تسلخ الشريان الأبهر: الأعراض والعلاج

المراجعة الطبية - M.D
الكاتب - أخر تحديث 19 أكتوبر 2022

يعتبر تسلخ الشريان الأبهر أحد أخطر الاضطرابات التي يمكن أن تصيب الشريان الأبهر وهو الشريان الرئيسي في الجسم، حيث تتفرع منه كل الشرايين الأخرى التي تغذي أعضاء الجسم وذلك بعد خروجه من البطين الأيسر للقلب.

ولهذا تعتبر اصابته بالأمراض أمراً جاداً لأنه يشكل خطراً على تروية أعضاء الجسم كافة.

حالة تسلخ الشريان الأبهر

تعرف حالة تسلخ الشريان الأبهر "Aortic Dissection" بأنها حالة حادة وخطيرة وقد تكون مهددة للحياة، حيث يحدث فيها تمزق أو انسلاخ ضمن الطبقات المشكلة لجدار الشريان الأبهر.

هذا التمزق يجعل طبقات جدار الشريان الأبهر تنفصل عن بعضها وتسبب ألماً وضياعاً للدم ضمن جدار الشريان الأبهر المتسلخ.

الشريان الأبهر

يتشكل الشريان الأبهر من البطين الأيسر ابتداءً من الصمام الأبهري ثم يسير إلى الأعلى باتجاه الرأس ضمن الصدر ليشكل ما يعرف بالأبهر الصاعد Ascendin" Aorta".

ثم ينعطف نحو الأسفل مشكلاً منطقة تعرف بقوس الأبهر "Arch" يتفرع منها الشرايين التي تغذي الرأس والطرفين العلويين.

ويتابع طريقه نحو الأسفل ضمن الصدر وباتجاه البطن وبقية الأعضاء ويعرف باسم الأبهر النازل "Descending Aorta".

طبقات جدار الشريان الأبهر

يتكون جدار الشريان الأبهر من 3 طبقات:

  • الطبقة الداخلية المبطنة للمعة الشريان الأبهر
  • الطبقة المتوسطة
  • الطبقة الخارجية
تشريح القلب
مقطع تشريحي يوضح أجزاء القلب

كيف يحدث التسلخ؟

يبدأ تسلخ الشريان الأبهر عندما تصاب منطقة من الطبقة الداخلية للشريان بالتمزق أو الضرر نتيجة خلل أو إصابة ما.

هذا التمزق في الطبقة الداخلية للشريان الأبهر يشكل منطقة ضعف ويسمح للدم الذي يتدفق ضمن الشريان بضغط وسرعة عاليتين بالوصول للطبقة المتوسطة من الشريان الأبهر وتوسيع التمزق والضرر الحاصل في الطبقة الداخلية.

وتعرف هذه المنطقة المتمزقة من الطبقة الداخلية بفوهة الدخول المسببة لتسلخ الأبهر.

يستمر تدفق الدم السريع والضغط العالي بتسليخ وفصل الطبقة الداخلية عن المتوسطة ضمن الشريان الأبهر.

وهذا يؤدي مع الوقت لتشكل منطقتين لجريان الدم ضمن الشريان الأبهر أو مسارين:

  • المسار الأول هو لمعة وجوف الشريان الطبيعية
  • المسار الثاني هو منطقة التسلخ والتمزق

أي عملياً هناك لمعتين ضمن جوف الشريان الأبهر بدلاً من لمعة واحدة.

هذا التسلخ والتمزق ضمن جوف الشريان الأبهر يؤدي أولاً إلى ضياع الدم ضمن المسار الكاذب الناتج عن التمزق مما يسبب نقص لكمية الدم التي تمر عبر اللمعة الحقيقية للشريان الأبهر وهذا يسبب نقص تروية لأعضاء الجسم.

وفي حال امتداد التسلخ إلى الفروع التي تتشكل من الشريان الأبهر سيحدث نقص تروية في الأعضاء التي ترويها هذه الفروع.

عملية تسلخ الطبقات في الشريان الأبهر مؤلمة بحد ذاتها ولهذا تعد حالة تسلخ الأبهر حالة خطيرة ومهددة للحياة كما تتطلب تدخلاً سريعاً قدر الإمكان.

مراحل تسلخ الشريان الابهر
مراحل تسلخ الشريان الابهر

تصنيفات تسلخ الشريان الأبهر

هناك عدة أنماط وتصنيفات متبعة لتحديد نوع الحالة وذلك إما بحسب الأجزاء المشمولة بالتسلخ أو الموقع التشريحي الذي بدأ منه.

وأشهر هذه التصنيفات لتسلخ الأبهر هي:

١- تصنيف ستانفورد "Stanford"

يعد تصنيف ستانفورد مطبق بشكل أشهر نظراً لسهولته، فهو يعتمد على تصنيف نوع التسلخ في حال كان شاملاً للأبهر الصاعد فقط أو للقسم النازل من الشريان الأبهر، ويكون وفق ما يلي:

  • نمط ستانفورد A: تسلخ الأبهر يشمل القسم الصاعد من الشريان الأبهر (الأبهر الصاعد).
  • نمط ستانفورد B: تسلخ الأبهر يشمل فقط القسم النازل من الشريان الأبهر ولا يشمل الأبهر الصاعد.

٢- تصنيف ديباكي "DeBakey"

أما بالنسبة لتصنيف ديباكي فهو يعتمد على تصنيف نمط التسلخ وفق منطقة وموقع فوهة الدخول والتسلخ وفق ما يلي:

  • نمط 1: فوهة دخول التسلخ تشمل الأبهر الصاعد حتى مستوى قوس الأبهر.
  • نمط 2: موقع فوهة دخول التسلخ تكون في مستوى الأبهر الصاعد فقط ولا تشمل القوس والأبهر النازل.
  • نمط 3: يكون موقع فوهة دخول التسلخ في الأبهر النازل وتمتد إما للأعلى او للأسفل.

أعراض تسلخ الشريان الأبهر

العرض الأساسي والقصة لحدوث تسلخ الأبهر يكون بدء مفاجئ لألم حاد جداً في منتصف الصدر أو بين لوحي الكتف في منتصف الظهر أو في البطن في بعض الحالات.

يوصف الألم بأنه طاعن وشديد وممزق ولا يهدأ ويمكن أن ينتشر للعنق والفك، هذا العارض وعلى الرغم من كونه الأساسي لتسلخ الشريان الأبهر إلا أنه قد يكون مشترك مع حالات مشابهة كحالات نقص التروية والجلطة القلبية.

وتشمل الأعراض الأخرى التي قد ترافق حالة تسلخ الأبهر ما يلي:

  • ضيق التنفس والزلة التنفسية
  • فقدان الوعي
  • افتراق النبض بين الطرفين العلويين حيث يكون واضحاً في جهة وضعيف في الجهة الأخرى
  • حدوث خدر وتنميل في أحد الأطراف أو في منتصف الجسم كاملاً بشكل مشابه للجلطة الدماغية
  • حدوث اقياء وألم بطني شديد
  • الوهن العام والشحوب الشديد

أسباب تسلخ الشريان الأبهر

ترتبط العديد من الحالات المرضية والصحية بزيادة نسبة حدوث تسلخ الشريان الأبهر والسبب في ذلك هو أن هذه الحالات المرضية تسبب ضرراً وتغيرات مرضية على مستوى الشريان الأبهر.

إما من خلال زيادة الضغط على جدران الشريان الأبهر كما في حالة ارتفاع التوتر الشرياني أو إحداث تبدلات في بنية جدار الشريان الأبهر تجعله أضعف وأكثر عرضةً للتسلخ.

وتشمل أبرز الأسباب والحالات المرضية المرتبطة بزيادة معدل حدوث الحالة ما يلي:

١- ارتفاع التوتر الشرياني المزمن غير المعالج

يسبب ارتفاع ضغط الدم ضمن الشريان الأبهر زيادة الضغط والتوتر في جدار الشريان، وهذا يزيد من احتمال حدوث الضعف والتمزق.

٢- أمراض النسيج الضام

هناك مجموعة من الأمراض مجهولة السبب والتي تؤثر على نوع من الأنسجة في الجسم تعرف بالأنسجة والألياف الضامة، وهي خلايا تدخل في تركيب وبنية جدار الشرايين والغضاريف والعضلات وغيرها من أعضاء الجسم وتوفر لها الدعم والمرونة والحفاظ على بنيتها وشكلها.

عند إصابة هذه الألياف الضامة بمرض أو خلل يجعلها تكون بنسبة أقل في الجسم أو لا تقوم بعملها بالشكل المطلوب، فإن كل بنى الجسم التي تحوي هذه الألياف تتأثر ومن ضمنها الشريان الأبهر.

ويؤدي نقص وغياب هذه الألياف الضامة لجعل جدار الشريان الأبهر ضعيفاً وأكثر هشاشة وعرضة للتمزق ولحدوث الحالة، كما يعد تناذر مارفان "Marfan Syndrome" أحد أشهر الأمراض التي تصيب النسيج الضام.

٣- تصلب الشرايين الشديد "Atherosclerosis"

وهي حالة مرضية يحدث فيها ترسب للكولسترول والشحوم في جدران الشرايين، وهذا الأمر يسبب مع الوقت تضيق في قطر الشرايين المصابة كما يؤدي لخلل وضعف في بنية هذه الشرايين. كما أن الشريان الأبهر هو عرضة للإصابة بالتصلب وهذا يرفع من احتمال الإصابة.

٤- الصمام الأبهر ثنائي الوريقات "Bicuspid aortic valve"

يتكون الصمام الأبهري في الحالة الطبيعية من ثلاث وريقات تسمح له بالانفتاح والانغلاق والعمل بشكل طبيعي، لكن في بعض الحالات يصاب الصمام الأبهري بتشوه خلقي منذ الولادة ويكون مكون من وريقتين فقط.

هذا التشوه يسبب مع الزمن خللاً على مستوى عمل الصمام والشريان الأبهر المرتبط به، حيث يترافق مع تبدلات في بنية جدار الشريان الأبهر كما يجعله أكثر عرضة لحدوث التسلخ فيه.

٥- التهاب الشرايين

تصاب الشرايين بمجموعة من الأمراض الالتهابية التي تسبب التهاب في جدران الشريان وضعف فيه، في حال حدوثه في الشريان الأبهر يجعله أكثر احتمالاً للإصابة بالتسلخ في وقت لاحق.

٦- تضيق برزخ الأبهر "Aortic Coarctation"

وهي حالة خلقية يحدث فيها تضيق لقطر الشريان الأبهر في منطقة اتصال قوس الأبهر مع القسم النازل من الشريان الأبهر.

هذا التضيق يسبب إعاقة لجريان الدم ضمن الشريان الأبهر كما يسبب ارتفاع ضغط الدم كرد فعل من القلب الذي يتقلص بقوة أكبر ليضخ الدم عبر المنطقة المتضيقة، كما يزيد التضيق مع الارتفاع المزمن في التوتر الشرياني من خطر حدوث الإصابة عند المرضى المصابين بحالة تضيق برزخ الأبهر.

٧- الحمل

يعتبر الحمل عامل خطورة للإصابة عند الاناث نظراً للتبدلات التي تطرأ على جسم المرأة في الحمل، كما أن احتمال اصابتها بارتفاع توتر شرياني خلال فترة الحمل بشكل مفاجئ ودون سوابق قد يحرض حدوث تسلخ في الشريان الأبهر.

ووفقاً لدراسة تم اجراؤها في (برلين - ألمانيا) بين عامي 2006 و2016 فإن معدل حدوث تسلخ الحاد في الشريان الأبهر يبلغ 4.96 حالة في كل 100 ألف نسمة (1).

كما أن معدل إصابة الرجال أعلى من النساء ويبلغ حوالي 65% مقابل 35% للنساء، وأن 67.8% من حالات الإصابة حدثت عند مرضى معروفين بإصابتهم بارتفاع توتر شرياني سابق، لذلك يعد ارتفاع التوتر الشرياني المتهم الأول بإحداث تسلخ الأبهر.

تشخيص الإصابة

يحتاج تشخيص تسلخ الشريان الأبهر للسرعة والدقة في الإجراءات وذلك من أجل نفي الحالات المشابهة واستبعادها وتحديد وجود التمزق مبكراً.

وذلك لأن الزمن يلعب دوراً مهماً في الاستجابة للعلاج، وتشمل إجراءات التشخيص ما يلي:

  • أخذ القصة المرضية والاستفسار عن الأعراض بدقة
  • الفحص السريري وقياس العلامات الحياتية
  • اجراء فحوصات دموية
  • اجراء تخطيط كهربائي للقلب (ECG)
  • اجراء تصوير للقلب بالأمواج فوق الصوتية (Echocardiography)
  • اجراء تصوير ظليل للشريان الأبهر باستخدام جهاز الطبقي المحوري (CT Scan) وهو الاجراء الأكثر نوعية وأهمية لتشخيص التسلخ.
    • حيث تحقن مادة ظليلة على الأشعة اثناء تصوير الشريان الأبهر وتظهر هذه المادة وجود التسلخ في الشريان الأبهر ومكانه واللمعة الكاذبة ضمن الشريان
  • اجراء تصوير بالرنين المغناطيسي في بعض الحالات (MRI)

علاج تسلخ الشريان الأبهر

تعتبر حالة تسلخ الشريان الأبهر حالة خطيرة ومهددة للحياة وبحاجة للتداخل السريع لإصلاح منطقة التمزق.

وتتضمن الخيارات العلاجية لتسلخ الأبهر ما يلي:

١- العلاج الجراحي

ويشكل الخيار الأول والأساسي في حالات الإصابة التي تشمل القسم الصاعد من الشريان الأبهر الذي يخرج من القلب.

وذلك لأن هذا التسلخ في حال امتداده سيسبب نقص تروية عن كامل الجسم إضافة لخطر تسلخ الشريان الأبهر ضمن الصدر وحدوث النزف في محيط القلب (السطام التاموري).

يتم اجراء الجراحة من خلال عملية القلب المفتوح، وفق ما يلي:

  • يتم الوصول للشريان الأبهر بعد فتح الصدر
  • كما يجب وصل المريض على دارة القلب والرئة الاصطناعية ومن ثم إيقاف القلب
  • بعد ذلك يفتح الطبيب جدار الشريان الأبهر والبحث عن منطقة بدء التسلخ
  • يتم استئصال القطعة من الشريان الأبهر التي تحوي فوهة الدخول ووضع وصلة وعائية صنعية مكانها.
  • ثم يتم تدعيم جدار الأبهر في المنطقة المتسلخة واغلاق جدار الشريان الأبهر بإحكام وإعادة ملئه بالدم.

بالنسبة لحالات الإصابة التي تحدث على مستوى الأبهر النازل والأبهر البطني فهذه الحالات قد لا تحتاج لتداخل جراحي، كما يمكن السيطرة عليها من خلال الأدوية مع المراقبة المستمرة.

٢- العلاج الدوائي

يتم استخدام أنواع عديدة من الأدوية في حالات تسلخ الشريان الأبهر سواء تم اجراء العمل الجراحي أو لم يتم.

وتتضمن أدوية لضبط ضغط الدم والسيطرة عليه، التحكم بعدد ضربات القلب، ومسكنات الألم القوية لإراحة المريض.

اختلاطات الإصابة

الاختلاطات كثيرة ومتنوعة بحسب الحالة والمسبب لتسلخ الشريان الأبهري، فمعظم هذه الحالات تكون ناجمة عن نقص التروية الدموي لأعضاء الجسم.

وحتى مع اجراء الجراحة وإصلاح الإصابة هناك احتمالية لحدوث هذه الاختلاطات التي تشمل بشكل عام ما يلي:

  • احتشاء عضلة القلب والجلطة القلبية
  • الفشل والقصور التنفسي
  • القصور الكلوي
  • الاحتشاء الدماغي
  • الشلل
  • تضرر الأعضاء وقصور الأعضاء العديد
  • النزيف الداخلي
  • الموت المفاجئ