داء المرتفعات: الأعراض والعلاج

الكاتب - أخر تحديث 11 نوفمبر 2022

يواجه هواة تسلق الجبال العديد من المخاطر كانخفاض درجات الحرارة، وزيادة الرطوبة، بالإضافة إلى الضغط الجوي المنخفض، والذي قد يؤدي إلى حالة خطيرة من نقص الأكسجة، يطلق عليها إسم "داء المرتفعات".

فما هي أعراض وأسباب الإصابة بداء المرتفعات؟

أعراض داء المرتفعات

تبدأ الاضطرابات المرافقة لداء المرتفعات بالظهور بعد 6-24 ساعة من صعود المرتَفع، وقد تزداد سوءاً في حال كان الصعود أثناء الليل وذلك لسبب غير معروف، ومن الممكن أن تستمر لعدة أيام، ومن الأعراض المشاهدة:

  • الصداع
  • ضيق النفس
  • نقص الشهية
  • آلام في المعدة
  • تعب عام لدرجة أن الشخص لا يقوى على أداء بعض الأعمال الروتينية كارتداء الملابس مثلاً
  • الدوار
  • اضطرابات في النوم
  • غثيان وإقياء

غالباً ما يكون داء المرتفعات خفيفاً وأقرب ما يكون إلى شعور الدوار، إلا أنه يكون شديداً في بعض الحالات، بالتالي قد يؤثر على أعضاء هامة في الجسم كالرئتين والدماغ، ويمكن أن يتسبب بأعراض إضافية بهذه الحالة تشمل:

  • اضطرابات الوعي
  • فقدان التوازن
  • صعوبة بالغة في التنفس
  • تسرع في القلب
  • زُرقة واضحة على الجلد والشفاه، والأظافر بسبب نقص الأكسجين
  • سعال مستمر مع احتمال خروج الدم معه

بالإضافة إلى أنه قد يتطور إلى أحد الأنماط الخطيرة مثل الوذمة الدماغية "HACE" أو الوذمة الرئوية "HAPE" وهي حالات مهددة للحياة في حال تأخر علاجها. (1)

أسباب حدوث داء المرتفعات

بشكل عام، تنتج أعراض داء المرتفعات عن انخفاض الضغط الجوي، وتحديداً انخفاض ضغط غاز الأكسجين، مما يتسبب بحالة من نقص الأكسجة في أنسجة الجسم. (2)

ويحدث هذا الأمر عند الصعود السريع للشخص إلى ارتفاعات كبيرة، بالإضافة إلى الرطوبة والبرودة الشديدتين.

يتمكن معظم الناس من التأقلم مع تغيرات الأكسجين والضغط بشكل طبيعي بدون أي أعراض أو مشكلات إلى ارتفاع يصل حتى 3000 متر فوق سطح البحر.

بينما تبدأ الاضطرابات عادةً بالظهور عند الصعود إلى ارتفاعات بين 4500-6000 متر بمعدل 500 متر في اليوم الواحد.

هنالك عوامل إضافية قد تجعل الشخص أكثر عرضةً للإصابة، ومنها:

  • وجود إصابة سابقة بالمرض
  • الصعود بسرعة كبيرة وخلال وقت قصير
  • القيام بأعمال مجهدة خلال اليوم نفسه
  • تناول كميات قليلة من السوائل
  • البدانة
  • إدمان المخدرات أو الكحول
  • إذا كان الشخص يقطن سابقاً في مناطق قريبة من سطح البحر (منخفضة الارتفاع)

أما بالنسبة لمن لديهم أمراضاً مزمنة كالربو، وبعض أمراض الرئتين والقلب، فلا تزال العلاقة بين هذه الحالات وداء المرتفعات غير معروفة حتى الآن. (3)

لكن في الوقت ذاته يمكن أن يكون تسلق مكان مرتفع بوجود هذه الحالات أمراً خطراً بسبب نقص الأكسجين في الهواء، ولذلك لا ينصح به.

أنماط الإصابة

في الواقع يوجد ثلاثة أشكال مختلفة لهذه الحالة، ولها الأسباب ذاتها، إلا أنها تختلف من حيث الأعراض والاضطرابات، وهي:

  • داء الجبل الحاد: وهي الحالة الأكثر شيوعاً، والأقل خطورة على حياة الإنسان، فلا تتعدى الأعراض شعور المرء بالصداع، والدوار عند الوقوف، وبعض التعب، وفي أشد الحالات قد يحدث ضيق في التنفس. (4)
  • الوذمة الدماغية في الارتفاعات الكبيرة "HACE": وهي حالة أخطر بقليل من سابقتها، حيث تتراكم بعض السوائل في الدماغ دون أن يتمكن الجسم من تصريفها. مما يؤدي إلى اضطرابات في وظائف الدماغ وقدرته على تنسيق وضبط عمليات الجسم المختلفة، بالتالي يمكن أن تصل المضاعفات إلى فقدان الوعي، وحدوث الاختلاجات. (5)
  • الوذمة الرئوية في الارتفاعات الكبيرة "HAPE": والتي قد تحدث في حال عدم علاج الحالة السابقة "HACE"، حيث يصل تراكم السوائل إلى الرئتين، ويقود ذلك إلى انقطاع النفس في أوقات الراحة أو العمل بالإضافة إلى السعال والتعب الشديدين (6)

تشخيص داء المرتفعات

إن تشخيص داء المرتفعات يبدأ من الشخص نفسه، وذلك عند ملاحظة أية أعراض باكرة أثناء صعود المرتفعات، وبشكل خاص الذين يملكون عوامل خطورة مثل أمراض القلب أو الرئتين وغيرها، وذلك لإمكانية تطور الأعراض إلى حالة مهددة للحياة.

عند أغلب الأشخاص تكون الأعراض الأولى هي الصداع أو الدوار، ولكن كونهما أعراضاً عامة فإن القصة المرضية هي التي تؤكد التشخيص، فمثلاً يجب أن يترافق الصداع والدوار مع صعود المريض إلى أماكن عالية (أكثر من 3000 متر) وأن تظهر خلال 24 ساعة.

بالإضافة إلى ذلك يجب تأكيد غياب جميع الأمراض التي قد تسبب أي من الاضطرابات المرافقة لداء المرتفعات.

في بعض الحالات قد يلجأ الطبيب لبعض الإجراءات لتأكيد التشخيص، مثل:

  • الإصغاء إلى أصوات الرئتين باستخدام السماعة الطبية
  • قياس مستوى الأكسجين في الدم، حيث تكون أخفض من النسب الطبيعية في هذه الحالة
  • إجراء بعض الصور الشعاعية والتي يمكن أن تظهر الوذمات الرئوية أو الدماغية في حال وجودها

علاج المصابين بداء المرتفعات

تعتمد الآلية العلاجية المناسبة على الأعراض التي يبديها المريض، فعندما تكون الأعراض خفيفةً يمكننا تدبير الحالة بالطلب من الشخص التوقف عن متابعة الصعود، وأن يرتاح في مكانه، مع شرب كميات إضافية من الماء، والابتعاد عن التدخين بشكلٍ تام. (7)

أما بالنسبة للصداع فيمكن للشخص أن يتناول بعض مسكنات الألم الخفيفة مثل الباراسيتامول أو الإيبوبروفين.

أما عندما تكون الحالة أكثر خطورةً، فينصح المريض بالنزول مباشرة إلى نقطة أدنى (300 متر إلى الأسفل على الأقل)، كما قد يحتاج إلى التزود بالأكسجين من خلال الأسطوانات المحمولة.

وفي حال لم تتحسن حالته فيجب نقله إلى أقرب نقطة طبية ليتلقى الرعاية الصحية المناسبة.

ويجب الإشارة إلى أحد أهم الأدوية التي تستخدم في الإصابات الخطيرة، وهو الأسيتازولاميد وهو دواء لا يمكن الحصول عليه إلا بموجب وصفة طبية، حيث يعزز قدرة الجسم على التأقلم مع التركيز المنخفض للأكسجين، ولكن له بعض الأعراض الجانبية البسيطة كالخدر والتنميل.

الوقاية من الإصابة

تملك الأجساد آليات مختلفة للتأقلم مع المحيط الجديد، ومن هذه الآليات:

  • زيادة عدد ضربات القلب
  • زيادة معُدّل تشكيل كريّات الدم الحمر الّتي تعمل على نقل الأكسجين في الدم
  • توجيه خلايا الأنسجة المختلفة للاستفادة من هذا الأكسجين بشكل أفضل

إذا كان لابد من الصعود إلى ارتفاعات شاهقة، فيجب مساعدة الجسم على التأقلم مع التغيرات التي سوف يواجهها، فكل شخص قد يحتاج لفترة زمنية مختلفة للتأقلم

ويمكن الاستعانة بهذه الطرق لمساعدة الجسم:

  • الصعود ببطء: من الأفضل تقسيم عملية الصعود بحيث لا يصعد الشخص أكثر من 100 متر في اليوم الواحد، ثم أخذ قسط من الراحة قبل المتابعة في اليوم التالي.
  • النوم: في حال تجاوز الشخص الحد خلال مسيره، فيجب عليه أن ينزل إلى ارتفاع أدنى لينام فيه، وهو من أهم الأمور التي يجب أن يراعيها.
  • الاهتمام ببعض القواعد الصحية: ومن أهمها شرب كميات كافية من السوائل خلال اليوم، والابتعاد عن التدخين، وشرب الكحول، وعدم استخدام المنومات.
  • تناول الأطعمة: وخاصة الغنية بالنشويات، مثل الخبز والبطاطس حيث تساعد الخلايا على استهلاك كميات أقل من الأكسجين.
  • بعض الأدوية: وأبرزها "الأسيتازولاميد" فهو يوصف للعلاج، وللوقاية أيضاً في حال معرفة الشخص بإصابته مسبقاً.

إن داء المرتفعات هو من الأمراض التي يجب على الناس وضعها في الحسبان. فسرعة تأقلم الجسم مع المرتفعات لا تتأثر بالجنس، أو العرق، أو حتى عمر الشخص ومدى لياقته البدنية.

لذلك ينصح بالتعريف على كافة الشروط والتفاصيل المتعلقة بأي رياضة تتضمن الانتقال إلى مرتفعات عالية، لاتخاذ التدابير المناسبة قبل بدء النشاط.