سرطان الكبد: الأعراض والعلاج

الكاتب - 9 ديسمبر 2022

إن الكبد من الأعضاء الرئيسية في جسم الإنسان، فلديه أكثر من 500 وظيفة، لذلك فإن أي اضطراب في عمله سوف ينعكس على كامل الجسم، وقد يتعرض الكبد لحدوث تغير سرطاني في خلاياه يطلق عليه اسم "سرطان الكبد".

فما هي أعراض سرطان الكبد وطريقة تشخيصه وعلاجه؟

ما هو سرطان الكبد؟

يتوضع الكبد في الجانب الأعلى الأيمن من الجسم، في منطقة البطن، خلف الأضلاع السفلية للصدر ويشكل أحد أهم أعضاء الجسم، وذلك لما له من وظائف عديدة ومهمة تتحكم بكامل عمل الأعضاء الأخرى، بشكل مباشر أو غير مباشر.

ومن هذه الوظائف:

  • تخزين بعض العناصر الغذائية والفيتامينات
  • تخليص الدم من المنتجات الضارة والبقايا الناتجة عن تحطم الخلايا
  • تنقية ومعالجة المواد الكيميائية في الطعام والكحول والأدوية
  • إنتاج مادة تدعى "الصفراء"، والتي هي عبارة عن مركب يساعد في هضم الدهون والمواد الدسم في الأطعمة كما تطرح المركبات الضارة.

قد يحصل في بعض الحيان تحول خبيث في خلايا الكبد، ويؤدي إلى انقسامها بشكل عشوائي وغير مضبوط هذا ما يدعى "سرطان الكبد".

فبحسب مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها CDCفإن هذا السرطان يصيب كل سنة في الولايات المتحدة حوالي 25000 رجل وما يقارب 11000 امرأة، وتحصل الوفاة بسبب المرض لدى 19000 من الرجال المصابين، و9000 من النساء المصابات.

يحتل سرطان الكبد المرتبة السادسة بين السرطانات التي تصيب الإنسان بشكل عام، حيث وصلت أعداد الإصابات به حول العالم في عام 2020 إلى 900000 إصابة جديدة. (1)

أنماط السرطان

قد يكون الورم في الكبد "بدئياً"، أي أن التحول الخبيث قد بدأ في الكبد، أو ممكن أن ثانوياً أو انتقالياً، أي يكون الورم في منطقة أخرى من الجسم وحصل انتقال منه إلى الكبد.

يضم السرطان البدئي في الكبد عدة أنماط، أهمها:

  • سرطانة الخلية الكبدية "Hepatocellular Carcinoma HCC": تعتبر النمط الأكثر شيوعاً بين سرطانات الكبد البدئية، حيث يكون التحول الخبيث في الخلية الكبدية الرئيسية.
  • سرطانة القناة الصفراوية "Cholangiocarcinoma": يبدأ الورم في الخلايا المبطنة للقناة الناقة للصفراء من الكبد إلى الأمعاء والمرارة.
  • الساركوما الوعائية الكبدية "Angiosarcoma": يعتبر هذا النمط من الأورام النادرة في الكبد، حيث تبدأ على الأوعية الدموية، وغالباً ما تظهر لدى المسنين أكثر من 70 سنة.

أعراض ومضاعفات الإصابة بسرطان الكبد

تتنوع الأعراض التي تظهر على المريض، إلا أنها قد تكون غير واضحة في البداية، مما يؤدي إلى تأخر التشخيص. كما أن العلامات تبدأ بالظهور مع تقدم المرض ونموه، وتختلف من شخص إلى آخر. ومنها:

  • خسارة كبيرة في الوزن خلال مدة قصيرة، ومن دون وجود سبب واضح لها
  • ألم في الجانب العلوي الأيمن من البطن، مكان موقع الكبد، والذي يدعى "المراق الأيمن". قد ينتشر هذا الألم عند البعض إلى الكتف الأيمن للمريض أيضاً.
  • نقص في الشهية
  • زيادة حجم البطن
  • إحساس بالشبع السريع بعد الوجبات الصغيرة المتناولة
  • جسّ كتلة قاسية أسفل الأضلاع في الجانب الأيمن
  • التعب العام والإنهاك
  • الغثيان والإقياء
  • اليرقان "Jaundice" حيث يتغير لون الجلد وبياض العين إلى اللون الأصفر، وذلك نتيجة تراكم مادة "البيليروبين Bilirubin" الحاوية على الصباغ الأصفر.
    • يعالج الكبد هذه المادة عادةً ثم يطرحها ضمن القناة الصفراوية التي تنقلها إلى الأمعاء. ونتيجة اضطراب عمل الكبد تتراكم هذه المادة في الدم وتسبب اليرقان.
  • الحكة الناتجة عن تراكم مادة البيليروبين تحت الجلد
  • خروج البراز بلون شاحب
  • لون البول الغامق
  • ظهور الأوعية الوريدية في جلد البطن

كما قد تُنتج بعض أنماط سرطان الكبد هرمونات تسبب ما يلي:

  • ارتفاع مستويات الكالسيوم في الدم، مما قد يسبب الإمساك والغثيان والتشوش الذهني.
  • انخفاض مستويات السكر في الدم، مما يسبب التعب والشعور بالإنهاك.
  • التثدي عند الرجال مع صغر حجم الخصيتين.
  • زيادة أعداد كريات الدم الحمراء بشكل كبير، فيظهر على المريض احمرار لون الوجه.

الأسباب وعوامل الخطورة للإصابة

ما زال السبب الحقيقي الكامن وراء تحول الخلايا الكبدية الطبيعية إلى خلاياً سرطانية غير معروف، على الرغم من ارتباط مجموعة من العوامل مع زيادة خطر الإصابة.

قد يكون لبعض العوامل السابقة دوراً في حدوث طفرات على الجينات المسؤولة عن تنظيم انقسام الخلايا، مما يؤدي إلى بدء انقسامها بشكل عشوائي.

ومن هذه العوامل:

  • التهاب الكبد الفيروسي المزمن: يمثل كل من التهابي الكبد B، وC عاملي الخطر الأقوى للإصابة بالسرطان على المدى الطويل.
  • تشمُّع الكبد "Cirrhosis": تشمع الكبد هو مرض مزمن يصيب الخلايا الكبدية ويؤدي إلى استبدال النسيج الكبدي الطبيعي بنسيج ليفي متندِّب.
    • ومن أسباب تشمع الكبد التشحُّم الكبد اللاكحولي، والتشمع الصفراوي البدئي، وشرب الكحول المفرط بالإضافة إلى أن التهاب الكبد B وC من أهم العوامل المسببة للتشمع
  • بعض الأمراض الاستقلابية الوراثية
  • التدخين
  • السمنة، وتراكم الشحوم في الكبد المرتبطة
  • الداء السكري من النمط الثاني
  • مادة الأفلا توكسين "Aflatoxin": وهي عبارة عن مركبات تنتج عن طريق أنواع من الفطور التي تتواجد في القمح وفول الصويا، والمكسرات والرز وغيرها.
  • الستيروئيدات البانية "Anabolic Steroids": وهي عبارة عن مركبات يستخدمها بعض الرياضيين لزيادة قوة وكتلة عضلاتهم. كما يؤدي استخدام هذه المركبات على المدى الطويل إلى ازدياد احتمال الإصابة بسرطانة الخلية الكبدية.

تشخيص الإصابة

تبدأ خطوات تشخيص سرطان الكبد بالفحص السريري الشامل للمريض وتدوين القصة المرضية والأعراض التي يعاني منها، كما يجب سؤال المريض عن أية أمراض سابقة مرتبطة بالسرطان لدى أفراد العائلة.

ومن ثم يبدأ الطبيب بإجراء مجموعة من الفحوص المخبرية والتصويرية لتأكيد التشخيص، وتشمل هذه الفحوص:

١- قياس مستويات البروتين الجنيني ألف "Alpha-Fetoprotein"

ينتج الكبد هذا البروتين في الحالة الطبيعية لدى الجنين، إلا أن مستوياته تصبح غير قابلة للقياس (تقارب الصفر)، بوصول الطفل إلى عمر السنة.

ويعتبر هذا البروتين "واسم سرطاني Tumor Marker"، أي أنه ينتج من قبل سرطان الكبد، لذا فإن ارتفاع مستوياته بشكل كبير لدى الأشخاص بعد عمر السنة، تشير غالباً إلى وجود حالة سرطانية.

لذلك يفضل الأطباء إجراء هذا التحليل كل ثلاثة أو أربعة أشهر لدى المرضى المصابين بالتشمع الكبدي المرتبط بالإصابة بالتهاب الكبد B أو C.

٢- الفحوص التصويرية

هنالك مجموعة من الفحوص التصويرية التي من الممكن إجرائها إما لتأكيد التشخيص، أو للبحث عن إمكانية حدوث النقائل إلى خارج الكبد من السرطان. ومنها:

  • التصوير بالأمواج فوق الصوتية "Ultrasound"
  • التصوير الطبقي المُحَوسَب "CT scan"
  • التصوير بالرنين المغناطيسي "MRI scan"
  • التصوير الوعائي "Angiography" حيث يساعد في تقييم وتصوير الأوعية والأعضاء من الداخل
٣- خزعة الكبد "Liver Biopsy"

يحصل الطبيب عن طريق خزعة الكبد على المعلومات الدقيقة لأي سرطان، إلا أنه قد لا يكون من الضرورة إجراها في جميع الحالات.

حيث أن ارتفاع مستويات الواسمات الورمية مثل AFP وغيره، بالإضافة إلى رؤية الورم بالتصوير، يعتبر كافياً في معظم الحالات لتأكيد التشخيص.

أما في حال كانت نتائج الفحوصات السابقة غير مؤكدة للإصابة، عندها قد يتم إجراء خزعة من نسيج الكبد وإرسالها إلى المختبر.

علاج سرطان الكبد

عادةً ما يكون سرطان الكبد قابلاً للعلاج، إلا أنه في بعض الحالات يكون العلاج طويلاً وصعباً.

ويعتمد اختيار الخطة العلاجية على عدة نقاط هامة:

  • نوع السرطان إن كان بدئي في الكبد أو أنه منتقل إليه من سرطان آخر خارجه
  • حجم ونمط السرطان
  • موقع الورم
  • هل حدثت انتقالات منه إلى خارج الكبد؟
  • الحالة الصحية العامة للمريض

ومن الخيارات العلاجية الممكنة:

١- الجراحة

عندما يكتشف السرطان في مراحل باكرة ويكون صغيراً، وفي حال لم تحدث انتقالات خارج الكبد بعد، عندها يكون من الممكن إجراء العمل الجراحي العلاجي على المريض.

يزيل الطبيب جزء من الكبد، أو من الممكن إزالته بشكل كامل. إلا أن الإزالة الكاملة له تتطلب تعويضه وزراعة كبد آخر بدلاً منه، لأن عمل الكبد لا يمكن الاستغناء عنه على الإطلاق.

٢- العلاج الكيميائي

وهو استخدام الأدوية لقتل الخلايا السرطانية حيث يتم حقن العلاج الكيميائي في حالة سرطان الكبد مباشرة ضمن الأوعية المغذية للسرطان، كما يكون الهدف من ذلك هو إيقاف نموه.

يطلق على هذه التقنية "التصميم الكيميائي Chemoembolisation" أي إحداثة صمّة (انسداد) ضمن الوعاء الدموي.

يمكن أيضاً تطبيق هذه التقنية لتصغير حجم الورم، والسيطرة على الأعراض خاصةً لدى المرضى غير المؤهلين للخضوع للجراحة، أو إن كان الورم لا يتناسب مع معايير العمل الجراحي.

٣- استخدام الحرارة لتدمير السرطان "Thermal Ablation"

يستخدم هذا النمط الأمواج الميكروية "Microwaves" أو التيار الكهربائي، ويكون ذلك كما في العلاج الكيميائي في الحالات غير القابلة للجراحة.

٤- العلاج الهدفي الموجَّه "Targeted Therapy"

تستخدم هذه الطريقة أدوية موجهة إلى خلايا الورم، ويُطبق في الحالات التالية:

  • حالة المريض الصحية لا تسمح له بتحمل العمل الجراحي
  • لا ينطبق على السرطان معايير العلاج الجراحي
  • وجود انتقالات من السرطان البدئي إلى أعضاء أخرى من الجسم

٥- العلاج الشعاعي

يستخدم في بعض حالات سرطان الكبد ما يعرف بالمعالجة الشعاعية التداخلية "SIRT"، حيث تحقن جزيئات مشعة ضمن الأوعية المغذية للكبد لإيقاف نمو السرطان.

تستخدم هذه الطريقة لدى الكبار في السن، والذين لم يتأذى الكبد لديهم بشكل كبير، بالإضافة إلى عدم إمكانية تطبيق العمل الجراحي.

التأقلم ونمط الحياة

يسبب السرطان والعلاج الخاص به بعض الآثار الجسدية بالإضافة إلى الجوانب النفسية والاجتماعية بسبب تأثيره الكبير على المريض.

لذلك هنالك ما يدعى بالرعاية التلطيفية وهي التي تتضمن جميع الطرق والوسائل الطبية وغير الطبية التي تخفف من حدة المرض على المريض وتساعده بالتأقلم نفسياً.

كما يساعد التواصل الاجتماعي الدائم والمحافظة على العلاقات الأسرية أيضاً في تشجيع المريض على تجاوز الحالات العاطفية والنفسية التي قد يمر بها.

على الفريق الطبي تقديم معلومات كاملة للمريض حول مرضه وحالته الصحية والإجابة على كافة التساؤلات التي تخطر في باله، لما لذلك من دور في إراحته بشكل أكبر.

كما ينبغي على المريض الالتزام بالأدوية وارشادات الفريق الطبي، والمواظبة على المتابعة الدورية للحالة الصحية العامة.