كيف يؤثر الداء البروتيني في الأسناخ الرئوية على الجهاز التنفسي؟

الكاتب - أخر تحديث 5 سبتمبر 2023

يعتبر الداء البروتيني في الأسناخ الرئوية من الأمراض النادرة التي تصيب الجهاز التنفسي وتتسبب في تضرر الأنسجة الرئوية والتي قد تؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة، يشكل تشخيص وعلاج هذا الداء تحدياً كبيراً بسبب ندرته.

ما هي الأسناخ الرئوية؟

تضم الرئة ملايين من الأكياس الهوائية الصغيرة التي تعرف بالأسناخ الرئوية، وتتميز هذه الأسناخ بجدار رقيق جداً، يسهل نقل الأوكسجين وثنائي أكسيد الكربون بين جزيئات الهواء الموجودة وكريات الدم الحمراء.

يمكن أن يتأثر هذا الجدار الرقيق وينخمص (أي يتضيق ويتصلب) مما يؤدي إلى صعوبة في دخول وخروج الهواء، لذلك يتعين وجود آلية فيزيولوجية معينة للحفاظ على صحة ووظيفة الأسناخ. وهذه الآية هي:

  • تفرِز خلايا الجدار السنخي مادة تعرف باسم عامل التوتر السطحي "Surfactant"
  • تكون مهمة هذه المادة إبقاء جدران السنخ متباعدة بالتالي تظل الأسناخ مفتوحة
  • بعد قيام عامل التوتر السطحي بمهته، يوجد خلايا معينة مسؤولة عن التخلص منه وهي البلاعم السنخية (وهي من أنواع الكريات البيض).
  • تتلقى البلاعم السنخية الأمر للقيام بمهامها بالتخلص من عامل التوتر السطحي عبر بروتينات معينة تستخدم في نقل الإشارة بين الخلايا ونخص بالتحديد عامل تحفيز مستعمرات الخلايا المحبب (GM-CSF).

إذا بقي عامل التوتر السطحي في الأسناخ دون أن يتم تصريفه، فقد يتراكم ويعيق التنفس، وهو ما سيؤدي بالنهاية إلى حدوث الداء البروتيني في الأسناخ الرئوية.

ما هو الداء البروتيني في الأسناخ الرئوية

بالتالي يمكن تعريف الداء البروتيني في الأسناخ الرئوية "Pulmonary alveolar proteinosis" ويعرف اختصاراً "PAP"، بأنه متلازمة تحدث نتيجة وجودة كميات غير طبيعية من عامل التوتر السطحي داخل الأسناخ الرئوية، وهو يعد من الاضطرابات النادرة حيث يقدر عدد المصابين بهذا المرض 0.2% مريض لكل مليون شخص. (1) (2)

فهذا التراكم من عامل التوتر السطحي، يعيق وصول الأوكسجين للدم بالتالي تبدأ علامات المرض بالظهور وتشمل ضيق في التنفس والسعال وغيرها.

أعراض الداء البروتيني في الأسناخ الرئوية

يرافق الداء البروتيني في الأسناخ الرئوية مجموعة مختلفة من الأعراض التنفسية، وسنذكرها في الجدول التالي مع النسب المئوية لاحتمال ظهورها:

الأعراض معدل حدوثها
ضيق التنفس 69%
السعال 64%
تعب عام 21%
ارتفاع في درجة الحرارة (خفيف) 12%
فقدان الوزن 12%
نفث الدم 2%
عدم وجود أعراض 24%
أعراض المرض ومعدل حدوثها

أسباب الداء البروتيني في الأسناخ الرئوية

يحدث الداء البروتيني في الأسناخ الرئوية نتيجة وجود ضعف في تنبيه البلاعم السنخية عبر "GM-CSF"، بالتالي يقلل من قدرتها على التخلص من عامل التوتر السطحي المتراكم.

ويمكن تقسيم الأسباب التي تؤدي لحدوث مشاكل في عمل "GM-CSF" على الشكل التالي:

١- الداء البروتيني في الأسناخ الرئوية الخِلقي

يحدث الشكل الخِلقي من المرض، نتيجة حدوث طفرات تؤدي لفشل عمل المستقبلات الخاصة بال "GM-CSF" الموجودة على سطح البلاعم السنخية.

إن سبب حدوث هذه الطفرات غير معروف بشكل دقيق، وقد يكون للوراثة دور في ذلك ومن الممكن أن أيضاً أن تحدث بشكل عفوي.

٢- الداء البروتيني في الأسناخ الرئوية البدئي

تهاجم كريات الدم البيضاء المستقبلات الخاصة ب "GM-CSF"، في هذا الشكل البدئي والمعروف أيضاًً بالمناعي الذاتي.

والسبب غير معروف أيضاً، ولكن يعتقد أن للتدخين وحدوث أنواع معينة من العدوى دور في تفعيل هذه الحالة، ولكن لا يزال هنالك حاجة للمزيد من الدراسات لتأكيد هذه الشكوك.

٣- الداء البروتيني في الأسناخ الرئوية الثانوي

وفي هذا النوع يكون هنالك سبب ثانوي آخر معروف أدى لتعطل الـ "GM-CSF" في الأسناخ، كما يمكن أن نذكر من ضمن الأسباب، كل من:

  • بعض الأورام الخبيثة مثل سرطان الرئة أو سرطان الدم (لوكيميا)
  • استنشاق بعض الأبخرة الضارة أو المحسسة
  • بعض الإنتانات التي تصيب الرئة أو حتى خارج الرئة

المضاعفات

يعتمد ظهور المضاعفات على شدة الداء البروتيني في الأسناخ الرئوية ومدى انتشاره، وبشكل عام يمكن أن تشمل هذه المضاعفات:

  • تندب مكان الأسناخ
  • تليف في الرئة
  • تراجع وظائف الرئة
  • القصور التنفسي

التشخيص

إن ندرة الإصابة بالداء البروتيني في الأسناخ الرئوية تجعل التفكير به كتشخيص أمر مستبعد، لذلك يعد تشخيص الإصابة أمر صعب أمام الطبيب، وقد تساعد عدة معطيات في التوجه نحو الإصابة، والتي تضم:

١- القصة المرضية

يشكو المريض عادةً من مجموعة من الأعراض التنفسية التي قد تشمل السعال وضيق التنفس، ويقوم الطبيب بطرح عدة أسئلة، لتفصيل هذه الشكاية:

  • متى بدأت تظهر هذه الأعراض؟
  • عدد مرات ظهور الأعراض، والمدة التي تستمر بها في حال ظهورها؟
  • شدة السعال أو ضيق التنفس، هل يكون هناك ضيّق في التنفس على الحركات البسيطة؟
  • هل هناك أي عوامل تثير/تخفف من شدة الأعراض؟
  • هل هناك أي أمراض مزمنة لدى المريض، وخاصة التنفسية منها؟
  • هل هناك أي إصابة مشابهة لدى أحد أفراد العائلة؟

٢- الفحص السريري

يجري الطبيب فحص عام للجسم، مع التركيز على الناحية الصدرية، كما ويساعد أيضا سماع صوت التنفس وإصغاء للصدر عبر السماعة، حيث أن سماع ما يُعرف بالخراخر الخشنة قد يوجه قليلاً نحو هذا المرض.

٣- الفحوص الإضافية

يكون مفتاح التشخيص عادةً من خلال الفحوص الإضافية، التي تتضمن:

  • الفحوص التصويرية: التي تضم كل من صورة الصدر البسيطة عبر الأشعة السينية (CXR)، وأيضا التصوير بالطبقي المحوري المحوسب (CT).
    • حيث تكشف هذه الاختبارات التصويرية، وجود بقع بيضاء موزَّعة (علامة الزجاج المغشَّى) بالإضافة أيضا لكثافات شبكية، والتي تكون مميزة للداء البروتيني في الأسناخ الرئوية.
  • تنظير القصبات: يتم اللجوء لتنظير القصبات من أجل الحصول على عينة من سائل القصبات، أو أخذ خزعة نسيجية من خلايا الأسناخ.
  • تحاليل الدم: لا تساعد هذه التحاليل في كشف وجود المرض، وإنما قد تدل على وجود الأضداد الخاصة بـ "GM-CSF"، في حال كان المرض مناعي ذاتي.

علاج الداء البروتيني في الأسناخ الرئوية

هنالك عدة اجراءات علاجية للداء البروتيني في الأسناخ الرئوية وهي متفاوتة بالنتيجة بحسب شدة المرض والأعراض، وشتمل:

  • غسيل الرئة: يعد علاج عرضي ومؤقت، ويهدف إلى التخلُّص من كميات عامل التوتر السطحي المتراكمة.
  • يعتمد هذا الإجراء على:
    • تخدير المريض
    • القيام بالتنبيب الرغامي
    • بعدها يجرى غسيل إحدى الرئتين بالمحلول الملحي (1-2 لتر) وذلك لحوالي 15 مرة، بينما يتم تهوية الرئة الأخرى.
    • وأخيراً، تغسل الرئة الثانية وتهوى الأخرى.
  • زرع الرئة: لا يعد أحد العلاجات المرغوبة، وذلك لأنه في بعض الحالات تُصاب الرئة المزروعة من جديد بنفس المرض.
  • العلاج بعامل تحفيز مستعمرات الخلايا المحبب (GM-CSF): يعطى من خلال الاستنشاق أو عبر الجلد، وأظهرت إحدى الدراسات أن 50% من المرضى اختفت عندهم الأعراض لمدة سنة تقريباً (3)
  • كما ويجب التنويه أن العلاج بالستيروئيدات الجهازية لا يفيد أبداً في تدبير هذه الحالة، بل من الممكن أن تسبب إنتاناً ثانوياً.

الوقاية الداء البروتيني في الأسناخ الرئوية

لا يمكن الوقاية من أنواع معينة من الداء البروتيني في الأسناخ الرئوية كالإصابة الوراثية أو المناعية الذاتية، إلا أنه قد تفيد بعض النصائح للوقاية من الأسباب الثانوية، والتي تشمل:

  • تجنب استنشاق أي مواد مضرة كالمواد الكيماوية.
  • الاستفسار عن الأبخرة التي قد تسبب حساسية وتجنبها.
  • أخذ إجراءات الحماية المناسبة بالنسبة لمن يتعرضون بشكل يومي للأبخرة والمواد الضارة.
  • الابتعاد عن التدخين
  • مراجعة طبيب الصدرية بشكلٍ دوري