كيف يتأثر تركيب حليب الأم أثناء مرض الطفل؟

الكاتب - أخر تحديث 12 نوفمبر 2023

تعتبر فترة الرضاعة الطبيعية من أهم المراحل التي يمر بها الطفل في تطوره الصحي. حيث يعد حليب الأم خلال هذه الفترة مصدراً للتغذية وعاملاً محورياً في بناء جهاز المناعة وتطوير الأعضاء الحيوية. في هذا المقال سنكتشف كيف يتأثر تركيب حلال الأم خلال فترة مرض الطفل، وكيف يكون له دور في تعزيز صحة الرضيع؟

مكونات حليب الأم

يعتبر حليب الأم الغذاء المثالي للطفل بعد الولادة حيث يوفر العناصر الغذائية الأساسية لنمو الطفل وتلبية حاجاته.

يتم انتاج حليب الأم بعد ولادة الطفل بقليل وأحياناً قبل الولادة. وهو عبارة عن مزيج يضم تركيبة متنوعة من كل المغذيات الهامة، ويحوي عناصر ومكونات داعمة للطفل وصحته وجهازه المناعي بشكل طبيعي، وهو ما يتفوق فيه عن البدائل الصناعية لحليب الثدي.

وتشمل أهم المكونات التي يمتاز بها حليب الأم ما يلي:

  • يحتوي على ملايين الخلايا الحية التي تشمل الكريات البيضاء التي تدعم المناعة والخلايا الجذعية التي تساعد على تطور الأعضاء عند الطفل.
  • يضم حوالي 100 نوع من البروتينات المختلفة التي تدعم نمو الطفل وتطوره. من خلال دعم الجهاز المناعي، كما تساعد في نمو وتطور الجهاز العصبي والدماغ وغيرها من الفوائد التي تقدمها هذه البروتينات.
  • أكثر من 200 نوع من السكريات المعقدة التي تعطي الطفل الطاقة للازمة للنمو.
  • حوالي 40 أنزيم وهرمون مختلف، هذه الأنزيمات والهرمونات تقوم بتفعيل وتنشيط عمليات حيوية هامة في الجسم مثل:
    • النمو
    • عملية الهضم والاستقلاب
    • الحفاظ على حالة توازن واستقرار في الجسم
  • يحتوي حليب الثدي في تركيبه على طيف واسع من الفيتامينات والمعادن الهامة للطفل. والتي تضمن النمو والبناء الصحيح لأعضائه وأنسجته المختلفة.
  • الأضداد "Antibodies" والتي هي عبارة عن جزيئات بروتينية ينتجها جهاز المناعة ومهمتها التعرف على العوامل الممرضة والقضاء عليها. وعند وصولها للطفل عن طريق الحليب فهي تقدم له الحماية من العوامل الممرضة، مثل الجراثيم والفيروسات وغيرها. كما أن لها دور في تحفيز وتنشيط تطور جهاز المناعة والخلايا المناعية عند الطفل حتى يتمكن من الدفاع عن نفسه مستقبلاً ضد الأمراض.

كيف يتأثر تركيب حليب الأم أثناء مرض الطفل؟

يحتوي حليب الثدي في الحالة الطبيعية على مقدار ثابت وأساسي من العناصر والمكونات التي تدعم جهاز المناعة وتساعد على حماية الطفل من العوامل الممرضة.

تشمل هذه العناصر بشكل عام:

  • كريات الدم البيضاء "White Blood cells" بأنواعها المختلفة.
  • جزيئات الأضداد "Antibodies" التي هي عبارة عن مواد بروتينية تصنعها الخلايا المناعية كاستجابة للعامل الممرض. حيث ترتبط بعامل يدعى مولد الضد "Antigen" وتعطل عمله وتسهل عملية القضاء عليه.
  • مواد تعرف باسم الانترلوكينات "Interleukins" وهي نواقل بروتينية تعمل على الربط بين الخلايا وتنظيم العمليات الحيوي فيما بينها واستجابتها المختلفة ولا سيما الاستجابة المناعية.

وفقاً للدراسات فإن هذه المكونات الداعمة للمناعة تتغير وتتبدل كاستجابة للحالة الصحية للرضيع. فخلال فترة مرض الطفل فإن نسبة العناصر المناعية في حليب الأم تتغير وترتفع جميعها أو بعض منها على حساب البقية، وذلك وفقاً لطبيعة المرض والحالة الصحية التي يعاني منها الطفل.

بينت دراسة أجريت عام 2012 تم فيها فحص حليب الأم عند 31 طفلاً أعمارهم حتى 3 أشهر ويعانون من الحمى، بأن محتوى حليب الأم من الكريات البيضاء وبشكل خاص ما يعرف بالكريات البيضاء البالعة الكبيرة "Macrophages" والذي قد زاد بشكل ملحوظ عند هؤلاء الأطفال، بالإضافة إلى ذلك فقد لوحظ ارتفاع للعناصر الداعمة للمناعة الأخرى. (1)

وتم في دراسة أخرى أجريت عام 2013 متابعة تبدلات مستويات الكريات البيضاء في حليب الأم خلال فترة مرض الطفل. وتبين أن نسبة هذه الكريات ارتفعت بشكل ملحوظ خلال فترة المرض ومن ثم عادت للمستويات الطبيعة بعد شفاء الطفل، وهذا يؤكد وجود استجابة وتبدل في حليب الثدي خلال إصابة الطفل بالمرض. (2)

آلية الاستجابة

الآلية التي يستجيب فيها حليب الثدي ويتغير عندما يكون الطفل مريضاً أو مصاباً بالعدوى الجرثومية أو الفيروسية غير مفهومة تماماً. لكن وضعت بعض الفرضيات التي قد تفسر الآلية التي تحرض تغيير تركيب حليب الأم وزيادة نسبة المكونات الداعمة لمناعة الطفل ضمنه.

أشهر هذه الفرضيات تعرف باسم الجريان الراجع لحليب الثدي "Retrograde milk flow":

  • يقوم الطفل بالرضاعة من ثدي الأم وعندها فإن لعاب الطفل يمتزج بحليب الأم ويكون على تماس مباشر مع حلمة الثدي لديها. هذا التماس والامتزاج هو الذي يحرض تغير حليب الثدي ومكوناته عند الأم.
  • يحوي لعاب الطفل المريض عادةً على جزيئات من العامل الممرض أو خلايا مصابة بالعدوى، تمتزج هذه الخلايا مع حليب الأم وتعود بالطريق الراجع ضمن أقنية الحليب في الثدي وتصبح على تماس مع الخلايا المناعية الموجودة في الثدي عند الأم.
  • يؤدي هذا الاحتكاك وتعرض الخلايا المناعية عند الأم للعامل الممرض من لعاب الطفل إلى تحريض الجهاز المناعي عند الأم. والذي يستجيب من خلال انتاج الأجسام المضادة ضد هذا العامل ورفع نسبة الكريات البيضاء في الحليب. ويتم نقل هذه الأجسام المضادة والخلايا المناعية في الرضعات القادمة للطفل والتي تساعده في محاربة العدوى.

نصائح للإرضاع خلال مرض الطفل

قد تصبح عملية ارضاع الطفل اثناء اصابته بالعدوى أمراً صعباً، وذلك لأن الطفل قد يكون متهيج أكثر من المعتاد، وقد تكون طاقته للرضاعة ضعيفة، وحتى شهيته قد تتأثر بالزيادة أو النقصان. وفيما يلي بعض النصائح التي قد تسهل إرضاع الطفل أثناء المرض:

  • في حال وجود احتقان شديد عند الطفل يمكن محاولة تنظيف الأنف من خلال حقن محلول ملحي معقم في أنف الطفل للتخلص من المفرزات المخاطية. وذلك لمساعدته على التنفس وجعل عملية الرضاعة أسهل.
  • في حال عدم التمكن من استخدام محلول ملحي، يمكن استخدام الأجهزة الحديثة المتخصصة بسحب المفرزات المخاطية من الأنف من خلال عملية شفط اوتوماتيكية.
  • يجب رفع رأس الطفل للأعلى اثناء الرضاعة في حال وجود احتقان في الأنف لأن هذه الوضعية تخفف من الاحتقان وتسهل عملية الرضاعة والبلع.
  • في حال كان الطفل متعب وينام كثيراً يجب محاولة حثه على الرضاعة حين يستيقظ أو حتى خلال النوم حتى يحصل على الحاجة الكافية من الغذاء.
  • في حال كان الرضيع يعاني من الاقياء أو الاسهال يفضل القيام بوجبات رضاعة متعددة وقصيرة المدة خلال اليوم.