سرطان عنق الرحم: التشخيص والمراحل

المراجعة الطبية - OB/GYN
الكاتب - أخر تحديث 1 نوفمبر 2023

يفصل عنق الرحم بين الرحم والمهبل لدى الأنثى، ويشكل حاجزاً في وجه العوامل الضارة والجراثيم، ومن الممكن أن يتعرض عنق الرحم للتحول السرطاني، حيث يعتبر سرطان عنق الرحم من أشهر أنواع السرطان لدى الإناث.

ما هي أعراض الإصابة بسرطان عنق الرحم وكيف يتم الكشف المبكر عن هذه الحالة؟

أقسام الجهاز التناسلي الأنثوي

يتكون الجهاز التناسلي الأنثوي من المبيضين والبوقين والرحم والمهبل.

وتعمل أقسام هذا الجهاز معاً كنظام متكامل مهمته إنتاج البيوض الأنثوية الجاهزة لاستقبال النطاف الذكرية، ومن ثم المحافظة على البيضة الملقحة في حال حصول إلقاح، بالتالي ضمان تشكل الجنين بشكل كامل، ومن ثم خروج الجنين للوسط الخارجي.

يتكون الرحم تشريحياً من قسم علوي يدعى "القاع"، وقسم سفلي يدعى "العنق" الذي يشكل صلة الوصل بين جوف الرحم والمهبل والذي يفتح على الوسط الخارجي.

ولعنق الرحم وظائف شديدة الأهمية، تتعلق بالتغيرات التي تحصل على بنيته خلال فترة الدورة الشهرية وأيضاً يشكل العنق البوابة التي تفتح لتسمح للجنين بالمرور إلى الخارج عبرها عند انتهاء فترة الحمل وحصول الولادة.

كما يقوم عنق الرحم خارج فترة الحمل بمنع وصول أية مواد خارجية إلى داخل الرحم كالماء والمواد الأخرى ويمنع النطاف من الدخول إلى قاع الرحم في خارج وقت حدوث الإباضة.

ونتيجة التجدد المستمر لخلايا عنق الرحم، فقد يحدث فيها اضطراب جيني (طفرة) تؤدي لحدوث تكاثر عشوائي بمعنى آخر ظهور سرطان عنق الرحم "Cervical cancer".

أعراض الإصابة بسرطان عنق الرحم

يتميز سرطان عنق الرحم "Cervical cancer" عن غيره من أنواع السرطانات بظهور الأعراض المشيرة إليه بشكل مبكر نسبياً، مما يدفع المرأة لطلب استشارة الطبيب المختص.

أما في حالات أخرى أقل شيوعاً فقد يصل السرطان إلى مراحل متقدمة قبل أن تظهر الأعراض.

ولكن تنصح كل النساء دوماً باستشارة الطبيب المختص في حال ملاحظة أي أعراض غريبة أو غير طبيعية وذلك لتشخيص الحالة ومراقبة المريضة، وتأكيد أو نفي وجود حالة سرطان بالإضافة لتحديد العلاج المناسب.

وبشكل عام تشمل أعراض الإصابة بسرطان عنق الرحم ما يلي:

  • خروج بقع نزفية أو حتى حصول نزف خفيف في الفترات بين الدورات الشهرية النسائية أو بعدها مباشرةً
  • تطاول مدة حدوث الطمث مع زيادة في حجم الدم الخارج عن المعتاد
  • حدوث النزف بعد الجماع مباشرة أو بعد الاستحمام أو بعد الفحص النسائي الحوضي
  • زيادة في المفرزات والسوائل المهبلية مع تغير في طبيعتها عن المعتاد
  • شكوى المريضة من الألم أثناء الجماع
  • في حال حصول السرطان بعد وصول الامرأة لسن اليأس فقد تشكو من خروج دم من المهبل رغم انقطاع الطمث
  • وجود ألم ظهري أو حوضي غير قابل للتفسير

عوامل الخطورة للإصابة

يمكن وصف عوامل الخطورة بأنها المؤثرات التي يمكن أو لا يمكن السيطرة عليها، والتي من شأنها أن تزيد من احتمال تعرض فرد ما لمرض ما.

هذا الأمر يكون شديد الأهمية في دراسة السرطان، وذلك لما له من دور في فهم آلية حدوثه وطرق كشفه. لذلك لا بد لنا من الوقوف بشكل مفصل على هذه العوامل، والتي تتضمن: (1)

١- عوامل يمكن التحكم بها أو تجنبها

آ- التعرض لفيروس الحليمي البشري "HPV"

يعتبر هذا الفيروس هو المتهم الرئيس بالإصابة بسرطان عنق الرحم.

ويوجد منه أنماط كثيرة قد تصل إلى حوالي 150، فيما يعتبر النمطين 16 و18 الأكثر خطورةً وارتباطاً بسرطان العنق الخبيث.

وتعتبر الإصابة بهذا الفيروس من الإصابات الشائعة جداً، حيث قد يصيب الفم أو الجلد أو المناطق التناسلية لدى الرجال والنساء.

لا يوجد حتى الآن علاج شاف لفيروس "HPV" إلا أنه من الممكن الوقاية منه بأخذ اللقاح الخاص به، وهذا ما تدفع نحوه المؤسسات الطبية العالمية.

ب- العلاقات الجنسية السابقة وسن البدء بها

ينتقل فيروس HPV عن طريق الجماع، ومن هنا تأتي أهمية معرفة العلاقات السابقة وزمن البدء بها.

حيث أن البلوغ المبكر، وتعدد الشركاء الجنسيين أو ممارسة الجنس مع شخص عالي الخطورة للإصابة بالفيروس، تعتبر كلها عوامل تزيد من احتمالية الإصابة.

ج- التدخين

يعتبر التدخين أحد أكثر عوامل الخطورة المرتبطة بالسرطانات شيوعاً، لما يحتويه من مواد كيميائية سامة للخلايا.

د- ضعف الجهاز المناعي

الجهاز المناعي مسؤول عن القضاء على الفيروس الحليمي البشري، كما أنه مسؤول عن ضبط تكاثر ونمو الخلايا، لذلك فإن سلامة الجسم من سلامة الجهاز المناعي.

بالتالي فإن وجود ضعف في الجهاز المناعي يمكن أن يؤدي لإصابة الجسم بالعديد من الأمراض وبينها السرطان.

ه- التعرض لإنتان جرثومة "الكلاميديا"

تعتبر الكلاميديا من الجراثيم المنتقلة عن طريق الجنس، وقد تستعمر الجهاز التكاثري لسنوات دون ظهور أعراض على المريض.

وتشير أحد البحوث إلى دور الكلاميديا المحتمل في الإصابة بالسرطان. (2)

و- تناول حبوب منع الحمل لفترة طويلة

لبعض أنواع حبوب منع الحمل دور في رفع إمكانية الإصابة بسرطان عنق الرحم وخاصةً عند تناولها لفترة طويلة، بدون اشراف واستشارة الطبيب المختص. (3)

ز- الحمل لدى المرأة

يعتبر حصول أكثر من ثلاثة حمول كاملة المدة الحملية (٩ أشهر من الحمل) لدى المرأة، أحد عوامل الخطورة المهمة في حصول سرطان عنق الرحم، بالإضافة إلى ذلك فإن حصول الحمل الأول في عمر مبكر له تأثير أيضاً.

٢- عوامل خطورة لا يمكن التحكم بها

  • التعرض السابق لدواء DES: كان يستخدم هذا الدواء بكثرة في السنوات بين 1938 و1988 لتجنب حدوث الإجهاض إلا أنه تم إيقافه بعد ذلك نظراً لتأكيد دوره الكبير جداً في إحداث بعض السرطانات، كسرطان عنق الرحم، وسرطان الثدي لدى حامل أو لدى مولودتها الأنثى لاحقاً. (4)
  • السوابق العائلية للإصابة بسرطان عنق الرحم: تزداد احتمالية الإصابة بسرطان عنق الرحم في حال وجود إصابات سابقة لدى أم أو أخت أو خالة المريضة.

الكشف المبكر وطرق التشخيص

تم وضع مجموعة من التوصيات والقابلة للتحديث، وذلك فيما يتعلق بالمسح الدوري بحثاً عن أي مؤشرات قد تدل على إمكانية الإصابة بسرطان عنق الرحم، وفق ما يلي: (5)

  • قبل عمر الـ25 سنة: لا ينصح بأي إجراء.
  • بين سن 25 و 50: ينصح بإجراء مسحة روتينية كل ثلاث سنوات
  • بين عمر 50 و60 سنة: يوصى بإجراء المسح الدوري كل خمس سنوات بحثاً عن وجود فيروس "HPV".
  • بعد عمر 60 سنة: لا ينصح بإجراء المسح نظراً لانعدام إمكانية حدوث سرطان عنق الرحم تقريباً بعد هذا العمر.

ومن الفحوصات الممكنة للمسح يوجد أقدم وأهم نوع والذي يدعى لطاخة عنق الرحم "بابانيكولا"، حيث قد تشير نتائج هذه المسحة إلى بعض التغيرات التي قد تدفع الطبيب إلى القيام بمزيد من الفحوصات.

ويوجد أيضاً اختبار الكشف عن الحمض النووي لفيروس "HPV" والذي يعتبر أهم أسباب الإصابة بسرطان عنق الرحم.

وفي حال الشك بوجود السرطان، يتم اجراء الخزعة، حيث يتم من خلالها التأكد من وجود السرطان أم لا.

إذا تم تأكيد الإصابة بالسرطان فيوجد العديد من الفحوصات اللاحقة التي ينبغي إجراءها لتحديد درجة وامتداد الورم و بالتالي تحديد الخطة العلاجية، التي سوف يتم اتباعها.

ومن هذه الفحوص نذكر:

  • اختبارات الدم
  • تصوير الجسم باستخدام الرنين المغناطيسي والتصوير الطبقي المحوري وأيضاً التصوير بالأمواج فوق الصوتية
  • التنظير المهبلي

مراحل سرطان عنق الرحم

عند تأكيد تشخيص الإصابة بسرطان عنق الرحم، ينبغي تقييم مكان توضع الورم وإمكانية وجود نقائل (انتقال الخلايا السرطانية إلى مكان ثاني) منه إلى خارج عنق الرحم.

ويفيد ذلك بتحديد مرحلة السرطان ووضع الخطة العلاجية المناسبة لمرحلة الورم، حيث تنقسم مراحل سرطان عنق الرحم إلى (6):

  • المرحلة الأولى: يتواجد فيها الورم ضمن نسيج عنق الرحم فقط وتصل نسبة الشفاء في حال اكتشاف السرطان في هذه المرحلة إلى حوالي 92%
  • المرحلة الثانية: يصل السرطان في هذه المرحلة إلى الثلثين العلويين من المهبل أو إلى الأجزاء المحيطة بنسيج العنق ضمن منطقة الحوض
    • وتصل نسبة توقع الشفاء في حال اكتشاف السرطان ضمن هذه المرحلة إلى 60 – 80%
  • المرحلة الثالثة: لوضع الورم ضمن هذه المرحلة، فيكفي تحقيق واحد أو أكثر من هذه الشروط:
    • وصول الخلايا السرطانية إلى الثلث السفلي من المهبل
    • وجود خلايا سرطانية في النسج المحيطة بالحوض أو ضمن جدار الحوض
    • وجود عقد لمفاوية تحتوي على خلايا سرطانية ضمن منطقة الحوض أو البطن
    • إصابة إحدى الكليتين أو كلاهما بالفشل الكلوي
    • وتصل نسبة الشفاء في حال البدء في العلاج ضمن هذه المرحلة إلى 50% كحد أقصى
  • المرحلة الرابعة: وهي المرحلة الأخيرة من السرطان، وفيها يصل سرطان عنق الرحم إلى المثانة أو المستقيم أو عندما يتجاوز السرطان منطقة الحوض وينتقل إلى الكبد أو الرئتين أو العظام.
    • لا تتجاوز نسبة الشفاء من السرطان في هذه المرحلة الـ 30%

علاج سرطان عنق الرحم

بعد تحديد مرحلة الورم يتم اختيار الطريقة المثلى لعلاج سرطان عنق الرحم، حيث قد تضم علاجاً جراحياً أو شعاعياً أو كيميائياً.

ويعتبر العلاج الشعاعي هو حجر الأساس في القضاء على سرطان عنق الرحم جنباً إلى جنب مع الإجراء الجراحي.

تقوم معايير وضع خطة العلاج على دراسة عدة جوانب، وهي:

  • مكان توضع الورم
  • حجم الورم
  • امتداد الورم
  • وجود نقائل سرطانية عند تشخيص الحالة
  • الحالة الصحية العامة للمريضة

أما الطرق العلاجية المتبعة بعد تحديد المعايير فهي:

  • تضمن الطرق الجراحية لعلاج سرطان عنق الرحم:
    • استصال جزء من عنق الرحم: ويجرى في حال كان السرطان صغير الحجم والامتداد
    • استئصال عنق الرحم والجزء العلوي من المهبل: وتكون المرأة بعد هذه الجراحة قادرةً على الحمل والإنجاب
    • استئصال عنق الرحم والرحم
    • استئصال عنق الرحم والمهبل والرحم والمبيضين وجميع الملحقات المتعلقة بالجهاز التناسلي، حيث يتم اللجوء إلى هذا الإجراء كحل أخير في حال عودة تفعيل السرطان أو في حال امتداد السرطان الكبير
  • العلاج الشعاعي أو العلاج الكيميائي المترافق مع العلاج الشعاعي
  • العلاج الهدفي: وهو من العلاجات الحديثة، ويستخدم عند فشل العلاجات السابقة أو في حال كان الورم في مراحل متقدمة، حيث يقوم بتصغير حجم السرطان.

في الختام لا بد من التأكيد على ضرورة إجراء الفحوصات الدورية وعدم إهمالها فهي تفيد في كشف الأمراض بشكل عام والسرطان في مراحله المبكرة، ومن ثم تحديد العلاج المناسب، بناءً على توصيات الطبيب المختص.