رعاف الأنف: الأسباب والعلاج

المراجعة الطبية - M.D
الكاتب - أخر تحديث 28 فبراير 2024

تعريف رعاف الأنف

تتميَّز أنسجة الأنف بشبكة كبيرة من الأوعية الدموية التي تكون سطحية نوعاً ما وهي أكثر عرضة لحدوث نزيف دموي يسمى رعاف الأنف "Epistaxis".

عادةً يحدث هذا النزيف من جهة واحدة ولكن يمكن أن يظهر في جهتي المنخرين، كما وتختلف شدته من شخص لآخر وأغلب الحالات يمكن السيطرة عليها في المنزل دون الحاجة لمراجعة الطبيب.

ولكن هنالك بعض الحالات التي تستدعي استشارة الطبيب نتيجة تكرار حالات الرعاف أو كون النزيف شديد وقد يؤدي لمضاعفات خطرة.

يعتبر الرعاف من الحالات الشائعة حيث تبلغ نسبة انتشاره تقريباً حوالي 60%، وأقل من 10% من النسبة السابقة يحتاجون للحصول على رعاية طبية. كما أن الإصابات أكثر انتشاراً بين الذكور بالمقارنة مع الإناث. (1) (2)

وتكون الإصابات أكثر شيوعاً بين العقد الأول والثاني من العمر (بين الـ 5-20 سنوات)، وهناك ذروة أخرى تصيب الفئة العمرية الأكبر في بين عمر 50-80 سنة. (3)

وبحسب دراسة إحصائية لمرضى عيادة الأذن والأنف والحنجرة كان هنالك تبيان في عدد حالات رعاف الأنف بحسب فصول السنة حيث كانت الأرقام منخفضة في فصل الصيف وتزداد في الخريف والشتاء والربيع. (4)

أنواع الرعاف

يحدث النزيف في حالة الرعاف نتيجة تآكل في الغشاء المخاطي في الأنف بالتالي تتعرى الأوعية الموجودة تحتها مما يؤدي لحدوث النزف. يمكن تقسيم النزف الحاصل بناءً على موقع الإصابة إلى:

١- نزف أمامي

يشكل أكثر من 90% من حالات الرعاف، ويحدث نتيجة إصابة الأوعية الدموية في القسم الأمامي من الأنف.

تكون الإصابة تحديداً في ضفيرة كيسلباخ (منطقة ليتل) وهو مكان التقاء الشرايين التالية:

  • الشرايين الغربالية الأمامية والخلفية
  • والشريان الوتدي الحنكي
  • وفروع الشرايين الفكية الداخلية

تؤول الأذية السابقة إلى نزف شرياني وريدي، ويكون الفقدان الدموي خفيف الشدة تقريباً.

٢- نزف خلفي

يعد نمط نادر الحدوث، إلا أنه يترافق مع نزف أغزر، دوناً عن المضاعفات المحتملة المرافقة، وذلك لكون النزف شرياني.

تكون هنا ضفيرة وودروف المسؤولة عن الرعاف، والتي تجمع فروع الشريان الوتدي الحنكي في التجويف الأنفي الخلفي.

أعراض رعاف الأنف

تضم الأعراض والعلامات الخاصة بالرعاف، ما يلي:

  • خروج الدم من إحدى أو كلا المنخرين
  • الإحساس بالسوائل في الحلق
  • الشعور بالحاجة للبلع المتكرر

أسباب رعاف الأنف

تعتبر كثيراً من حالات رعاف الأنف مجهولة السبب، ولكن هنالك قسمين يمكن أن يندرج تحتها سبب حدوث النزف وهي تشمل:

آ- الأسباب الموضعية

يقصد بالأسباب الموضعية التي تحدث ضمن نسيج الأنف بشكل خاص، والتي تضم:

١- الرض

يعد الرض من الأسباب الأكثر شيوعاً لحدوث الرعاف، والذي يندرج تحته العديد من الحالات المسببة. يذكر منها على سبيل المثال:

  • يحدث الرعاف عند الأطفال بعد رض نتيجةً للعبث المتكرر بالإنف أو بسبب إدخال أجسام غريبة في أحد المنخرين
  • الرضوض الناتجة عن الإجراءات الطبية التي تتطلب إدخال بعض الأنابيب (الأنبوب الأنفي المعدي) أو نتيجة فحص الأنف عبر الأدوات
  • كما أن الرضوض على الأنف بشكل عام نتيجة تصادم مثلاً أو وقوع يمكن أن تسبب الرعاف
٢- تهيّج الغشاء المخاطي الأنفي

يحدث تهيج الغشاء المخاطي للأنف في الطقس الجاف وخاصةً في فصل الشتاء نتيجة أنظمة التدفئة المنزلية التي تقلل من رطوبة الطقس ورطوبة الأغشية المخاطية في الأنف.

٣- مشاكل الحاجز الأنفي

يعد انحراف الوتيرة (الحاجز الأنفي) من الأسباب المهمة للرعاف، حيث يؤدي لسد أحد المنخرين بالتالي يؤدي لتطور جفاف في الغشاء المخاطي مما يجعله أكثر استعداداً لحدوث النزف.

بالإضافة إلى ذلك فإن حالات انثقاب الوتيرة قد تترافق مع وجود نزف أنفي.

٤-التهاب الجيوب الأنفية

إن حدوث عدوى جرثومية أو فيروسية أو حتى فطرية، قد يتسبب بحدوث التهاب في الغشاء المخاطي الأنفي، وقد يتطور لمفرزات أنفية دموية.

٥- الأورام الأنفية

يعاني مرضى الأورام الأنفية الخبيثة والحميدة عادةً من أعراض انسداد وقد تكون التهابية في بعض الأحيان، ومن الممكن أن يكون العرض الأول حدوث رعاف أنفي.

يعد الورم الليفي الوعائي عند اليافعين أبرز هذه الأمثلة، حيث يصيب الأطفال والشباب المراهقين، ونادراً ما يرى عند الإناث، ويعد ورم حميد إلا أنه قد يترافق مع الرعاف.

٦- الأدوية

قد يكون لبعض الأدوية دور في حدوث الرعاف، وذلك عند تطبيقها المباشر على الحاجز الأنفي بدلاً من الجدران الجانبية للأنف. ونذكر من هذه الأدوية:

  • مضادات الهيستامين
  • الستيرويدات القشرية
  • مضادات الالتهاب اللاستيرويدية (NSAIDs)

ب- الأسباب الجهازية

هي الأسباب التي تكون نتيجة أمراض جهازية، أي في الجسم ككل. وتضم:

١- أمراض الدم

يقصد بها الاضطرابات التي تؤثر على عملية التخثر، حيث تزداد احتمالية حدوث النزف بشكل أكبر، سواءً أكان من الأنف أو الجهاز الهضمي أو ظهور كدمات واسعة.

يمكن أن يعد مرض الناعور وداء فون ويلبراند من أبرز هذه الأمراض، ويمكن لبعض الأدوية أيضاً أن تؤثر على عملية تخثر الدم مثل الأدوية المضادة للتخثر ومنها الهيبارين.

٢- التشوهات الوعائية

إن التشوهات التي تؤثر على شكل ووظيفة الأوعية تجعل الجسم أكثر عرضة لحدوث نزف، ونذكر منها توسع الشعيرات النزفي الوراثي "HHT" والمعروف باسم متلازمة أوسلر-ويبر-ريندو.

هو مرض وراثي يؤثر على الأوعية الدموية، بدءاً من الشعيرات وصولاً للشرايين، ويترافق عادةً مع اضطرابات أخرى في الجهاز التنفسي والجهاز الهضمي والجهاز البولي التناسلي ويمكنك زن يترافق مع حدوث رعاف الأنف.

٣- ارتفاع ضغط الدم

يكثر انتشار حالة الرعاف عند مرضى ارتفاع ضغط الدم، إلا أنه لم يثبت أنه سبب مباشر لظهور النزيف الأنفي.

المضاعفات

تعتبر مضاعفات رعاف الأنف نادرة نسبياً، حيث يمكن علاج الحالة في الوقت المناسب، ولكن في الحالات الشديدة هنالك احتمال لحدوث مضاعفات خطرة تشمل:

  • ذات الرئة الاستنشاقية (الشفطي): إن خروج كمية كبيرة من الدم، وارتدادها للسبيل التنفسي، سيؤدي لحدوث التهاباً في الرئة، يُعرف بذات الرئة الاستنشاقية. وتعد من المضاعفات الخطيرة، التي يجب أن تولى أهمية كبيرة. (5)
  •  التهاب الجيوب الأنفية: يعد التهاب الجيوب الأنفية من الأسباب التي قد تؤدي للرعاف، وفي نفس الوقت قد يكون التهاب الجيوب أحد مضاعفات ظهور الرعاف.
  • صدمة نقص الحجم: المقصود بالصدمة هو حدوث نزف شديد يؤدي إلى نقص في حجم الدم، والتي تترافق مع انخفاض في ضغط الدم وتسرُّع في عدد ضربات القلب.
  • الخرّاج الدّماغي: يعدّ من المضاعفات النادرة، ويحدث الخرّاج نتيجة انتقال العامل الممرض عبر الأوعية النازفة إلى الدماغ. (6)

تشخيص رعاف الأنف

تأتي قصة المريض التي تضمن نزف من الأنف موجهة للرعاف، ويبقى أمام الطبيب تحديد مصدر النزف بالإضافة للعامل المسبب. ويتم ذلك من خلال:

١- القصة المرضية

بعد أخذ القصة السريرية من المريض، يقوم الطبيب بتوجيه عدة أسئلة تتمحور حول:

  • مدة الرعاف
  • شدة النزف
  • الجهة النازفة
  • الحدث المحرَّض للنزف
  • وجود إصابات سابقة بالرعاف لدى أحد من أفراد العائلة
  • وجود اضطرابات في التخثر أو الأوعية الدموية لدى المريض أو أحد أفراد العائلة
  • وجود ارتفاع في التوتر الشرياني لدى المريض أو أحد أفراد العائلة
  • الاستفسار عن الأدوية المضادة للتخثر مثل الأسبرين أو الهيبارين أو الأدوية الأخرى مثل مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية أو الستيرويدات الموضعية.

٢- الفحص السريري

يعتمد الفحص السريري على مشاهدة مصدر النزف بشكل مباشر، وذلك باستخدام منظار للأنف ومصدر للضوء، قد يلزم استخدام سحب الدم النازف من الأنف لتوضيح الرؤية.

قد يكون الرذاذ الموضعي الذي يحتوي على مخدر وأدرينالين مفيداً لتضيق الأوعية للمساعدة في السيطرة على النزيف والمساعدة في تصوير المصدر.

عادةً يتم تشخيص النزيف الخلفي بعد فشل إجراءات السيطرة على النزيف الأمامي، يمكن أن تشمل المظاهر السريرية للنزيف الخلفي نزيفاً في البلعوم الخلفي في حالة عدم وجود مصدر أمامي محدد.

٣- الفحوص الإضافية

قد يطلب الطبيب مجموعة من تحاليل الدم تتضمن:

  • تعداد دم كامل (CBC)
  • فحص عوامل التخثر (PTT-PT-BT)
  • لا تفيد الفحوص التصويرية كلأشعة السينية أو التصوير المقطعي المحوسب (CT) في حالات الرعاف النشطة.

علاج رعاف الأنف

يعتمد علاج الرعاف على تدبير النزف بشكل إسعافي، بالإضافة لعلاج العامل المسبب في حال وجوده. لذلك يجب أن نكون على دراية بالخطوات المناسبة لإيقاف الرعاف قبل الوصول للمركز الطبي. وذلك من خلال اتباع ارشادات الاسعافات الأولية لحالة رعاف الأنف:

  • إن أول خطوة يجب أن يقوم بها المريض، هي الهدوء حيث إن البكاء أو الخوف والارتباك يزيد من شدة النزف، لذا من المهم طمأنة المصاب في البداية.
  • تلعب وضعية الجسم دوراً مهماً، حيث يجب أن يبقى المصاب جالساً بشكل مستقيم، مع إمالة الرأس للأمام قليلاً.
  • تلي الوضعية خطوة مهمة، تتمثل بالضغط على الجزء الرخو من الأنف (أسفل جسر الأنف)، وذلك عبر الإبهام وأصبع آخر لمدة عشر دقائق.
  •  محاولة التنفس عبر الفم خلال فترة الضغط على الأنف
  • فك الملابس حول الرقبة لتسهيل عملية التنفس
  • تطبيق كمادات باردة على جبين المريض وحول رقبته

بعد مرور عشر دقائق من الضغط المستمر، يجب ترك الأنف، ويكون هنالك حالتين:

  • استمرار النزف، بالتالي يجب زيارة أي مركز طبي بشكل مستعجل.
  • توقف النزف، ويجب في هذه الحالة تجنب التنفس أو النفث من خلال الأنف قدر الإمكان وذلك لمدة 15 دقيقة أي يجب الاستمرار لالتنفس من الفم. وذلك حتى تستقر الخثرة التي أوقفت النزف.

إن استمرار النزف بعد الإجراءات المذكورة، سيدفع الطبيب للقيام بإجراءات معينة أكثر فعالية توقف الرعاف الحاصل، والتي تتمثل:

  • تأكد من عدم وجود ارتفاع في ضغط الشريان في حالات النزف الخلفي عند الكبار حيث يجب في هذه الحالة يجب السيطرة على مستويات الضغط
  • الكي المباشر للشريان، الذي يجرى عادةً عبر المنظار الأنفي والمريض واعِ أو من الممكن أن يلجأ الطبيب للتخدير العام
  • الدك الانفي الامامي او الخلفي حسب مكان النزف
  • تخثير الوعاء الدموي بنترات الفضة أو الكي الكهربائي

الوقاية

هنالك حالات لرعاف الأنف لا تفيد فيها الوقاية وخاصة عند وجود سبب جهازي، ولكن يمكن تقليل حدوث الحالة قدر الإمكان من خلال خطوات الوقاية التالية:

  • تجنب العبث بالأنف قدر الإمكان
  • تجنب مسك الأنف بعنف بعد حدوث الرعاف
  • وضع مرطب أو كريم لمنع جفاف الغشاء المخاطي الأنفي
  • غسل اليدين قبل لمس الأنف
  • شرب المياه بشكل جيد
  • يجب الانتباه لنوع الادوية المستخدمة خاصة مميعات الدم التي يستخدمها الكبار في العمر
  • ينصح بالتنسيق مع اطباء القلبية في حال كان المريض لديه ارتفاع ضغط شرياني وحيث يجب ايقاف العلاج المضاد للتخثر لعدة أيام ريثما يتم السيطرة على حالة الرعاف