تشنج الوجه النصفي: الأسباب والعلاج

الكاتب - أخر تحديث 31 يناير 2023

ما هو تشنج الوجه النصفي؟

تشنج الوجه النصفي "Hemifacial spasm" أو ما يعرف بالعَرَّات التشنجية هو اضطراب عصبي عضلي يؤثر على عضلات الوجه، وينتج عنه انقباضات عضلية لاإرادية متكررة.

تختلف العضلات المصابة في الوجه من حالة إلى أخرى، وقد تكون مختلفة بين النوبات لدى نفس الشخص.

بالعموم لا تحمل هذه الحالة أي خطر على حياة المريض ولكن التشنجات قد تكون مزعجة وتؤثر على المهام اليومية.

تعد حالة تشنج الوجه النصفي نادرة الانتشار، وحسب بعض الإحصائيات فإن أرقام الإصابة العالمية تقدر بـ 14.5 لكل 100000 أنثى و 7.4 لكل 100000 ذكر، وبالتالي هناك ميول واضح لإصابة الإناث مقارنةً بالذكور. (1)

كما أن الفئة العمرية لهذا المرض تتراوح بين 40 و 79 عاماً ومن جهة أخرى وجدت دراسة أخرى أن الآسيويين لديهم انتشار أعلى قليلاً مقارنة بالعرق الأبيض، لأسباب غير معروفة. (2)

أعراض تشنج الوجه النصفي

إن العارض الأساسي لتشنج الوجه النصفي هو التشنجات الحاصلة في الوجه ولكن قد يكون هناك بعض الأعراض الإضافية:

  • يكون العارض الأول عادةً انقباض في عضلات الجفن الأيسر، ومن الممكن أن تكون هذه التشنجات شديدة بما يكفي لإغلاق العين أو التسبب بتشكل الدمع.
  • في بعض الحالات تزيد شدة التشنج ليشمل المزيد من العضلات، وتؤدي مثلاً لسحب الفم (طرف الفم) للجهة الإصابة (أي جهة التشنج)
  • في حالات متقدمة تنقبض معظم العضلات في الجانب المصاب، وقد تصاب الجهتين أيضاً
  • تستمر هذه الانقباضات خلال النوم بالتالي قد يعاني المريض من اضطراب في النوم أو الأرق
  • يعاني بعض المرضى من ألم و سماع طقطقة في الأذن
  • يتأثر السمع عند بعض المرضى، وقد أفادت دراسة أن حوالي 13% من مرضى تشنج الوجه النصفي قد يعانون من فقدان السمع.

أسباب تشنج الوجه النصفي

قبل شرح الأسباب التي تؤدي لتشنج الوجه النصفي، لابد من فهم عمل عضلات وأعصاب الوجه.

إن معظم عضلات الوجه تعمل عبر العصب الوجهي يُعرف أيضاً بالعصب السابع، ويخرج هذا العصب من عدة نوى في جذع الدماغ، ويمر من خلال عدة مناطق تشريحية وصولاً للعضلات الوجهية.

إن الآلية المرضية لحالة تشنج الوجه النصفي تتمحور حول التهييج المستمر لنوى العصب المذكور أو جذره (الجزء الأولي من العصب) أو مساره.

وذلك نتيجة أي إصابة مباشرة أو غير مباشرة والتي تؤدي إلى تنبيهات عشوائية وغير منظمة للعصب، والذي ينتج عنه المظهر السريري للمرض. 

ومن أهم الأسباب المعروفة لهذه الحالة، ما يلي:

1- أسباب تشنج الوجه النصفي الأولي (البدئي)

تتمثل الأسباب البدئية بالتشوهات التي تطال الشرايين القريبة من جذر العصب الوجهي وذلك في الحفرة القحفية الخلفية، وبالتحديد مكان خروج الجذر العصبي من جذع الدماغ.

فهو يمر عبر مناطق صغيرة نسبياً ويكون بمحاذاة بعض الأوعية الدموية لذلك قد تشكل هذه الأوعية في حال كانت بغير مسارها الطبيعي ضغطاً على الجذر العصبي، ومع كل نبضة من القلب ينتبه العصب ويرسل الإشارات.

إن أهم الشرايين المتهمة بحدوث تشنج الوجه النصلفي هي:

  • الشريان المخيخي السفلي الأمامي (AICA)
  • الشريان المخيخي السفلي الخلفي (PICA)
  • الشريان الدهليزي

2- أسباب تشنج الوجه النصفي الثانوي

هنالك عدة أسباب يمكن أن تؤدي لتطور حالة تشنج الوجه وهي:

  • الرضوض: إن الرضوض التي تطال الرأس والرقبة قد تؤدي لانضغاط أو شد العصب الوجهي وتمثل حوادث السير والسقوط أكثر هذه الأسباب شيوعاً.
  • شلل بيل: يحدث هذا الشلل في عضلات الوجه بسبب مشاكل في العصب الوجهي، إلا أن خلال مرحلة التعافي من الإصابة يمكن أن يحدث بعض التشنجات والتي يمكن أن يكون سببها مرحلة التجديد التي يخضع لها العصب، التي قد تترافق ببعض التنبيهات الشاذة.
  • التصلب المتعدد (MS): وهو مرض مناعي ذاتي، تقوم فيه الخلايا المناعية بمهاجمة ميالين الأعصاب (مادة تغطي الأعصاب وتؤمن حمايتها) بالتالي يصبح العصب أكثر حساسية للعوامل المنبهة.
  • التهابات الخشاء (وهو العظم البارز خلف الأذن) والأذن: إن التهابات الأذن الوسطى قد تكون سبباً لهذه التشنجات، وكشف بعض إحدى التقرير عن حالة مشابهة، ناتجة عن ضغط الورم الكوليسترولي، الذي يعد من عقابيل التهابات الأذن.
  • أورام الغدة النكفية: قد تكون تشنجات نصف الوجه العلامة الأولة لبعض أورام النكفة.
  • تشوهات الحفرة الخلفية: تضم فئة واسعة من التشوهات الهيكلية والتي تؤدي لضغط حذر العصب الوجهي.

التشخيص

يعتمد تشخيص حالة تشنج الوجه النصفي بشكل رئيسي على وجود العرّات (الحركات التشنجية اللاإرادية والسريعة)، كما أن الطبيب يعتمد في تأكيد التشخيص على القصة المرضية والفحص السريري الذي يركز على الجهاز العصبي.

ولكن يعتبر الطبيب أهم خطوة عملية التشخيص هي نفي بعض الأورام والأفات الدماغية التي قد تؤدي لإصابة العصب الوجهي، وذلك عبر:

  • تصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)
  • التصوير المقطعي المحوسب (CT)
  • تصوير الأوعية (Angiography)

لا تفيد الفحوص التصويرية السابقة في استبعاد الأورام فحسب وإنما لتحديد سبب وجود التشنجات العضلية، وفي حال كانت نتائج هذه الفحوص سلبية، قد يأخذ الطبيب في الاحتمال التشوهات الوعائية.

علاج تشنج الوجه النصفي

نظرًا لأن تشنج الوجه النصفي له معدل حدوث وانتشار منخفض، فإنه يفتقر للأبحاث الواسعة التي تقارن الخيارات العلاجية الممكنة.

وتشمل الخيارات العلاجية المتاحة:

1- العلاج الدوائي

إن أهم الأدوية المستخدمة لعلاج تشنج الوجه النصفي هي:

  • باكلوفين (Baclofen): مرخي عضلي ويستحدم لحالات التشنج العضلي
  • كاربامازيبين (Carbamazepine)‏ وكلونازيبام (clonazepam)، وهي من الأدوية المضادة للصرع التي قد تفيد في تخفيف التشنجات.

توصف عادةً للحالات خفيفة الشدة، وذلك لكون النتائج الخاصة بفعالية العلاج الدوائي عموماً غير مرضية بشكل جيد.

2- حقن البوتوكس

يعد فعّالاً لعلاج تشنج الوجه النصفي حيث حقن البوتوكس (الذيفان الوشيقي) وهي مادة سامة مُستخلصة من الجراثيم، تعمل على شلّ العضلات عن طريق منع انتقال الإشارات العصبية.

لوحظت نتائج جيدة جداً لهذا الخيار، حيث يلاقي حوالي 84% من مرضى تشنج الوجه النصفي استجابة مقبولة، ولكن يبقى العيب الوحيد للحقن، هو الحاجة لأكثر من جلسة حقن خلال السنة.

قد يترافق الحقن ببعض المضاعفات، التي تتمثل:

  • ضغط في عضلات الوجه عند حوالي 97% من المرضى
  • شلل العصب الوجهي المؤقت
  • ازدواج الرؤية (الشفع)
  • تدلي الجفون
  •  الغثيان
  • رد فعل تحسسي
3- الجراحة

تعد الجراحة الخيار الوحيد الذي يعالج حالة تشنج الوجه النصفي بشكل نهائي وجذري، ويعتمد على تخفيف الضغط المطبق على جذر العصب الوجهي سواء عبر تحريك وإبعاد الوعاء الدموي الملاصق أو عبر وضع مادة بين العصب والوعاء الدموي.

قد يعاني بعض المرضى من بعض التشنجات عقب العمل الجراحي، إلا أنه خلال أيام معدودات تكون الأعراض قد اختفت.

يوجد مجموعة من المضاعفات قد تظهر خلال أو بعد الجراحة، مثل:

  • ضعف السمع أحادي الجانب
  • فقدان السمع أحادي الجانب الدائم
  • شلل العصب الوجهي الباكر والمتأخر

التعايش مع الإصابة

يرافق تشنج الوجهي النصفي المريض عادةً طول حياته، إلا في حال اعتماد الحل الجراحي وكان ناجحاً. ولذلك لابد أن يتعايش مع هذه الحالة، ويمكن ذلك عبر الاستفادة من بعض النصائح مثل:

  • قد تفيد تمارين وتقنيات الاسترخاء كاليوغا
  • تغيير طريقة التفكير بالحالة المرضية وأخذها بمنحى إيجابي وعدم اعتبارها عائقاً
  • التحدث مع الطبيب حول بعض العلاجات المتعبة ومدى فائدتها كالوخز بالإبر
  • مراجعة الطبيب بشكل دوري، لتقييم فعالية العلاج المتبع
  • الانتباه لظهور أعراض إضافية أو تغير شدة التشنج وحدته واستشارة الطبيب في حال حدوث أي تغير في الحالة بشكل عام