قلة النوم وتأثيره على الجسم

الكاتب - أخر تحديث 13 سبتمبر 2023

يعاني الكثير من الأشخاص من قلة النوم أو ما يسمى الحرمان من النوم "Sleep Deprivation"، وتتمثل بعدم النوم لمدة كافية أو عدم الحصول على نوم جيد خلال الليل مثلاً ساعات نوم متقطعة. ويمكن أن يسبب ذلك أعراضاً مزعجة تتداخل مع الأنشطة الروتينية اليومية للشخص. ويمكن أن تكون مشكلة قصيرة الأمد أي أنها تحدث لليلة واحدة أو تتكرر لبضع ليالٍ، أو يمكن أن تكون مشكلة مزمنة تستمر أسابيع أو حتى أشهر وعندها تكون تأثيراتها أكثر وضوحاً على المريض.

يمكن أن يحدث الحرمان من النوم لأسباب مختلفة وعديدة، وعلى الرغم من أن الكثير من هذه الأسباب لا يعتبر ضاراً بحد ذاته إلا أن قلة النوم قد تكون أحد الأعراض الرئيسية لبعض الحالات الصحية.

متوسط عدد ساعات النوم الأمثل

يختلف مقدار النوم الذي يحتاجه الشخص حسب عمره؛ كما أن البعض يحتاجون إلى ساعات أكثر من النوم ليشعروا بالراحة مقارنة بغيرهم ممن يحتاج إلى ساعات نوم أقل. كما ينصح باستشارة الطبيب عند وجود أي تغييرات في نمط النوم سواء كانت تدريجية أو مفاجئة.

يبلغ متوسط عدد ساعات النوم اللازمة كل يوم حسب العمر عموماً ما يلي:

العمرساعات النوم
حديثو الولادة (حتى 3 أشهر من العمر)من 14 إلى 17 ساعة
الرضع (من 4 إلى 12 شهراً)من 12 إلى 16 ساعة، بما في ذلك وقت القيلولة
من 1 إلى 5 سنواتمن 10 إلى 14 ساعة، بما في ذلك وقت القيلولة
من 6 إلى 12 سنةمن 9 إلى 12 ساعة
من 13 إلى 18 سنةمن 8 إلى 10 ساعات
18 سنة وما فوقمن 7 إلى 9 ساعات
ساعات النوم بحسب العمر

يمكن أن يكون لقلة النوم أشكال مختلفة؛ حيث يمكن أن تحدث الحالة نتيجة بقاء الشخص مستيقظاً بدلاً من النوم، بينما هناك آخرون يعانون من الحالة بسبب عدم الحصول على ساعات نوم بالجودة المطلوبة على الرغم من قدرتهم على النوم.

عادةً لا تشكل قلة النوم مشكلةً كبيرةً في أغلب الحالات ولكن عندما تصبح قلة النوم مزمنة فيمكن أن تسبب أو تساهم في حدوث مجموعة متنوعة من المضاعفات الصحية.

أعراض قلة النوم

قد يعاني الشخص الذي يعاني من قلة النوم من الأعراض التالية:

  • التعب
  • التهيج
  • تغيرات في المزاج
  • صعوبة التركيز والتذكر
  • ضعف الرغبة الجنسية
  • الحد من القدرة على الانتباه وصنع القرار
  • نقص في القدرة على القيام برد فعل سريع
  • تؤثر قلة النوم على قدرة الإنسان على قيادة السيارة، وقد تؤدي القيادة في مثل هذه الحالات إلى حدوث حوادث السير

كما يمكن أن تؤثر قلة النوم على جوانب صحية مختلفة في جسم الإنسان، بما في ذلك:

  • الجهاز المناعي: قد يؤدي الحرمان من النوم إلى زيادة التعرض إلى الالتهابات، وأمراض الجهاز التنفسي.
  • الوزن: يمكن أن يؤثر النوم على الهرمونات التي تتحكم في أحاسيس الجوع والشبع؛ كما يمكن أن يؤدي أيضاً إلى إطلاق هرمون الأنسولين.
  • عند حدوث تغييرات في النوم فإنها قد تؤدي إلى زيادةٍ في تخزين الدهون، وتغيرٍ في وزن الجسم، وزيادة خطر الإصابة بمرض السكري من النمط الثاني.
  • القلب والأوعية الدموية: يساعد النوم أوعية القلب على التعافي ويؤثر على العمليات التي تحافظ على ضغط الدم ومستويات السكر والتحكم في الالتهاب، وبالتالي فإن قلة النوم قد تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
  • مستويات الهرمونات: تؤثر قلة النوم على إنتاج الهرمونات في الجسم، بما في ذلك هرمون النمو وهرمون تستوستيرون، كما أنه يتسبب في إطلاق الجسم لكميات زائدة من هرمونات الإجهاد، مثل نورإبنفرين وكورتيزول.
  • يؤثر الحرمان من النوم على الفص الجبهي في قشرة المخ، وهي المسؤولة عن التفكير المنطقي، ويؤثر على اللوزة التي تلعب دوراً في العواطف. كما قد تسبب قلة النوم أيضا صعوبة في تشكيل ذكرياتٍ جديدة، مما يمكن أن يؤثر على قدرة التعلم.
  • قد يؤثر ضعف النوم على إنتاج الهرمونات التي تعزز الخصوبة عند الشخص.

الأسباب التي تؤدي إلى الحرمان من النوم

يمكن أن تنجم قلة النوم عن عوامل مختلفة بما في ذلك عدم اتباع عادات النوم الصحية، ونمط الحياة، والتزامات العمل، واضطرابات النوم، وغيرها من الحالات الطبية.

غالباً ما تكون قلة النوم بإرادة الشخص، فمثلاً قد يعاني الشخص الذي يقرر السهر لوقتٍ متأخر لأي سبب كان من نقص في ساعات النوم. كما تساهم التزامات العمل كذلك في نقص النوم؛ حيث لا يكون لدى الأشخاص الذين يعملون في وظائف متعددة أو ساعاتٍ طويلة مثل مضيفي الطيران، الوقت الكافي للنوم.

قد يحدث نقص النوم أيضاً بسبب اضطرابات النوم الأخرى أو بعض الحالات الطبية، على سبيل المثال:

  • توقف التنفس أثناء النوم، وهو اضطراب تنفسي يسبب الاستيقاظ ليلاً عشرات المرات
  • متلازمة التعب المزمن
  • الألم المزمن
  • الإفراط في تناول المخدرات أو الأدوية التي تؤثر على التفكير
  • الاكتئاب
  • القلق
  • اضطراب ثنائي القطب
  • الفصام
  • البدانة
  • صريف الأسنان أو صرير تطاحن الأسنان
  • داء التغفيق، الذي يتميز بنعاسٍ شديد أثناء النهار ونوبات مفاجئة من النوم
مجموعة المخاطر المحتملة لنقص النوم
مجموعة المخاطر المحتملة لنقص النوم

مضاعفات وتأثير قلة النوم على جسم الإنسان

على الأمد الطويل قد تزيد قلة من النوم من خطر حدوث ما يلي:

  • ارتفاع ضغط الدم
  • مرض السكري أو مقاومة الأنسولين
  • توقف التنفس أثناء النوم
  • زيادة خطر الإصابة بمرض الزهايمر
  • البدانة
  • النوبة القلبية
  • السكتة الدماغية
  • الاكتئاب والقلق
  • الذهان، وهو مصطلح يعبر عن الحالات العقلية التي يحدث فيها خلل ضمن إحدى مكونات التفكير المنطقي والإدراك الحسي

التشخيص

ينصح بزيارة الطبيب في حال الشك بوجود قلة في النوم وعدم تمكن الشخص من تعديل ساعات نومه بمفرده، أو عندما يعاني من أحد الحالات المرضية التي تؤدي لتطور هذه الحالة بشكل تدريجي أو حتى مفاجئ. خلال تشخيص حالة المريض يسأل الطبيب غالباً عن عادات وساعات نوم المريض، كما من المهم أيضاً التحقق من جودة النوم ومدى سرعة الدخول في النوم بمجرد الاستلقاء في السرير.

حيث يتمكن الطبيب من خلال هذه المعلومات من تقييم وتحديد بعض آثار الحرمان من النوم بالاعتماد على الفحص البدني والاختبارات التشخيصية. حيث تتضمن العلامات الشائعة لقلة النوم التي يمكن ملاحظتها ما يلي:

  • إطراق (تدلي) الأجفان
  • بطء في منعكس القرنية
  • فرط في منعكس التهوع (منعكس محاولة التقيؤ)
  • فرط في المنعكسات الوترية، وهي المنعكسات التي يفحصها الطبيب في الركبة أو الكاحل أو المرفق

ويمكن أن تساعد كتابة مذكرات عن النوم في تقديم معلومات مفصلة، والتي تفيد الطبيب في التعرف على المشكلة بشكلٍ كامل؛ إذ تتضمن المعلومات التي ينبغي أن يدونها المريض ما يلي:

  • متى يستيقظ ويذهب إلى الفراش كل يوم
  • كم عدد الساعات التي ينامها
  • ما إذا كان يأخذ قيلولة، وما هي مدتها
  • وصف لبيئة النوم مثلاً حرارة الغرفة ووجود ضجيج
  • الأنشطة التي تسبق وقت النوم مثل مشاهدة التلفاز أو استخدام الهاتف المحمول

وقد يتمكن أفراد العائلة من تحديد حدوث أي شخيرٍ أو لهاثٍ أو رفعٍ للأطراف أثناء النوم، مما قد يشير إلى توقف التنفس أثناء النوم أو متلازمة تململ الساقين.

من الممكن أن يطلب الطبيب إجراء دراسة نوم "Polysomnogram"، وهي تتضمن النوم في مختبرٍ بينما يتم قياس التنفس، والنبض، ومعدل ضربات القلب، ونشاط العضلات، وحركات الدماغ والعينين. ويتمكن الطبيب من خلال هذا الإجراء تحديد أسباب الحرمان من النوم والعلاج المناسب بدقة.

الوسائل العلاجية

يناقش الطبيب عادات النوم الصحي مع المريض، وتعتمد خيارات العلاج على نوع وسبب قلة النوم الذي يعاني منه.

وتشمل الوسائل العلاجية ما يلي:

١- العلاجات السلوكية والمعرفية

تتضمن بعض أساليب العلاجات السلوكية والمعرفية والتي تساعد على تحسين ساعات النوم ما يلي:

  • تقنيات الاسترخاء: مثل التأمل، والتدريب على اليقظة الكاملة، وتمارين التنفس، والصور الموجهة التي يمكن أن تساعد في تقليل التوتر، كما يمكن أن تساعد التسجيلات الصوتية وتطبيقات النوم أيضا.
  • العلاج السلوكي المعرفي: والذي قد يساعد على تحديد أنماط التفكير التي تسهم في قلة النوم.

٢- الأدوية

في بعض الحالات يمكن أن يوصي الطبيب ببعض الأدوية التي تساعد المريض على النوم مثل المهدئات والمنومات. وتتضمن بعض الخيارات المتاحة في الصيدليات أدويةً مثل:

  • ديفينيل هيدرامين "Dyphenhydramine"
  • دوكسيلامين " Doxylamine"

وإذا لم تكن الأدوية التي لا تحتاج إلى وصفة طبية فعالة فقد يصف الطبيب أدويةً مثل:

  • زولبيديم "Zolpidem"
  • بوتاباربيتال "Butabarbital"
  • تيمازيبام "Temazepam"

من الضروري اتباع تعليمات الطبيب لأن بعض هذه الأدوية يمكن أن تسبب آثاراً سلبية أو تسبب نوعاً من الإدمان عليها، حيث يعتمد المريض عليها بشكل كلي ولا يستطيع النوم دونها.

٣- استراتيجيات الرعاية المنزلية

يمكن أن تساعد تغيير عادات النوم وبيئة النوم في كثير من الأحيان في تحسين حالة الحرمان من النوم؛ حيث يمكن تجربة ما يلي:

  • الذهاب إلى الفراش والاستيقاظ في نفس الأوقات كل يوم، حتى في عطلات نهاية الأسبوع
  • تجنب تناول الطعام بحوالي 2-3 ساعات قبل النوم
  • بعد محاولة النوم لمدة 20 دقيقة يمكن النهوض والقراءة، ثم محاولة النوم مرة أخرى بعد ذلك
  • ممارسة التمارين الرياضية بانتظام خلال النهار
  • تهيئة غرفة النوم وجعلها هادئة ومظلمة وبدرجة حرارة مناسبة
  • إيقاف تشغيل الأجهزة الإلكترونية وإبعادها عن غرفة النوم
  • الحد من استهلاك الكافيين والكحول، وخاصةً عند اقتراب وقت النوم
  • تجنب استخدام التبغ
  • استخدم حاميات الفم التي تساعد في الحد من حالة صرير الأسنان

٤- العلاجات البديلة

هنالك مجموعة من العلاجات البديلة التي تساعد الشخص على الاسترخاء، وتحسين ساعات نومه، وتشمل أمثلة العلاجات البديلة ما يلي:

  • العلاج بالإبر
  • التدليك
  • الميلاتونين الصناعي، وهي مكملات بديلة لهرمون الميلاتونين يمكن أن تساعد على النوم. وقد أظهر نتائج واعدة عند البالغين الكبار في السن.
  • نبات الناردين المخزني
  • التأمل
  • اليوغا
  • التاي تشي
  • الأيورفيدا وهي ممارسة طبية هندية قديمة، تساعد في تحسين توازن الجسم والحفاظ على الجسدية والعقلية والعاطفية.

لا يوجد أدلة كافية على هذه الوسائل البديلة ولكن يعتقد أنها تفيد في الحالات الخفيفة، وينصح عموماً باستشارة الطبيب قبل تجربة أي علاج جديد، حيث قد يعود بآثارٍ سلبيةٍ أو يسبب تفاعلاتٍ مع الأدوية التي يأخذها المريض.