فقر الدم المنجلي

المراجعة الطبية - M.D
الكاتب - أخر تحديث 26 أغسطس 2022

فقر الدم المنجلي هو أحد الأمراض الوراثية التي تنتقل من جيل إلى جيل والذي يظهر لدى آلاف المواليد يومياً وخاصة في منطقة البحر المتوسط والمملكة العربية السعودية.

ولكن هناك بعض المفاهيم الخاطئة بشأنه فمثلاً كونه وراثيا لا يعني ظهوره في كل جيل، وفي هذا المقال سنشرح أهم النقاط الضرورية لفهم المرض.

تعريف فقر الدم المنجلي

فقر الدم المنجلي "Sickle cell anemia" هو أحد أمراض الدم الوراثية التي تؤثر على خلايا الدم الحمراء وتحديداً على بروتين الهيموغلوبين (خضاب الدم).

وتتميز خلايا الدم المتأثرة بفقر الدم المنجلي بشكلها الشبيه بالهلال وهو سبب التسمية (المنجلي).

كما تتأثر وظيفة الخلايا بالحالة فتصبح أكثر صلابةً ولزوجةً مما يصعب انتقالها لخلايا الجسم ويجعلها أكثر قابليةً للالتصاق ببعضها مما قد يؤدي لسد الأوعية الدموية.

أعراض فقر الدم المنجلي

يعاني مرضى الأنيميا المنجلية من مجموعة كبيرة من الأعراض التي تختلف شدتها من شخص لآخر، والتي تنتج في أغلبها عن الشكل المضطرب للكريات المنجلية.

فقد تسد هذه الخلايا المضطربة الأوعية الدموية مسببةً أعراضاً شديدةً، ونقصاً في تزويد الأنسجة والخلايا بالأوكسجين. ومن هذه الأعراض نذكر:

  • الصداع وفقر الدم
  • الألم الشديد أثناء النوبات
  • التهاب وتوذم في أصابع اليدين والقدمين
  • تجمع للدم وتضخم مفاجئ في الطحال
  • التعرض المتزايد للالتهابات الجرثومية
  • التعرض لإصابات مفاجئة وحادة في القلب والرئتي
  • ظهور تقرحات على الساق
  • اضطراب نخريّ في العظام، إضافة لكسور مفاجئة في العظم من دون وجود رض على العظم.

ولا تظهر الأعراض على الطفل المصاب فورَ ولادته، وذلك حتى الشهر الخامس حيث يبدأ جسم الطفل بتصنيع الهيموغلوبين المضطرب، لتبدأ عندها ظهور الأعراض.

من الأعراض التي قد تظهر عند الأطفال:

  • ارتفاع في الحرارة
  • الألم البطني
  • الإصابة بجرثومة المكورة الرئوية والتي تكون مميزةً لدى هؤلاء المرضى
  • التهاب الأصابع المؤلم
  • ضخامة الطحال

في حين أن الأعراض المميزة عند البالغين:

  • تقرحات الساق
  • تنخر في العظام
  • اضطرابات الرؤية

أسباب فقر الدم المنجلي

١- العامل الوراثي

لا يعد فقر الدم المنجلي من الأمراض المعدية التي قد تنتقل من شخص إلى آخر، إنما هو مرض وراثي قد ينتقل للأبناء من جيل إلى جيل.

وتنتج الأنيميا المنجلية عن خلل جيني في جين يدعى - جين الداء المنجلي - ويوجد منه نمطان الأول من الأب والثاني من الأم.

في حال حصل المولود على جين واحد من هذين الجينين، فتدعى الحالة - خلِّة الداء المنجلي - أما في حال حصل المريض على الجينين معاً من الأبوين فحينها تدعى الحالة بالداء المنجلي.

ولزواج الأقارب دور في ظهور الداء المنجلي لأنه يزيد من إمكانية ظهور المرض في حال وجوده بالعائلة سابقاً.

كما أن لقلة الفحوصات ونقص التوعية تجاه هذه الحالة تأثيراً على زيادة عدد الحالات الجديدة التي تظهر كل عام في بعض المجتمعات.

٢- العامل الجغرافي

وتتميز بعض المجموعات العرقية والجغرافية بزيادة ظهور هذه الحالات فيها عن غيرها، ومنها:

  • الأشخاص ذوي الأصل الأفريقي
  • الأمريكيون الجنوبيون من أصل إسباني
  • سكان منطقة البحر المتوسط وآسيا والهند
شكل كريات الدم في الأوعية
كريات الدم الحمراء في الأوعية الدموية

مضاعفات الإصابة بفقر الدم المنجلي

هنالك بعض المضاعفات نتيجة الإصابة بالداء المنجلي، والتي قد تظهر في أي عمر، وتعتبر شديدة الأهمية لما قد ينتج عن بعضها في حال عدم العلاج السريع من تهديد لحياة المريض.

١- فقر الدم

يعاني مريض الأنيميا المنجلية من أعراض كالدوار وصعوبة التنفس والتعب، وينتج فقر الدم في حالة الداء المنجلي بسبب:

  • حياة الكريات الحمراء تكون قصيرة بسبب هذا المرض، والتي تكون في الحالة الطبيعية حوالي ١٢٠ يوماً
  • سهولة تحطم الكريات الحمر بسبب عدم مرونة شكلها
  • عدم قدرتها على المرور من الأوعية الصغيرة
٢- نوبات الألم أو نوبات الداء المنجلي (التَمَنْجُل)

تحدث هذه الحالة بسبب كون الكريات الحمراء قليلة المرونة وترتصّ فوق بعضها مما يؤدي لسد الأوعية الصغية في الجسم، مما يؤدي لحدوث نوبات ألم شديدة.

وقد يحدث ذلك في أي عضو وخاصةً في الصدر والبطن والساعدين والساقين، وقد تتطلب نوبة الألم الحادة البقاء في المشفى.

ويعد الأطفال هم الأكثر عرضةً لهذه النوبات، وقد يتعرضوا لتورم مؤلم في أصابع اليدين والقدمين أيضاً نتيجة إعاقة الكريات المنجلية للدورة الدموية.

٣- متلازمة الصدر الحاد

تُميّز هذه الحالة مرض فقر الدم المنجلي، وتعتبر حالةً خطرة وقد تهدد حياة المريض، وتظهر عندما تحدث ظاهرة التَمَنْجُل في الصدر.

تنتج هذه الحالة غالباً بسبب تعرض الجسم لحالة الإصابة الإنتانية أو نقص السوائل.

وقد تشمل الأعراض هنا أعراضاً شبيهةً بالالتهاب الرئوي على سبيل المثال: الحمى والألم والسعال الشديد.

٤- الاحتباس الطحالي (تشظّي الطحال)

وهي حالة يحدث فيها احتباس لكميات كبيرة من الدم في الطحال وننتيجة لذلك يحصل هبوط حاد في قيمة هيموغلوبين الدم وخسارة كمية كبيرة من الدم.

قد يؤدي تكرار هذه الحالة باستمرار إلى خسارة وظيفة الطحال بشكل كامل، وينتج عن فقدان الطحال خسارةً في وظيفته المناعية المهمة للجسم وأيضاً وظيفته في تصفية الدم.

٥- السكتة الدماغية (النشبة الدماغية)

قد يحدث التمنجل في أحد الأوعية الدماغية مما يؤدي لنقص حاد في إمداد الأوكسجين إلى القطاع الذي يغذيه هذا الوعاء وبالتالي خسارة وظيفة هذا القطاع الدماغي.

٦- اليرقان

يحدث اليرقان نتيجة خسارة الكريات الحمراء المستمرة تراكماً لمادة البيليروبين في الدم والناتجة عن تحطم الكريات ضمن الأوعية وضمن الطحال.

وهذا يؤدي إلى تراكم لهذه المادة في أنسجة الجسم، فتظهر هذه الأنسجة بلون أصفر وخاصةً في الوجه والعينين والفم.

٧- مشاكل في الرؤية

وذلك بسبب تراكم الكريات الحمر المنجلية ضمن الأوعية الدموية في الشبكية وبالتالي يؤدي لمشاكل في الرؤية.

٨- النعوظ المؤلم (الانتصاب المؤلم)

يحدث انسداد مؤلم في الأوعية الدموية المغذية للقضيب، وإذا لم تعالج بالسرعة القصوى فقد تحدث خسارة للقضيب.

علاج ونصائح تخص الداء المنجلي

لا يوجد أي علاج يشفي من هذه الحالة ويقتصر دور العلاج على تخفيف الأعراض وتقليل الألم، من أهم العلاجات المتبعة:

١- نقل الخلايا الجذعية أو نقي العظم

وفيه يتم نقل خلايا جذعية من شخص سليم إلى مريض فقر الدم المنجلي، لتبدأ هذه الخلايا بتصنيع خلايا سليمة بدلاً من تلك المصابة بالمنجلي. ومازالت تحتاج هذه الطريقة لدراسات تطويرية لتحسين نتائجها.

كما أن هذا العلاج لا يطبق باستمرار نظراً للمخاطر المترتبة عليه، ومنها:

  • الرّض المناعي للخلايا الجذعية بالجسم، فقد لا يتقبل الجسم المريض الخلايا السليمة وبالتالي تُعتبر جسم غريب ويهاجمها الجسم.
  • تأثير الأدوية المثبطة للمناعة التي يتناولها المريض قبل عملية نقل الخلايا الجذعية، والتي قد تؤدي لإصابة المريض بأمراض خطيرة نتيجة عدم وجود مناعة كافية في الجسم.
٢- علاج فقر الدم المرتبط بالداء المنجلي

يجب إضافة متممات فيتامينية للمريض، وخاصةً فيتامين فوليك أسيد -B9- الضروري لتصنيع الكريات الحمراء، وهو يتواجد بكثرة في الخضروات.

كما قد يحتاج المريض لتعويض عوز عنصر الحديد والذي يرافق فقر الدم المنجلي.

٣- تجنب الإنتانات

نتيجة خسارة الطحال لدى مريض الداء المنجلي والذي يحدث لدى أغلب المرضى في الطفولة، فإن المريض يكون أكثر عرضةً للإنتانات، لذلك ينصح الاطباء بوصف مضاد حيوي للمريض بشكل ثابت تقريباً لوقايته من الإنتانات الخطيرة.

٤- العلاج الذاتي لنوبات الألم

يُمكن للمريض في حال تعرضه لنوبات ألم خفيفة أن يأخذ أحد مسكنات الألم، باستثناء الإسبرين الذي يجب تجنبه لدى الأطفال تحت عمر ١٦ سنة.

أما في حالات الألم الشديد فقد يصف الطبيب مسكنات أقوى وفي حالة عدم تحسن النوبة يجب الذهاب للمشفى.

ينصح بالإضافة للمسكنات أن يشرب المريض كميات كافية من السوائل لتحسين حجم الدم وتقليل التعرض للجفاف، بالإضافة لاستخدام منشفة دافئة وناعمة لتمسيد المنطقة المؤلمة من الساق أو الساعد.

الملخص

تعد التوعية الدائمة حول الأمراض الوراثية من الأمور الأساسية لفهم الأمراض المتعلقة بها مثل حالة فقر الدم المنجلي، ولذلك من الضروري متابعتها واجراء التحاليل الضرورية للتقليل من اختلاطاتها.