سرطان الأمعاء الدقيقة: الأعراض والعلاج

المراجعة الطبية - .MBBChb, MD
الكاتب - أخر تحديث 5 سبتمبر 2023

تعد الأمعاء الدقيقة جزءاً حيوياً من الجهاز الهضمي حيث يتم فيها امتصاص العناصر الغذائية الأساسية ونقلها إلى الدورة الدموية. ويعد سرطان الأمعاء الدقيقة من أخطر الأمراض السرطانية بسبب التشخيص المتأخر لهذه الحالة، حيث يمكن أن ينمو السرطان لفترة طويلة قبل بدء ظهور الأعراض.  ومع ذلك، فإن الكشف المبكر عن المرض يمكن أن يزيد من فرص العلاج والنجاح في مكافحته.

سنتحدث في هذا المقال عن أنواع وأعراض سرطان الأمعاء الدقيقة وسنلقي نظرة عامة على خيارات العلاج المتاحة.

ما هو سرطان الأمعاء الدقيقة؟

يتألف الجهاز الهضمي لدى الإنسان من العديد من الأقسام والتي تعمل بتنسيق كبير لهضم الطعام ونقل العناصر الغذائية الموجودة فيه إلى الدم حيث يتم نقلها إلى جميع أجزاء وخلايا الجسم.

وهذه الأقسام هي على الترتيب هي:

  • الفم
  • المريء
  • المعدة
  • العفج (الاثني عشر)
  • الأمعاء الدقيقة
  • الأمعاء الغليظة
  • المستقيم
  • فتحة الشرج

ويتم أكبر امتصاص للعناصر الغذائية في الأمعاء الدقيقة، ولذلك تعد إصابته بالسرطان أمراً خطراً. ووفقاً لإحدى الإحصائيات فإن نسبة حدث حالات جديدة من سرطانات الأمعاء في عام 2004، كانت حوالي 2.27 حالة لكل 100000 نسمة. (1)

كما يشير التقرير نفسه إلى أن نسبة الإصابات الجديدة بين الذكور أكثر من الإناث، لمختلف أنواع سرطان الأمعاء الدقيقة وفي أغلب البلدان.

مقطع يوضح أعضاء الجهاز الهضمي
مقطع يوضح أعضاء الجهاز الهضمي

أنواع سرطان الأمعاء الدقيقة

قد تصيب الأمعاء عدة أنماط من السرطانات والتي يعتمد تصنيفها على نوع الخلايا التي ينشأ منها الورم. وتتضمن:

١- السرطانة الغدية "Adenocarcinoma"

يشكل هذا النوع حوالي 30 -40% من مجمل الحالات السرطانية التي تصيب الأمعاء. وتبدأ معظمها في العفج (لمنطقة الواصلة بين المعدة وبداية الأمعاء الدقيقة) أو المنطقة الواصلة بين العفج والصائم (المنطقة السفلية من الأمعاء الدقيقة)

ينشأ هذا السرطان على حساب الخلايا الظهارية المبطنة لجوف الأمعاء، والمفرزة للمخاط "Mucus".

٢- الورم السَدَوِي المعدي المعوي "GIST"

يشكل هذ النمط 90% من مجمل الساركوما التي تبدأ في السبيل الهضمي، وهو عبارة عن ورم ينجم على حساب النسيج الداعم للخلايا (النسيج الرخو).

أما النوع الآخر من الساركومات التي تبدأ في الأمعاء الدقيقة، هو الساركوما العضلية الملساء "Leiomyosarcoma" حيث تشكل معظم النسبة المتبقية.

٣- الكارسينوئيد "Carcinoid"

يمثل هذا النمط النسبة الأكبر بين جميع أنواع سرطانات الأمعاء الدقيقة، بنسبة حوالي 35 – 42% من مجمل الحالات.

يبدأ هذا الورم على حساب الخلايا العصبية الصماء الموجودة بشكل خاص في اللفائفي "Ileum" وهو القسم الأخير من الأمعاء الدقيقة. ونظراً لأن الخلايا التي ينشا عليها الورم هي في الأصل خلاياً مفرزة للهرمونات والأنزيمات، فقد تظهر على المريض أعراض عامة متنوعة.

٤- اللمفوما "Lymphoma"

يتبع الورم هنا إلى الخلايا اللمفاوية التي تشكل جزءاً شديد الأهمية من الجهاز المناعي، وتتواجد مقراته في مختلف مناطق الجسم، منها الأمعاء الدقيقة.

يشكل هذا النمط حوالي 15 – 20% من مجمل الحالات السرطانية، ونجده بشكل خاص في الصائم "Jejunum" واللفائفي "Ileum".

أعراض ومضاعفات الإصابة

إن أعراض سرطان الأمعاء الدقيقة قليلة وتتأخر بالظهور حتى مراحل متأخرة، مما يؤدي إلى تأخر التشخيص عدة أشهر.

كما وتختلف الأعراض من حيث الشدة بحسب مكان الورم وتأثيره على المنطقة، وتشمل ما يلي:

  • يكون الألم غالباً العلامة الأولى وينحصر في منطقة المعدة، ويتميز بأنه من النمط الماغِص المتردد بدلاً من الثابت، كما أنه قد يزداد سوءاً في حالات معينة مثل عند تناول الطعام. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي زيادة نمو الورم وحجمه إلى بطء في مرور الطعام عبر الأمعاء، مما يزيد من حدة الألم.
  • وقد يسبب الورم انسداداً كاملاً في الأمعاء في بعض الأحيان، مما يؤدي إلى توقف خروج الطعام بالكامل وحدوث إقياء شديد برازي القوام.
  • يمكن في بعض الحالات أن يسبب الورم انثقاباً في جدار الأمعاء، وخروج محتوياتها إلى جوف البطن. تعتبر هذه الحالة من الأمور الطبية شديدة الخطورة، وتحتاج إلى علاج إسعافي فقد تؤدي إلى الموت نتيجة حدوث "التهاب في صفاق البطن".
  • يؤدي الورم في بعض الأحيان إلى حدوث نزيف دم ضمن جوف الأمعاء. وعند استمرار هذا النزيف ببطء لفترة طويلة يسبب فقر الدم، وتتضمن أعراضه التعب الدائم والإنهاك العام.
  • أما عندما يكون النزيف الدم ضمن جوف الأمعاء شديداً وسريعاً، يصبح البراز بلون أسود "زِفتيّ". وقد يصيب المريض شعور بخفة الرأس والغياب عن الوعي أحياناً.
  • وعندما يكون الورم في منطقة العفج وساداً للقناة الناقلة "للمادة الصفراوية" الآتية من المرارة، عندها تظهر على المريض علامات اليرقان، والتي تتميز بلون الجلد والعينين الاصفر.
  • تتشارك جميع أنماط سرطان الأمعاء الدقيقة بنفس الأعراض تقريباً، باستثناء "الكارسينوئيد" الذي يسبب في حال انتقاله إلى الكبد أعراضأً مميزة خاصة. تتضمن أهم أعراض الكارسينوئيد:
    • توهج الجلد (توسع أوعية الوجه المفاجئ) فيبدو المريض محمر الوجه
    • بالإضافة إلى الإسهال
    • التوسعات الوريدية
    • أعراض التشنج القصبي المتكرر

عوامل الخطورة

ما زال السبب وراء بدء التبدل في نشاط بعض الخلايا وتحولها إلى النشاط السرطاني غير معروف في معظم الحالات، إلا أن هنالك مجموعة من العومل البيئية بالإضافة للعوامل الجينية من شأنها أن تزيد من احتمال إصابة الفرد بسرطان الأمعاء الدقيقة. وتشمل عوامل الخطورة ما يلي:

  • الإصابة العائلية السابقة بالبوليبات الغدية "Adenomatous Polyps" والتي هي عبارة عن اندفاعات من المخاطية المُبَطِّنة للأمعاء ضمن جوف الطريق الهضمي.
    • حيث الأفراد الذين لديهم أعداداً كبيرةً منها في سياق "داء البوليبات العائلي FAP". يصل احتمال إصابتهم بالسرطان إلى 100% في حال عدم علاجها.
  • هنالك ارتباط بين الإصابة بداء كرون وزيادة احتمال الإصابة بسرطان الأمعاء الدقيقة من نمط السرطانة الغدية. (2)
  • بالإضافة إلى ما سبق فإن الإصابة بجرثومة الملوية البوابية تجعل احتمال إصابة المريض بها بلمفوما الأمعاء "MALT" على وجه التحديد، أكبر وبشكل خاص في منطقتي العفج والصائم. (3)(4)
  • ومن العوامل الأخرى أيضا لدينا:

تشخيص سرطان الأمعاء الدقيقة

يقوم الطبيب بدايةً مثل أي حالة طبية بأخذ القصة المرضية الكاملة من المريض وأخذ تفاصيل الشكاية الرئيسية له.

ومن ثم يأتي عندها دور الفحوصات التشخيصية التي تساعد في تأكيد تشخيص معين على حساب غيره وفي حالة سرطان الأمعاء الدقيقة، يكون لهذه الفحوصات دوراً في تحديد درجة امتداد الورم والبحث عن وجود انتقالات منه إلى مناطق أخرى من الجسم.

ومن هذه الفحوصات الطبية، نذكر:

  • التصوير الشعاعي البسيط باستخدام المادة الظليلة "Barium X-Ray": يشرب المريض هنا كميةً من مادة ظليلة تدعى "الباريوم"، ومن ثم يصور الطبيب بعدها المريض بالأشعة السينية. وتظهر هذه المادة بشكل واضح جداً أثناء التصوير، مما يفيد في رسم المنظر الداخلي لجوف الأمعاء، وكشف أية تورمات وتغيرات ضمنه.
  • اختبارات الدم: تستطيع هذه الفحوصات كشف الاضطرابات المرتبطة بالسرطان المعوي مثل فقر الدم.
  • التنظير الهضمي "Endoscopy": وهو عبارة عن جهاز يحمل كاميرا تصويرية، يمكنها أن تؤمن رؤيةً مباشرةً لجوف الطريق الهضمي، وأخذ الخزعات عند اللزوم.
  • التصوير المقطعي المحوسب "CT scan"
  • التنظير باستخدام الكبسولة "Capsule Endoscopy" نظراً لطول الأمعاء وكثرة تعرجاتها وضيق قطرها، فإن التنظير التقليدي لا يتمكن من الوصول إلى جميع أجزاء الأمعاء لذلك تم تطوير هذه الطريقة. حيث يتناول المريض كبسولة عن طريق الفم ويراقب الطبيب كافة السبيل الهضمي من خلالها.
  • التصوير بالرنين المغناطيسي "MRI scan"
  • التصوير بالأمواج فوق الصوتية "Ultrasound"

علاج سرطان الأمعاء الدقيقة

إن تحديد الخطة العلاجية لسرطان الأمعاء الدقيقة يعتمد على نمط السرطان وموقعه والمرحلة التي وصل لها، وتتضمن الخيارات العلاجية ما يلي:

  • الجراحة: تعتبر العلاج الرئيسي والأهم في جميع أنماط سرطان الأمعاء الدقيقة، باستثناء اللمفوما المعوية.
    • حيث يتضمن العلاج الجراحي عادةً استئصال جزء من الأمعاء الحاوي على الورم، وإعادة وصل الأجزاء المقطوعة سويةً.
  • العلاج الكيميائي: قد يستخدم في العلاج الكيميائي دواءً أو أكثر لقتل الخلايا السرطانية أو إبطاء نموها. يستخدم هذا النمط من العلاج في سرطان الأمعاء الدقيقة من نمط اللمفوما عادةً.
  • العلاج المناعي: يعرف هذا النمط الحديث باسم "العلاج الحيوي أو البيولوجي" أيضا حيث يستخدم هذا العلاج الجهاز المناعي للمريض نفسه في مهاجمة السرطان ومحاربته.
    • وقد تم تطويره من مكونات مأخوذة من الإنسان وأخرى تم تصنيعها في المختبرات، لتحفز وتحسن من أداء الجهاز المناعي.
  • العلاج الشعاعي: يتم استخدام جهاز يطلق أمواج من الإشعاع عالي الطاقة، يؤدي إلى قتل الخلايا السرطانية ويمكن استخدامه في عدة حالات، أهمها:
    • قبل أو بعد العمل الجراحي، من أجل قتل أية بقايا سرطانيةً ومنع الورم من العودة.
    • عندما يكون من غير الممكن استئصال السرطان بالعمل الجراحي.
    • في حالات السرطان التي يحدث فيها نكس وعودة لكن محدودة الموقع ضمن منطقة صغيرة، كالعقد اللمفية على سبيل المثال.
    • يعتبر العلاج الأساسي للمفوما بالتآزر مع العلاج الكيميائي.

التأقلم ونمط الحياة

يسبب السرطان وعلاجه أعراضاً جسدية وتأثيرات جانبية، إلا أنه بالإضافة لما سبق فإنه يضيف عبئاً عاطفياً واجتماعياً ومالياً كبيراً على المريض ويدعى التعامل مع هذه الصعوبات بالعناية التلطيفية أو الداعمة.

تهدف الرعاية التلطيفية إلى تحسين مشاعر المريض أثناء العلاج، عن طريق التخفيف من الأعراض المتعلقة بالعلاج وتقديم الدعم النفسي له.

كما ينبغي على الفريق الطبي تقديم معلومات كاملة للمريض حول مرضه وحالته الصحية والإجابة على كافة التساؤلات التي تخطر في باله، لما لذلك من دور في تخفيف قلقه بشكل أكبر.

بالإضافة إلى ذلك يساعد التواصل الاجتماعي الدائم والمحافظة على العلاقات الأسرية أيضا في تشجيع المريض على تجاوز الحالات العاطفية والنفسية التي قد يمر بها.