عيوب الرئة الخلقية: الأعراض والعلاج

الكاتب - 20 فبراير 2023

هنالك مجموعة من التشوهات الخلقية التي قد يتعرض لها الجنين خلال تشكله في الرحم، ويمكن أن تطال هذه التشوهات أعضاء مهمة تؤثر على عمل الجسم ومنها نذكر عيوب الرئة الخلقية.

فما هي أنواع عيوب الرئة الخلقية وكيف يتم علاجها؟

ما هي عيوب الرئة الخلقية؟

عيوب الرئة الخلقية "Congenital lung malformations" هو مصطلح واسع يضم عدة تشوهات تطال الرئتين والقصبات التنفسية والفروع الخارجة منها، أي القسم السفلي من الجهاز التنفسي. وتحدث خلال فترة تكوّن الجنين.

أي للتوضيح يولد الجنين وهو مصاب بهذه العيوب التنفسية، ولذلك يطلق عليها اسم خلقية.

تمثل عيوب الرئة الخِلقية 5-18% من التشوهات الخلقية بالمجمل، ويبلغ معدل الإصابة حوالي 30-42 حالة لكل 100000 فرد، بالتالي يمكن أن نعدها من الاضطرابات النادرة.

وسنذكر من هذه العيوب:

  • تشوه مجرى الهواء الرئوي الخلقي "CPAM"
  • التشظّي الرئوي الفصي "Bronchopulmonary Sequestrations"
  • النفاخ الرئوي الخِلقي "Congenital Lobar Emphysema"
  • الكيسات قصبية المنشأ "Bronchogenic Cysts"

تختلف الفترة التي قد تكتشف فيها التشوهات من حالة إلى أخرى، فمن الممكن أن تظهر عند البعض أعراض تنفسية عند الولادة كما قد يبقى أخرين دون أعراض لفترة طويلة.

ورغم ندرتها، إلا أنها تشكل سبباً مهماً لوفيات الرُضَّع والأطفال، كما إن التأخر في التشخيص ومنه العلاج سيزيد من أرقام الوفيات.

ويساهم الاستخدام الروتيني للأمواج فوق الصوتية قبل الولادة عند المتابعة الدورية للطبيب في التشخيص المبكر لمثل هذه الحالات.

حسب إحدى الدراسات الإحصائية التي شملت مرضى النفاخ الرئوي الخلقي، كان العمر الوسطي للتشخيص حوالي 12.4 شهر (المدى من 0-120 شهر)، وشخصت ثلاث حالات فقط قبل الولادة. (1)

أنواع عيوب الرئة الخلقية

يوجد عدة أنواع لعيوب الرئة الخلقية، ومن أهمها:

  • تشوه مجرى الهواء الرئوي الخلقي (CPAM): المعروف سابقًا باسم التشوه الورمي الغدي الكيسي الخِلقي (CCAM)، وهو شذوذ تطوري نادر في الجهاز التنفسي السفلي، إلا أنه أكثر أنماط عيوب الرئة الخلقية شيوعاً.
    • يعرف على أنه كتلة حميدة (غير ورمية) في الرئة، والتي تتوضع عادةً فص واحد منها، وتظهر في الرئتين بشكلٍ متناظر.
  • التشظّي الرئوي الفصي (Bronchopulmonary Sequestrations): هو وجود نسيج رئوي غير فعال، بحيث يكون غير متصل بالشجرة القصبية، إلا أن هذا النسيج يلقى الإمداد الدموي بشكل طبيعي.
  • النفاخ الرئوي الخِلقي (Congenital Lobar Emphysema): يحدث تمدد مفرط للأسناخ الرئوية مما يؤدي لحدوث نفاخ (تضخم) لواحد أو أكثر من الفصوص الرئوية، مما يجعلها غير فعالة و يسبب ضغطاً على الفصوص المجاورة.
  • الكيسات قصبيّة المنشأ (Bronchogenic Cysts): هي عبارة عن كيسات من النسيج المعوي تظهر في المنصف خلال المراحل الباكرة، من ثم تصبح في الرئة.
    • غياب الرئة (Agenesis of the Lung): يعد من العيوب نادرة الحدوث، حيث يكون هناك اضطراب في تشكل برعم الرئة البدئي.
      ونتيجةً لذلك يحدث غياب تام للرئة والقصبات الهوائية بالإضافة للشريان الرئوي الرئيسي وأيضاً تشوهات في القلب.
  • رتق القصبات (Bronchial Atresia): وهو اضطراب نادر أيضاً، يتمثل بحدوث رتق (انسداد) خِلقي بأحد فروع القصبات الهوائية.

أعراض عيوب الرئة الخلقية

هناك اختلاف واسع في شدة ونوع الأعراض المشاهدة في عيوب الرئة الخلقية، التي تختلف من طفل لآخر بناءً على نوع العيب الحاصل وشدته، كما أن لموقع الإصابة دور أيضاً في الأعراض المشاهدة.

وتتضمن أشهر الأعراض المشاهدة بعد الولادة في مراحل لاحقة:

  • تعب عام
  • سعال والذي قد يكون مدمّى (قشع مدمّى)
  • سماع صوت وزيز (wheezing) وهو صوت يشبه الصفير يحدث أثناء التنفس
  • ضيق في التنفس (زلة تنفسية)
  • زرقة (يصبح الجلد مزرَق)
  • ألم في الصدر، خلال التنفس
  • اضطرابات في الطعام واكتساب الوزن
  • تعجر (تبقرط) الأصابع

أسباب عيوب الرئة الخلقية

إن عملية تكوّن الرئة تتم من خلال سلسلة معقَّدة ودقيقة من الخطوات في فترة تشكّل الجنين وإن أي خلل في هذه العملية سيؤول حتماً لحدوث ما يعرف بعيوب الرئة الخلقية.

حيث تتشكل الرئة من شجرة قصبية تبدأ بالقصبات رئيسية التي  تحمل الهواء من الرغامى، ثم بعدها القصبات الثانوية، وتليها القصبيات وصولاً للقصيبات الانتهائية، التي تنتهي بحويصلات هوائية تعرف بالأسناخ الرئوية.

لا يوجد أي دليل واضح إلى الآن يثبت أن هذه الإصابات تنتقل بشكل وراثي، ومعظم الآراء تتفق أنها طفرات تحدث بالصدفة خلال تكون الجنين، فقد حددت الأبحاث بعض الجينات التي قد تكون متورطة في ظهور هذه العيوب. (2)

كما قد يكون للعوامل البيئية دوراً في حدوث عيوب الرئة الخلقية، حيث أن بعض الإصابات الإنتانية خلال الحمل ووتناول بعض الأدوية والتعرض للمواد الكيماوية بالإضافة للاصابة بالأمراض المزمنة، تحمل خطر ظهور تشوهات خلقية متعددة ومنها الرئوية.

المضاعفات

إن المضاعفات المترتبة على عيوب الرئة الخلقية تكمن في وجود خلل في عملية التنفس، والتي تكون خطرة على حياة الطفل، وتشمل بعض المضاعفات:

١- متلازمة الضائقة التنفسية لدى الرضع (NRDS)

تحدث نتيجة وجود حالات متقدمة من أنواع عيوب الرئة الخلقية، وتتمثل بظهور الأعراض التالية:

  • ظهور زرقة في الشفتين والأصابع
  • يصبح التنفس سريع وسطحي
  • يسمع صوت شخير عند التنفس
٢- استسقاء الجنين (Hydrops fetalis)

وهي حالة خطيرة يحدث فيها تراكم للسوائل في أعضاء الجسم المختلفة، وقد يتطور قصور كلوي حاد يؤدي لوفاة الطفل.

٣- إنتانات رئوية متكررة

يعاني الطفل المصاب بأحد أنواع عيوب الرئة الخلقية من حدوث العدوي بشكل متكرر.

٤- تدمي الصدر

يحدث تجمع للهواء في المسافة الجانبية، بحيث يضغط على النسيج الرئوي الموجود.

٥- استرواح الصدر

يحدث تجمع للهواء في المسافة الجانبية، بحيث يضغط على النسيج الرئوي الموجود.

٦- قصور القلب

إن وجود مشاكل في عمل الرئتين، من الممكن أن يؤثر على عضلة القلب، ويحدث فشل في عمله.

التشخيص

للتشخيص المبكر لحالة عيوب الرئة الخلقية مهم جداً وذلك لتجنب المضاعفات، والبدء بتدارك الحالة والعلاج، ولذلك تعتبر الاجراءات التشخيصية وخاصة قبل الولادة ذات أهمية كبيرة.

١- التشخيص قبل الولادة

تخضع النساء الحوامل بشكل اعتيادي لمجموعة من الاختبارات التصورية لكشف أي شذوذ محتمل عند الجنين، وتتضمن هذه الفحوص:

  • التصوير بالأمواج فوق الصوتية
  • التصوير بالرنين المغناطيسي للجنين "Fetal MRI"
  • تخطيط صدى القلب للجنين "Fetal echocardiography"
  • قد يلجأ الأطباء لمقياس يسمى "CVR" لكشف أي خطر محتمل لحدوث استسقاء لدى الجنين، كما ويعتمد هذا المقياس على نسبة حجم الجنين إلى محيط الرأس.

٢- التشخيص بعد الولادة

بعد الولادة يخضع جميع الأطفال المشتبه إصابتهم بعيوب الرئة الخلقية، إلى فحوص تصويرية إضافية، مثل:

  • تصوير الصدر بالأشعة السينية (CXR)
  • التصوير المقطعي المحوسب (CT)

علاج عيوب الرئة الخلقية

إن العلاج المتَّبع لعيوب الرئة الخلقية يختلف فيما إذا كان تم تشخيص الحالة قبل الولادة أو بعدها، وذلك على الشكل التالي:

١- العلاج قبل الولادة

إن أول خطوة بعد تشخيص عيوب الرئة الخلقية قبل الولادة، هي تكثيف المراقبة لملاحظة أي تطورات تخص الجنين، وفي حال تطور الحالة لتشكل خطر على حياة الطفل، يلجأ الطبيب المختص لأحد الحلول التالية:

  • الستيرويدات: العلاج بالستيرويدات لإبطاء أو إيقاف نمو الآفة الموجودة، بالإضافة لدوره المساعد في تسريع نمو الرئتين في الفترة بين 25 و 33 أسبوعاً حملياً.
  • بزل الصدر: يقوم الطبيب بهذا الإجراء في حال كان هناك أكياس كبيرة مملوءة بالسوائل مؤثرة على الرئتين.
    • يتم من خلال إدخال إبرة عبر رحم الأم الحامل وصولاً للكيس وسحب السوائل منه.
  • جراحة الجنين المفتوحة: يلجأ الطبيب لهذا الخيار في حال كان هناك خطر كبير لتطور استسقاء لدى الجنين، وكانت صحة الأم مستقرة.
  • الولادة: تبقى الولادة المبكرة خياراً نهائياً في حال طورت الأم ما يعرف بمتلازمة المرآة.
    • متلازمة المرآة هي حالة مهددة لحياة الأم، تحدث نتيجة إصابة الجنين بالاستسقاء، وتظهر للأم نفس المضاعفات التي تتمثل بالوذمات (الانتفاخات) بالإضافة لارتفاع ضغط الدم.

٢- العلاج بعد الولادة

إن الأطفال المولودين بمشاكل واضحة في التنفس، يلزمهم عناية خاصة من قِبل الفريق الطبي والطبيب المختص.

حيث يعتمد الخيار العلاجي المتَّبع على شدة الحالة أيضاً ونوع وتطور عيوب الرئة الخلقية، على الشكل التالي:

  • جهاز التنفس الاصطناعي (Ventilator): إن الخيار الأول أمام أطباء الأطفال في حال كان هناك ضيق تنفس واضح، هو وضع الطفل المُصاب على التهوية الصنعية.
  • الجراحة: يلجأ الأطباء للجراحة الفورية في حال كان العيب الرئوي الخِلقي كبير الحجم ومؤثر بشكل كبير على التنفس.
  • إجراء الخروج (The EXIT Procedure): هو إجراء يُتبع للأجنة المعرضين للخطورة عالية، حيث يقوم الطبيب بإجراء شق مشابه لشق عملية القيصرية، مع تخدير الأم الحامل تخديراً عاماً.
    • بعدها يخرج الجنين وهو لايزال ملتصق بمشيمة الرحم، ويتم استئصال الآفة الرئوية المُسببة، مع بقاء الطفل مستفيد من أكسجين الأم.

في حال كانت الآفة الرئوية غير مسببة لأعراض أو مضاعفات شديدة، يمكن إرسال الطفل للمنزل مع التوصية على مراجعة طبيب الأطفال لتحديد موعد من أجل العمل الجراحي.