التكاثر الجنسي. بكلماتٍ أخرى فإن البلوغ هو الفترة التي يحدث بها تغيرات جسدية وعاطفية كبيرة، تنتهي بنضج الذكر أو الأنثى جنسياً.

كما أن البلوغ لا يحدث دفعة واحدة، وإنما تظهر التغيرات الخاصة بالبلوغ بشكلٍ متتالي ومتعاقب خلال عدة سنين.

وعند الذكور تتراوح الفترة التي تظهر بها علامات البلوغ، من 10 إلى 14 سنة، بناءً على المجال العمري المذكور، نعرِّف ما يلي:

  • البلوغ المبكر: هو ظهور أي علامة من علامات البلوغ قبل عمر 10 سنوات.
  • تأخر البلوغ: هو تأخر ظهور صفات البلوغ لما بعد عمر 14.

إذا وبكلماتٍ أخرى، يمكن تعريف تأخر البلوغ عند الذكور بأنه الوصول لعمر الرابعة عشر مع عدم وجود أي من علامات البلوغ الجسدية. تعد هذه الحالة من أهم المشكلات التي تواجه المراهقين وعائلاتهم حول العالم، والتي قد تشكل مصدراً للقلق.

تختلف الإحصائيات التي تقدر بدقة معدل انتشار تأخر البلوغ عند الذكور، وذلك حسب العمر المدروس بالإضافة لطرق التشخيص المُتَّبعة.

وتشير إحدى الدراسات أن هذا المعدل ممكن أن يصل حتى 3% لكل من الذكور والإناث. وفصلت دراسة أخرى في هذه النسبة، حيث إنها قدَّرت أن (1):

  • حوالي 4% من الذكور في العمر 14 لم تبدأ مرحلة البلوغ لديهم. 
  • 0.2% في عمر 15 لم تبدأ مرحلة البلوغ لديهم.
  • أغلب حالات تأخر النمو تنتشر بين الذكور.

كيف يتم البلوغ؟

إن البلوغ ليس عملية مفاجئة، وإنما تحدث على مدار عدة سنوات، وتبدأ بإفراز هرموني من المهاد (جزء من الدماغ)، الذي يكون مسؤول عن بداية طريق البلوغ ومن ثم حدوث سلسلة متتالية من التنبيهات الهرمونية.

حيث تكون المراحل باختصار:

  • يبدأ المهاد بتحرير الهرمون المُطلِق لموجهة الغدد التناسلية (GnRH)، الذي يتَّجه نحو الغدة النخامية.
  • تستجيب الغدة النخامية لهذا الهرمون، و ترسل بالمقابل هرمونات موجَّهة للغدد التناسلية، وهي:
    • الهرمون الملوتن (LH)، يدعى أيضاً الهرمون المحفز للخلايا البينية (ICSH).
    • الهرمون المنبه للجريب (FSH).
  • تتلقى الغدد الجنسية (الخصيتين) هذه التنبيهات، وتقوم بدورها بإفراز الهرمونات الجنسية، المسؤولة عن صفات البلوغ الثانوية.

أسباب تأخر البلوغ عند الذكور

تتعدد الأسباب التي قد تكون وراء حدوث تأخر في البلوغ عند الذكور، إلا أن معظم الحالات تكون غير مرتبطة بأسباب مرضية.

وبناءً على مرحل البلوغ يمكن تحديد الأسباب بما يلي:

أ- أسباب خارج هرمونية

تكون الأسباب المرتبطة بتأخر البلوغ غير مرتبطة بالجهاز الغدي سواءً أكانت بشكلٍ مباشر أو غير مباشر. وتضم:

١- تأخر البلوغ والنمو البنيوي (CDGP)

يعد السبب الأكثر شيوعاً لتأخر البلوغ عند الذكور، وتقدر الدراسات أنه مسؤول عن حوالي 53% من حالات تأخر البلوغ لذلك فإنه يشكل الغالبية العظمى. (2)

لا يعود هذا النوع من التأخر لأي سبب مرضي، وإنما يكون تأخر طبيعي موروث من الوالدين، أي يكون هناك قصة سابقة لتأخر البلوغ عند الوالدين. 

٢- الأمراض المزمنة

تؤثر الأمراض المزمنة بشكل أو بآخر على توقيت حدوث البلوغ، نذكر من الأمراض الداء الكلوي المزمن (CKD) وداء كرون.

٣- سوء التغذية

يعد نقص الوارد الغذائي أحد الأسباب المهمة لتأخر البلوغ عند الذكور، ويندرج ضمنه:

٤- أسباب أخرى

ب- أسباب هرمونية مركزية

هي الأسباب التي تطال المحور المهادي-النخامي، أيّ إذا كان السبب مؤثر على المهاد أو الغدة النخامية أو كليهما، بحيث يعيقه عن إفراز الهرمونات الجنسية. وتضم:

  • التشوهات الخلقية التي تطال الغدة النخامية، على سبيل المثال قصور الغدة النخامية الخلقي.
  • أورام الغدة النخامية بالإضافة للأورام المحيطة بالغدة النخامية، التي قد تؤثر على إفرازها للهرمونات، نذكر منها:
    • الورم القحفي البلعومي (Craniopharyngioma)
    • أورام السبيل البصري
    • الأورام النجمية (Astrocytomas)
  • العلاج الإشعاعي السابق أو الحالي
  • الرضوض، مثل رضوض الرأس أو تلك التي تحدث خلال الجراحة.

ج- أسباب هرمونية محيطية

الأسباب المحيطية هي الأسباب التي تتعلق بالغدة التناسلية الذكرية (الخصية)، ومن الأسباب:

  • أذية الخصية، مثل:
  • المتلازمات المرتبطة باختفاء الخصيتين أو خلل تكوين الغدد التناسلية، مثل:
    • متلازمة نونان (Noonan syndrome)
    • متلازمة برادر ويلي (Prader–Willi syndrome)
    • متلازمة بارديت بيدل (Bardet-Biedl syndrome)
    • متلازمة كلاينفلتر (Klinefelter syndrome)
  • العلاج الشعاعي للخصية
  • بعض الأدوية على سبيل المثال سيكلوفوسفاميد (Cyclophosphamide)

مظاهر البلوغ عند الذكور

إن ملاحظة تأخر البلوغ عند الذكور، تتمثل بتأخر ظهور بعض المظاهر والعلامات. التي تتمثل بالتالي:

  • تبدأ علامات البلوغ عند الذكور بزيادة في حجم الخصيتين والقضيب.
  • من ثمّ يظهر الشعر في منطقة العانة والإبط.
  • يحدث زيادة في الكتلة العضلية بالإضافة لخشونة الصوت.
  • يظهر الشعر أيضاً على الوجه، الذي يأخذ في الازدياد مع البلوغ.
  • خلال الفترة المذكورة، يحدث زيادة متسارعة في الطول.

التشخيص

يلاحظ الأهل عادةً تأخر ظهور علامات البلوغ على طفلهم، وذلك بالمقارنة مع أقرانه، مما يدفعهم لمراجعة الطبيب.

يأخذ الطبيب القصة السريرية ويتحرى عن تأخر البلوغ البنيوي، من ثم يجري فحص سريري شامل. وأخيراً يطلب بعض الفحوص الإضافية، وهي تشمل:

  • تحليل الدم للتحري عن الحالات التالية:
    • تقييم مستوى الهرمونات الذكرية في الدم
    • بالإضافة للبحث عن بعض الأمراض المزمنة مثل السكري أو قصور الدرق
    • قد يطلب في بعض الحالات تحليلاً صبغياً
  • تحديد العمر العظمي: يُجرى عبر التصوير بالأشعة السينية (X-ray) لليد اليسرى وجود تأخر في العمر العظمي عن العمر الحقيقي، يثبت وجود تأخر نمو وبلوغ بينوي.
  • الفحوص التصويرية: قد يطلب الطبيب التصوير عبر الطبقي المحوري (CT) أو التصوير عبر الرنين المغناطيسي (MRI)، لتحري وجود بعض الآفات والأورام في الغدة النخامية أو في الخصية.

علاج تأخر البلوغ عند الذكور

يعتمد تدبير تأخر البلوغ عند الذكور على السبب المؤدي لحدوث ذلك، وتضم سبل التدبير المُتَّبعة ما يلي:

  • كون معظم حالات التأخر هي تأخر بنيوي، أي طبيعية غير مرتبطة بأي أمراض لا يكون أمام الطفل سوى الانتظار والصبر.
  • أما في حال كان هناك مرض وراء مسبب لهذا التأخير، فينبغي عندها علاج المسبب، مثل علاج قصور الدرق أو ضبط قيم السكري في حال وجود سكري.
  • قد يلجأ بعض الأطباء في بعض الحالات للعلاج بالهرمونات الذكرية المتمثلة بالتيستوستيرون، والتي تكون عادةً عبارة عن حقنة شهرية لمدة 4-6 أشهر أو إلى حين ظهور علامات البلوغ.

التأقلم مع الحالة

يشكل تأخر البلوغ عند الذكور عقبة مهمة في حياة الطفل، مما يستلزم معاملة خاصة تتضمن:

  • شرح الطبيب سبب تأخر للأهل بشكل واضح ومفهوم.
  • محاولة الأهل توضيح السبب للطفل بطريقة مبسطة.
  • طلب المساعدة من الأهل في حال أصيب الطفل بحزن أو اكتئاب.
  • اللجوء للمساعدة عند تعرض الطفل لتنمر أو مضايقة.
  • زيارة الطبيب النفسي في حال أصبحت هذه الحالة مشكلة واضحة.
  • المتابعة مع الطبيب المُعالِج بشكل دوري ومستمر.
  • كما ينصح بالتحلي بالصبر كون التأخر بالبلوغ أمر شائع.