سوء الامتصاص: الأعراض والعلاج

الكاتب - أخر تحديث 5 سبتمبر 2023

يعتبر سوء الامتصاص "Malabsorption" أحد الحالات الصحية التي تصيب العديد من الأشخاص وتؤثر على جودة حياتهم، فهو يعني أن الجسم لا يستطيع امتصاص المواد الغذائية بشكل كامل من الطعام والشراب، مما يؤدي إلى نقص العناصر الغذائية الضرورية لصحة الجسم.

ما هو سوء الامتصاص؟

يمكن وصف سوء الامتصاص "Malabsorption" بأنه اضطراب في هضم أو امتصاص العناصر الغذائية من الطعام المهضوم في أي مكان في السبيل الهضمي، يمكن لذلك أن يؤثر على النمو والتطور لدى الصغار أو يؤدي لحدوث أمراض متعلقة بنقص العناصر الغذائية لدى الكبار، ويمكن أن يكون مقتصراً على عنصر معين دون غيره أو يشمل أكثر من عنصر غذائي في آن واحد.

وتتضمن هذه العناصر الغذائية السكريات والشحوم والبروتينات والفيتامينات والمعادن والشوارد.

تبدأ عملية الهضم من مضغ الطعام في الفم بتأثير اللعاب ومحتوياته، لتكون المحطة التالية في المعدة حيث يتكسر الطعام إلى مكونات أصغر بتأثير الحموض المعدية كما يتم امتصاص بعض العناصر الغذائية فيها، أما في الأمعاء الدقيقة فيتم امتصاص أغلب العناصر والمكونات الأولية للأغذية.

وإن حدوث أي خطأ أو اضطراب في أي مكان من السبيل الهضمي سوف ينتج عنه أمراض وتظاهرات مختلفة تتعلق بموقع الاضطراب ولها علاقة بسوء الامتصاص.

أعراض سوء الامتصاص

إن الأعراض التي قد يعاني منها المريض الذي يعاني من سوء الامتصاص كثيرة ومتنوعة، وتتضمن:

  • الإسهال: يعتبر العرض الأكثر شيوعاً ويكون مائي القوام، كما أن البقايا غير المهضومة سوف تُنتج مواداً بتأثير الفلورا المعوية تؤدي إلى زيادة الإسهال.
  • الإسهال الدهني: ينتج عن سوء امتصاص المواد الدسمة أو الدهنية، ويعد خروج البراز شاحب اللون بكميات كبيرة مع خروج غازات كريهة هي العلامات الأساسية المميزة لهذا النوع من الاسهال.
  • نقص الوزن والإعياء: يعتبر من الأعراض الشائعة أيضاً، إلا أنه قد لا يكون واضحاً في بعض الأحيان بسبب تناول المريض للأطعمة عالية السعرات الحرارية وغير المتأثرة بحالة سوء الامتصاص.
  • النفخة وتطبل البطن: يؤدي تحلل المواد الطعامية غير المهضومة أو الممتصة إلى إطلاق غازات مثل الهيدروجين والميثان، ويترافق ذلك مع تشنجات بطنية مزعجة.
  • الوذمات: قد تحدث وذمات معممة وتجمع كبير للسوائل تحت الجلد، ينتج ذلك عن نقص امتصاص البروتينات أو عن خسارة البروتين عبر الطريق الهضمي.
  • فقر الدم: يحدث فقر الدم بسبب نقص العناصر التي تدخل في تشكيل الخلايا الدموية، على سبيل المثال الحديد أو فيتامين B12 أو فيتامين B9.
  • الاضطرابات النزفية: إن نقص امتصاص فيتامين K هو السبب في حدوث هذه الاضطرابات النزفية، حيث لهذا الفيتامين دوراً رئيسياً في تصنيع عوامل التخثر.
  • اضطراب تكوين وتشكيل العظام: يرتبط هذا الاضطراب بنقص امتصاص فيتامين D، المسؤول عن تشكيل وتكوين العظام، بالتالي يؤدي إلى آلام عظمية وأيضاً زيادة احتمال الإصابة بالكسور المتكررة، وقد يتأثر امتصاص الكالسيوم أيضاً والذي يدخل في تشكيل العظام أيضاً.
  • بعض الاضطرابات العصبية: يؤدي الخلل الحاصل في امتصاص الشوارد كالصوديوم والمغنيزيوم والبوتاسيوم إلى مشاكل على مستوى الدماغ.
    • ويؤثر سوء امتصاص الفيتامينات مثل فيتامين B5 وB12 وB1 وD وA على الحالة العصبية أيضاً.

أسباب وعوامل خطورة سوء الامتصاص

هنالك العديد من الأسباب والأمراض التي تؤدي إلى حالة سوء الامتصاص، نذكر منها:

  • التليف الكيسي "Cystic Fibrosis"، وهو السبب الأول لسوء الامتصاص في الولايات المتحدة
  • التهاب البنكرياس المزمن
  • عدم تحمل سكر اللاكتوز (حساسية اللاكتوز)
  • الداء البطني (الداء الزلاقي)
  • مرض ويبل "Whipple disease"
  • متلازمة "Shwachman-Diamond" والتي تؤثر على البنكرياس ونقي العظم
  • عدم تحمل بروتين حليب البقر
  • عدم تحمل حليب الصويا
  • الانسداد الصفراوي الخلقي "Biliary Atresia"
  • الأمراض الشحمية الوراثية
  • الأمراض المعَدية التي تعيق امتصاص فيتامين B12 كما في فقر الدم الخبيث.
  • الإصابة بالطفيليات على سبيل المثال الجيارديا والديدان المعوية
  • الجراحات التي تتضمن استئصال أجزاء من الطريق الهضمي
  • مرض الإيدز
  • أمراض الكبد المزمنة كتشمّع الكبد
  • الركودة وعدم إفراز المادة الصفراوية من المرارة، حيث تتأثر المواد المنحلة في الشحوم بشكل أساسي، مثل فيتامين د وفيتامين K
  • الأذيات الناتجة عن العلاج الشعاعي
  • أي سبب يؤدي لزيادة نمو الجراثيم المعوية سيؤدي إلى حالة من سوء الامتصاص
  • بعض الأدوية مثل تتراسكلين وبعض مضادات الحموضة المستعمل في الارتجاع الحمضي المعدي المريئي، بالإضافة أيضا للأدوية المستخدمة في بعض حالة السمنة، وبعض أدوية الصرع مثل "Phenytoin".

المضاعفات

ترتبط المضاعفات الناتجة عن حالة سوء الامتصاص بالسبب الكامن وراء الإصابة، وتتضمن:

  • الإنهاك أو الضعف العام وقد يصاب الأطفال بتأخر النمو.
  • قد تؤهب بعض أسباب سوء الامتصاص غير المعالجة كما في الداء البطني إلى الإصابة بالسرطانات مثل اللمفوما والسرطانة الغدية
  • يعد الخصوبة من الاختلاطات الشائعة أيضاً
  • فقر الدم
  • ترقق العظام والكساح

التشخيص

هنالك مجموعة من المراحل التي يمر عبرها تشخيص حالة سوء الامتصاص وهي كالتالي:

١- القصة المرضية

حيث يستمع الطبيب لشكوى المريض ويستفسر عن حالته، وقد تتضمن الأسئلة الموجهة ما يلي:

  • زمن بدء الأعراض وشدتها
  • وجود أي أمراض مزمنة لدى المريض
  • الأدوية التي يتناولها المريض
  • وجود حالات مشابهة لدى أفراد العائلة
  • وجود أي أمراض هضمية سابقة
  • العمليات الجراحية التي خضع بها المريض سابقاً

٢- الفحص السريري

يجري الطبيب الفحص السريري، ويركز خلال الفحص على وجود أي نفخة في البطن بالإضافة إلى الانتباه إلى وجود وذمات في أماكن مختلفة تحت الجلد والتي تشير لتجمع السوائل.

٣- الفحوص الإضافية

هنالك مجموعة من الفحوص المخبرية التي يجب على المريض اجراءها للتأكد من التشخيص وتحديد السبب الذى أدى لظهور الحالة المرضية و بالتالي تحديد آلية العلاج.

أ- التحاليل المخبرية:

وتشمل الاختبارات الأولية المخبرية التي غالباً ما يطلبها الطبيب ما يلي:

  • تعداد الدم الكامل CBC: يمكن بواسطته كشف حالات الالتهاب الموجودة أو تشخيص فقر الدم
  • اختبارات وظائف الكبد والكليتين
  • اختبارا ESR وCRP: ترتفع قيمتهما بشكل ملحوظ خلال الالتهاب
  • زرع البراز: للبحث عن الجراثيم والطفيليات المرضية المسببة للإسهال
  • فحص الكيسات والبيوض الطفيلية في البراز
  • اختبارات الدرق مثل TSH وذلك لنفي حالة الإسهال ونقص الوزن المرتبطة باضطرابات الغدة الدرقية

وبناءً على نتائج الاختبارات الأولية يحدد الطبيب المزيد من الاختبارات المخبرية التي قد تشمل:

  • فحص الكالبوبروتكتين البرازي "Faecal Calprotectin": يساهم في التفريق بين متلازمة الأمعاء الهيوجة "IBS" وأمراض القولون الالتهابية "IBD".
  • قياس مستويات الفيتامينات مثل فيتامين د و فيتامين A وفيتامين B12
  • الفحوصات الموجهة نحو تشخيص الداء الكيسي الليفي أو الداء البطني
  • فحص زمن البروترومبين PT حيث نجده متطاولاً في حالات سوء امتصاص فيتامين K
  • أخذ عينة من الأمعاء ودراستها تحت المجهر الضوئي
ب- الفحوص التصويرية:

قد يحتاج الطبيب في بعض الأحيان لاجراء فحوص تصويرية مثل:

  • تصوير البطن بالأمواج فوق الصوتية "Abdominal Ultrasound Scan"
  • التصوير الطبقي المحوسب "CT scan"
  • التنظير الهضمي "Endoscopy"
  • التصوير الراجع للبنكرياس والأقنية الصفراوية بالتنظير "ERCP"

علاج سوء الامتصاص

يقوم العلاج على تصحيح النقص الحاصل وعلاج الأعراض ومن ثم علاج السبب المؤدي لحالة سوء الامتصاص.

حيث يتم علاج الأعراض التالية:

  • حيث ينصح بتزويد المريض بحمية عالية الحريرات، والتي تتضمن:
    • الفيتامين والمعادن الرئيسية مثل: الحديد وحمض الفوليك (فيتامين B9) وفيتامين B12
    • كميات كافية من الكربوهيدرات والبروتين والشحوم
    • قد يتم إعطاء هذه الفيتامينات والمعادن بالإضافة إلى عوامل النمو (بالنسبة للأطفال) عن طريق الحقن إن لزم الأمر.
  • في حالة سوء الامتصاص الناتجة عن أذية البنكرياس، يكون من الضروري تعويض الأنزيمات البنكرياسية الضرورية للهضم.
  • كما تفيد الأدوية المضادة للإسهال والمبطئة لحركة الأمعاء في إبقاء الطعام لوقت أطول، مما قد يساعد في هضمه وامتصاص أكبر قدر من المغذيات منه.
  • أما في حال كان الجسم غير قادر على امتصاص المواد الغذائية الضرورية، قد يلجأ الطبيب إلى إعطاء المريض تغذيةً وريديةً كاملةً TPN، ويتم ذلك في المشفى ويعد علاج اسعافي للحالة المتقدمة من سوء الامتصاص إلى أن يتم تشخيص السبب الرئيسي المسبب لمرض وعلاجه.