حساسية الطعام: الأعراض والعلاج

المراجعة الطبية - MSc
الكاتب - أخر تحديث 10 نوفمبر 2022

ما هي حساسية الطعام؟

قبل الحديث عن حساسية الطعام يجب تعريف الحساسية على أنها رد فعل مبالغ به من الجسم تجاه أحد المواد المحفزة، ويغيب هذا التفاعل عند الأشخاص السليمين مع نفس المواد (1).

وينتج عن ردة الفعل هذه مجموعة مختلفة من الأمراض المرتبطة بالتحسس، مثل الأكزيما والربو وحساسية الطعام.

وتحدث الحساسية عادة نتيجة لوجود بعض البروتينات الخاصة ببعض الأطعمة، التي تكون مسؤولة عن حدوث الحساسية. عبر الجهاز الهضمي.

على الرغم من أن معدلات انتشار الحساسية غير مؤكدة، ولكن يبدو أن معدل الإصابة قد زاد خلال العقود الثلاثة الماضية، بشكل أساسي في البلدان ذات نمط الحياة الغربي (2).

وحسب إحدى الدراسات الإحصائية أيضاٍ فإن نسبة انتشار الحساسية تصل إلى 10% عند الأطفال بعمر عام. (3)

وتشير الدراسات أيضاً إلى أن معدل انتشار الحساسية عند البالغين يقدر بحوالي 10.8٪، مع بعض التقديرات التي تشير أن النسبة قد تصل ل 19% (4).

ويعد الوصول لأرقام نهائية أمراً بعيد المنال، وذلك نتيجةً للتفاوت الكبير في مظاهر حساسية الطعام بين المصابين.

أعراض حساسية الطعام

تختلف الأعراض التي قد تظهر نتيجة حساسية الطعام، باختلاف نمط الحساسية الموجود. على الشكل التالي:

١- حساسية الطعام المتسببة بالأجسام المضادة (IgE)

تتميز الأعراض هنا بكونها أشد من الأنماط الآخرى، وقد تتحول أيضاً لصدمة حساسية (Anaphylactic shock) (5).

وتضم الأعراض المشاهدة:

  • الحكة، أو الشعر بالوخز
  • ظهور طفح جلدي مرتفع عن الجلد (أحمر اللون)، ويكون مثيراً للحكة
  • الغثيان والقيء
  • دوار
  • ألم في البطن مع وجود اسهال
  • عُطاس
  • حكة وإحمرار في العين
  • صفير عند التنفس (أزيز)

٢- حساسية الطعام غير المتسببة بالأجسام المضادة (IgE)

تكون الأعراض أقل في الحدة في هذا النوع، وقد تستغرق عدة أيام لكي تظهر، وتضم غالباً:

  • إحمراراً في الجلد وحكة، تختلف عن الطفح المُشاهَد في النمط السابق. ويكون المظهر الجلدي شبيه بالأكزيما (جلد أحمر ومتشقق وجاف) بالإضافة للحكة
  • ألم في البطن
  • قيء
  • إسهال أو إمساك
  • البكاء الشديد وغير المفسَّر (قد يكون العرض الوحيد عند الطفل)

أسباب حساسية الطعام

إن السبب الحقيقي وراء حدوث الحساسية غير مُحدد إلى وقتنا هذا، وقد تجتمع عدة عوامل تسبب تحسس الجسم للبروتينات المرتبطة بالأطعمة.

والتي بدورها قد تسبب صنفين مختلفين من التفاعل، على الشكل التالي:

١- حساسية الطعام المتسببة بالأجسام المضادة (IgE)

يدخل الطعام إلى الجسم لأول مرة دون أن يسبب أيّ ردة فعل. إلا أن الخلايا المناعية تقرأه بشكلٍ غير تقليدي، وتشكل أجسامٍ مضادة مناعية (IgE) ضد بروتينات معينة ضمن المادة المرتبطة بالأطعمة.

عند تناول الطعام مرة أخرى، تتعرف الأجسام المضادة على هذه البروتينات، وتفعَّل نتيجة لذلك عدة رسائل مناعية.

يؤدي تنشيط هذه الوسائل المناعية إلى إطلاق بعض الوسائط الالتهابية (الهيستامين) وتتسبب في تقلص العضلات الملساء وتوسع الأوعية وإفراز المخاط مما يؤدي إلى ظهور أعراض فرط الحساسية (6).

٢- حساسية الطعام الغير متسببة بالأجسام المضادة (IgE)

حساسية الطعام التي لا تعتمد على الـ (IgE) هي مجموعة من الاضطرابات، التي يحدث بها تفاعل تحسسي التهابي تحت حاد (Subacute) أو مزمن (chronic) ضمن القناة الهضمية.

على العكس من نمط ال(ـIgE) الذي يؤدي لحدوث أعراض سريعة ويطال تأثيره أعضاء متعددة، فإن العملية هنا تحدث بشكلٍ بطيء. وتقتصر الأعراض بشكل أساسي على القناة الهضمية.

عادةً ما تكون مسببات هذه الحالة، عبارة عن بروتينات سكرية قابلة للذوبان في الماء. وبالتالي قادرة على عبور الغشاء المخاطي الخاص بالأمعاء. (7)

كما يمكن لأي مادة المرتبطة بالأطعمة أن تحوي هذه البروتينات، إلا أنها غالباً ما تكون محصورة في القائمة التالية:

  • الحليب
  • البيض
  • الفول السوداني
  • المحار
  • القمح
  • المكسرات

عوامل الخطورة لحساسية الطعام

قد يكون هناك عدة عوامل تجعل الجسم مهيّأً للتفاعل المبالغ به ضد الأطعمة، واستطاعت بعض الأبحاث والدراسات الإحصائية وضع مجموعة من العوامل المهمة، وهي:

١- الوراثة

وتشير الدراسات الى وجود دور للوراثة في ظهور حساسية الطعام. لذا فإن وجود أحد أفراد العائلة مصاب بحساسية الطعام، سيزيد احتمالية حدوث الحساسية عند باقي أفراد العائلة (8).  

٢- الجنس

إن الاختلاف في انتشار حساسية الطعام موجود بين الجنسين، ويتفاوت تِبعاً للفئة العمرية. ففي الفترة قبل البلوغ يكون الذكور أكثر عرضة للإصابة، ومع حدوث البلوغ تصبح الإناث أكثر عرضة، وتعود الكفة للتساوي بعد سن اليأس (9).

إن هذا الاختلاف في النسب المرتبط بالبلوغ، يؤكد دور الهرمونات الأنثوية في زيادة احتمالية حدوث حساسية الطعام.

٣- الِعرق

قد يشكل العِرق عامل خطورة لتطور حساسية الطعام، كما كشفت إحدى الدراسات أن معدلات الإصابة تكون أكبر عند الأشخاص من العرق الأسود والشعوب اللاتينية (10).

٤- التهاب الجلد التأتبي

تعرف أيضا بالأكزيما، هو اضطراب التهابي مزمن يصيب الجلد، ويكون مرضاه معرضين بشكل كبير لأن يصابوا بحساسية ضد الطعام. ويضاف له الربو والتهاب الأنف الموسمي اللذان يرافقان الحساسية ضد الطعام أيضاً (11).

٥- فرضية النظافة

تشير هذه الفرضية، أنه كلما كان الطفل أقل تعرُّضًا للعوامل الممرضة خلال نشأته، كلما زاد احتمال حدوث حساسية الطعام لديه. حيث إن هذه الحالة تجعل ردة فعل الجهاز المناعي أكثر حدة تجاه بروتينات الطعام (12).

٦- نقص الفيتامين د

أظهرت الدراسات أن نقص فيتامين-د قد يكون عاملاً مساعداً لظهور حساسية الطعام (13).

٧- زيادة الوزن

لوحظ انتشار حساسية الطعام لدى الفتيات اللاتي تعاني من زيادة الوزن، مما يؤيد فكرة ان زيادة الوزن عامل محفز لظهور الحساسية للإناث، دون الذكور وذلك حسب دراسة عام 2021.

المضاعفات

إن حدوث صدمة التحسس (Anaphylactic shock) يعتبر أهم وأخطر المضاعفات المشاهدة. وتحدث في حساسية الطعام المتسببة بالأجسام المضادة (IgE).

تعد صدمة التحسس حالةً طبيةً طارئةً ومهددةً للحياة. لذا فهي تطلب عنايةً طبيةً فوريةً. وتتضمن أعراضها:

  • حدوث خلل في الأوعية الدموية، وهو ما يؤدي لتورُم الأنسجة تحت الجلد، وقد تطال الشفتين واللسان والحلق، ومنه قد يحدث اختناق.
  • تضيّق القصبات الرئوية التي تؤدي لصعوبة في التنفس، بالإضافة لظهور أصوات خلال التنفس (الأزيز والصرير).
  • السعال المستمر
  • نقص الأوكسجين
  • مشاكل في البلع أو الكلام
  • الدوار وحتى الإغماء
  • انخفاض شديد في ضغط الدم دون الـ 90 ملم زئبقي، نتيجةً لتوسع الأوعية الدموية.

قد تؤدي حالة حساسية الطعام غير متسببة بالأجسام المضادة IgE، أيضاً إلى مجموعة من المضاعفات والتي تظهر بشكل خاص في الحالات غير المعالجة، وعلى المدى الطويل، وبحسب دراسة عام 2018 تشمل:

  • سوء التغذية
  • فشل النمو
  • نقص بروتين (ألبومين) الدم
  • الجفاف

التشخيص

قد يمثل تشخيص الحساسية تحدياً أمام الطبيب، وذلك لصعوبة تحديد المادة المرتبطة بالأطعمة التي تسبب الحساسية (13) ولكن بشكلٍ عام، يفيد التاريخ المرضي بشكلٍ كبير في توجيه التشخيص. على النحو التالي:

١- التاريخ المرضي

يقوم الطبيب بتوجيه عدة أسئلة يستطيع من خلالها الوصول للمعلومات التشخيصية المفيدة، تتضمن بعض الأسئلة:

  • متى كانت أول مرة تظهر فيها أعراض التحسس؟
  • كيف ظهرت وبشكلٍ مُفصَّل؟
  • كم من الوقت أخذت لكي تختفي؟
  • بماذا وكيف عولجت؟
  • هل يوجد أحد من الأفراد الأسرة يعاني من الحساسية، أو يحدث له أعراضاً مشابهة؟
٢- فحوصات طبية

كما يوجد عدة اختبارات قد يلجأ لها الطبيب لتأكيد التشخيص، والتي تتضمن:

١- اختبار وخز الجلد

يعد اختبار وخز الجلد من الاختبارات الشائعة الموجهة لتشخيص الحساسية، ويعتمد على حقن بضع قطرات من المادة المتَّهمة في ذراع أو ظهر المريض، بالإضافة لحقن الهيستامين والمحلول الملحي.

إن الغرض من هذه الطريقة، هو تقييم درجة التورم المتوقعة بناءً على التورم الحاصل مكان حقن الهيستامين، مع ملاحظة أن بقاء مكان المحلول ملحي سليماً يدعم التشخيص.

ينتظر المريض حوالي 15-20 دقيقة، من ثم يتم فحص أماكن الحقن بشكل دقيق، وتقاس درجة اتِّساع التورم في حال وجوده.

إن إيجابية الفحص لا تعني بشكل حتمي وجود تحسس، كما أن سلبية الفحص لا تنفي بشكل قطعي أيضاً.

٢- تحليل الدم

تفيد تحاليل الدم في حالة حساسية الطعام المتسببة بالأجسام المضادة (IgE)، حيث يقوم الطبيب بأخذ عينة من دم المريض، وتعريضها للعامل المسبب للتحسس.

من ثم قياس نسبة الـ (IgE) الموجودة والتي قد تفيد في تشخيص الحالة.

٣- اختبار التحدي الغذائي الفموي

يعد التحدي الغذائي خياراً أخيراً أمام الطبيب، وهو عبارة عن نظام غذائي محدد من قبل الطبيب، كما ويعتمد على إدخال أحد المواد المرتبطة بالأطعمة المشكوك بتسببها بالحساسية وزيادتها تدريجياً.

فإذا ظهرت أي أعراض على المريض يكون قد تم تحديد السبب، وفي حال لم تظهر أيّة أعراض بالتالي تكون المادة المرتبطة بالأطعمة آمنة.

يلزم هذا الاختبار إشراف طبي دقيق، فمن الممكن أن يتعرض المريض لصدمة تحسسية (Anaphylactic shock) بأيّة لحظة (14)

علاج حساسية الطعام

يعتمد علاج حساسية الطعام بشكلٍ أساسي على تحديد الطعام المسبب واستبعاده من النظام الغذائي. كما يتطلب ذلك تعاون من الأهل من أجل تمييز هذه الأطعمة سواءً عبر وضع ملصقات أو بأي وسيلة أخرى.

يجب أن يخضع المريض والأشخاص المرافقين له، لتدريبٍ جيِّد حول أعراض صدمة التحسس (Anaphylactic shock) وكيفية علاجها والتعامل معها بالشكل المثالي.

كذلك من المهم أن يبقى مع المريض حقن الأدرينالين المخصصة لصدمة التحسس بالإضافة لمضادات الهيستامين.

التعايش مع حساسية الطعام

لابدّ للشخص أن يتعايش مع أعراض ومشاكل حساسية الطعام.

ومن أهم النصائح حول ذلك:

  • إن أهم نصيحة للتعايش هي القدرة على تمييز الطعام المسبب للحساسية، قد يستطيع المريض حفظ قائمة الأطعمة، أو قد تساعد القصاصات الورقية أو الملصقات في تذكر الأطعمة المحسسة.
  • يجب على المريض أن يكون على دراية كاملة حول درجة التحسس من الطعام، فإذا كانت شديدة، عليه الانتباه لبقايا الطعام التي قد تكون على الصحون والكاسات.
  • إذا اضطر الشخص أن يستبعد مواد غذائية مهمة كالألبان والأجبان. لابدّ أن يستعاض عنها بمواد أخرى تحقق نفس الفائدة الغذائية.
  • ابتكار أو طبخ وجبات ووصفات طعام خاصة، تعد حلاً مثالياً، ولا يلزمه سوى البحث قليلاً في كتب الطبخ، أو حتى ابتكار وجبات جديدة.
  • الاستعلام جيّداً عن مكونات الوجبات المرتبطة بالأطعمة الجديدة، وبشكل خاص عند السفر. حيث يجب على المريض القراءة جيّداً حول مطبخ الدول التي يريد زيارتها من أجل تجنّب أي مشاكل.
  • حمل أدوية الطوارئ دوماً وفي أي مكان، والتأكد من أفراد العائلة أو الأصدقاء أو أي شخص مرافق، على دراية بالخطوات الواجب اتَّباعها عند حدوث صدمة التحسس.

لا بدّ من التأكيد على أهمية الانتباه لنمو الأطفال، فمن الممكن أن تكون هناك اضطرابات في النمو دون أن يشعر الأهل. في هذه الحالات تعد زيارة الطبيب الخيار الأمثل.