سكري الحمل: الأعراض والعلاج

المراجعة الطبية - OB/GYN
الكاتب - أخر تحديث 21 فبراير 2024

يتعرض جسم المرأة خلال فترة الحمل للعديد من التغيرات، ويُطلب من الحامل الخضوع لمختلف الفحوصات لكشف أي اضطراب مبكراً وتعد حالة سكري الحمل من الحالات الشائعة بين النساء الحوامل.

فما هي أسباب حدوث هذه الحالة؟ وما تأثيرها على الأم والجنين؟

ما هو سكري الحمل؟

السكري الحملي أو ما يعرف بسكري الحمل "Gestational Diabetes" هو أحد أنواع داء السكري، حيث يحدث فرط في مستوى السكر في الدم وتتطور هذه الحالة أثناء فترة الحمل وتختفي عادةً بعد الولادة.

وبالرغم من أن هذه الحالة يمكن أن تحدث في أي مرحلة من مراحل الحمل، إلا أن سكري الحمل أكثر شيوعاً في الثلث الثاني أو الثالث من الحمل، ما بين الأسبوعين 24 و 28.

وتقدر نسبة شيوع الإصابة بالسكري الحملي ما بين 14% في الدول المتقدمة، وحتى 28% في دول الشرق الأوسط (1)

أعراض وعلامات سكري الحمل

لا يسبب السكري الحملي عادةً أي أعراض بل يتم اكتشافه عند اختبار مستويات السكر في الدم.

لكن قد تظهر أعراض على بعض النساء اللواتي لديهن مستويات مرتفعة للغاية من السكر في الدم، وتشمل هذه الأعراض:

  • زيادة العطش والحاجة إلى التبول أكثر من المعتاد خاصة في الليل
  • الشعور بالعطش وجفاف الفم
  • الشعور بالتعب أكثر من المعتاد
  • فقدان الوزن دون اتباع حمية غذائية معينة تهدف إلى إنقاص الوزن
  • زيادة التعرض للعدوى الجرثومية بسبب تأثير فرط سكر الدم على المناعة، وخاصة الالتهابات التناسلية
  • تشوش البصر

ويجب التنويه إلى أن بعض هذه الأعراض شائعة أثناء الحمل وليست بالضرورة علامةً على الإصابة بسكري الحمل، لذلك يعتبر قياس سكر الدم الدوري خلال فترة الحمل من الاختبارات الضرورية لكشف أي تغير في مستويات السكر في الدم.

أسباب حالة السكري الحملي

تفرز غدة البنكرياس هرمون "إنسولين" الذي يعمل على إدخال سكر الدم إلى داخل خلايا الجسم لاستعماله أو تخزينه كمصدر للطاقة.

وتحدث هذه الحالة عندما لا يستطيع الجسم إنتاج ما يكفي من "إنسولين" لتلبية الاحتياجات الإضافية من الطاقة أثناء الحمل، ويكون ذلك بتأثير عدة عوامل هي:

١- زيادة الوزن:

يمر جسم الأم الحامل بتغيرات عديدة قد يكون أكثر ما يلاحظ من هذه التغيرات هو زيادة الوزن.

تؤدي هذه الزيادة لجعل الخلايا أقل فعاليةً في الاستجابة للإنسولين، ضمن حالة تسمى مقاومة الجسم للإنسولين، ويفرز الجسم "إنسولين" دون أن يستفيد منه بشكل جيد في إدخال سكر الدم للخلايا، وبالنتيجة يبقى سكر الدم مرتفعاً، وتعجز الخلايا عن استخدامه كمصدر للطاقة.

٢- هرمونات المشيمة:

تفرز المشيمة التي تعد صلة الوصل الغذائية بين الأم والجنين هرمونات إضافية يؤثر بعضها في عمل "إنسولين" لتكون عاملاً مشتركاً مع زيادة الوزن في إحداث المقاومة على "إنسولين" ومن ثم ارتفاع سكر الدم (2)

٣- عوامل وراثية:

تمت ملاحظة انتشار الإصابة بالسكري الحملي في عائلات دون غيرها، الأمر الذي يفترض بقوة وجود عوامل محمولة على المورثات تنتقل بين أفراد هذه العائلات. (3)

عوامل خطورة الإصابة بالسكري الحملي

يمكن أن تصاب أي امرأة بهذه الحالة، ولكن هناك بعض النساء في خطر متزايد وخاصةً:

  • صاحبات الوزن الزائد واللواتي لا يمارسن أي نشاط بدني
  • النساء أكبر من 35 عاماً
  • النساء اللواتي سبق أن ولدن طفلاً بوزن 4.5 كغ أو أكثر عند الولادة
  • النساء اللواتي سبق وتم تشخيصهن بسكري الحمل سابقاً
  • سوابق إصابة عائلية لأحد والدي أو أشقاء المريضة بالداء السكري العادي
  • إذا كانت المرأة تعاني من ارتفاع ضغط الدم أو أي من أمراض القلب والأوعية الأخرى
  • النساء اللواتي يعانين من متلازمة المبيض متعدد الكيسات، حيث تتداخل هذه الحالة مع حالة زيادة المقاومة على "الإنسولين".

مضاعفات السكري الحملي

تتمتع معظم النساء المصابات بالسكري الحملي بحمل طبيعي عادةً وتتم ولادة أطفال أصحاء في نهاية فترة الحمل، ومع ذلك يمكن أن يسبب السكري الحملي في حالات أخرى عدة مشاكل لكل من الطفل والأم.

١- أثناء الحمل

يمكن أن تسبب الإصابة بسكري الحمل بعض المضاعفات للطفل قبل ولادته (4) وتشمل هذه المضاعفات:

  • التهابات بولية وتناسلية متكررة
  • كبر حجم الجنين وزيادة السائل الأمنيوسي (السائل الذي يحيط بالجنين) مما قد يؤدي إلى ولادة مبكرة أي خلال الشهر السابع من الحمل أو قبل الأسبوع السابع والثلاثين
  • نمو الجنين بوزن أكبر من المعتاد داخل الرحم مما قد يؤدي إلى صعوبات أثناء الولادة ويزيد من احتمالية الحاجة إلى عوامل للمساعدة على الولادة مثل الولادة بالجفت الطبي "الشفاط" وما يتبعها من نزيف رحمي وتمزق بالجهاز التناسلي
  • ارتفاع نسبة الولادة القيصرية وخصوصاً الطارئة منها، وما يصحبها من حالات نزيف ونقل دم

٢- بعد الولادة

يؤثر السكري الحملي على الطفل بعد ولادته بزيادة خطر إصابته بما يلي:

  • انخفاض نسبة السكر في الدم أو إصابته باصفرار الجلد والعينين "اليرقان" بعد ولادته.
  • الإصابة بمرض السكري من النمط الثاني، والإصابة بالسمنة في وقت لاحق من الحياة.

٣- لدى الأم

بالنسبة للمضاعفات المحتمل حصولها لدى الأم، فتشمل:

  • ارتفاع نسبة حدوث التهاب بجرح بعد الولادة
  • بعد الولادة قد يستمر اضطراب السكر ويتحول لمرض السكري من النمط الثاني
  • اكتئاب ما حول الولادة ويحدث أثناء الحمل أو في السنة الأولى بعد ولادة الطفل. وقد تشمل الأعراض عدم الرغبة في فعل أي شيء أو رؤية أي شخص والشعور بالإحباط بالإضافة لاضطرابات بالنوم.
  • زيادة خطر الإصابة بحالة خاصة من ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل تدعى "ما قبل الإرجاج"، وهي حالة إسعافية مهددة للحياة تسبب ارتفاع شديد في الضغط الشرياني للأم الحامل.

تشخيص الإصابة

تخضع معظم الحوامل لاختبار مستويات سكر الدم أثناء الحمل في الأسبوع 24 إلى 28 من الحمل، ويتم استخدام اختبارات الدم لتشخيص هذه الحالة ويعد الاختبار الأكثر شهرة هو:

اختبار تحمل سكر الدم الفموي "OGTT"

يقيس "OGTT" نسبة السكر في الدم بعد الصيام لمدة 8 ساعات على الأقل، حيث يتم تنبيه الأم بعدم تغيير نمط غذائها قبل إجراء الفحص.

  • أولاً سحب الدم لا يجب أن تزيد نسبة السكر عند الحامل عن 94
  • ثم تشرب الحامل السائل الذي يحتوي على سكر "غلوكوز" وتقاس نسبة السكر بعد ساعة ولا يجب أن تتجاوز 180
  • يتم إعادة الفحص بعد ساعتين إلى ثلاث ساعات ولا يجب أن تزيد عن 140

تعتبر أي قراءة مرتفعة من الفحوص السابقة هي حالة سكري حمل.

علاج السكري الحملي

العلاج الأول المعتمد للنساء المصابات بهذه الحالة يكون بتعديل النظام الغذائي مع طبيب التغذية المختص.

كما وينصح بممارسة التمارين الرياضية كالمشي السريع الذي يساعد في خفض نسبة السكر في الدم وزيادة حساسية الجسم لهرمون الإنسولين، ويجدر الإشارة هنا إلى أن ممارسة التمارين الرياضية وحدها دون تعديل النظام الغذائي لا يفيد.

وإذا لم تخفض هذه التغييرات من مستويات السكر في الدم بشكل كاف فستحتاج الحامل إلى العلاج بالأدوية الفموية الخافضة لسكر الدم أو حقن "أنسولين"، ويمكن عادةً التوقف عن تناول هذه الأدوية بعد الولادة.

الوقاية من الإصابة

 يمكن في بعض الحالات الوقاية من الإصابة بحالة سكري الحمل، وذلك من خلال بعض النصائح:

  • فقدان الوزن الزائد قبل التفكير في الحمل
  • زيادة النشاط البدني فذلك يحسن من حساسية الجسم للإنسولين وبالتالي المساعدة في الحفاظ عى مستويات منخفضة من سكر في الدم.

يجب الانتباه إلى أنه عند تشخيص الحمل يجب عدم محاولة إنقاص الوزن، حيث يكون هنالك حاجة لكسب بعض الوزن ليولد الطفل بصحة جيدة.

في الوقت نفسه يجب عدم إهمال النظام الغذائي الصحي والسليم حيث يؤدي اكتساب الكثير من الوزن بسرعة كبيرة لزيادة خطر الإصابة بسكري الحمل.

إن تشخيص أي اضطراب خلال الحمل يعتبر أمراً مرهقاً جسدياً ونفسياً للأم، خاصةً إذا كان اضطراباً طويل الأمد كالسكري الحملي، لأن ذلك يعني إجراء تغييرات عديدة في نمط حياة الأم، ومن المهم فهم وإدراك أن هذه التغيرات هي ضمان للحفاظ على صحة الأم والطفل.