سرطان الفم: الأعراض والعلاج

الكاتب - أخر تحديث 14 سبتمبر 2023

يعد سرطان الفم "Mouth cancer" من الأنواع النادرة من السرطانات، ويمكن أن يؤثر هذا السرطان على الفم والجهاز الهضمي العلوي. ويمكن أن يكون خطيراً للغاية إذا لم يتم التشخيص والعلاج المناسبين في وقت مبكر.

في هذا المقال، سنلقي نظرة عامة على أسباب سرطان الفم وأعراضه وطرق التشخيص والسبل العلاجية المختلفة المتاحة لمحاربته.

ما هو سرطان الفم؟

يمكن تعريف سرطان الفم بحدوث انقسام عشوائي غير طبيعي في النُسج المشكِّلة للتجويف الفموي وبشكل غير مضبوط، يعد هذا النمط من السرطانات أكثر شيوعاً بين الرجال بشكل أكبر من الإناث بمقدار الضعف تقريباً.

حيث أن احتمال إصابة الرجال في مرحلة ما من حياتهم هي حوالي إصابة لكل 60 من الرجال أي حوالي 1.7%، بينما تكون هذه النسبة لدى الإناث حوالي حالة لكل 140 أنثى، أي ما يعادل 0.71%. (1)

يشكل هذا النمط من السرطان ما يقارب 3% من مجمل حالات السرطان التي تصيب الإنسان في الولايات المتحدة.

قد يصيب هذا النوع أي جزء ضمن الفم كالشفاه أو اللسان أو الغدد اللعابية وغيرها، وبشكل أكثر توارداً نجده في الشفة السفلية.

مع العلم أن مصطلح سرطان الفم هو مصطلح عام، إلا أن التصنيف الطبي يعتمد على نوع الخلايا التي يبدأ فيها، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن أكثر نوع حدوثاً هو السرطان حرشفي الخلايا "Squamous Cell Carcinoma".

أعراض الإصابة بسرطان الفم

قد يظهر على المريض مجموعة من الأعراض المختلفة عند الإصابة بسرطان الفم لكن الأعراض الأكثر شيوعاً هي:

  • القرحات الفموية الالتهابية التي تستمر لعدة أسابيع عادةً
  • كتلة في الفم ثابتة وغير مفسَّرة، حيث لا يبدو عليها علامات التعافي
  • كتلة ثابتة وغير مفسّرة في العقد اللمفية في العنق، كما أنها لا تزول مع الوقت

أما الأعراض الأقل شيوعاً، فتتضمن:

  • الألم وصعوبة البلع
  • تغيرات في لحن الصوت ومشاكل في نطق الكلام
  • خسارة الوزن بشكل كبير ومجهول السبب
  • حدوث نزوفات مع إحساس بالنَمَل والخدر في الفم
  • حدوث تخلخل في أحد الأسنان أو أكثر لسبب غير معروف، مع عدم شفاء مسكن (تجويف) السن بعد اقتلاعه
  • صعوبة في تحريك الفك
  • ظهور لويحات (مناطق) بيضاء أو حمراء اللون على باطن الفم مع العلم أن هذه العلامات تعتبر شائعة وطبيعية في أغلب الأحيان. إلا أنها نادراً ما تكون من علامات الإصابة السرطانية، لذلك لا بد من استشارة الطبيب عند ظهورها بشكل حديث.
  • ضعف في حركات اللسان نتيجة ضعف عضلاته
  • تغير في مذاق الأطعمة المعتادة

الأسباب وعوامل الخطورة

لا يزال السبب المباشر للسرطان بشكل عام غير معروف في معظم الأحيان، وقد تكون الطفرات الجينية على مستوي الجينات المسؤولة عن كبح الورم والسيطرة عليه هي السبب وراء ذلك.

إلا أنه قد تم تحديد مجموعة من عوامل الخطورة التي من شأنها أن ترفع من احتمال الإصابة بسرطان الفم، وهي تشمل:

  • التعرض الكبير لأشعة الشمس الذي يرتبط بسرطان الشفاه بشكل خاص
  • بعض المهن مثل الزراعة نتيجة التعرض لمواد كيماوية والأبخرة والسماد أثناء العمل وأيضا التعرض الكبير في بعض المهن لجزيئات المعادن ونَشَارة الخشب (2)
  • يزداد أحتمال الإصابة مع التقدم في العمر،حيث أن العمر الوسطي للإصابة بين 40 و60 سنةً.
  • الجنس: حيث أن إصابة الذكور هي الأكثر شيوعاً، إلا أن احتمال إصابة الإناث يزداد حالياً نتيجة ازدياد أعداد المدخنين بين الإناث.
  • الضعف المناعي ونجده لدى المرضى المصابين بالإيدز أو الذين تعرضوا لنقل الأعضاء.
  • بعض الإصابات الإنتانية: وهنا لا بد من الوقوف على دور الفيروس الحليمي البشري "HPV" وبشكل خاص النمط 16 منه في ذلك، حيث يعتبر العامل الأهم في 70% من مجمل الإصابات الجديدة في الولايات المتحدة. (3)
  • عوز فيتامين A
  • بعض الأدوية المستخدمة في علاج السفلس والحاوية على الزرنيخ
  • التدخينف في جميع أشكاله
  • مضخ التبغ أو المركبات الحاوية عليه وتعتبر من عوامل الخطورة شديدة الأهمية، نظراً لانتشارها ضمن بعض الثقافات والمجتمعات.

المضاعفات

هنالك مجموعة من المضاعفات المرتبطة بحالة سرطان الفم، وخاصة عند التأخر بالتشخيص وبدء العلاج، وهي:

١- صعوبة البلع

إن العمل المتناسق بين العضلات هو المسؤول عن تنظيم عملية البلع. ولذلك فإن أي اضطراب في هذا التنسيق يؤدي لاضطراب هذه العملية.

وتعتبر صعوبة البلع من المشاكل الخطرة التي قد تعرض المريض لسوء التغذية أو حتى من الممكن أن تدخل جزيئات من الطعام المتناول إلى الطريق الهوائي للرئتين، ليسبب ما يعرف بالتهاب الرئة الاستنشاقي.

قد تؤثر الجراحة العلاجية للسرطان أو المعالجة الشعاعية على اللسان أو الفم أو البلعوم فيتسبب بصعوبة في البلع.

٢- تأثر الكلام والنطق

يتطلب الكلام تنسيقاً دقيقاً بين عضلات اللسان والشفاه والفم، بالإضافة إلى النسج المغلفة لها.

وفي حال وجود أذية في أحد البنى السابقة نتيجة العمل الجراحي أو العلاج الجراحي فقد تحدث اضطرابات على مستوى لفظ بعض الأحرف والأصوات، حيث تصل في بعض الأحيان إلى نطق كلام غير مفهوم على الإطلاق.

٣- التأثير النفسي

إن تأكيد وجود سرطان عند أي شخص يؤثر على صحته النفسية ويسبب الاحباط والقلق، ويمكن في بعض الأحيان الدخول في حالة اكتئاب والتي من علاماتها:

  • الشعور بالحزن والإحباط وانعدام الأمل في الفترة الأخيرة.
  • عدم القدرة على الاستمتاع بالأنشطة والأشياء التي كانت تفرِح المريض سابقاً.

ينصح المريض بطلب الدعم من العائلة والأصدقاء والتمسك بأمل الشفاء، حيث في كثير من الأحيان عند بدء العلاج وتحسن المرض تتحسن أيضاً صحة المريض النفسية.

تشخيص سرطان الفم

عندما يشك الطبيب المسؤول عن الحالة بوجود أعراض تشير لحالة سرطان في الفم، فهنالك مجموعة من الفحوصات التي يتم اجراءها لتأكيد التشخيص وتحديد العلاج المناسب.

١- الفحص الشامل للرأس والعنق

يجري الطبيب فحص شامل لمنطقة الرأس والعنق مع تركيز أكبر على مكان الشكوى والمناطق غير الطبيعية ومن ثم فحص أماكن العقد اللمفية في الرأس والعنق، حيث يساعد هذا الجراء بتقصي وجود سرطان الفم.

٢- التنظير الشامل "Panendoscopy"

يتضمن هذا الفحص إجراء تنظير للحنجرة والمريء، باستخدام أدوات تنظيرية خاصة لكل منها. ويساعد هذا الإجراء بتحديد ماهية السرطان الموجودة حيث في حال كان المريض يستهلك التبغ والكحول فهنالك نسبة خطر 10% إلى إمكانية وجود أكثر من حالة سرطان واحدة في نفس الوقت.

٣- الخزعة "Biopsy"

يتم هنا أخذ عينة من النسيج المشتبه بكونه سرطانياً، حيث تعتبر الإجراء التشخيصي المؤكد لأي حالة إصابة سرطانية، ومنها سرطان الفم.

كما يمكن إجراءه بعدة طرق يعتمد اختيار أحدها على الهدف منها وعلى حالة كل مريض. ومن هذه الطرق:

  • الدراسة الخلوية بعد التقشير -الكشط- "Exfoliative Cytology": يقوم الطبيب هنا بإجراء كشط أو تقشير للمناطق غير الطبيعية داخل الفم، ومن ثم إرسالها إلى مراكز خاصة تقوم بدراسة الخلايا المكونة لها.
    • من مميزات هذه الطريقة هي سهولة الإجراء مع إحداث ألم خفيف فقط، مما يساعد في الوصول إلى التشخيص بشكل باكر، ويزيد من إمكانية العلاج.
  • الخزعة الاستئصالية "Incisional Biopsy": يقوم الطبيب هنا بإجراء استئصال جزء صغير من الكتلة المشتبهة ودراستها، وتعد الطريقة الأكثر شيوعاً لإجراء الخزعة.
  • الخزعة باستخدام الرشف بالإبرة الرفيعة "FNA": تستخدم إبرة رفيعة مدببة مع محقنة تقوم بسحب الخلايا المشتبهة إلى داخلها، إلا أن هذه الطريقة متَّبَعة بشكل أكبر في الكتل ضمن العنق.

٤- الفحوصات والتحاليل المخبرية

بالإضافة إلى فحوص الدم المخبرية الروتينية التي يتم اجراءها في أي حالة مرضية، يتم هنا إجراء فحص للبحث عن فيروس "HPV" لما لذلك من دور في توقع الاستجابة للعلاج.

فالأشخاص الذين تنتج إصابتهم بسرطان الفم عن الفيروس يكونون أكثر استجابةً للعلاج من غيرهم.

٥- الفحوصات التصويرية

تهدف هذه الإجراءات إلى تأكيد الإصابة بسرطان الفم ومدى انتشارها، وإمكانية وجود النقائل السرطانية لأماكن مجاورة، وتتضمن:

  • التصوير الطبقي المُحوْسَب الماسح للجسم "CT Scan"
  • التصوير بالرنين المغناطيسي "MRI Scan"
  • الصورة الشعاعية البسيطة "X-Ray"
  • التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني "PET Scan"
  • المسح العظمي "Bone Scan"
  • التصوير بالأمواج فوق الصوتية "Ultrasound"

علاج سرطان الفم

تعتمد الخطة العلاجية على تحديد نمط سرطان الفم ودرجة انتشارة المرض ومرحلته. ومن هذه الخيارات العلاجية:

١- الجراحة

إن إزالة الكتلة الورمية مع جزء من النسيج السليم المحيط بها مما يضمن عدم بقاء خلايا سرطانيةً مجهريةً ضمن النسيج السليم المحيط يمكنها العودة للنشاط.

قد يتبع إجراء العمل الجراحي في بعض الأحيان تطبيق العلاج الشعاعي أو الكيميائي أو كليهما، بحسب نسبة نجاح جراحة ازالة الورم.

٢- العلاج الشعاعي

يتم تطبيق الأشعة السينية عالية الطاقة لقتل الخلايا السرطانية المتسببة بسرطان الفم، قد تكون المعالجة الشعاعية العلاج الأساسي للسرطان الفموي أو أنها علاج رديف بعد العمل الجراحي.

ويمكن القيام بذلك بأحد الطريقتين:

  • العلاج الشعاعي من خارج الجسم: وفيه يكون الجهاز المطلق للأشعة السينية خارج الجسم، تشكل هذه الطريقة الشكل الأكثر شيوعاً لتطبيق العلاج الشعاعي.
  • العلاج الشعاعي من داخل الورم: يتم زرع مصدر الإشعاع هنا داخل الكتلة الورمية.

٣- العلاج الدوائي

تستخدم بعض الأدوية لقتل وتدمير الخلايا السرطانية، وله عدة أنماط:

  • العلاج الكيميائي: تعمل هذه الأدوية على قتل الخلايا السرطانية وغير السرطانية شديدة الفعالية أي أنه لا يميز بين الخلايا السليمة والمريضة.
  • العلاج المناعي: تُحفِّز هذه الأدوية الجهاز المناعي للمريض على مواجهة الخلايا الورمية وتدميرها.
  • العلاج الهدفي: يعتبر من الطرق العلاجية الحديثة والمتقدمة، حيث تصل إلى مناطق معينة ضمن الخلايا السرطانية كالجينات أو البروتينات التي تنتجها أو المكونات المحيطة بهذه الخلايا.
    • ما يميز مثل هذه الأدوية هو قلة الآثار الجانبية على خلايا الجسم الطبيعية، لأنها موجَّهة بطريقة متقدمة جداً.

التأقلم ونمط الحياة

يتسبب السرطان والعلاج الخاص به في تأثيرات جسدية ونفسية واجتماعية، وتسمى هذه التأثيرات "الرعاية التلطيفية".

وتتضمن هذه الرعاية جميع الوسائل والطرق الطبية وغير الطبية التي تهدف إلى تخفيف حدة المرض على المريض. ويتم البدء في هذه الرعاية في وقت مبكر مع وضع التشخيص، حيث يساعد ذلك المريض على تجاوز الأعراض وتحسين نوعية الحياة لديه، والتخفيف من الانزعاج المرتبط بالعلاج.

وتتضمن هذه الرعاية الأدوية والتغييرات الغذائية وتقنيات الاسترخاء، بالإضافة إلى برامج الدعم العاطفي والروحي. ويستفيد البعض من الحديث مع أخصائي في الدعم النفسي، أو من المشاركة في المجموعات وبرامج الدعم لمرضى السرطان.

من واجب الطبيب والأسرة المحيطة تقديم كل الدعم للمريض، وتوضيح جميع الجوانب المتعلقة بمرضه، وبالأعراض الجانبية للعلاج، لما لذلك من دور في تحسين تعامل المريض مع حالته.