رحلة الشفاء من اضطراب بيكا: يصيب الأطفال والحوامل وذوي الإعاقة الذهنية

الكاتب - 18 مارس 2024

تتحدى بعض العادات السلوكية المنطق وتثير القلق مثل اضطراب بيكا حيث يقبل المصابون به على تناول مواد غير غذائية تاركين خلفهم علامات استفهام وتساؤلات محيرة.

ويشكل هذا الاضطراب خطراً يهدد صحة المصابين به كما يثير مشاعر القلق لدى من حولهم، فما هو اضطراب بيكا وأعراضه وأسبابه وطرق علاجه؟

ما هو اضطراب بيكا؟

يعد اضطراب بيكا "Pica" حالة نفسية تُعرف أحياناً باسم "شهوة الغرائب". ويتميز هذا الاضطراب بتناول الشخص لمواد غير صالحة للاستهلاك الغذائي مثل التراب والأوساخ والورق والمعدن.

في بعض الأحيان قد لا يسبب اضطراب بيكا أي ضرر. لكن في حالات أخرى يشكل خطراً حقيقياً خاصةً إذا تناول الشخص مواد سامة أو خطيرة.

ويمكن أن يصيب هذا الاضطراب أي فئة عمرية لكنه ينتشر بشكل كبير في ثلاث فئات هم ما يلي:

  • الأطفال الصغار خاصة الذين لم يتجاوزوا عمر 6 سنوات
  • النساء الحوامل
  • الأشخاص الذين يعانون بعض حالات الصحة العقلية مثل:
    • اضطراب طيف التوحد "autism spectrum disorder"
    • الإعاقات الذهنية
    • الفصام "schizophrenia"

أعراض اضطراب بيكا

يتسم اضطراب بيكا بتناول المصاب به مواد غير غذائية بما يميزه عن السلوكيات الاستكشافية الطبيعية لدى الرضع والأطفال الصغار. ومن أبرز هذه المواد التي يمكن أن يتناولها المصاب بهذا الاضطراب ما يلي: (1)

  • التراب
  • الطين
  • الصخور
  • الورق
  • الجليد
  • أقلام التلوين
  • الشعر
  • الطباشير
  • البراز

ويمكن أن يسبب تناول هذه المواد الإصابة بمجموعة واسعة من الأعراض مثل:

  • كسر أو تلف في الأسنان
  • آلام في المعدة
  • الإمساك
  • الإسهال
  • الانسداد المعوي نتيجة تناول المواد التي يمكن أن تسد الأمعاء

أسباب اضطراب بيكا

تتضمن الأسباب الأكثر شيوعاً للإصابة باضطراب بيكا ما يلي:

  • الحمل حيث تعاني بعض النساء الحوامل من شهية غريبة لتناول مواد غير غذائية
  • اضطرابات النمو حيث تعد الإصابة باضطراب بيكا أكثر شيوعاً لدى الأشخاص الذين يعانون التوحد أو الإعاقات الذهنية.
  • الحالات النفسية: قد يكون اضطراب بيكا أحد أعراض بعض الاضطرابات النفسية مثل الفصام
  • العوامل الثقافية: تعد بعض المواد غير الغذائية مقدسة أو ذات خصائص علاجية في بعض الثقافات مما يدفع البعض إلى تناولها.
  • سوء التغذية "malnourishment": يسبب نقص العناصر الغذائية خاصةً نقص الحديد (iron-deficiency anemia) اضطراب بيكا. وتكشف بعض الدراسات الطبية أن هذا الاضطراب يحدث لتعويض الجسم العناصر الغذائية المفقودة.

مضاعفات اضطراب بيكا

يسعى المصابون باضطراب بيكا إلى تناول بعض المواد غير صالحة للاستهلاك الغذائي بإصرار بما يشكل مخاطر صحية جسيمة عليهم مثل ما يلي: (2)

1- اضطرابات في الجهاز الهضمي

  • انسداد الأمعاء حيث تتراكم المواد الغريبة في الأمعاء وتمنع مرور الطعام
  • تقرحات المعدة حيث تؤدي المواد الكيميائية أو الحادة التي يتناولها المصاب بهذا الاضطراب إلى تهيج المعدة وتكوين تقرحات بما يسبب نزيفاً دموياً في البراز
  • العدوى المعوية حيث تحتوي المواد غير الغذائية على جراثيم أو طفيليات تسبب العدوى

2- اضطرابات في الجهاز العصبي

  • نوبات الصرع حيث يؤدي تناول بعض المواد إلى اختلال كهربائي في الدماغ بما يتسبب في حدوث نوبات صرع
  • تلف الدماغ حيث يؤدي تناول المواد السامة مثل الرصاص الموجود في دهان الجدران إلى تلف خلايا الدماغ

3- مضاعفات أخرى

  • الاختناق: قد تسبب بعض المواد الصغيرة التي يتناولها المصاب في حدوث الاختناق
  • إصابات في الحلق حيث تسبب بعض المواد الحادة أو الخشنة تهيجاً أو جروحاً في الحلق
  • اختلال الشوارد (الكهارل) في الجسم وهي المعادن والأملاح الموجودة التي لها شحنة كهربائية وتوجد في الدم والبول والأنسجة وسوائل الجسم الأخرى

تشخيص الإصابة

يعتمد تشخيص الإصابة باضطراب بيكا على إجراء بعض الفحوصات الطبية وفقاً للمواد التي يشتبه بتناولها وتشمل ما يلي:

1- تقييم مستويات الحديد في الدم

يعد هذا الفحص ضرورياً خاصةً للنساء الحوامل والأطفال حيث يسبب نقص الحديد فقر الدم.

2- تقييم مستويات الرصاص في الدم

يُجرى هذا الفحص للأشخاص الذين يُعتقد تناولهم لمواد مثل الطلاء أو الطباشير حيث تسبب هذه المواد التسمم بالرصاص.

3- تقييم مستويات الزنك في الدم

قد يُطلب هذا التحليل في بعض الحالات لتحديد مستوياته في الدم.

4- تحليل التمثيل الغذائي الأساسي

يُجرى تحليل التمثيل الغذائي الأساسي "Basic metabolic panel" الذي يرمز له اختصاراً "BMP" لقياس الجلوكوز والكالسيوم والصوديوم والبوتاسيوم وثاني أكسيد الكربون والكلوريد ونيتروجين اليوريا في الدم والكرياتينين. (3)

5- إجراء الفحوصات التصويرية

تُجرى هذه الفحوصات عند وجود أعراض في البطن مثل تصوير البطن بالأشعة السينية "x-ray" أو منظار الجهاز الهضمي.

6- إجراء فحوصات أخرى

قد يطلب الطبيب إجراء فحوصات إضافية في بعض الحالات مثل تخطيط القلب الكهربائي "ECG" للتحقق من وجود أي مشكلات في وظائف القلب.

علاج اضطراب بيكا

يختفي اضطراب بيكا عادةً لدى النساء الحوامل تلقائياً بعد الولادة. بينما ينبغي إزالة العناصر الغريبة التي قد يتناولها الأطفال خاصة ذوي الإعاقة الذهنية فضلاً عن الإشراف عليهم لمنع تناولهم عناصر أخرى.

ويعتمد علاج هذا الاضطراب على نوعين هما العلاج النفسي وتناول الأدوية مثل ما يلي:

1- العلاج النفسي

يوجد بعض أنواع من أساليب العلاج النفسي مثل ما يلى:

  • المعالجة بالتبغيض الخفيف: يعتمد أسلوب العلاج بالتبغيض الخفيف "Mild aversive therapy" على تعليم الطفل أو المصاب تجنب سلوكيات الاضطراب باستخدام تقنيات التنفير وتعزيز تناول الطعام الصحي.
  • العلاج السلوكي: يتضمن العلاج السلوكي "Behavioral therapy" تعليم المريض مهارات التأقلم لمساعدته على تغيير سلوكه.
  • التعزيز التفاضلي: يعتمد أسلوب التعزيز التفاضلي "Differential reinforcement" على تعزيز السلوكيات المرغوبة لدى الطفل أو المصاب بدلاً من سلوكيات الاضطراب.

2- تناول الأدوية

تساعد بعض الأصناف الدوائية مثل مضادات الذهان "antipsychotic drugs" على علاج هذا الاضطراب إلا أن استخدامها محدود للغاية بسبب آثارها الجانبية المحتملة.

وتجدر الإشارة إلى أن مضاعفات علاج اضطراب بيكا تعتمد على الأدوية المستخدمة ضمن الخطة العلاجية. لذلك يفضل مراجعة الطبيب لمناقشة الآثار الجانبية المحتملة من الأدوية ومعرفة ما يجب مراقبته على المريض والإجراءات التي يمكن اتخاذها لتقليل تأثيرها.

الوقاية

يصعب توقع الإصابة باضطراب بيكا كما لا توجد طريقة تمنع تطور الحالة المرضية. لكن ينبغي الحرص على تناول نظام غذائي متوازن وعدم وجود أي نقص في الفيتامينات أو المعادن الأساسية التي يحتاجها الجسم.

من ناحية أخرى ينصح بمراقبة سلوكيات الأطفال عن كثب لمنع تعزيز سلوكيات اضطراب بيكا حيث قد تصبح سلوكاً مكتسباً إذا لم تعالج في مراحلها المبكرة.

كما ينصح بمراعاة جميع العوامل المؤثرة بما في ذلك توفير بيئة آمنة وداعمة للمريض والتعاون مع أخصائي تغذية لوضع خطة مناسبة تلبي احتياجاته.