داء الأسبست وتأثيره على صحة الجهاز التنفسي

الكاتب - أخر تحديث 9 أغسطس 2023

داء الأسبست "Asbestosis" هو مرض خطير ينجم عن التعرض لألياف الأسبستوس "Asbestos"، وهي مادة صناعية سامة استُخدمت في العديد من التطبيقات الصناعية في الماضي. وعلى الرغم من حظر استخدام هذه المادة في العديد من البلدان، إلا أن تأثيراتها الضارة ما زالت تؤثر على صحة الأفراد حتى اليوم.

في هذا المقال، سنستعرض الآثار الضارة للأسبستوس على الرئتين والقصبات الهوائية، ونسلط الضوء على المشاكل الصحية المرتبطة بهذا المرض. سنتناول أيضا أهم العلامات والأعراض التي يمكن أن تشير إلى تعرض شخص ما للأسبستوس.

تعريف داء الأسبست

يصيب داء الأسبست "Asbestosis" الأشخاص الذين يستنشقون ألياف وغبار الأسبست "Asbestos" لفترة طويلة من الزمن، وهو معدن يشكل أليافاً دقيقةً تدوم لوقتٍ طويل. عندما تدخل ألياف وغبار هذا المادة إلى الرئتين يمكن أن تسبب تليفاً (سماكة وتندباً في الرئتين)، ويمكن أن تسبب أيضا زيادة سماكة الغشاء المحيط بالرئتين والمسمى بغشاء الجنب. وقد تؤدي في المحصلة إلى حدوث مضاعفات تهدد الحياة. بما في ذلك سرطان الرئة وقصور القلب؛ وفي الحالات الشديدة يمكن أن يكون المرض قاتلاً.

ولكن وبشكل عام فإن الإصابة بداء الأسبست في وقتنا الحالي قد تكون غير محتملة عند المدركين لمخاطر المادة والمرض والذين يتبعون تعليمات السلامة والوقاية والتي تساعد بشكل كبير في تجنب خطر استنشاق هذه المواد وخاصة في المصانع ومواقع البناء.

أعراض داء الأسبست

عند الإصابة بداء الأسبست تظهر عدة أعراض مرتبطة بالجهاز التنفسي. وقد تظهر الأعراض بعد مرور سنوات من التعرض لمادة الأسبستوس. حيث يستغرق الأسبست فترة طويلة حتى يصبح تأثيره ملحوظ على الجهاز التنفسي. من الجدير بالذكر أنه يمكن أن تكون الأعراض مشابهة لأمراض أخرى، بالتالي يجب استشارة الطبيب للتشخيص الدقيق والعلاج المناسب.

عندما يتم استنشاق جزيئات الأسبستوس، تتجمع في الرئتين وتسبب التهابات مزمنة وتلف الأنسجة، وعندما يتشكل النسيج الندبي حول الأسناخ الرئوية (الأكياس الهوائية الدقيقة في الرئتين) يصبح توسعها أمراً صعباً ويزداد صعوبةً مع الوقت فلا تتمكن من الامتلاء بالهواء، وتظهر بعدها الأعراض الشائعة لداء الأسبست والتي تشمل:

  • ضيق التنفس: قد يشعر المريض بصعوبة في التنفس وعدم القدرة على استيعاب الهواء بسهولة، حتى خلال ممارسته لأنشطة بسيطة.
  • السعال المستمر: يعاني المريض من سعال مستمر أو مزمن، وقد يصاحبه إفرازات مخاطية.
  • ألم في الصدر: الشعور بألم مستمر في الصدر، وخاصة عند التنفس العميق.
  • ضعف الشهية وفقدان الوزن دون سبب واضح.
  • التعب والضعف العام بشكل مستمر، حتى بعد الراحة الكافية.
  • صوت طقطقة عند التنفس.
  • تعجر أصابع اليدين والقدمين، أي تصبح نهايات الأصابع بشكل دائري غير طبيعي.

الأسباب والأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بداء الأسبست

السبب الوحيد لحدوث داء الأسبست هو التعرض لألياف وغبار الأسبست "Asbestos". ويؤدي استنشاق ألياف الأسبست إلى تراكم الألياف في أنسجة الرئة. فيتعرف الجهاز المناعي على هذه الألياف على أنها مواد غريبة عن الجسم ويرسل خلايا مناعية تسمى بالبالعات الكبيرة، والتي تعمل على تطويق الألياف لتفتيتها وإزالتها من الجسم؛ إلا أن الجسم لا يتمكن من إزالة جميع الألياف التي تم استنشاقها.

فتتراكم ألياف الأسبست بمرور الوقت وتسبب التهاباً وتغيرات في أنسجة الرئة مما يؤدي إلى تندب وتعيق حركة الأنسجة. عادةً ما يستغرق الأمر سنوات من التعرض المنتظم للأسبست، ويلي ذلك فترة كمون قد تستمر لعقود قبل ظهور الأعراض.

حيث هنالك مجموعة من الإشخاص العاملين بمجالات معينة والذين يعتبرون أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض نتيجة تعاملهم مع مواد تحتوي الأسبست "Asbestos" وهم:

  • عمال المناجم الذين يستخرجون المعادن الحاوية على الأسبست
  • الميكانيكيين في مجال السيارات والطائرات
  • عمال البناء
  • عمال الكهرباء
  • عمال السكك الحديدية وأحواض بناء السفن
  • بالإضافة أيضا إلى الأشخاص الذين يعيشون مع شخص يعمل في إحدى هذه الوظائف، والذي قد يعود إلى المنزل حاملاً غبار أو ألياف الأسبست على ملابسه.
  • أو في حال كان المرء يعيش في موقع هدم أو بالقرب من منجم أسبست
مجموعة المضاعفات والأمراض المتعلقة بداء الأسبست
مجموعة المضاعفات والأمراض المتعلقة بداء الأسبست

المضاعفات

إن الأشخاص المصابون بداء الأسبست معرضون لخطر أكبر للإصابة بحالات رئوية خطيرة مثل:

  • الداء الجنبي "Pleural Disease" وهو تسمك في غشاء الجنب الذي يغطي الرئتين.
  • ورم المتوسطة -الميزوثليوما- "Mesothelioma" وهو سرطان يصيب بطانة الرئتين أو البطن أو القلب أو الخصيتين.
  • سرطان الرئة "Lung cancer"

عوامل الخطورة

يعتمد خطر الإصابة بداء الأسبست على عدة عوامل، والتي وتشمل ما يلي:

  • مستوى التعرض للأسبست
  • مدى تكرار التعرض
  • الوقت الذي مضى على التعرض
  • إذا كان الشخص يعاني بالفعل من مشاكل في الرئة أو التنفس
  • إذا كان يعمل في مجال البناء بين سبعينيات وتسعينيات القرن الماضي

التشخيص

يأخذ الطبيب التاريخ الطبي للمريض بدقة ويسأل عن صعوبة تنفس المريض أثناء الراحة وأثناء التمرين، بالإضافة إلى تاريخ عمل المريض بالتفصيل لتحديد مدى تعرضه للأسبست. وللوصول إلى التشخيص الصحيح يهتم الطبيب بما يلي:

  • الأعراض التي ظهرت والوقت الذي بدأت فيه
  • العلاجات التي تم تقديمها من قبل لتحسين الأعراض ومدى الاستفادة عليها
  • طبيعة الأعمال التي قام بها المريض خلال حياته المهنية بأكملها، وطول الوقت الذي قضاه في كل وظيفة
  • المنتجات التي كان المريض على تماس معها في العمل وما إذا كان يرتدي معدات واقية أم لا
  • التدخين
  • أي سجلات طبية قديمة، بما في ذلك صور الصدر بالأشعة السينية أو التصوير الطبقي المحوري

أثناء الفحص البدني يستمع الطبيب إلى الرئتين لتحديد ما إذا كانت الأصوات التنفسية طبيعية أم لا، كما قد يطلب بعد ذلك اختبارات أخرى قد تشمل ما يلي:

  • صورة الصدر بالأشعة السينية "Chest X-ray"
  • التصوير الطبقي المحوري "CT scan"
  • اختبار وظائف الرئة "Lung function test"

السبل العلاجية

عندما تدخل ألياف الأسبست إلى الرئتين فإنها تسبب الالتهاب وفي النهاية تندب في الرئتين، كما قد تتسبب في حدوث السرطان في نهاية المطاف. وفي الوقت الحالي لا يوجد علاج شافٍ لداء الأسبست، كما أن الأضرار الحاصلة في الرئتين غير قابلة للعكس.

وبحلول الوقت الذي يشخص فيه الطبيب الإصابة بداء الأسبست تكون الألياف قد ألحقت أضراراً كبيرة بالرئتين على الأرجح. ولكن يمكن للمريض اتخاذ بعض الخطوات لتخفيف الأعراض وتحسين نوعية حياته، وتشمل ما يلي:

  • الإقلاع عن التدخين: حيث يزيد التدخين من خطر الإصابة بسرطان الرئة، ولكنه قد يؤدي أيضا إلى تفاقم الأعراض الأخرى لداء الأسبست.
  • العلاج بالأوكسجين: والذي من الممكن أن يحسن ضيق التنفس.
  • إعادة التأهيل الرئوي: وهو برنامج طبي يساعد المصابين بأمراض الرئة على العيش والتنفس بشكل أفضل؛ ويمكن أن يساعد الجمع بين هذا البرنامج واتباع نصائح الرعاية الصحية في تدبير أعراض المرض.
  • التلقيح: يوصى بأخذ اللقاحات بانتظام ضد الإنفلونزا وذات الرئة بالمكورات الرئوية، حيث أن الإصابة بداء الأسبست تجعل الرئتان أكثر عرضةً للعدوى.
  • العلاج بأدوية الستيروئيدات القشرية، والتي تعمل على كبح الالتهاب الحاد والمزمن بالتالي التقليل من تلف الرئة، ولكن معدل النجاح منخفض. وإذا لم تتحسن الحالة وكان المريض غير مستقر يمكن إضافة أدوية أخرى أو سحب الستيروئيدات.
  • العلاج بالمضادات الحيوية في حالات عدوى الجهاز التنفسي.
  • في بعض الأحيان يكون المرضى المدخنون المصابين بداء الأسبست مصابون كذلك بمرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD)، وفي هذه الحالات يتم وصف منبهات بيتا 2 طويلة الأمد الإنشاقية أو الستيروئيدات الإنشاقية.
  • الجراحة والتي يمكن اللجوء إليها في بعض الحالات كالتليف الجنبي.
  • زرع الرئة وهو العلاج النهائي في داء الأسبست الشديد عند فشل جميع العلاجات الأخرى في حالة التليف المزمن غير العكوس.

الوقاية من داء الأسبست

يجب أن يخضع استخدام الأسبست للتنظيم الشديد في كل مكان، وتعتبر الوقاية المفتاح الرئيسي لتجنب حدوث المرض، حيث تحدث معظم الحالات بسبب عدم وعي الناس بأخطار الأسبست أثناء العمل والتعرض لهذه المادة.

  • يمكن تقليل خطر الإصابة بداء الأسبست عن طريق تجنب التعرض الطويل للأسبست؛ وفي حال كان عمل المرء يتضمن التعرض للمعادن فيجب عليه ارتداء قناع تنفس لتصفية الجزيئات من الهواء، والذي يمنع استنشاق ألياف وغبار الأسبست.
  • كما أنه في حال إدراك الشخص لتعرضه لمادة الأسبست يجب أن يخضع لفحوصات منتظمة وأن يجري صورة صدر بالأشعة السينية؛ ورغم أن هذه الاختبارات لا تمنع حدوث داء الأسبست ولكنها يمكن أن تساعد في اكتشاف المرض بشكل باكر.
  • كما أنه من الضروري الإقلاع عن التدخين في حال كان المرء مدخناً وتعرض للأسبست، ويعد ذلك الطريقة الأفضل لتقليل خطر الإصابة بالسرطان.
  • يمكن تعيين شخص مختص بالتفتيش عن الأسبست للتحقق من وجوده في المنازل وخاصة القديمة منها، وفي حال وجودها يوصي المفتش بدوره بتعيين متخصص لإزالة المادة من المنزل لتجنب تعريض الأسرة لها.