تلوث الدم: التشخيص والوقاية

الكاتب - 23 نوفمبر 2022

ما هو تلوث الدم؟

تلوث الدم "Bacteremia" هو حالة طبية طارئة تحدث عن وصول العدوى الجرثومية إلى مجرى الدم سواء كان ذلك بسبب عدوى جرثومية خطيرة أو بسبب تصرفات عابرة تؤدي إلى دخول بعض الجراثيم إلى الدم مثل بعض الإجراءات الطبية السنية.

وقد يشار لهذه الحالة باسم تسمم الدم أو تعفن الدم أو تجرثم الدم، وفي أغلب الأحيان، لا يصل سوى عدد قليل من الجراثيم للدم، ويزيلها الجسم بمفرده، ولا تظهر أي أعراض على معظم الأشخاص.

ولكن في حالة وصول الجراثيم إلى الدم وبقائها وإهمال العلاج قد يحدث استجابة خطرة من الجسم تؤدي إلى خلل أو فشل جهاز أساسي أو أكثر من أجهزة الجسم (الكليتين، الكبد، القلب، الدماغ).

وباستمرار هذه الحالة الخطرة دون علاج قد يصل الجسم إلى الصدمة الإنتانية والتي تعرف بانخفاض شديد في ضغط الدم وفشل عمل في الأعضاء الرئيسية في الجسم.

خطورة تلوث الدم من الناحية الطبية

يترافق تلوث الدم الخطير مع معدل وفيات مرتفع ما بين 5.3% وحتى 14.4% في قسم الطوارئ والإسعاف. (1)

ومعدل أعلى ما بين 14% وحتى 37% بين المرضى في وحدات الرعاية الحرجة والعناية المركزة (2)

أعراض تلوث الدم

في حالة العدوى في الدم تحدث الاستجابة للعدوى في جميع أنحاء الجسم وتسمى الاستجابة الجهازية، وتتضمن:

  • ارتفاع أو انخفاض غير طبيعي في درجة الحرارة
  • تسرع في دقات القلب
  • سرعة التنفس
  • ارتفاع أو انخفاض عدد خلايا الدم البيضاء بشكل غير طبيعي

وعلى الرغم من أن العديد من الالتهابات تسبب مثل هذه الأعراض في جميع أنحاء الجسم، إلا أن الأعضاء المصابة بسبب تلوث الدم تبدأ في التعطل ويصبح تدفق الدم غير كافٍ إلى أجزاء من الجسم.

كما قد تظهر أعراض إضافية تشمل:

  • تغيرات في الحالة العقلية مثل الارتباك وقلة اليقظة
  • طفح جلدي أو بقع أرجوانية أو احمرار على معظم الجسم
  • التهيج أو سوء التغذية عند الأطفال
  • قد تظهر أعراض أخرى اعتماداً على نوع ومكان الإصابة الأولية (على سبيل المثال، قد يعاني الأشخاص المصابون بالالتهاب الرئوي من السعال وعدم الراحة في الصدر وصعوبة التنفس)
  • يتبول المرضى بمعدل وكميات أقل
  • انخفاض في ​​ضغط الدم
  • قد يؤدي انخفاض تدفق الدم إلى موت الأنسجة

أسباب تلوث الدم

يبدأ تلوث الدم عادةً بعدوى صغيرة موضعية مثل شق أو جرح أو التهاب مسالك بولية أو أي نوع آخر من العدوى أو الالتهاب، فعند إهمال هذه الحالات يحدث تلوث الدم نتيجة انتقال العدوى إلى مجرى الدم.

فعندما تبدأ حالة الالتهاب، تقوم خلايا جهاز المناعي بإفراز مواد تعرف باسم "السيتوكينات" وذلك بتحريض من السموم التي تنتجها بعض الجراثيم.

إن الهدف من "السيتوكينات" في البداية هو مساعدة الجهاز المناعي في مكافحة العدوى، إلا أنه يمكن أن يكون لها آثار ضارة في حال عدم السيطرة على الالتهاب وتفاقمه. فيتسبب بالتالي:

  • تمدد الأوعية الدموية مما يؤدي إلى انخفاض ضغط الدم
  • تجلط الدم في الأوعية الدموية الدقيقة داخل الأعضاء
  • بالتالي تبدأ حالة تلوث الدم

تلوث الدم الخطير

عادةً ما يحدث تلوث الدم الخطير بسبب الإصابة بأنواع معينة من الجراثيم وبشكل خاص ما يلي:

  • التهابات المسالك البولية غير المعالجة
  • التهابات الأنسجة الرخوة داخل البطن، رغم أنها ليست شائعة لكنها أكثر انتشاراً بعد إجراء العمليات الجراحية
  • التهاب الأمعاء بجرثومة الإشريكية القولونية التي هي من الأسباب الأكثر شيوعاً لتجرثم الدم
  • العدوى بالجراثيم داخل المشافي

مضاعفات تلوث الدم

تتراكم الجراثيم التي لا يزيلها الجهاز المناعي في أماكن مختلفة في جميع أنحاء الجسم، مسببة التهابات خطيرة هناك، كما في:

  • الأنسجة التي تغطي الدماغ (التهاب السحايا)
  • الكيس المحيط بالقلب (التهاب التامور)
  • الخلايا المبطنة لصمامات القلب (التهاب الشغاف)
  • العظام (التهاب العظم والنقي)
  • المفاصل (التهاب المفاصل القيحي)

وبما أن الحالة تبدأ مع وصول العدوى إلى الدم، وفشل السيطرة على عمل السيتوكينات، فإن بداية الأعراض تكون مع انخفاض ضغط الدم والجلطات الصغيرة.

وتؤدي هذه الأحداث بدورها إلى سلسلة من المضاعفات الخطرة حيث:

  • ينخفض ​​تدفق الدم إلى الأعضاء الحيوية مثل الكلى والرئتين والقلب والدماغ، فيحاول القلب التعويض عن طريق العمل بجهد أكبر وزيادة معدل ضربات القلب وكمية الدم التي يتم ضخها.
  • تؤدي زيادة عمل الضخ في النهاية إلى إضعاف القلب، ونتيجة لذلك يضخ القلب كمية أقل من الدم إلى الأعضاء الحيوية.
  • وعندما لا تتلقى الأنسجة ما يكفي من الدم فإنها تطلق كميات زائدة من مادة تدعى حمض اللبن (المادة التي تسبب ألم العضلات التشنجي عند ممارسة جهد بدني بقوة) في مجرى الدم. مما يجعل الدم أكثر حمضية.

تؤدي كل هذه التأثيرات بدورها إلى تدهور وظيفة الأعضاء، والتي تشمل:

  • ضعف عمل الكليتين وتراكم الفضلات الاستقلابية مثل نيتروجين اليوريا في الدم.
  • تدهور وظيفة الرئتين وتسرب السوائل من الأوعية الدموية إلى الرئتين وتتراكم ضمنها مما يسبب صعوبةً في التنفس.
  • يستمر تشكل جلطات الدم الصغيرة في الأوعية الدموية، ليتبعها حدوث نزف صغير داخل أوعية أخرى.
  • وأخيراً فشل أعضاء الجسم التام والوفاة.

عوامل خطورة الإصابة

يوجد العديد من العوامل التي تزيد الخطورة للإصابة بحالة تلوث الدم الخطير مثل:

  • ضعف الجهاز المناعي بسبب استخدام الأدوية التي تثبط الجهاز المناعي أو بسبب اضطرابات معينة مثل السرطان والإيدز والاضطرابات المناعية.
  • بعض الاضطرابات المزمنة التي تضعف المناعة مثل مرض السكري أو تليف الكبد أو قصور القلب أو الانسداد الرئوي.
  • صمام القلب الصناعي
  • تركيب المفاصل الصناعية
  • تشوهات القلب الخلقية
  • الأطفال حديثي الولادة
  • المرضى الأكبر سناً الذين يعانون من أمراض متعددة
  • إصابة حديثة لحرق كبير
  • عمل جراحي حديث
  • تعاطي المخدرات بشكل خاص عن طريق الوريد
  • كما يمكن أن يزداد خطر تلوث الدم عند الأشخاص الذين لديهم تداخلات طبية معينة مثل القثاطر الوريدية والقثاطر البولية أو أنابيب التنفس الاصطناعي. (3)(4)
    • حيث يمكن أن تتجمع الجراثيم على سطح هذه الأجهزة مما يجعل احتمال العدوى أكبر، وكلما طالت مدة بقاء هذه الأدوات في مكانها زادت المخاطر.

تشخيص الحالة

يشتبه الأطباء في حدوث تلوث أو تسمم الدم بناءً على الأعراض وتدهور الحالة العامة.

ولتأكيد التشخيص يبحث الأطباء عن الجراثيم في مجرى الدم من خلال إجراء التحاليل المخبرية للدم، بالإضافة للزرع الجرثومي للدم.

بالإضافة إلى إجراء اختبارات إضافية للعثور على مصدر العدوى مثل:

  • التصوير بالأشعة السينية واختبارات التصوير الأخرى
  • الزرع الجرثومي لعينات السوائل أو الأنسجة

علاج تلوث الدم

يتم علاج تلوث الدم عن طريق:

  • المضادات الحيوية بشكل سريع لأن التأخير في العلاج يقلل بشكل كبير من فرص البقاء على قيد الحياة.
  • يتم إعطاء المضادات الحيوية فوراً جنباً إلى جنب مع الأكسجين والسوائل عن طريق الوريد
  • أحياناً تعطى بعض الأدوية لزيادة ضغط الدم
  • إزالة مصدر العدوى
  • يتم إدخال الأشخاص المصابين بمرحلة الصدمة أو المصابين بمرض شديد إلى وحدة العناية المركزة لتلقي العلاج.
  • قد تكون هناك حاجة للجراحة إذا لم تنجح العلاجات الأخرى، وتكون الجراحة لإزالة الخراج أو الأنسجة المصابة.

الوقاية من تلوث الدم

يمكن الوقاية من تلوث الدم عن طريق العناية بالنظافة واتباع العديد من الخطوات مثل:

  • غسل اليدين بالماء والصابون عدة مرات كل يوم، قبل وبعد الطعام وبعد استخدام المرحاض
  • يكون الغسل لمدة 20 ثانية على الأقل
  • تجفيف اليدين بمنشفة نظيفة أو ورقية
  • استخدام المعقم الحاوي على الكحول في خالة عدم توفر الماء والصابون
  • العناية بالقسطرة والمصارف حسب ارشادات الطبيب
  • تنظيف الأسطح المستخدمة بكثرة والمعرضة للجراثيم في المنزل والعيادات والمشافي
  • تنظيف مقابض الأبواب وأسطح العمل والهواتف المحمولة والأسطح الأخرى التي يتم لمسها بشكل متكرر