زواج الأقارب والأمراض الوراثية

الكاتب - أخر تحديث 13 سبتمبر 2023

يعتبر زواج الأقارب تقليداً في العديد من البلدان وبين المهاجرين، بالإضافة إلى الكثير من الحالات الفردية التي نراها في المجتمعات المختلفة، ويرتبط زواج الأقارب والأمراض الوراثية معاً نتيجة احتمال لقاء طفرات جينية.

فما هي المخاطر المترتبة على ذلك؟ وهل يمكن الوقاية منها؟

الأمراض الوراثية

يعرف المرض الوراثي "Genetic Disorder" بأنه مرض ينجم كلياً أو جزئياً عن تغير غير طبيعي في تسلسل الحمض النووي.

يمكن أن تحدث الأمراض الوراثية بسبب:

  • طفرة في جين واحد أو في جينات متعددة أو بسبب مجموعة من الطفرات الجينية والعوامل البيئية
  • بسبب تغيرات في عدد أو بنية الصبغيات "Chromosomes" وهي البنى التي تحمل المورثات "Genes"
  • تنجم بعض الأمراض الوراثية عن طفرات موروثة من الوالدين مثل فقر الدم المنجلي
  • بينما تحدث أمراض أخرى بسبب طفرات مكتسبة في مورثة أو مجموعة من المورثات خلال حياة الشخص
    • وتحدث إما بشكل عشوائي أو نتيجة التعرض للعوامل البيئية (مثل دخان السجائر) ومن الأمثلة عليها العديد من أنواع السرطانات وكذلك بعض أشكال الورم العصبي الليفي

درجات القرابة

سيتم ذكر "ابن العم" فقط لسهولة شرح القرابة وفهمها، ولكن ينطبق الأمر ذاته على ابن العمة أو ابن الخال أو ابن الخالة.

هناك العديد من الدرجات والأنواع من الأقرباء:

  • ابن العم الأول: وهو ابن العم المباشر لأحد الوالدين
  • ابن العم الثاني: وهو ابن ابن العم لأحد الوالدين
  • ابن عم تمت إزالته مرة واحدة: وهو ابن العم الأول لأحد الوالدين أو ابن ابن العم الأول

يعتبر أبناء العم من الدرجة الأولى من الأقارب المقربين، بينما لا يعتبر أبناء العمومة من الدرجة الثانية كذلك.

والفكرة التي نريد أن نصل لها أنه كلما ازدادت درجة القرابة (كانت أقرب) كان الأفراد يتشاركون المزيد من الحمض النووي. بالتالي يكون الاحتمال عند زواج الأقارب ظهور الأمراض الوراثية بشكل أكبر.

على سبيل المثال، يتشارك المرء مع شقيقه بحوالي 50% من حمضه النووي، بينما يتشارك مع أخيه غير الشقيق 25% فقط؛ وبالمثل يتشارك مع ابن عمه الأول 12.5% من حمضه النووي، بينما يتشارك مع ابن عمه الثاني بحوالي 3% فقط.

ومن هنا يزيد الزواج بين الأقارب من فرصة حدوث مخاطر وراثية معينة، ولكن لماذا؟

يعتبر الحمض النووي الدليل الذي يرشد أجسامنا حول كيفية النمو والتطور والعمل بشكل صحيح.

حيث يحتوي الحمض النووي على ما يسمى بالمورثات "Genes"، وهي الوحدات الأساسية التي يتكون منها حمضنا النووي، ويكون لدينا جميعاً نسختان من كل مورثة: واحدة من الأم والأخرى من الأب.

الوراثة السائدة والوراثة المتنحية

هناك حالات وراثية سائدة وأخرى متنحية، فالأمراض التي تعتمد على الوراثة السائدة تحدث عند وجود مشكلة في إحدى نسختي مورثة معينة، بالتالي فإن ذلك يعتبر كافياً لإصابة الشخص بالمرض.

ولشرح الموضوع بطريقة أوضح نأخذ داء مارفان على سبيل المثال، ولنقل أن الوالد هو من يحمل تغيراً في المورثة المسؤولة، فعندها يكفي أن يحمل الابن هذه النسخة الطافرة من المورثة حتى يصبح مصاباً بالمرض، وذلك بغض النظر فيما إذا كانت النسخة الأخرى من الأم سليمة أم طافرة.

أما في الحالات المعتمدة على الوراثة المتنحية على سبيل المثال التليف الكيسي، فهي تحدث عندما توجد المشكلة في نسختي المورثة حصراً، ولا تكفي طفرة واحدة فقط لإحداث المرض.

تعتبر مشكلة الأمراض ذات الوراثة المتنحية كبية وخاصةً عندما يكون لدى كل من الوالدين نسخة واحدة من المورثة الطافرة ولا يكون المرض ظاهراً مطلقاً عليهما.

ولكن عندما تجتمع النسختان في الطفل الذي يرثهما من كلا والديه يصاب عندها بالمرض رغم سلامة الوالدين، أي أن الإصابة بالمرض قد لا تكون متوقعة.

وكلما زاد الحمض النووي الذي يشاركه المرء مع شخص ما زادت احتمالية إصابته بنفس المتغيرات المسببة للمرض؛ ولذلك عندما يتزوج أحدهم من قريب فهناك احتمال أكبر أن يولد طفل مصاب بحالة مرضية ناتجة عن المورثات المتنحية.

وبالمثل فإن احتمال إصابة أطفال الأزواج غير القريبين بمرض وراثي متنح يعتبر صغيراً نسبياً، وتزداد النسبة عند أطفال أبناء العمومة من الدرجة الأولى، وبشكل أقل عند أبناء العمومة من الدرجة الثانية وهكذا أقل كلما ابتعدت درجة القرابة أو انعدمت.

الأضرار والأمراض الوراثية الناتجة عن زواج الأقارب

تشمل الاضطرابات الوراثية الشائعة لدى الأطفال الناتجة عن زواج الأقارب ما يلي:

  • التلاسيميا "Thalassemia"
  • الشلل الدماغي عند الأطفال "Infantile Cerebral Palsy"
  • الصمم الخلقي "Congenital deafness"
  • التليف الكيسي "Cystic fibrosis"
  • ضمور العضلات الشوكي "Spinal muscular atrophy"
  • فقر الدم المنجلي "Sickle-cell anemia"
  • داء تاي ساكس "Tay-sachs disease"
  • متلازمة داون "Down’s syndrome"
    • وتجدر الإشارة إلى أن جميع أنواع متلازمة داون عبارة عن حالات مورثية (تتعلق بمشاكل بالمورثات)، ولكن هناك نسبة صغيرة فقط من الحالات يتم فيها توريث المرض من الوالد إلى الطفل.

كما أن هناك أمراضاً معقدة تتطلب أكثر من مجرد وراثة تغير واحد في المورثات، ويمكن أن تتأثر بزواج الأقارب ومنها: (1)

وتتأثر هذه الأمراض بكل من المورثات وعدد من العوامل الأخرى، مثل البيئة ونمط الحياة والنظام الغذائي.

الاختبارات المطلوبة قبل الزواج من الأقارب

يعد اختبار النمط الوراثي اختباراً طبياً مهماً قبل الزواج من الأقارب أو الغرباء، وهو يعتمد على تحديد تسلسل الحمض النووي في مواقع محددة؛ وذلك لتحديد احتمال الإصابة بأمراض مثل التليف الكيسي وفقر الدم المنجلي وداء تاي ساكس. (2)

كما أن إجراء اختبارات الدم بشكل عام من الاختبارات المهمة قبل الزواج فهي تساعد على كشف المورثات والطفرات التي يمكن أن ينقلها الفرد لأطفاله مثل مورثة التلاسيميا الطافرة بالتالي يمكن بسبب نتيجة الاختبار أن يخطط للزواج من الأشخاص غير الحاملين للمورثة.