داء الفقار الرقبي: الأعراض والعلاج

الكاتب - أخر تحديث 5 سبتمبر 2023

يُعد داء الفقار الرقبي "Cervical Spondylosis" أو التهاب المفاصل الرقبية أحد الأمراض الشائعة التي تؤثر على العنق والفقرات العنقية، ويتسبب هذا المرض في تلف الغضاريف والعظام الموجودة بالعنق، والتي تؤدي في النهاية إلى تضيق الحيز الموجود داخل الفقرات العنقية.

يترتب على ذلك العديد من الأعراض المؤلمة والمزعجة، والتي قد تشمل الألم في الرقبة والكتفين، والتنميل والخدر في الأطراف العليا، وصعوبة التحكم في الحركة. وفي هذه المقالة، سنتناول تفاصيل هذا المرض الشائع وأسبابه وأعراضه وخيارات العلاج المتاحة.

نظرة عامة حول داء الفقار الرقبي

يتكون العمود الفقري من سلسلة من العظام المسماة الفقرات، ويتكون من 33 عظمة بما في ذلك الفقرات القطنية السبع في الرقبة، والفقرات الصدرية الاثنتي عشر، والفقرات القطنية الخمس في الظهر، والفقرات القطنية الخمس في العجز.

ومن هذه الفقرات، توجد 24 فقرة فقط قابلة للحركة، وتوضع فوق بعضها البعض وفي منتصف كل منها فراغ يحتوي على النخاع الشوكي، ويؤمِّن له الحماية ويسمح للأعصاب التي تنتمي إليه بالخروج إلى الجسم. كما وتفصل بين كل فقرة والتي تليها غضروف ذو بنية مرنة طرية، وهو الذي يسمح بحركة الفقرات بشكلٍ سليم ومرن.

إن الفقرات القطنية السبع الأولى هي التي تشكل الرقبة، وتبدأ من أسفل قاعدة الدماغ حتى بداية القفص الصدري، ويعد داء الفقار الرقبي هو مجموعة التبدلات التنكسية التي قد تؤثر العظام أو الغضاريف في هذا الجزء من العمود الفقري.

وتعتبر هذه التبدلات طبيعية ومرتبطة بالتقدم في العمر، حيث أن الفئة العمرية بين 40 وحتى 60 سنة هم الأكثر عرضة للإصابة. (1)

كما أشارت دراسة قد أجريت على 3859 شخصاً، إلى انتشار هذه الحالة الصحية لديهم بنسبة 13.76%. بالإضافة إلى ذلك فنسبة انتشار المرض بين سكان الضواحي أعلى مقارنةً بباقي المناطق، أيضا نسبة انتشار هذه الحالة بين الإناث أعلى من الذكور. (2)

أقسام العمود الفقري
أقسام العمود الفقري

أعراض الإصابة بداء الفقار الرقبي

تتنوع أعراض داء الفقار الرقبي وشدتها من مريض إلى آخر، حيث تتدرج من الألم الخفيف حتى الاضطرابات العصبية الحسية الحركية الشديدة.

ويمكن تقسيم المظاهر السريرية للمرض ضمن مجموعات، قد يعاني المريض من واحدة من هذه المجموعات فقط أو أكثر، وتتضمن ما يلي:

١- ألم الرقبة
  • يعاني مريض داء الفقار الرقبي من الألم الرأسي المزمن وذلك في المنطقة الخلفية السفلية من الرأس، والناتج عن الضغط المباشر على الأعصاب النخاعية، وعن التنكس والتراجع في بنية الأقراص الغضروفية والأربطة والمفاصل بين الفقرات.
  • قد يتوضع الألم في المنطقة الرقبية فقط أو ينتشر إلى المنطقة الخلفية من الرأس، والكتف والذراع أو فروة الرأس.
  • قد يزداد الألم سوءاً أثناء تحريك الرأس ضمن وضعيات معينة، وقد يسبب أحياناً اضطراباً في النوم.
٢- اعتلال جذور الأعصاب الرقبية
  • يتسبب انضغاط جذور الأعصاب الرقبية أثناء خروجها من النخاع الشوكي عبر الفتحات بين الفقرات في حدوث اعتلال للجذور العصبية، ويتمثل ذلك في اضطراب وظيفة الحسية العصبية بصورة أو بأخرى. وقد يرافق ذلك اضطراب وظيفة الحركية، الذي يتجلى بالضعف العضلي في العضلات التي يتصل بها هذه الجذور.
  • تظهر هذه الأعراض بشكل أساسي لدى الفئات العمرية بين 40 حتى 50 سنة.
  • وقد تنتج هذه الحالة عن الفتق الحاد في القرص الغضروفي أو عن داء الفقار الرقبي المزمن.
  • بسبب حدوث التنكس الشائع بين الفقرة الرقبية الخامسة والسادسة، يُعَد العصب الرقبي السادس الأكثر تعرضاً للاضطراب، ويليه في الشيوع العصبان الرقبيان الخامس والسابع.
٣- الاعتلال النخاعي الرقبي
  • يعد الاعتلال النخاعي الرقبي الاضطراب الأكثر خطورة لتضيق القرص بين الفقرات وتضيق في القناة التي تحتوي على النخاع الشوكي، مما يؤدي إلى تشوهات عديدة في وظائف الجهاز العصبي والعضلي والحركي.
  • تبدأ أعراض هذا الاختلاط بالظهور بين عمري 50 و60 سنةً، ويكون من النادر القدرة على عكس الأعراض الحاصلة بمجرد بدئها.
  • تتضمن الأعراض المتعلقة بالاعتلال النخاعي الرقبي:
    • الشلل في العضلات التي تتلقى إشاراتها من منطقة النخاع الشوكي المضغوط
    • بالإضافة إلى حدوث شلل حسي وحركي شديد في الطرفين العلويين من الجسم
    • غياب الاحساس باللمس والضغط في أحد نصفي الجسم، مع فقدان الإحساس بالألم والحرارة في النصف المقابل من الجسم
٤- الأعراض والعلامات الأقل شيوعاً
  • غياب الحس ضمن توزّع يدعى "القفازات والجوارب"، وذلك لأنه يتوضع في اليدين والقدمين.
  • بعض الاضطرابات الهضمية الناتجة عن انضغاط المريء بالبوارز العظمية المرتبطة بالداء الفقري.
  • الدُوار
  • شلل "العصب الحجابي" في بعض الأحيان، مما ينتج عنه ارتفاع نصف الحجاب الحاجز للأعلى.

الأسباب وعوامل الخطورة

ينجم داء الفقار الرقبي عن عدم التوازن بين عمليتي الهدم والبناء في الفقرات العظمية الرقبية، مما يؤدي إلى تكوُّن نتوءات عظمية تعرف باسم "المناقير". وفي مناطق أخرى حيث يكون الهدم أكثر من البناء يؤدي إلى تضييق المسافات بين الفقرات التي تخرج منها الجذور العصبية. ولم يتم بعد تحديد السبب الدقيق الذي يفسر هذا الاختلال.

إلا أن هنالك مجموعة من العوامل التي تزيد احتمال تعرض الفرد للإصابة وتشمل:

  • التقدم في العمر حيث يعد أهم وأكبر عامل خطر.
  • التعرض لأذية رضية على الرقبة.
  • وجود سوابق عائلية للإصابة بداء الفقار الرقبي.
  • القيام بالأعمال التي تتطلب الاستعمال المتكرر لحركات العنق على سبيل المثال حمل الأشياء الثقيلة.
  • التدخين
  • زيادة الوزن
  • قلة النشاط البدني
  • إجراء جراحة على العمود الفقري.
  • تمزق أو انزلاق القرص الغضروفي بين الفقرات.
  • الإصابة بالتهاب المفاصل الشديد.

التشخيص

يدفع الألم المزمن المريض على استشارة الطبيب، ويجري الطبيب الفحص السريري ويبحث عن الأعراض والعلامات المميزة لحالة داء الفقار الرقبي، ويكون ذلك بالتركيز على التالي:

  • التشنج والضعف العضلي
  • القساوة واليبوسة في حركات الرأس
  • الألم عند الضغط أو تدوير الرأس

كما يمكن أن يطلب الطبيب بعد الفحوصات التصويرية والاختبارات لتأكيد التشخيص ومنها:

  • تصوير العمود الفقري بالأشعة البسيطة "X-Ray"
  • تصوير النخاع الشوكي الرقبي بالرنين المغناطيسي "MRI"
  • التصوير الطبقي المحوسب للعمود الفقري والنخاع الرقبي "CT scan"
  • تصوير النخاع الشوكي الرقبي باستخدام الأشعة البسيطة والمادة الظليلة "Myelogram"
  • التخطيط الكهربائي للأعصاب وقياس سرعة نقلها للإشارة الكهربائية.

مع العلم أن التشخيص الشعاعي للمرض قد يسبق بدء ظهور الأعراض، حيث أظهرت الدراسات الشعاعية التي أجريت على أفراد من فئات عمرية مختلفة ولكنها لا تعاني من أية أعراض النتائج التالية:

  • لدى 25% من الأفراد تحت 40 سنة علامات شعاعية تثبت بدء الإصابة.
  • لدى 50% من الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 40 و60 سنة نفس العلامات الشعاعية السابقة.
  • لدى 85% من الأفراد الذين تزيد أعمارهم عن 60 سنة هنالك ما يثبت الإصابة شعاعياً أيضاً.

علاج داء الفقار الرقبي

لا يوجد علاج شاف وفعال لحالة داء الفقار الرقبي، ولكن هنالك مجموعة من العلاجات المختلفة التي من الممكن أن تخفف من الألم الذي يعاني منه مريض داء الفقار الرقبي وتحسن من نمط حياته، ويتم تطبيقها وفقاً لاستشارة الطبيب. وهي:

  • العلاج الدوائي: كاستخدام مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية "NSAIDs" مثل ايبوبروفين وأسبرين، بالإضافة للمرخيات العضلية. وقد يلجأ الطبيب في حالات الألم الشديدة إلى استعمال المسكنات المورفينية "Opoids".
  • العلاج الفيزيائي "Physiotherapy": يستطيع أخصائي العلاج الفيزيائي أن يعلم المريض كيفية القيام بتمارين اللياقة، والتمارين البدنية التي من شأنها أن تخفف من الأعراض.
  • طريقة التسخين أو التبريد: يمكن أن ينصح الطبيب المريض بوضع أكياس من الثلج أو المياه الدافئة على العنق.
  • الطوق العنقي "Collar": استخدام هذا الطوق حول منطقة العنق يمكن أن يساهم بتخفيف الألم، ولكن شرط أن يستخدم لفترات قصيرة خلال النهار، حيث أن استخدامه لوقت طويل يُضعف قوة العضلات في منطقة العنق.
  • الحقن الدوائي: قد يلجأ الطبيب إلى حقن العلاج الدوائي ضمن المفصل المصاب أو في المسافة بجانب النخاع الشوكي.
  • العلاج الجراحي: لا تحتاج معظم حالات داء الفقار الرقبي للعلاج الجراحي، لكن يلجأ الطبيب له في بعض الحالات الخاصة وغير المستجيبة على السبل العلاجية السابقة. وخلال الجراحة يزيل الطبيب قطع عظمية من محيط فتحة العصب المتضيقة، كما يوجد هنالك تقنيات أخرى للجراحة أيضا.

الوقاية

تعتبر سبل الوقاية من داء الفقار الفقري غير متوفرة نتيجة عدم تأكيد الأسباب المؤدية لهذه الحالة، ولكن يعد تجنب عوامل الخطورة من السبل المفيدة لتجنب الإصابة، بالإضافة إلى اتباع النصائح التالية:

  • المحافظة على نشاط بدني جيد مع القيام بتمارين الرشاقة بانتظام.
  • اتباع وضعيات سليمة أثناء الجلوس أو العمل أو النوم قدر الإمكان.
  • تجنب أذية العنق عن طريق استخدام معدات الوقاية بالشكل الصحيح، مع تنفيذ التمارين الرياضية وألعاب القِوى بالشكل الصحيح.
  • تجنب التعرض لرضوض العنق.