قصور الغدة الدرقية

الكاتب - أخر تحديث 29 نوفمبر 2023

قصور الغدة الدرقية أو خمول الغدة الدرقية أو الغدة الدرقية الخاملة، أسماء مختلفة لحالة يمكن أن تؤثر سلباً على وظائف الجسم مسببة اضطرابات خطيرة إن لم تعالج.

تعرف معنا في هذا المقال على أهم الأعراض التي تدل على الإصابة بقصور الغدة الدرقية والطرق الممكنة للعلاج.

ما هو قصور الغدة الدرقية؟

الغدة الدرقية هي غدة صغيرة تقع في الجزء الأمامي من العنق وهي جزء أساسي من الجهاز الهضمي للجسم. للغدة الدرقية أهمية كبيرة في الجسم ووظائفها تتضمن:

  • إفراز الهرمونات: تقوم الغدة الدرقية بإفراز هرموني الثيروكسين (T4) والترييودوثيرونين (T3)، وهما يلعبان دوراً مهماً في تنظيم أنشطة الجسم مثل معدل الأيض وحرارة الجسم ونمو الخلايا والأعضاء.
  • تنظيم معدل الأيض: الهرمونات التي تفرزها الغدة الدرقية تؤثر على معدل الأيض في الجسم، وبالتالي تلعب دورًا حاسمًا في حرق السعرات الحرارية وتحويل الطعام إلى طاقة.
  • النمو والتطور: تلعب الهرمونات الدرقية دورًا مهمًا في نمو الأنسجة والخلايا والأعضاء، خاصةً في مرحلة الطفولة والنمو.
  • التأثير على النظام العصبي: تؤثر الهرمونات الدرقية على نشاط الجهاز العصبي، وتلعب دورًا في الحفاظ على الاستعداد العقلي والبدني.

وفي حالة قصور الغدة الدرقية والتي تعتبر حالة شائعة لا تنتج الغدة الدرقية ما يكفي من الهرمونات في مجرى الدم. ونتيجة لذلك يعاني المصاب من تباطئ في عملية الاستقلاب إضافة لشعور بالتعب وزيادة في الوزن وغيرها من الأعراض.

أعراض خمول الغدة الدرقية

تتطور أعراض قصور الغدة الدرقية عادةً ببطء وقد يكون ذلك على مدى عدة سنوات. ويمكن أن تشمل:

  • الشعور بالتعب
  • التنميل والوخز في اليدين
  • الإمساك
  • زيادة الوزن
  • آلام المفاصل والعضلات
  • ارتفاع مستويات الكوليسترول في الدم عن المعدل الطبيعي
  • الشعور بالاكتئاب
  • عدم تحمل درجات الحرارة الباردة
  • جفاف الجلد
  • الشعر الجاف والخفيف
  • انخفاض الدافع الجنسي، وقد تحدث مشاكل في الخصوبة عند النساء
  • دورات طمثية متكررة وغزيرة
  • تغيرات في الوجه (كتدلي الجفون، والانتفاخ في العينين والوجه)
  • انخفاض الصوت وغلاظته
  • النسيان (ضبابية الدماغ)
  • قلة التعرق
  • تباطؤ معدل ضربات القلب
  • تضخم الغدة الدرقية، الذي قد يسبب تورمًا في العنق؛ وفي بعض الأحيان يمكن أن يسبب مشاكل في التنفس أو البلع.

أسباب قصور الغدة الدرقية

من الممكن تصنيف الأسباب التي تسبب قصور الغدة لعدة أقسام، وهي:

١- الأسباب المناعية

  • غالباً يحدث قصور الغدة الدرقية عندما يخطئ الجهاز المناعي ويهاجم الغدة الدرقية؛ ما يؤدي إلى إتلاف الغدة.
  • عدم قدرة الدرقية على إنتاج ما يكفي من الهرمونات، فيؤدي ذلك إلى ظهور أعراض خمول الغدة الدرقية.
  • داء هاشيموتو: يُعتبر هذا داء النوع الأكثر شيوعاً من تفاعلات المناعة الذاتية التي تسبب كسل الغدة الدرقية. وليس من الواضح ما سبب داء هاشيموتو، ولكنه قد يحمل صفة وراثية وينتشر ضمن بعض العائلات.
  • كما ويكثر انتشار حالة قصور الغدة الدرقية بين الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات أخرى في الجهاز المناعي مثل مرض السكري من النمط الأول والبهاق.

٢- العلاج السابق للغدة

قد يكون قصور الغدة الدرقية أيضا أثراً جانبياً أو مضاعفات ناتجة عن علاج سابق للغدة الدرقية نفسها، مثل الجراحة أو العلاج باليود المشع. حيث تُستخدم هذه العلاجات أحياناً في حالة فرط نشاط الغدة الدرقية أو في حال سرطان الغدة الدرقية.

٣- الأسباب الأقل شيوعاً

تشمل الأسباب الأقل شيوعاً لحصول قصور الغدة الدرقية ما يلي:

١- نقص اليود

يعد نقص اليود في الوارد الغذائي سبباً شائعاً لخمول الغدة الدرقية في دول مختلفة حول العالم. فالجسم يحتاج لليود لتصنيع هرموناته وقد لا يتوفر في الأطعمة، بالإضافة لعدم إضافته لأنواع الملح في بعض البلدان مما يؤدي لحصول خمول في الغدة.

٢- أسباب خلقية

يولد الأطفال أحياناً بغدة درقية خاملة نتيجة عدم تطورها بشكل صحيح في الرحم؛ وهذا ما يسمى بقصور الغدة الدرقية الخلقي.

هذه الحالة غير شائعة وتشخص عادة أثناء الفحص الروتيني بعد الولادة بفترة وجيزة، ويستمر علاجها مدى الحياة.

٣- اضطرابات الغدة النخامية

يمكن أن يؤدي اضطراب الغدة النخامية (التي تنظم عمل الغدة الدرقية) إلى قصور الغدة الدرقية.

٤- بعض الأدوية

تم ربط قصور الغدة الدرقية ببعض الالتهابات الفيروسية أو تناول بعض أنواع الأدوية المستخدمة لعلاج حالات مختلفة، مثل:

  • الليثيوم: وهو دواء يستخدم أحياناً لعلاج بعض حالات الصحة العقلية، بما في ذلك الاكتئاب واضطراب ثنائي القطب.
  • الأميودارون: يستخدم لعلاج اللانظميات القلبية (عدم انتظام ضربات القلب).
  • الإنترفيرون: فئة من الأدوية تستخدم لعلاج أنواع معينة من السرطانات والتهاب الكبد السيني HCV.

من الضروري التحدث إلى الطبيب في حال القلق من أنَّ الدواء المتناول قد يؤثر في مستويات هرمونات الغدة الدرقية.

عوامل الخطر

يمكن أن يُصاب أي شخص بقصور الغدة الدرقية، ولكن يتزايد الخطر إذا كان الشخص:

  • قد تجاوز سن الخمسين
  • لديه تاريخ عائلي للإصابة بأمراض الغدة الدرقية أو أي اضطراب في المناعة الذاتية
  • لديه اضطراب في المناعة الذاتية، مثل داء السكري من النمط الأول أو التهاب المفاصل الروماتويدي
  • قد تناول الأدوية المضادة للغدة الدرقية (لعلاج فرط نشاط الغدة) أو قد عولج باليود المشع
  • خضع لجراحةٍ على الغدة الدرقية (استئصال جزئي أو كلي للغدة)
  • تعرض للإشعاع على العنق أو أعلى منطقة الصدر
  • أنثى حامل أو رزقت بطفل خلال الأشهر الستة الماضية

التشخيص

قد لا يكون تشخيص خمول الدرقية أمراً سهلاً فالطبيب يعتمد على عدة عوامل لتأكيد التشخيص وهذا يتضمن:

١- الاستفسار عن أعراض المريض

صحيح أنّ هنالك العديد من الأعراض التي تصيب مرضى قصور الغدة الدرقية، إلا أنها لا تعد مميزةً لهذه الحالة دون غيرها.

إحدى الطرق المستخدمة لتحديد مدى ارتباط الأعراض بقصور الدرقية هي السؤال عن مدة ظهور الأعراض، حيث إن كان المريض يعاني منها بشكل مستمر منذ فترة طويلة فمن غير المرجح أن تكون ناتجة عن القصور. أما إن كان ظهورها أمراً مفاجئاً فقد تكون دليلاً على قصور الدرقية.

٢- معرفة التاريخ الطبي والعائلي

وجود شخص مصاب ضمن العائلة بأمراض الدرقية يزيد من احتمال الإصابة باضطرابات فيها. هنا يسأل الطبيب عن:

  • التغيرات في صحة المريض والتي تشير إلى أن جسمه يتباطأ ويتراجع
  • خضوعه من قبل لجراحة في الغدة الدرقية
  • إن كان قد تعرض للإشعاع على عنقه من قبل لعلاج السرطان
  • الأدوية التي يتناولها للتأكد من كونه يأخذ أدوية تؤثر على الغدة الدرقية
  • إذا كان أي من أفراد عائلته مصابًا بمرض في الغدة الدرقية
٥- إجراء الفحص البدني

ويكون بفحص الطبيب للغدة الدرقية للبحث عن تغيرات مثل جفاف الجلد، والتورم، وردود الفعل البطيئة، وتباطؤ معدل ضربات القلب.

٦- تحاليل الدم

هناك نوعان من اختبارات الدم المستخدمة في تشخيص قصور الغدة الدرقية:

أ-- اختبار الهرمون المنشط للغدة الدرقية (TSH)

يعتبر اختبار الهرمون المنشط للغدة الدرقية (TSH) الأكثر أهمية وحساسية لقصور الغدة الدرقية؛ فهو يقيس مقدار هرمون الثيروكسين (T4) المطلوب إنتاجه من الغدة الدرقية.

فارتفاع هرمون TSH بصورة غير طبيعية يعني وجود قصور في الغدة الدرقية، أي أنه يُطلَب من الغدة الدرقية إنتاج المزيد من T4 لعدم وجود ما يكفي منه في الدم.

ب- اختبارات هرمون الثيروكسين T4

يرتبط معظم هرمون T4 في الدم ببروتين يسمى الغلوبيولين المرتبط بهرمون الغدة الدرقية (TBG)؛ في حين لا تزيد نسبة T4 غير المرتبط عن 1 – 2%

وحيث أنّ القدرة على دخول الخلايا يقتصر على جزيئات هرمون T4 الحرة فيعمل هذا الاختبار على قياس مقدار T4 الحر في الدم.

مضاعفات خمول الدرقية

يمكن أن تحدث العديد من المضاعفات في حالات قصور الدرقية إذا لم تُعالج، وتشمل:

١- المشاكل القلبية

يزداد خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية؛ وذلك لأنَّ انخفاض مستويات هرمون الثيروكسين يمكن أن يؤدي إلى زيادة مستويات الكوليسترول في الدم.

قد يتسبب ارتفاع الكوليسترول في تراكم الترسبات الدهنية في الشرايين، ما يحد من تدفق الدم فيها. ولذلك يجب الاتصال بالطبيب إذا كان المريض مصابًا بقصور الغدة الدرقية وأصيب بألم في الصدر.

٢- تضخم الغدة الدرقية (الدرَاق)

الدراق هو تورم غير طبيعي في الغدة الدرقية يؤدي إلى تشكل كتلة في الحلق. يمكن أن يتطور تضخم الغدة الدرقية عند الأشخاص الذين يعانون من قصور الدرقية عندما يحاول الجسم تحفيزها لإنتاج المزيد من الهرمونات.

٣- مضاعفات الحمل

إذا لم يُعالج قصور الغدة الدرقية في أثناء الحمل، يكون هناك خطر متزايد لحدوث مشاكل مثل:

  • ما قبل الإرجاج: والذي يمكن أن يسبب ارتفاع ضغط الدم واحتباس السوائل لدى الأم ومشاكل في النمو لدى الطفل.
  • فقر الدم عند الأم
  • نقص نشاط الغدة الدرقية عند الطفل
  • عيوب خلقية
  • نزيف بعد الولادة
  • مشاكل في النمو البدني والعقلي للطفل
  • الولادة المبكرة أو نقص الوزن عند الولادة
  • ولادة جنين ميت أو الإجهاض

٤- سبات الوذمة المخاطية

في حالات نادرة جداً، قد يؤدي قصور الغدة الدرقية الشديد إلى حالة مهددة للحياة تسمى سبات الوذمة المخاطية. وفيها تنخفض مستويات هرمون الغدة الدرقية للغاية، ما يسبب أعراضاً كالارتباك وانخفاض درجة حرارة الجسم والنعاس.

يتطلب سبات الوذمة المخاطية علاجاً عاجلاً في المستشفى؛ وعادةً يُعالج بدواء بديل لهرمون الغدة الدرقية يعطى مباشرة في الوريد.

في بعض الحالات، يكون هناك حاجة أيضا إلى علاجات أخرى مثل تقديم الدعم التنفسي والمضادات الحيوية و الستيرويدات القشرية (الكورتيكوستيروئيدات).

علاج قصور الغدة الدرقية

من الضروري أن نذكر أولاً أٌنّ العلاج هنا لا يشفي الحالة بشكل نهائي ولكنه يهدف إلى:

  • الشعور بالتحسن
  • إطالة مدة البقاء على قيد الحياة
  • إبطاء خطر حدوث المضاعفات المرتبطة بقصور الغدة الدرقية، بما في ذلك أمراض القلب وهشاشة العظام
  • زيادة مستويات هرمون الغدة الدرقية إلى الحدود الطبيعية

يكون العلاج سهلًا بالنسبة لمعظم الناس، ويتضمن تناول حبوب هرمون الغدة الدرقية مرة واحدة في اليوم -عادةً في الصباح- والشكل الأكثر شيوعًا لهرمون الغدة الدرقية هو دواء يسمى الليفوثيروكسين.

وهو شكل صناعي نقي من T4؛ ويعطى بالجرعة المناسبة لكل مريض. ثم يجب إعادة تقييم الجرعة وربما تعديلها شهريًا حتى يتم تحديد المستوى المناسب. ويجب بعد ذلك إعادة تقييم الجرعة مرة سنويًا على الأقل.

يمكن تناوله بأمان مع معظم الأدوية الأخرى ولكنه قد يتداخل مع بعض أدوية الكوليسترول والمكملات التي تحتوي الحديد ولهذا قد يستفسر الطبيب عن الأدوية التي يأخذها المريض مسبقا.

وفي حال وجود حمل قد يطلب الطبيب زيادة الجرعة عند الحامل لتلبية المتطلبات لعملية الاستقلاب المتزايدة للأم.

كم يستغرق تحسن الأعراض؟

سيلاحظ بعض المرضى انخفاضًا طفيفًا في الأعراض في غضون أسبوع إلى أسبوعين، ولكن غالبًا تتأخر الاستجابة الاستقلابية الكاملة للعلاج مدة شهر أو شهرين.

أهمية الالتزام بالجرعة

من المهم استخدام الكمية الصحيحة من هرمون الغدة الدرقية؛ ففي حال لم تكن الكمية كافيةً قد يعاني المريض من التعب المستمر أو بعض أعراض قصور الغدة الدرقية الأخرى.

كما يمكن أن تسبب الجرعة العالية جدًا أعراضًا مثل العصبية أو خفقان القلب أو الأرق، وهي أعراض نموذجية لفرط نشاط الغدة الدرقية.

وقد اقترحت بعض الدراسات الحديثة أنَّ تناول جرعة زائدة من هرمون الغدة الدرقية قد يؤدي أيضًا إلى زيادة فقدان الكالسيوم من العظام، ما يزيد من خطر الإصابة بهشاشة العظام.

بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب، فإنَّ الجرعة المثالية من الغدة الدرقية تملك أهمية خاصة؛ فحتى الزيادة الطفيفة قد تزيد من خطر الإصابة بنوبة قلبية أو تفاقم الذبحة الصدرية.

بعد نحو شهر من العلاج، يتم قياس مستويات الهرمون في الدم لتحديد إذا كانت جرعة هرمون الغدة الدرقية التي يتناولها المريض مناسبة.

وغالبًا تُفحص عينات الدم أيضًا لمعرفة إذا كانت هناك أجسام مضادة ضد الغدة الدرقية، والتي تعد علامةً على التهاب الغدة الدرقية المناعي الذاتي.

الوقاية من خمول الغدة الدرقية

في بعض الدول حيث يكون عوز اليود شائعاً يمكن الوقاية من قصور الدرقية عبر تناول حاجة الجسم من اليود.

أما في الدول التي تضمن توفر اليود ضمن الملح أو الطعمة الأخرى فمن غير الممكن القيام بأي شيء للوقاية.

وهنا يكون التصرف الممكن الوحيد هو معرفة عوامل الخطر والتعرف على الأعراض بهدف تشخيص المرض مبكراً لتجنب تطور الأعراض وتسببها بمضاعفات خطيرة.