فرط نشاط الغدة الدرقية

تعتبر الغدة الدرقية واحدة من الغدد الأكثر تأثيراً في جسم الإنسان، فالهرمونات التي تطلقها لها دوراً هاماً في العديد من الوظائف الحيوية في الجسم، وحين يحدث اضطراب في الغدة تختل مستويات هرموناتها ويؤدي ذلك لحدوث تأثيرات سلبية على الجسم.

نتكلم في هذا المقال عن أحد الإضطرابات التي تصيب الغدة وهي حالة فرط نشاط الدرقية وأسبابها وطرق العلاج المتبعة.

ما هو فرط نشاط الغدة الدرقية

تطلق الغدة الدرقية مجموعة من الهرمونات والتي تؤثر في العديد من الوظائف الأساسية في الجسم كمعدل ضربات القلب وعملية الاستقلاب والخصوبة.

ويعد من المهم بقاء هذه الهرمونات ضمن المستويات الطبيعية لاستمرار عمل وظائف الجسم بشكل متوازن.

في حالة مثل فرط الدرقية (فرط نشاط الدرقية) تتأثر الغدة وتطلق مستويات عالية من هرموناتها، ويؤدي ذلك لمجموعة متنوعة من الأعراض والمضاعفات في الجسم في حال لم يتم علاجها.

أعراض فرط الدرقية

هناك الكثير من الأعراض التي يُحتمل ظهورها عند الإصابة بفرط نشاط الدرقية، ولكنها قد لا تظهر جميعها لدى المصاب.

الجدير بالذكر أنّ هذه الأعراض قد تظهر بشكل تدريجي أو مفاجئ، وقد تكون خفيفة أو شديدة.

يمكن أن تشمل الأعراض:

فرط النشاط: قد يجد المصاب صعوبةً في البقاء ساكناً
العصبية والقلق
تقلب المزاج
صعوبة النوم
الشعور بالتعب طوال الوقت
عدم تحمل الحرارة
ضعف العضلات
الإسهال
الحاجة إلى التبول باستمرار
العطش المستمر
شعور الحكة في الجسم
فقدان الرغبة الجنسية

كما يمكن أن يسبب فرط الدرقية أيضًا العلامات الجسدية التالية:

تورم في العنق ناتج عن تضخم الغدة الدرقية (الدرَاق)
عدم انتظام في معدل ضربات القلب، أو تسرع في النبض بشكل غير معتاد (الخفقان)
الوخز أو الارتعاش
الجلد الدافئ والتعرق المفرط
احمرار راحتي اليدين
الطفح الجلدي المرتفع والحاك
تساقط الشعر
فقدان الوزن: ويحدث على الرغم من زيادة الشهية
مشاكل في العينين، مثل الاحمرار أو الجفاف أو الجحوظ أو مشاكل في الرؤية بشكل عام

أسباب فرط نشاط الغدة الدرقية

لفرط نشاط الغدة الدرقية عدة أسباب، وتشمل:

داء غريف: وهو اضطراب في المناعة الذاتية يهاجم فيه الجهاز المناعي عن طريق الخطأ الغدة الدرقية ما يؤدي إلى إفراز كمية زائدة من الهرمونات.
ويعد السبب الأكثر شيوعًا لفرط الدرقية.
عقيدات الغدة الدرقية: وهي أورام في الغدة الدرقية، عادةً تكون حميدة (غير سرطانية) ولكنها قد تصبح مفرطة النشاط وتنتج الكثير من الهرمونات.
وهي أكثر شيوعًا عند كبار السن.
التهاب الغدة الدرقية: يتسبب في تسرب الهرمونات المخزنة من الغدة الدرقية.
الوارد الكبير من اليود: يوجد اليود في بعض الأدوية كشراب السعال والأعشاب البحرية وبعض المكملات الغذائية.
يمكن أن يؤدي تناول الكثير منه إلى زيادة إفراز الغدة الدرقية لهرموناتها.
تناول الكثير من أدوية الغدة الدرقية: يحدث ذلك عند المصابين بقصور الغدة الدرقية والذين يتناولون كمية زائدة من الهرمون الصنعي للعلاج.
الورم غير السرطاني في الغدة النخامية: في بعض الحالات النادرة، يمكن أن يتسبب الورم غير السرطاني في الغدة النخامية في حدوث فرط نشاط الغدة الدرقية.

الفئات المعرضة للإصابة

هنالك بعض العوامل التي يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بفرط نشاط الدرقية، حيث تزيد احتمالات الإصابة لدى:

الإناث
الأفراد فوق عمر 60 عامًا
النساء الحوامل أو من أنجبت طفلًا خلال الأشهر الستة الأخيرة
من خضع لعملية جراحية على الغدة الدرقية أو كانت لديه مشكلة في الغدة
الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي بالإصابات بأمراض الغدة الدرقية
من يعاني من فقر الدم الخبيث، فلا يستطيع الجسم هنا إنتاج ما يكفي من كريات الدم الحمراء السليمة بسبب عدم وجود ما يكفي من فيتامين B12
المصابون بمرض السكري من النمط الأول أو بقصور الغدة الكظرية البدئي
من يتناول الكثير من اليود، سواء كان ذلك عبر تناول كميات كبيرة من الأطعمة الغنية باليود أو استخدام الأدوية أو المكملات الغذائية

كيفية تشخيص فرط الدرقية

يمكن تشخيص فرط نشاط الغدة الدرقية بعدة طرق، منها:

١- الفحص الفيزيائي

يتضمن الفحص الفيزيائي الخطوات التالية:

التحقق من الغدة الدرقية في حال كانت متضخمة أو مؤلمة وذلك عن طريق تحسس الجزء الخارجي من العنق
البحث عن وجود تورم أو احمرار أو جحوظ في العينين
الاستماع إلى القلب لملاحظة وجود تسرع أو عدم انتظام في النبض
تأمل اليدين بحثاً عن رعشة أو عن تغيرات في الأظافر

٢- تحاليل الدم

يتم البحث في التحاليل عن المستويات العالية من هرمونات الغدة الدرقية، ففي حالة فرط النشاط تكون التحاليل بالشكل التالي:

ارتفاع مستويات هرمون ثلاثي يودوثيرونين T3 و هرمون الثيروكسين T4 وتكون أعلى من المعدل الطبيعي
تكون مستويات الهرمون المنشط للغدة الدرقية (TSH) الذي تفرزه الغدة النخامية أقل من المعتاد (إلا في حال وجود مشاكل في الغدة النخامية كالورم غير السرطاني).

٣- الإختبارات التصويرية

تساعد الإختبارات التصويرية للغدة الدرقية في تشخيص فرط النشاط وتحديد السبب المحتمل لذلك، وتشمل اختبارات التصوير التي يمكن استخدامها ما يلي:

اختبار امتصاص اليود المشع (RAIU): والذي يحدد مقدار اليود المشع الذي امتصته الغدة الدرقية.
فامتصاص الكثير منه يعني أن الغدة تفرز الكثير من هرمون T4.
مسح الغدة الدرقية بالنظائر المشعة: قد يُستخدم للبحث عن كتل أو عقيدات في الغدة الدرقية أو الالتهاب، أو التورم أو تضخم الغدة، أو سرطان الغدة الدرقية.
التصوير بالأمواج فوق الصوتية: تَستخدم موجات صوتية عالية التردد لإنشاء صور للغدة الدرقية. وهو إجراء يسمح بإلقاء نظرة على الغدة الدرقية على الشاشة، وقد يُستخدم هذا الاختبار للبحث عن العقيدات في الغدة.

علاج فرط نشاط الغدة الدرقية

هنالك العديد من الخيارات العلاجية لفرط نشاط الدرقية، واعتمادًا على السبب قد تكون بعض الخيارات العلاجية أفضل من غيرها. ولذلك يناقش الطبيب مريضه ليساعده في تحديد أفضل خطة علاجية.

تشمل خيارات علاج فرط نشاط الغدة الدرقية ما يلي:

١- الأدوية المضادة للغدة

تمنع أدوية مثل الميثيمازول أو البروبيل ثيوراسيل (PTU) الغدة الدرقية من إنتاج الهرمونات.

يمكن أن تسبب هذه الأدوية بعض الآثار الجانبي، كحدوث رد فعل تحسسي تجاهها.

ومن المضاعفات النادرة للأدوية المضادة للغدة، تلف الكبد وانخفاض عدد كريات الدم البيضاء بشكل شديد. فمثلاً يمكن أن تنتقل الأدوية من الحامل إلى الجنين عبر المشيمة ما قد يسبب قصور الغدة الدرقية أو تطور تضخم الغدة في الجنين.

٢- اليود المشع

هو دواء فموي تمتصه خلايا الغدة الدرقية المفرطة النشاط فيدمر هذه الخلايا، ويؤدي ذلك إلى تقلص الغدة الدرقية وانخفاض مستويات هرموناتها على مدى بضعة أسابيع.

يتعين على معظم الأشخاص الذين يتلقون هذا العلاج تناول أدوية هرمون الغدة الدرقية لبقية حياتهم للحفاظ على مستويات الهرمون ضمن الحدود الطبيعية.

في بعض الأحيان، قد يشعر المريض بجفاف في فمه بعد العلاج باليود المشع وتلك حالة شائعة، كما يمكن أن يسبب اليود في بعض الحالات الغثيان.

يجب مراجعة الطبيب للحصول على علاج بديل في أثناء الحمل أو الرضاعة إذ لا ينصح بتناول اليود المشع لأنه يمكن أن يؤثر على غدة الجنين.

٣- حاصرات بيتا

تعمل على منع تأثير هرمونات الغدة الدرقية على الجسم، أي أنها لا تغير مستويات الهرمونات في الدم، لكنها يمكن أن تساعد في السيطرة على بعض الأعراض التي يسببها فرط نشاط الغدة الدرقية.

يختلف مقدار الوقت الذي يستغرقه علاج الحالة اعتمادًا على السبب، فإذا كان العلاج يتم بأدوية مضادة للغدة الدرقية (الميثيمازول أو البروبيل ثيوراسيل)، فيجب أن تنخفض مستويات الهرمونات إلى مستوى طبيعي في حوالي ٦ إلى ١٢ أسبوعاً.

بعد العلاج، يحتاج بعض المرضى لتناول هرمون الغدة الدرقية البديل، وذلك لأنَّ بعض العلاجات - خاصة الجراحة - تقلل من مستويات هرمون الغدة الدرقية ولذلك يحتاج المرضى لإعادة إدخال الهرمونات إلى الجسم عن طريق تناول الأدوية بانتظام.

٤- الجراحة

تتم إزالة الغدة الدرقية جراحيًا ما يؤدي إلى تصحيح الخلل، عادةً ما تتسبب الجراحة في قصور الغدة الدرقية، الأمر الذي يتطلب من المريض أخذ مكملات الغدة الدرقية مدى الحياة للحفاظ على مستويات الهرمون الطبيعية.

في حالات نادرة، يمكن أن تحدث مضاعفات للجراحة مثل شلل الأحبال الصوتية (عدم القدرة على الكلام)، وتلف الغدد جارات الدرقية ما يؤدي إلى انخفاض الكالسيوم في الدم.

الخلاصة

يعتمد تشخيص الإصابة بفرط نشاط الغدة الدرقية على مجموعة الأعراض التي تظهر لدى المريض وأيضاً الفحوصات الطبية، كما أن الحالة لا تستدعي القلق كونها قابلة للعلاج سواءً عن طريق الأدوية أو الجراحة.

يعد من المهم استشارة الطبيب المختص في حالة الشك بأعراض ومؤشرات تدل على فرط نشاط الغدة، فهو قادر على تقييم الحالة ووضع خطة العلاج المناسبة.